2 - سَنَهرُب ، سَتعِيشَان ، صَغيرَيْ

تم أخذ داميان إلى غرفة ما

كانت غرفة إستجواب ، نظرا لإختفاء الأميرة المفاجئ مع إبنها دون أي أثر رغم كون الحراسة مشددة من حولها و حول القصر كذلك ، قام الملك 'ماكسيميليان فوكاريجيا ' بإقامة حملة إستجوابٍ لكل من في القصر ، و في كل مرة كان يجد طريقا مسدودًا

غضبه وصل إلى أقصى حد ، بعد استجوابه لذلك الكم الهائل من الاشخاص دون اي فائدة تذكر

زفر ماكسميليان ثم نظر بنظرة جانبية إلى داميان المقيد على كرسي الاستجواب ، تقدم منه و اردف بغضب

" أين هي تلك الخائنة التي كنت ترافقها طول الوقت قبل أن تُكشف مخططاتها ؟؟؟؟ هل إنشقت الارض و ابتلعتها؟ اختفت دون اي أثر يذكر ؟؟ داميان أي محاولة للكذب و التهرب ستؤدي بك الى قطع رأسك ، كن فتا مطيعا و أعطنا اجابات مرضية "

كان داميان يلعن الفتاة تلك في نفسه ، لكنه كان يشعر بشعلة صغيرة من الأمل تخالجه كأنها تقول له لا تتسرع و ساير الملك فحسب ، و إنتظر ما سيحصل

واصل داميان نكران معرفته بمكان ديانا ، و في كل مرة ينكر الامر يزداد غضب الملك أكثر ، لأن داميان بالنسبة له آخر خيط يمكن التمسك به لإيجاد الأميرة ، و إعدامها بعد اخذها كامل العقوبات بموجب القوانين الامبراطورية ... أدرك الملك أن استجواب داميان ليس حلا مناسبا

لذا قرر اتخاذ إجراء آخر

نظر إلى الحارس الذي معه في غرفة الاستجواب و قال بنبرة جليدية

" إذهب و أستدعي الساحر الذي أتى من القصر الرئيسي "

مرت حوالي خمسة عشر دقيقة و الصمت يسود تلك الغرفة ذات الجو الخانق ، طُرِق الباب و دخل كلٌ من الساحر و الحارس

تقدم الساحر من الملك ماكسيميليان منحنيا له

" شرف لي مساعدتك سموك "

رمق الملك داميان بنظرات فاحصة ثم أردف آمرا الحارس

" ٱريد منك إستعمال السحر عليه ، و معرفة ما كان يفعله و أين كان عند هروب الأميرة و ما إذا كان عونا في هروبها , كلنا نعلم أن داميان أقرب حارس لها هنا ، لا أنكر فكرة أنه من ساعدها في الهرب "

بدأ العرق البارد يتصبب على جبين داميان ، أحس أن اطرافه تتجمد و أنها النهاية بالفعل ، 'سيكتشفون مكانها و يعيدونها بلا شك'

تقدم الساحر من داميان و بدأ في إلقاء بعض الكلمات السحرية التي لم يفهمها نظرا لكونه من عامة الشعب ولم يسمع او يتعلم عن العبارات السحرية من قبل ، بدأ السحر بالعمل

و بدأت هالة بنفسجية تحيط بداميان ، متبوعة بظهور ذكريات و احداث عشوائية حدثت في وقت هروب ديانا ، كان قلب داميان على وشك التوقف خوفا عليها ، و كل ما تمكن من فعله هو اغلاق عينيه منتظرا سماع بعض الكلمات من الملك كتاريخ إعدمهما مثلا

قطع عليه أفكاره صوت الملك الذي قال بغضب :" من هو ذلك الشخص بحق خالق الجحيم ؟؟؟؟ أعد عرض الذكريات ، اريد التأكد من وجهه !!!! "

فتح داميان عينيه موجها لهما إلى سحابة الذكريات تلك ٫ تفاجأ برؤية شخص ملتحفا برداء قاتم السواد ، يقتحم زنزانة ليونارد بينما يحمل ديانا مختطفا لها ، و عند محاولة خروجه من الزنزانة يجد داميان واقفا امامه ، و حين يحاول إيقافه ، يوجه له المختطف طلقة بمسدس سحري جعله يفقد الوعي ثم قام بربط رجليه و قدميه و لاذ بالفرار

بدأ الملك بالصراخ بغضب " إذا كان هذا الجرذ بريئا فمن هذا الغريب الذي اختطف الخائنه ؟؟؟؟ أيها الساحر !!! اريد منكم تحليلا دقيقا لما حصل هنا علينا معرفة هويته بأي ثمن "

قال الساحر بتوتر " لكن يا سيدي ، أنا الساحر المسؤول عن مقاطعة النار ، باقي السحرة كلٌ منشغل بمقاطعته و الساحر الخامس لا يمكنه المجيئ الا في حالة ما سمحت له سيدة القوى بالقدوم ، و انت تعلم أنه لا يتدخل في قضايا الممالك و هو مكلف بالقضايا الامبراطورية فقط ..."

امسكه الملك من ياقته مزمجرا في وجهه

" لا ترى أنها قضية امبراطورية بالفعل ؟؟ أليست اميرتكم الخائنة التي تحبون زوجه لولي العهد الامبراطوري ؟؟؟ من المفترض ان يقوم القصر الامبراطوري بمهمة التحقيق لكنني آثرت المبادرة و ايجادها قبل ان تقوم بمصيبة ٱخرى "

كان الساحر على وشك الحديث لكنه تفاجأ بصوت الباب الذي فتح بقوة شديدة ، و بحارس يقول بقلق :" الملك ماكسيميليان !! الاميرة ديانا ، قد وجدناها !!!! المشكلة فقط أن شخصا معها يزعم أنه خطفها ، يريد قتلها أمام من في القصر ، إنهم في سطح القصر فوق البوابة الخارجيه !!!! "

لشدة صدمة الملك لم ينبس ببنت شفة و هرع مسرعا للبوابة مع الحارس الاول و الساحر ، بينما الحارس الثاني اتجه الى داميان و فك رباطه دون أن يهمس بحرف و هرع خارجا ،

لم تكن ردة فعل داميان أقل من ردة فعل الملك ، و هرع مسرعا لرؤية ما سيحصل و التأكد من ماهية صحته

وصل الى البوابة الرئيسية و تفاجأ بكمية الناس المحتشدة فيه رفع رأسه ليرى من الذي يقف فوق البوابة تفاجأ بوجود نفس الشخص ذا الرداء الاسود الحالك حاملا كلا من ديانا و ابنها بين يديه

فجأة رمى كلاًّ منهما بجانبه و قال :" قد وصل الجميع ... جيد "

الصوت لم يكن غريبا عن داميان ، كان صوت الفتاة السابقة التي ساعدتهما !!!!' لكن مالذي تفعله الآن ؟؟؟ لا أستطيع فهم ما تقوم به هذه الفتاة ؟؟ أهي حليفتنا من الأساس؟؟؟'

نزعت الفتاة الرداء عن رأسها ، ظهر شعرها الفضي الناصع و عيناها الزرقاوتين الباهتتين ، إبتسمت و قالت بمرح

" شرف لي مقابلتكم يا شعب قصر سيكوندا بروفينسيا ، سمعت بما قامت به هذه الخرقاء ، لطخت سمعة المقاطعه ... أليس كذلك ؟ كنتم تحبون قربها و الآن تمقتون مرآها ، ٱشاركمم نفس الشعور حاليا "

رفعت الفتاة جسد ديانا الغائب عن الوعي و قالت بنفس النبرة السابقة

" لذا يشرفني أيضا أن اكون من يخلصكم منها !! لدي إذن إمبراطوري لذا لا داعي للقلق من النتائج ... سأضع الحد لحياتها البائسة ... من المفترض أن تشكرني اذا كانت في وعيها الان "

رفعت الفتاة جسد ديانا ثم قالت بإبتسامة فخر " الوداع !! ديانا فوكاريجيا !!"

في ثواني معدودة كان هنالك سيف يخترق قلبها مباشرة

رمت الجثة جانبا بعد أن تأكدت أن قلبها توقف عن النبض ، ثم استخرجت مسدسا و أطلقت به على ليونارد تحديدا في رأسه مؤدية به للوفاة ثم نزلت من فوق سطح البوابة

متجهة نحو الملك ماكسيميليان ، كانت الساحه في حالة صمت كامل ، الجميع كان في حالة صدمة لما شاهدوه امامهم ، فتاة غريبة جاءت بإذن امبراطوري لإعدام الاميرة شخصيا امام مرأى الناس...

وقفت امام الملك و الثقة لا تغادر اعينها الزرقاء الباهتة كلون سماء الظهر ، قالت بينما تخرج مستندا ما من بين طيات ثيابها ، و ترفعه أمام ناظري الحاكم

" أعرفك بنفسي ، مستعملة قوة عناصر هجينة ، غير مسجلة في الأرشيف الامبراطوري او الملكي لأي مقاطعة ، تم إرسالي من طرف القصر الامبراطوري بدلا من الفارس المكلف بقطع رأس الاميرة وفق العقد الذي أمامك لضمان أن تتم المهمة بنجاح دون أي أخطاء متأكدة من كون الاميرة قد فارقت الحياة "

امسك الملك بالعقد قرأه بتمعن ، مرة ... اثنتين ... ثلاث ... أربع و في كل مرة يعيد فيها القراءة يزداد تأكدا أنه عقد أصلي ، بتوقيع العائلة الامبراطورية الاصلية ، عقد غير مزور بالفعل ، بدأ يُعاد على الملك الحديث الذي قالته الفتاة , لفت انتباهه جملة ما

" مستعملة قوة غير مسجلة "

كونها غير مسجلة يعني أنها ستكون عونا كبيرا للملك في مخططاته ، كما أن لديها دعم كامل من العائلة الامبراطورية ، هذه الفتاة بلا شك ستكون الورقة الرابحة له ...

نظر الملك لها ثم أردف بإبتسامة خبث

" تشرفت بمعرفتك ، و شرف لي إستضافتك في مملكتي ، سأعرض عليك شيئا صغير ، سأتكفل بكل مستلزماتك ، أكل ، مسكن ، ثروة أيا كان ما تريدينه ، بشرط أن تصبحي في صفي ، و ان تكوني أحد اتباعي ، لا أنكر أن لديك مهارات نادرة لا تتوفر في أبرز الجنود لدينا ، كون فتاة مثلك في صفنا ، أشبه بالفوز في معركة دون المشاركة فيها "

نظرت الفتاة في أعينه للحظات ثم وجهت نظرها إلى داميان الذي يستمع لحديثهما بمسافة لا تقل عن الستة أمتار بينهما ، كان متصلبا بالكامل في مكانه ، في العادة داميان يغضب حينما يخسر شيئا ما او حينما يتعرض لصدمة ما ، لكن الآن و لسبب ما هناك شيء يكبح جماح غضبه ، يجعله أكثر هدوءا ، و كأنه يعيش حلما واقعي ، و كل شيء حصل أمامه مجرد وهم ...

أعادت الفتاة نظرها إلى الحاكم و قالت بينما تؤشر على داميان

" سٱوافق بشرط واحد ، نفي ذلك الشخص من المملكة و إعادته لقارته ، أعني بذلك 'داميان سوليفارو '"

وجهت نظرها لداميان و أكملت بحزم " داميان سوليفارو أحد ضحايا تحطم السفينة قبل إثنتي عشر سنة ، وجدته ديانا عندما كانت في سن الثانية عشر و تبنته كمتدرب في صفوف فرسان المقاطعه و بعد ان لاحظت كفاءته و وفاءه عينته كحارس شخصي لها ، شخص كهذا لا ٱحبذ وجوده في ساحتي أبدا ... "

اكملت بعد ان تغيرت نظرتها و نبرتها الى جو جليدي وسط نظرات الترقب من الملك

" شرطي هو ان تنفي هذا الفارس الى وطنه دون رجعة ، مصحوبا بٱخته و ابنها ذا الثلاث سنوات ، تزوجت بعد ان إستقرت في اراضي المقاطعه لكن زوجها قد قتل... هذا شرطي الوحيد "

كان داميان عاجزا عن الكلام او حتى الاستفسار بسبب الطاقة تلك الفتاة الروحية التي تقيده

' اخت ؟ ابنها ؟ زوجها الذي قتل ؟ مالذي تهذي به هذه الفتاة '

رويدا رويدا ، بدأ بفهم ما ترمي إليه ، كانت تقصد ديانا و ابنها ...

ابتسم الملك بخبث و سعادة قائلا

" إعتبري طلبك قد تم بالفعل ، آنسة ؟... ما إسمك؟ "

قالت بثقة و صوت راسخ

" آمبر ... تذكر اسمي جيدا "

***

بعد ذلك تم اطلاق سراح داميان ، ذهب مسرعا للمخبأ الذي خبأ فيه ديانا ، وجدها تجلس بهدوء محتضنة لإبنها ليونارد أمام المدفأة ، غارقة في تفكير عميق ، لدرجة انها لم تنتبه لداميان الذي يدخل للغرفة

قال داميان بنبرة ارتياح على وجهه

" سموك ، انت حية ! الحمد لله ! تلك الفتاة لم تكن تكذب ! الحمد لله "

كانت ديانا تنظر اليه بنظرات متسائلة ، نظر داميان في عينيها ثم قال بسعادة و لهفة

" تم انقاذك سموك ! سنغادر القارة بأمان "

رمقت ديانا داميان بنظرات دهشة ، سرعان ما امتلأت أعينها الياقوتيه بالدموع واضعة إحدى يديها على بطنها و الاخرى تحتضن بها رأس إبنها النائم ، هامسة بدفئ

" سنهرب ، ستعيشان ، صغيرَيْ ...."

أَسْـــتَــغْــفِرُ الـلـهَ " {3}

"الحَــمْدُ لـلـه" {3}

"الـلـه أَكْبَــر"{3}

"سُــبْحَـانَ رَبِي الأَعْــلَى"{3}

" سُبْــحانَ الـلـه العـظيـم "{3}

2025/05/09 · 2 مشاهدة · 1684 كلمة
هالفيتي
نادي الروايات - 2025