"تعالي إلى هنا."

سمعت أريا نداء سابينا وركضت نحوها بشكل انعكاسي.

عندها حملت سابينا آريا بين ذراعيها في غمضة عين وأجلستها في حجرها.

"وأخيرًا استيقظت الأميرة."

قال تريستان بشكل لعوب بينما يأخذ بضع خصلات من شعر آريا الذي كان في لون بتلات الزهور الباهتة بين أصابعه ويلعب بهم.

نظرت أريا إلى تريستان للحظة.

لقد أعطى سابينا المقعد الذي كان ينبغي أن يجلس عليه في الأصل بصفته رئيس العائلة، وكان ينحني نحوها بأريحية، مع كأس نبيذ في يده.

وفجأة، خطرت ببالها كلمة لا تتناسب مع الدوق الأكبر فالنتاين ....

'في الحياة السابقة، كانت عشيقة الإمبراطور تقف في مثل هذا المكان ….'

عندها سألها تريستان.

"لماذا تنظرين إلي بهذه الطريقة؟"

هزت أريا رأسها وقالت أنه لا شيء.

وسرعان ما محيت ما كانت تفكر به من عقلها.

"أنت تبدين سعيدة."

لقد كان تبتسم بطبيعة الحال. هذا لأنها كان ترى مشهدًا ما كانت لتراه أبدًا لو أنها لم تغير المستقبل.

سابينا والدوق الأكبر معًا.

"أعتقد أنني سأفعل الشيء نفسه حتى لو عدت بالزمن مرة أخرى."

"ماذا؟"

رفعت سابينا حاجبيها، وأمسكت خدي أريا التي كانت تتكلم بهذه الكلمات الخادعة.

لقد تم استدعائها إلى هنا لتوبيخها، لكنها تقول بكل فخر أنها لم ترتكب أي خطأ.

"ياويلاهي، سأوعيد الناظار في أخطاوئي ..."

تعثرت آريا في كلامها.

لقد كان نطقها ضبابيًا بسبب خديها اللذان كانا ممتدين على كلا الجانبين.

"ههممم، لا أعلم ما إذا كنتِ صادقة…"

رمشت آريا بعينيها بينما كانت سابينا تعبث بخديها الممتلئين ولا تريد تركهما.

وعندما بدت ظريفة للغاية ومثيرة للشفقة، لم يكن أمام سابينا خيار سوى التوقف عن مضايقتها.

فركت أريا خديها الحمراوين، واستغلت الفرصة وقالت بسرعة:

"أنا آسفة لارتكابي شيئاً متهورا في السر دون استشارتكما."

"هذا خطئي."

بينما كانت أريا في خضم الاعتذار، تدخل لويد فجأة.

"لقد أخذت آريا معي، على الرغم من أن الوضع كان يُعتبر خطيرًا بما فيه الكفاية."

"إذا هل من المقبول أن تكون أنتَ في خطر؟"

"ماذا؟ أنا…"

كانت تعابير لويد محرجة، كما لو أنه لم يتوقع أبدا أن يسمع مثل هذه الكلمة.

تنهدت سابينا بعمق.

'رغم أنني شفيتُ من مرضي منذ أربع سنوات، إلا أنني كنت مريضة منذ اليوم الذي ولد فيه ذلك الطفل.'

في الواقع، لقد أصبحت أمًا طبيعية لأبنائها منذ أربع سنوات فقط.

وكان بإمكانها أن ترى كيف نشأ لويد وحيدًا على مر السنين فقط من خلال النظر إلى حرجه بسبب تذمرها القلق.

"لم أستطع الإعتناء بك جيدًا، لذلك تصرفاتك هذه مفهومة. من المستحيل أن يكون قد تم الإعتناء بك بشكل صحيح تحت رعاية رأس القمامة هذا."

"رأس القمامة؟ هل تتحدثين عني؟"

سأل تريستان مشيرًا إلى نفسه، لذا ردت عليه سابينا بضحكة.

"إذا من سيكون غيرك؟"

"حسنًا، هذا غريب. أعتقد أنني قد ربيته بشكل جميل بما فيه الكفاية."

"لو زدت من تربيتك الجميلة أكثر قليلاً، لوجدته جثة هامدة."

مددت سابينا آذان تريستان الذي كان يتكلم بوقاحة. عندها تظاهر بالألم وتأوه أمام زوجته.

"أمي، أنا شخص بالغ."

عندها دحض لويد، الذي كان لديه تعبير غير مرتاح على وجهه لفترة من الوقت، كلامها.

ثم أجابت سابينا بحزم.

"ليس بعد."

كان ما يزال أمامه سنتان حتى يصبح بالغًا معترفًا به من قبل الإمبراطورية.

فرك لويد مؤخرة رقبته دون أن يعرف ماذا يقول.

"حتى لو لم أكن بالغًا، فأنا السيد الشاب الذي سيصبح مسؤولاً قريبًا عن هذه العائلة."

"هل مثل هذا الشخص سيرمي بنفسه في مهمة خطيرة دون تردد؟"

حسنا، لا…

كلما تحدث أكثر، كلما شعر وكأنه يسقط في حفرة رمال متحركة ويغرق أكثر.

لم يستطع حتى أن يقول أن الأمر لم يكن خطيرًا، لأنه حدثت حادثة وكاد الحقد أن يسلبه عقله ويأكل روحه.

لذا قرر لويد أنه من الحكمة إغلاق فمه والاستماع إلى والدته.

"سوف أقبل أي عقوبة تمنحينها."

هذه المرة، تدخلت أريا:

"وأنا أيضًا."

"همم…."

"أنا آسف حقًا لأنني جعلتك تقلقين بشأن هذا الأمر. سأتأكد من أنك لن تكوني مضطرة للقلق بشأني مرة أخرى."

"هل يمكنني الوثوق بك؟"

"نعم."

"نعم."

أجابت أريا ولويد على سؤالها في نفس الوقت.

"هاااا …."

تنهدت سابينا مرة أخرى.

لا يوجد آباء يمكنهم أن ينتصروا على أطفالهم.

"على أي حال، بما أنك قد بدأت هذا، فتحمل المسؤولية حتى النهاية. إذهب وأكمل عملك."

أولئك الذين تم استعبادهم كانوا ما يزالون في هذه القلعة.

فكرت أريا بهم وأومأت برأسها.

"واستدعي معك فينسنت في طريقك."

لقد أخبر فينسنت أريا بأن تكون مستعدة لأن الدوق الأكبر للفالنتاين وزوجته قد اكتشفوا تسللهم خفية.

'لقد تحدث وكأنه لا علاقة له بالموضوع.'

لكنه كان ما يزال فتى قاصرًا وكان ابن سابينا أيضاً. وهو أيضاً قفز بتهور وورّط نفسه في شيء خطير.

'سوف يتم توبيخك أيضًا، أيها الأحمق.'

ابتسمت أريا ابتسامة واسعة وأومأت برأسها.

لقد كان من المؤسف أنها لن تستطيع رؤية فينسنت مرعوبًا وهو يستمع إلى تذمر سابينا القلق.

***

لم يكن ماكسيم رجلا قويًا لدرجة أن لا يخشى أي شيء تحت السماء.

ولكن، على الأقل داخل مملكة بروتو، فقد كان رئيس منظمة أندرهيل لتجارة العبيد والذي لم يكن بإمكان الطائر حتى أن يطير دون إذنه.

ولم يكن خائفًا من الملك أيضًا.

كان ذلك لأنه كان يعلم أن الملك لن يكون قادرًا على فعل أي شيء حياله إلا إذا قام بتمرد صريح.

بالمناسبة…

"لقد كلفني السيد بطردك."

"طردي؟ أنا؟"

رد ماكسيم بابتسامة متكلفة.

"يبدو أنك تسيء فهم شيء ما، إنني الضحية هنا؟"

"الضحية؟"

"لقد فقدتُ الطاقم بأكمله والموظفين والسفن وكذلك العبيد لأن عينات الاختبار الذين تم إرسالهم من مختبركم قد هربوا. كيف ستعوضونني؟"

"أنت الذي تسيء الفهم."

عند قول هذه الكلمات، ظل الرجل صامتًا للحظة، ثم تحدث بصوت منخفض أكثر بكثير من ذي قبل.

"يبدو أنك تسيء الفهم، فأنت مجرد تاجر يوفّر لنا المواد."

"...!"

"مهما كان السبب، فقد فشلتَ في تنفيذ مهمتك. حتى أن العينات التجريبية القيمة والمواد ضاعوا مرة واحدة."

مهمة؟

لم يكن ماكسيم في مهمة، لقد أخد عمولة مقابل قيامه بالوظيفة.

في المقام الأول، كان من العبث أن يتحدث رئيس معهد أبحاث سري تديره الدولة، وليس الملك، عن تصرفاته ويشير إلى أخطائه.

"هل تقول أن رئيس معهد الأبحاث سيعاملني كرئيس لي بل وحتى أنه سيعاقبني؟"

"رئيس؟ رئيس معهد الأبحاث هو مجرد وكيل للرئيس الحقيقي، وليس الرئيس نفسه."

إنهما ليسا نفس الشخص؟

'وماذا في ذلك؟'

لقد كان ذلك المختبر حرفيًا معهد أبحاث تديره الدولة.

بالطبع، كان الرؤساء والباحثون جميعًا مجرد موظفين يأكلون الرواتب المصروفة من طرف الملك.

'مهلا لحظة.'

هل من الممكن أن يكون السيد هو الملك؟

"هل أمر جلالة الملك شخصيًا بطردي؟"

"لماذا علي الاستماع لأوامر ملكِ مثل هذا البلد الصغير؟"

"ماذا؟"

في تلك اللحظة، توقف ماكسيم عن الحركة ووقف بشكل محرَج.

لقد كان لديه حدس دقيق جدًا.

وبدأ يشم الآن أن الوضع كان خطيرًا للغاية.

لهذا السبب كان حدسه يقول له أنه لا يجب عليه أن يسخر من ما يقوله ذلك الرجل المقنع الآن.

"إذا من هو السيد؟"

"إنه شخص قريب للغاية من الجنة."

الجنة؟ إذا هو في السماء؟

"هل هو البابا أو شيء من هذا القبيل؟"

لقد كانت مزحة سيئة ألقيت دون كثير من التفكير.

من المستحيل أن يكون رئيس مختبر الأبحاث المخيف الذي يجري تجارب بشرية وأشياءً من هذا القبيل هو وكيل الإله على الارض.

لكن الغريب في الأمر هو أن الرجل الذي كان يرتدي غطاء القلنسوة لم يرد على سؤاله.

"…اغغ!"

عندها شعر ماكسيم بألم لاذع في ذراعه اليمنى وشعر بالرعب، لكن الأوان كان قد فات بالفعل.

نظر الرجل إلى ذراعه المحقونة ثم رفع رأسه ببطء.

كان الرجل الم قد هاجمه بالفعل بهدوء منذ وقت طويل.

"هذا سم تم تطويره حديثًا. يمكنك اعتباره شرفًا بأن تكون أول موضوع اختبار."

"انـ.. انتـ.. انتظر. أنت عديم الصبر للغاية. إذا قتلتني الآن، فسوف تندم على ذلك لبقية حياتك."

اللعنة.

لقد داس على لغم خطير.

لذا بدأ مكسيم يحاول قول أي شيء بسرعة لإنقاذ حياته.

"لقد سمعت أغنية ..."

كان بإمكانه أن يرى أن العينين اللتان كانتا تنظران إليه عبر غطاء القلنسوة قد فتحتا على مصراعيهما، كما لو أن الرجل المقنع قد أصبح متفاجئًا للحظة.

ثم أحس ماكسيم بحريق قاتل في جسده في تلك اللحظة، وكأن أحدهم قام بإلقائه في وسط الحمم البركانية.

ألم رهيب.

كان هذا آخر شيء تذكره مكسيم.

***

"أغنية؟"

- نعم. من الواضح أنه قال ذلك.

"سأكتشف معنى ذلك الآن. حاول الحفاظ على سرية الأمر قدر الإمكان."

- نعم. سأبذل قصارى جهدي.

انتشر صدى المحادثة في الغرفة.

'أغنية؟'

استمعت فيرونيكا إلى المحادثة من خلال صدع الباب، وعندما أنتهى الاتصال، قوّمت وقفتها.

دق- دق-

أوقف صوت الطرق الكاردينال عن ما كان يفعله.

"هممم، ادخل."

كان لدى فيرونيكا ابتسامة مألوفة مرسومة على وجهها.

كان هذا النوع من الابتسامات هو الذي جعل حتى أولئك الذين يرونها لأول مرة يشعرون بالاسترخاء ويبتسمون معها.

"ليبارككِ الرب."

"ليبارككَ الرب."

بعد أن شبكوا يديهم معًا برفق لتقديم مباركة رسمية، جلسوا حول الطاولة.

لقد اعتادوا على الروتين.

بعد تبادل التحيات والمباركات التي لا معنى لها لفترة طويلة، دخلوا في صلب الموضوع مباشرة.

"إذًا، لقد سمعت أن لديك ما تقولينه لي."

"آه، في الواقع ..."

أمسكت فيرونيكا بكوب الشاي الذي كانت تحمله بكلتا يديها وخفضت نظرها. وبعد تردد طويل، جمعت شجاعتها لتتحدث.

"الكلمات التي قالها لي الكاردينال بالصدفة لا تزال ترن في أذني."

"بالصدفة؟ ما الذي……"

"القوة المقدسة."

عند هذه الكلمات، قام الكاردينال برفع زوايا شفتيه، مما رسم على وجهه ابتسامة طيبة للحظة.

"لابد من أنني قلت لك في ذلك الوقت بأن لا تكترثي لأنها كانت كلمات دون معنى."

"ولكن، كيف يمكن للكاردينال أن يقول مثل هذه الكلمات دون أي معنى ..."

"أيتها القديسة فيرونيكا".

وضع الكاردينال فنجان الشاي بهدوء وقال لها، وكأنه يكشف عن مشاعره غير المرتاحة.

"لقد قلت بوضوح بأنني لم أعني أي شيء."

"……"

"مهما كنت قد خمنت، إذا تعمقت أكثر من هذا، فلن يكون لدي خيار سوى إرسال القديسة إلى مكان لا يستطيع حتى الإله الوصول إليه."

لقد كان تهديدًا وحشيًا جدًا.

بالنسبة لأولئك الذين كرسوا حياتهم لخدمة الإله

وللقصر البابوي، كان هذا بمثابة الحكم بالإعدام.

لو كان كاهنًا آخر، لكان قد جثى بالفعل على الأرض متوسلًا العفو عن إثمه.

لكن فيرونيكا لم ترمش بعينيها حتى. ولم تتجنب نظرات الكاردينال أيضًا.

"انظروا إلى هذا؟"

رفع الكاردينال ، الذي كان يعرف أنها مجرد قديسة ضعيفة ذات شخصية طيبة، حاجبيه في دهشة.

لقد كان الأمر مثيرًا للاهتمام.

〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰

~(اتركوا أي ملاحظات أو طلبات خاصة بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~

〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰

أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات أو طلبات خاصة.

🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@

2022/10/27 · 444 مشاهدة · 1594 كلمة
Khadija SK
نادي الروايات - 2025