──────────────────────────
عند منتصف الليل.
في بحر الليل المظلم، كان يتردد صدى صوت الأمواج ونعيق طيور النورس من حين لآخر.
"هناك... هناك."
قال الملاح مشيرًا إلى رصيف الجزيرة التي كانت تقبع على بعد مسافة قصيرة.
لقد كانت هذه الجزيرة هي مخبأ منظمة أندرهيل للتجارة بالعبيد.
أبحر الملاح، الذي كان ينظر حوله لفترة من الوقت، بين شواطئ الجزيرة ووجد نقطة عمياء طبيعية للأختباء.
ثم قاد السفينة إلى تلك النقطة ورسى بها.
"لماذا أبقوا السفن في الميناء؟"
سألت أريا بصوت مرتبك.
"ماذا؟ هل يمكنك رؤيتهم من هذا البعد؟"
انحنى فينسنت على الدرابزين، وفتح عينيه، ونظر بتركيز نحو الرصيف.
لقد كان رصيف الميناء بعيدًا بالفعل وكان ظلام الليل حالكًا، ولذلك لم يستطع رؤية أي شيء سوى بضع ومضات من الضوء الصادر عن السفن.
"هناك ثلاث سفن راسية هنا وهناك."
أشارت أريا إلى مواضعهم تقريبًا على الرصيف.
لقد كانت هناك ثلاث سفن، واحدة كبيرة، وأخرى متوسطة، وسفينة صغيرة، ولم يكن هناك أي أشخاص يحرسونهم باستثناء السفينة الوسطى التي كان يحيط بها عدد قليل من الرجال.
وكانت السفينة الكبيرة راسية في أبعد مكان.
"مما صنعت عيناك؟"
توقف فينسنت عن التفكير في الأشياء غير المجدية وفكّر في ما قالته آريا.
"بالنظر إلى حجم السفينة الكبيرة، فلا بد من أنها السفينة التي تحمل العبيد، ويبدو أن السفينة الوسطى هي سفينة شحن البضائع. لكن من غير المعروف الغرض من السفينة الصغيرة ... "
مالت آريا برأسها في حيرة.
"هناك شيء ما غريب. سيكون من الأسهل عليهم التحكم في العبيد إذا قاموا بنقلهم مع بعضهم البعض في سفينة واحدة."
لقد كان هذا تصرفًا طبيعيًا من أجل تسهيل سيرورة التنقل. وإذا لم يكن هناك سبب خفي، فمن هذا الذي سيتحمل متاعب قطع الرصيف ذهابًا وإيابًا من سفينة لأخرى عدة مرات دون أي داع؟
"نعم. سيستغرق الأمر منهم ضعف الوقت."
وافقت أريا رأي فينسنت.
لقد كان من الحكمة بالنسبة لهما أن توضع السفن في أماكن قريبة من بعضها البعض ليتمكنوا من خلال ذلك التواصل بأريحية مع بعضهم، خاصة في حالة حدوث هجوم مفاجئ.
لقد كانت هذه من أساسيات التهريب.
'أنا متأكدة أنه من المستحيل أن لا يعرفوا ذلك.'
إلى جانب ذلك، كان يجب عليهم مراقبة السفينة التي تحمل العبيد عن كثب، لكنهم وضعوها في أبعد مكان.
ماذا لو هرب العبيد مستغلين ضعف المراقبة؟
هل هم واثقون من أن العبيد لن يهربوا أبدًا؟
أم أنهم يتصرفون بتهور لأنهم يضعون حارس أمن جيد في الجوار ليقوم بالإمساك بالهاربين؟
ومع ذلك، كانت تصرفاتهم غير تقليدية أبدًا.
ألم تكن هذه المنظمة التجارية من أفضل المنظمات لتجارة العبيد في العالم؟
ليس كما لو أنهم بدأوا بأعمال تجارة العبيد منذ يوم أو يومين فقط، إذًا لماذا يتصرفون بهذا السخف...
"أليس هذا لأن هذا المكان هو مجرد مكان للإختباء بالنسبة لهم؟"
عندها تدخل كلاود.
"أتمنى أن يكون كل شخص في العالم بنفس بساطتك أيها السيد."
توقف فينسنت عما كان يفكر فيه وأجاب بسخرية.
"أليست مشكلة الموقع الذي ترسو فيه السفن مجرد مشكلة بسيطة وغير مهمة. الوقت الذي لدينا ليس كافيًا، لذلك لا أعتقد أنه من الضروري التفكير بعمق في مثل هذه الأمور غير المهمة."
"همم…."
لم يستطع فينسنت فهم طريقة تفكير تجار الرقيق في النهاية. وهذا طعن غروره الداخلي.
"يمكن أن يكون هذا فخًا في حالة وقوع هجوم. رغم أن احتمال حدوث ذلك منخفض، لكن لا حرج في الإستعداد مسبقًا."
و في النهاية هز كتفيه وتنهد.
"حتى لو كان الأمر يسير بسلاسة بشكل غريب، فمن المؤكد أننا من سيربح نهاية المطاف بكل تأكيد."
في الوقت الذي سوف ينام فيه قبطان السفينة تقريبًا، وبينما يتشتت انتباه تجار الرقيق بتحميل البضائع في سفينة الشحن، سيستغلون الوضع ويخطفون السفينة. لقد كانت الخطة بسيطة وواضحة.
"سأهتم بأمر أكبر سفينة."
بعد قول ذلك، صعد لويد على متن القارب.
"رافقتك السلامة."
بقول ذلك، مدت أريا يدها تحت الدرابزين، وربتت بلطف على يد لويد التي كانت تمسك بالحبل.
لقد كانت يدها دافئة.
أمسك لويد باليد الصغيرة التي لمست ظهر يده بشكل طبيعي.
"سأعود لاحقا."
عندما نزل القارب إلى سطح الماء، ابتعدت عنه اليد التي كان يمسكها ببطء.
حدق لويد بيدها بعناد حتى ابتعدت عنه تمامًا، ثم نظر إلى يده التي كانت ما تزال دافئة.
"إذًا هل يمكنني التوجه نحو السفينة الصغيرة وتركك بمفردك؟"
ثم لاحظ في وقت متأخر وجود كلاود جالسًا أمامه.
"نعم."
"ربما ستكون آمنا حتى لو ذهبت لاستعادة سفينة العبيد بنفسك ..."
كلاود، الذي كان في يوم من الأيام مرافق لويد، سأل نفسه وتوصل إلى استنتاجه الخاص بشأن سلامة سيده.
ثم التفت إلى أصغر سفينة قاموا بإرساله لها.
سيكون قادرًا على التعامل مع كل شيء في لحظة واحدة بفضل حجمها الصغير.
"ستذهب الآن لوحدك، لكني سأنضم لك في أقرب وقت ممكن."
"لا ترخي دفاعاتك فقط لأنها صغيرة. بما أنها سفينة ذات غرض غير معروف، فقد تكون الأخطر بينهم."
"نعم، لقد فهمت."
وبهذه الطريقة، افترق الاثنان.
شاهد لويد القمر وهو يتحرك في السماء، ثم صعد السلم القابع بجانب سفينة العبيد.
وتبعه تيد بتوتر شديد من الخلف.
"... إن الوضع هادئ بشكل غريب."
وضع لويد يديه على السيف ومشى على مهل على طول سطح السفينة.
لم يكن هناك ولا حتى شخص واحد يراقب المكان. كما لم يكن هناك أي بحارة يقفون على برج المراقبة أو يمرون على ظهر السفينة. ولم يكن أحد ناىم حتى في المقصورة.
لقد كان سكونًا غريبًا.
"هل هذا فخ؟"
ومع ذلك، فقد كان يستطيع أن يشعر بوجود أشخاص آخرين في مكان ما. من الواضح أن العبيد كانوا موجودين في هذه السفينة.
"كياااك!"
في ذلك الحين.
دوى صوت مرعب في أنحاء السفينة.
عند سماع الصرخة، سحب لويد سيفه بسرعة وركض، ثم نزل على الدرج تجاه مصدر الصوت.
لقد كان الصوت يصدر من المخزن حيث يتم تحميل البضائع تحت سطح السفينة. وبدون تردد، أمسك بمقبض الباب وفتحه.
كرنك_ كرنك_
'هل هو مقفل؟'
باب بهيكل لا يمكن فتحه إلا بمفتاح من الخارج.
أدار لويد مقبض الباب عدة مرات قبل الإستماع مرة أخرى إلى الصوت من الداخل.
"أرجوك... النجدة!"
"لو سمحت! هل هناك أي شخص هناك؟!"
"آك! وحش... وحش! "
"لقد كنت مخطئًا... كنت مخطئًا ..."
تراجع لويد خطوة إلى الوراء وركل الباب. تحطم الباب الخشبي، وانكشف المشهد داخل المخزن.
لم يستطع رؤية الداخل جيدًا لأنه كان غارقًا في الظلام الدامس، لكن الرائحة الدموية التي كانت محاصرة في المكان المغلق لفحت وجهه وأنفه.
تيد، الذي جاء بعد لويد متأخرًا، غطى أنفه وفمه.
دفع العبيد، الذين بدوا وكأنهم أصيبوا بالجنون تمامًا، لويد إلى الوراء وحاولوا الهروب إلى الخارج، ثم سقطوا على الأرض.
حدث ذلك بسبب انعدام القوة لديهم من الجوع خلال الرحلة. وقف لويد في مكانه فقط بينما تم دفعه من طرف الناس.
أحنى لويد ظهره ومد يده نحو احد العبيد الذين سقطوا.
"هيييك!"
العبد، في حالة ذعر بالفعل، تراجع إلى الوراء وارتجف بشكل انعكاسي.
نظر لويد إلى يد العبد دون أن ينبس ببنت شفة. لقد كانت يده مسلوخة الجلد وأظافره فوضوية.
لقد أصيب العبد بكدمات شديدة لدرجة أن جسده كله لم يعد به مكان لكدمات أخرى.
وكانت عيونه التي لم تستطع النظر إلى لويد مباشرة فاقدة للتركيز قليلاً.
وكانت رائحته أيضاً مثل الجثة، كما أن عظامه كانت متضررة.
و .....كذلك ساقه مكسورة.
"هذا يبدو فظيعًا."
لم يتخيل هذا قط.
حدق لويد بساق الرجل الملتوية.
ثم اقتلع أحد المشاعل الذي كان معلقًا على الحائط، وأضاء داخل المخزن. لقد كانت الجدران كلها ملطخة بالدماء.
وعند الفحص الدقيق، رأى آثار العديد من خدوش الأظافر المحفورة واللكمات بقبضات اليد على الحائط.
لقد كان مشهدًا مثل الجحيم.
"هذا... هذا... هذا…"
بالكاد استطاع تيد أن يبتلع غثيانه.
تساءل عما إذا كان هذا يحدث بالفعل في نفس العالم الذي يعيشون فيه.
لقد رأى ظلالًا تبدو وكأنها أكوام من الجثث المكدسة مثل الجبل في زواية معزولة من المخزن الذي كان مضاءً بالكاد.
"لا.. مستحيل ... ليزا! ليو! "
ربما كانت عائلته من بين تلك الجثث.
حاول تيد، الذي كان يفكر في هذا، القفز والدخول إلى الداخل.
لكن لويد أوقفه.
"اتركني اذهب!"
"اثبت مكانك."
لا تكن مصدر إزعاج.
أجلسه لويد، بينما كان تيد يتمرد بعناد، وضغط على كتفه بقوة. وبواسطة ذلك فقط، لم يستطع تيد التحرك بعد الآن. لقد كان بينهما فرق ساحق في القوة.
نظر لويد إلى العبيد في تلك الحالة.
"من فضلك... النجدة... من فضلك أنقذ... أنقذني."
"من فعل هذا بك؟"
"و، وحش ... لا ..."
رئيس المنظمة.
تمتم الرجل بصعوبة، ثم سقطت الدموع من محجريه. وكأن الخوف كان يسحقه لدرجة أنه أصبح غير قادر على الشعور بالكراهية بشكل كامل.
"رئيس المنظمة؟"
لقد كان العبيد بشرًا، لكن من وجهة نظر الطبقات العليا، كانوا سلعًا.
ولكن لماذا قام رئيس نقابة تجارة العبيد بإيذاء المنتجات التي اشتراها والتي سيبيعها مقابل المال؟
عبس لويد قليلًا، لأنه لم يستطع معرفة ما كان يفكر فيه رئيس المنظمة بحق خالق الجحيم.
عندها قال لويد لتيد الذي كان ما يزال يكافح للنهوض.
"ابقى هنا وساعدهم على الصعود إلى السطح."
"ولكن…!"
"سأتحمل مسؤولية عائلتك."
إذا كانوا على قيد الحياة...
أضاف لويد.
لعق تيد شفتيه عند سماع هذه الكلمات و أحنى رأسه ليطيع الأمر وأخيرًا. كل ما كان يمكنه فعله الآن هو الدعاء إلى خالق السماء أن تكون عائلته في أمان.
خلع لويد معطفه ووضعه على رأس أصغر العبيد سنًا.
"غطِ أذنيك."
ثم نهض وصعد إلى ظهر السفينة.
كان نعل حذائه الذي يلمس الأرضية الصلبة يصدر صريرًا عند كل خطوة، محدثًا ضوضاء مزعجة، لكنه مضى دون تردد.
ثم أمسك رأس الرجل الذي كان يلعق الدم على الأرض ووضع السكين على عنقه.
"هل أصبح شرب الدماء موضة هذه الأيام؟"
"هييـ.. هييهيك."
رفع الرجل يديه فوق رأسه متظاهرًا بالاستسلام وأطلق ضحكة غريبة.
"هل هذا شيء غريب؟ لقد قالوا أنه يمكننا أكل كل شيء في المخزن ... "
"....."
"كل شيء هنا طعام. هل أنت طعامي أيضًا؟ "
تمتم الرجل محاولًا دفع سيف لويد بأصابعه.
عندها أعطى لويد القوة للسيف، ولذلك طارت أصابع الرجل وذُبِح عنقه.
سقط الرجل على الأرض مُصدرًا صوت قرقرة غريب ومات. وبينما كان يحتضر، بدأ جسده في التحرك بشكل طبيعي، مثل الديدان التي تتلوى عندما يقطع رأسها.
"هاااا ..."
الكيميرا.
تنهد لويد.
الوحش الذي اعتقد أنه لن يراه مرة أخرى بعد أن قتل جرذ الحضيض.
لقد مرض بالفعل من هذه المخلوقات.
'إذًا الساحر …'
تذكر لويد وجود ساحر استخدم الحاجز السحري وهرب عبر الثغرة عندما كان يقاتل جرذ الحضيض.
في غضون ذلك، عثر الكيميرا على جثة ذات أطراف سليمة وغير جسده.
"أنا متفاجئ. هذا مؤلم…"
"……"
"أنت شخص لئيم."
وبدأ بالنحيب.
رفع لويد حاجبه.
على الرغم من أن هذا الكيميرا كان لديه جسم بالغ، إلا أن مهاراته اللغوية كانت مماثلة لمهارات الطفل.
'أعتقد أن جرذ الحضيض كان أفضل منه.'
على الأقل في مستوى الذكاء.
كان لويد في حيرة من أمره ورفع سيفه مرة أخرى.
بعد أن يقتله هذه المرة، فقد خطط لأن يقيّد الكيميرا بإحكام حتى لا يتمكن من استهداف أي جثة أخرى ويغيّر جسده.
للحظة، قام لويد بأرجحة سيفه بسرعة كبيرة لدرجة أن وميضًا من الضوء ظهر عبر النصل.
ثم غرسه بداخل الجسد.
أطلق الكيميرا المعطون صوتًا غاضبًا وسقط جسمه ببطء على الارض.
- لويد! هل أنت بخير؟
في تلك اللحظة، سمع لويد رسالة أريا.
رد لويد بينما أخرج السيف من جسد الكيميرا.
- لقد وقع شيء غير متوقع، لكنني قمت بحله. سأصلح الوضع قريبًا وأعود….
ثم، سال سائل لزج ساخن على خد لويد.
ما هذا؟
لمس لويد خده.
لقد أحس بوخز خفيف.
'دماء؟'
لقد كانت هناك ندبة على خده. جرح حاد وكأنه مقطوع بالسيف.
في تلك اللحظة، نهض الكيميرا، الذي كان مستلقيًا على الأرض دون أن يتحرك، ببطء من مكانه.
〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@