رمش فنسنت بعينيه بتعبير فارغ وحائر.

"لماذا تقولين هذا الآن ... بالطبع. لم يكن لديك الوقت لتخبريني من قبل ولكن .... "

ثم تمتم بوجه عابس بينما كان يقطف العشب من الأرض دون سبب.

"لقد اعتقدت أن العالم سوف ينهار لأن توقعاتي كانت خاطئة."

"...إلى هذا الحد؟"

"بالطبع. ما كنت أتوقعه لم يخطئ أبدًا! "

تراكم العشب المقطع بجانب فينسينت.

كان من الظلم أنه واجه وقتًا صعبًا بمفرده، لكنه لم يستطع مجادلة أريا، لذلك شعر وكأنه كان غاضبًا من أجل لا شيء.

حدقت أريا في فنسنت، الذي كان يتصرف ببعض الغرابة، وداعبت رأسه.

"توقعك صحيح. صحيح تمامًا. "

"حسنًا، لقد اعتقدت ذلك. لا يمكن أن أكون مخطئا!"

نعم، نعم.

لسبب ما، يبدو أنه يصبح أكثر حماقة مع مرور الأيام.

أراحت أريا فينسنت، الذي كان رد فعله كما توقعت، وقالت:

"في الواقع، كان من الصعب عليّ قليلاً التحكم في مشاعري. لقد كان حلمًا حزينًا لدرجة أنني بكيت طوال الوقت الذي نمت فيه."

عرفت أريا ذلك عندما استيقظت ورأت الدموع تنهمر من زوايا عينيها.

لقد عرفت أنها كانت لا تزال تبكي، وأدركت شيئًا.

تمامًا كما حصلت على المقطوعة الموسيقية لـ"أغنية الفجر" من خلال أحلامها، فقد حصلت أيضًا على فكرة عن أطلانتس من خلال أحلامها بعد غناء تلك الأغنية.

"إذًا لهذا أغمي عليك يا زوجة أخي لمدة ثلاثة أيام ..."

قال فينسنت كما لو أنه قد أدرك ذلك للتو، وأومأت أريا برأسها.

"نعم، أعتقد أن ذلك حصل لأنني كنت أحلم."

بدا الحلم وكأنه مبرمج لتراه السيرين بعد غناء أغنية الفجر، تمامًا كما رأت أطلانتس مدفونة في البحر عندما نامت مع لؤلؤة المحارة بين ذراعيها.

"آه، لهذا السبب قام طبيب زوجة أخي بتشخيصك أنه لا يوجد أي خطب في جسمك."

هذا صحيح......

أحست آريا بالآسف لأنها جعلت الطبيب يشتبه في كونه دجالًا دون أي داعي، وقررت في صميمها أن عليها أن تطلب من كبير الخدم رفع راتب كيري.

"إذًا، بماذا حلمتِ؟"

رفع فينسنت نظارته التي كانت تنزلق عن عينيه الزرقاوين اللامعتين، وبدا وكأنه عالم اتخذ وضعية الاستماع.

"هذا..."

وبدأت أريا تروي قصة حلمها وهي تبحث في ذاكرتها.

***

أريا!

أدارت أريا رأسها عندما سمعت صوتًا يناديها.

"... لويد؟"

لقد كان ذلك صوته على الأغلب.

لكن على امتداد بصرها، لم يكن هناك سوى مرج أخضر شاسع أمامها.

'هل كانت مجرد هلوسة؟'

شمّت آريا رائحة البحر المالح الذي جلبه نسيم الرياح وأدارت رأسها، وسمعت صوت الأمواج من بعيد.

'إنها جزيرة وسط البحر.'

لقد كانت واسعة جدًا بحيث لا يمكن تسميتها جزيرة، ووفقًا لبعض المعايير، ربما قد تكون مساحتها كبيرة بما فيه الكفاية ليتم تسميتها بالقارة.

كانت آريا تفكر في هذا أريا بينما كانت تتجول في جزيرة غير مألوفة.

'كما هو متوقع، إنه حلم.'

كان سبب اقتناعها بأنه حلم هو نفس السبب الذي جعلها تدرك ذلك عندما اكتشفت أطلانتس تحت البحر من خلال لؤلؤة المحارة.

لأنها لم تر مشهدًا كهذا من قبل.

'واو... شلال!'

إذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف يمكنها معرفة اسم الماء الذي كان يتدفق من فوق التلال المنتشرة في كل مكان يحيط بها.

وكان وصفها صحيحًا تمامًا.

لقد كان الشلال ضخمًا للغاية لدرجة أنه كانت مُحاطًا بجسرٍ من السحب وقوس قزح.

'إنها غابة!'

كانت الأشجار الكثيفة عالية جدًا لدرجة أنها كانت تصل إلى عنان السماء تقريبًا. وبغض النظر عن المكان الذي وضعت فيه عينيها، كان كل شيء أخضر. لقد كانت آريا ترى الطبيعة التي أرادت دائما رؤيتها كثيرًا.

الطبيعة الحية والمنعشة.

على الرغم من أنها كانت تحلم فقط.

'هل هذه هي أطلانتس؟'

تساءلت أريا.

كان المكان بدائيًا ولم يكن قد تم تطويره على الإطلاق، وتم الحفاظ على الطبيعة كما هي.

بالطبع، كان مشهدا رائع الجمال، لكن ...

'من الواضح أنه، عندما رأيت أطلانتس مغمورة بالمياه في حلمي الأخير، فقد كانت المدينة تتميز بتقدم حضاري أكثر من هذا.'

المكان الذي رأته في ذلك الوقت.

لقد كانت مثل مدينة مخططة ومبنية بعناية ودقة. كانت المباني تحيط بانتظام بقلعة الحاكم، وكانت مندهشة بعض الشيء لأنها بدت أكبر من العاصمة الإمبراطورية.

بالطبع، فقد غرقت المدينة منذ زمن، ولذلك كل ما تبقى هو الإطارات والهياكل الفارغة.

اعتقدت أريا ذلك، وواصلت خطواتها.

وأثناء قيامها بذلك، وصلت إلى قرية يعيش فيها الناس.

"حسنًا، هل فزت؟"

كان الأطفال الجالسون معًا يلعبون ويرسمون خطوطاً على الأرض ويرمون الخامات عليها.

للوهلة الأولى، بدا الخام وكأنه قطعة زجاج متلألئة، لكن لم يستغرق منها الأمر وقتًا طويلاً حتى أدركت أنه كان ألماسًا خشنًا.

"أيها الأطفال، اذهبوا وأحضروا الضيف. الوليمة الترحيبية على وشك أن تبدأ."

"حسناً!"

كان الأطفال متحمسين لكلمة "وليمة" ورموا الخامات على الأرض بابتسامة.

"أنا سأصل أولاً!"

"لا، أنا من سيصل أولاً!"

"هاهاها! اركضوا قدر ما تستطيعون أيها الحمقى! الشوكولاتة من نصيبي!"

تسابق الأطفال مع بعضهم البعض ومروا من جانب أريا، لا، لقد مروا من خلال جسدها.

'يبدو أنني غير مرئية بالنسبة لهم.'

إذا كان الأمر كذلك، فهل هذا أيضًا وهم ومحض خيال؟ أم أنه شيء قد حدث بالفعل في الماضي؟

نظرت آريا في الاتجاه الذي كان يركض فيه الأطفال وتقدمت بخطواتها.

"أيها الضيف! أيها الضيف!"

قفز الأطفال لأعلى ولأسفل وألقوا بأنفسهم في أحضان الرجل.

"يا إلهي."

الرجل، الذي كاد أن يسقط لأن جسده كان غير متوازن، نظر إلى الأطفال.

لقد كان رجلاً ذا انطباع لطيف وبريء.

"ألم أقل لكم أن تنادوني كافنديش؟"

"لا أعرف، الاسم صعب للغاية!"

"إنه لقب وليس اسمًا. اسمي هو ريموند."

"إذن لماذا لديك اسمان؟"

"ليس اثنان، ولكن ريموند هو الاسم الأول و كافنديش هو الاسم الأخير ... لا، لا بأس. نعم، ما الأمر؟"

ابتسم الرجل ابتسامة طبيعية، وأخرج أربع قطع شوكولاتة ملفوفة من بين ذراعيه وأعطاها للأطفال.

'ريموند كافنديش؟'

قامت أريا بإمالة رأسها بينما تنظر إلى الرجل وهو يداعب رأس طفل بابتسامة لطيفة. لا بد من أنه كان نبيلاً، لكنه كان لقبًا لم تسمع به من قبل.

'في الواقع ، قد يكون لقب أحد النبلاء الذين كانوا يعيشون منذ 1500 عام على الأقل.'

خصوصًا أن هذه الحقبة الزمنية كانت تسمى بفترة الاضطراب.

لابد من أنه كان من الصعب للغاية على معظم العائلات آنذاك النجاة في تلك الفترة والحفاظ على استمرارية اسم أسرتهم لأكثر من ألف عام.

'بما أنه كان ضيفًا، لا بد من أن يكون غريبًا من خارج الجزيرة ....'

شخص دخيل.

عبست آريا.

لأنها كانت تعرف بالفعل نهاية أطلانتس، وكانت لديها فقط أفكار مشؤومة.

"أيها الضيف، سوف تبدأ وليمة الترحيب. تعال بسرعة!"

" وليمة؟"

"نعم، تعال وارقص وغني والعب معنا."

أمسك الأطفال بيد ريموند وقادوه معهم بعد فتح الشوكولاتة ووضعها في أفواههم.

وفجأة، أصبحت السماء مظلمة وتزينت بنجوم لا تعد ولا تحصى صافية ومتلألئة كما لو كانت تتساقط من الأفق مثل الشهب.

اُشعِلت النيران.

كان البعض يشوي الأطعمة وبعضهم يستمع إلى عزف آلات غير مألوفة تحتوي على الخيوط والأوتار، كما كانت هناك آلات أخرى تشبه الطبل.

أمسك سكان الجزيرة، وهم يرتدون ملابس بيضاء نقية، أيدي بعضهم البعض وبدؤوا يلتفون حول نار المخيم في حلقات ودوائر.

"رنّموا أغنية السلام في الوليمة."

"أغنية سلام؟"

"نعم."

{على المياه المقدسة التي تتدفق بسلام ... }

وبدأ الطفل بالغناء.

ثم تبعه الأشخاص الآخرون الذين كانوا هناك بشكل طبيعي.

{اتبع الأمواج اللامعة.}

{حيث ينام الربيع وتغرد الطيور. فليباركك الإله هناك.}

{دعونا نذهب معًا، معًا كلنا.}

شعرت أريا بالحيرة وهي تشاهد العرض.

نظرًا لأن أطلانتس كانت مسقط رأس السيرين، فقد تساءلت عما إذا كانوا سيغنون أغنية السيرين ذات القدرات السحرية أيضًا.

'بالطبع، أغنية السلام هي أغنية خاصة بالسيرين حسب ما تعلم.'

ومع ذلك، لم تكن هذه أغنية للسيرين.

هذا يعني أنهم لم يغنوها بقوى سحرية، لقد كانت مجرد جوقة موسيقية تغني بشكل جيد للغاية.

وكدليل على ذلك، لم يظهر ريموند، الذي كان يستمع إلى الأغنية، أي رد فعل.

"هذا جميل. يبدو الأمر كما لو أنني في قرية الإلف*."

(م.م: الإلف مخلوقات أسطورية. ستجدون شرح مفصل نهاية الفصل)

بدلًا من الاندهاش، تمتم مع نفسه.

"الأرض التي باركتها الآلهة. لقد كنت أتساءل عما يعنيه ذلك ... لكن يبدو أنها ليست مباركة، بل إنها مليئة بالحب."

كانت هذه هي محبة الإله. وخفض صوته أكثر، ثم همس بإعجاب.

"أستطيع أن أرى سبب رغبته في الحصول عليها بأي ثمن."

عندها، غنت ورقصت امرأة على أنغام الموسيقى وابتسمت لريموند، وأخذت الكورولا من فوق رأسها ووضعتها على رأسه.

(م.م: صورة الكورولا نهاية الفصل)

تمتم ريموند وهو يشاهدها وهي ترقص، بينما تختلط بين الحشد مرة أخرى.

"لا ... بل إنها تشبه السيرين."

قال أنها كانت مثل السيرين.

يبدو الأمر كما لو أنه كان يحدد هذا المفهوم للمرة الأولى الآن.

انعكست صورة ألسنة اللهب على عيون ريموند، التي أغمقها الظلام، وجعلتهما مشرقتين بشكل مخيف.

"هاه؟ السيرين؟ ما هذا؟"

قضم الطفل أسياخ اللحم المشوي ومضغها.

عندها جلس ريموند على مستوى عين الطفل وهمس في أذنه.

"هل تعلم؟ هناك أشياء لذيذة في العالم أكثر من الشوكولاتة."

"هاه؟ حقًا؟"

"هناك شيء اسمه كعكة. إنها تتكون من الكاستيلا الناعمة مغطاة بكريمة مخفوقة بيضاء."

"ما هي الكريمة المخفوقة؟"

"في اللحظة التي تلمس فيها لسانك، تنتشر الحلاوة في جميع أنحاء جسمك وتذوب."

"رائع ..."

أعجب الطفل بكلامه، ثم مسح اللعاب من زوايا فمه بظهر يده.

"أريد ان أذوقها أيضًا!"

"أليس كذلك؟ أريد أن أحضر مجموعة من الأصدقاء وأقدمهم لسكان الجزيرة. وللقيام بذلك، أحتاج إلى إذن الحاكم والبالغين."

"البالغون يحبون الضيوف أيضًا. حتى أنهم يقيمون الولائم لهم."

كانت الأجواء بينهم مثل الأسرة بينما يضحك الجميع ويتحدثون ويتشاركون الطعام معًا.

ابتسم الصبي وهو يقول ذلك.

ابتسم ريموند مع الصبي وداعب شعره.

"آمل أن يفتح الحاكم قلبه قريبًا أيضًا."

"آه، لا يبدو أن والدي يحب الضيوف كثيرًا."

تحدث الطفل بصراحة شديدة، مثل أي طفل في ذلك العمر، لذا ضحك ريموند على كلامه.

"ليس باليد من حيلة. إذا لم أحصل على إذن من الحاكم الآن، فيمكن للأمير أن يتذكرني في اليوم الذي ستحكم فيه هذه الجزيرة وأن تسمح لي بالقدوم."

"هنننهه، أريد أن آكل الآن ..."

كان الطفل متحدثًا جيدًا، لكنه كان مجرد طفل يشبه باقي الأطفال الذين في الخامسة من عمرهم.

عند سماع هذا، توقف ريموند، وتظاهر بالتفكير للحظة، ثم فرك ذقنه.

"حسنًا، إذا أخبرتني بقصة، أعتقد أنك قد تكون قادرًا على أكل الكعكة دون إذن الحاكم."

"ماذا؟ حقًا؟"

ما الذي تريد أن تسمعه؟

سأل الطفل وعيناه متلألأتان.

"خرافة أو أسطورة تنتقل من جيل إلى جيل بين سكان الجزيرة. أو ربما يكون سرًا لا يعرفه إلا الأمير، ابن الحاكم ... "

أغمض ريموند عينيه وهمس في أذن الطفل في الخفاء بابتسامة بريئة.

──────────────────────────

*الإلف أو الآلف هي كائنات خرافية من الأساطير النوردية والجرمانية.

صفات هذا النوع من الكائنات متعدّدة وغير ثابتة، وذلك حسب تطوّر الأساطير في الخيال الشعبي. في البداية كانت كائنات إلهية صغرى تتحكم في قوى الطبيعة والخصوبة، ويكون لهم قوى سحرية يستعملونها في الخير أو في الشر.

لكن مع الوقت تطوروا في القرون الوسطى وارتبطوا بقصص العجائب وحكايات الحوريّات وأدب الفانتازيا عامّة، ولذلك تم تصويرهم غالباً في شكل مخلوقات صغيرة الحجم، تعيش في الغابات والتلال والكهوف، أو في الآبار والينابيع.

لكن في القرن 19، استعاد جنس الآلف بعضاً من مكانته في الأدب الرومانسي، وصوّروا على شكل رجال ونساء في غاية الجمال وفي ريعان الشباب، حيث يكونون شخصيات شبه بشرية، جميلة المظهر، نبيلة وحكيمة. وهي مخلوقات خالدة، تعيش غالباً في الغابات، لهم بعض القدرات السحرية، ولهم علاقة وطيدة مع الطبيعة وقوى الشفاء، كما يتميزون عن البشر بآذانهم المدببة وأجسامهم الرشيقة.

*الكورولا هي نوع من التيجان التي توضع على الرأس ويتم صنعها بواسطة الأزهار والمواد الطبيعية العضوية.

──────────────────────────

~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~

〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰〰

أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.

🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@

──────────────────────────

2022/11/10 · 368 مشاهدة · 1765 كلمة
Khadija SK
نادي الروايات - 2025