لم يكن في جسدها أي قوة.
شعرت آريا وكأنها سوف تفقد عقلها.
'لماذا؟'
كان هذا أول ما فكرت به آريا.
لم تكن صحتها سيئة كما كانت من قبل، لذلك لم يكن من المنطقي أن تنهار فجأة وكأنها تحتضر.
لم يحن وقت موتي بعد.
'لكن ... ربما آن الأوان بالفعل ...'
هل من الممكن أن يكون وقت وفاتها قد أتى بشكل أبكر مما كان متوقعاً؟
إذا كان الأمر صحيحاً، فسوف يكون هذا محبطًا للغاية.
لقد اعتقدت آريا أنها كانت ما تزال تملك نصف عام على الأقل قبل أن تتدهور صحتها.
'يبدو أن تلك كانت أمنيتي فقط.'
في الواقع ...
لقد كانت تشعر منذ وقت طويل بنذير شؤم يُخبرها أنها قد تنهار وتموت فجأة دون سابق إنذار على الرغم من أنها تبدو في صحة جيدة من الخارج.
استمر ارتباك آريا للحظة واحدة فقط، ثم سرعان ما استسلمت للأمر الواقع.
شعرت آريا بالأسف على لويد، الذي سوف يحمل كل الأعباء فوق ظهره إذا ما ماتت الآن.
"... آر ... ريا ... آريا!"
عندما اندفع لويد لاحتضانها، أدركت آريا بشكل متأخر أنها قد فتحت عينيها بالفعل.
رمشت آريا ببطء بعينيها المرتجفتين والثقيلتين دون أن تتمكن من تحريك جسدها قيد أنملة.
"اللعنة."
آخر ما كانت تتذكره آريا هو اللعنة التي خرجت من شفتي لويد بينما كان يحملها ويتحرك بسرعة ليأخذها عند الطبيب.
ثم بعدها انقطعت كل ذكرياتها تماماً وأصبحت محادثة لويد والطبيب مشوشة بالنسبة لها.
لم تستطع آريا أن تفهم ما كان الاثنان يقولانه عنها، لذلك ركّزت حواسها وحاولت استيعاب ما كان يُحيط بها بتركيز أكبر.
"لم تكن هناك أي إشارة على أن سموها قد تنهار بهذه الطريقة. لقد أجريتُ لها فحصاً قبل بضعة أيام، وكانت بصحة جيدة كما المعتاد ..."
يبدو أن الطبيب لم يكن يعرف أيضاً السبب وراء انهيارها.
"...هل حدث هذا بسبب قوة حقد الفالنتاين؟"
تحدث لويد، الذي بدا متجهمًا إلى حد ما، أولاً.
لقد سُميّت تلك القوة باللعنة، ورغم أنها في الحقيقة كانت جزءاً من مشاعر الإله، إلا أن أحداً لم يكن ليعتقد دون ذلك أبداً.
لقد كان لويد يعتقد أن آريا ستكون بخير.
لقد اعتقد الجميع أنها ستكون بخير.
هذا لأن الشخص الذي طهر لعنة الفالنتاين كان هو آريا ذات نفسها.
وبينما كان هناك جزء من مشاعر الإله ينتقل عبر دماء السيرينات من جيل إلى جيل، اعتقد لويد أن المشاعر التي بداخله لن تؤذيها مطلقاً.
ولكن ربما كانت تلك مجرد أمنيته.
"جلالتك …"
تلاشت كلمات كوير للحظة بينما بدا مرتبكًا، لكنه سرعان ما هز رأسه ونفى ادّعاءات لويد بحزم.
"هذا ليس هو السبب وراء حالة سموها الحالية. إن الأعراض التي تعاني منها السيدة مختلفة عن أي شيء عانت منه السيدة سابينا من قبل."
"....."
"في الوقت الحالي، لا أستطيع إلا أن أقول بأن جسد سموها قد وصل إلى حدوده بسبب السموم التي تراكمت في جسدها نتيجة لتناولها لجرعات كتم الصوت منذ سن صغيرة."
كان الطبيب كان غير متأكد من السبب الرئيسي وراء انهيار آريا المفاجئ، لكنه كان يستطيع تقديم مثل هذا التشخيص بثقة في الوقت الحالي.
لم يُجِب لويد على كلمات كوير.
لقد استمر فقط في معانقة آريا بصمت بينما كان يُطمئن نفسه بوجودها حية بين ذراعيه.
لقد كان يعلم أنها قد تخلت منذ فترة قصيرة فقط عن تلك الأفكار المتطرفة المتعلقة بالموت والتي كانت تدور في ذهنها ...
صدرت طاقة قاتمة من لويد بينما شعر بأن جسده بأكمله قد أصبح مخدّراً بسبب الخوف من فقدان آريا.
بدلا من كونها الطاقة قاتلة تهدد المحيطين به، كانت الطاقة التي تصدر من لويد طاقة قاتلة تُدمره هو ذات نفسه من الداخل.
'لكن ها هي ذا قد بدأت تفكر في الموت وتركي وراءها مرة أخرى.'
لقد عرف لويد ذلك فقط هبرغ النظر إلى عيون آريا بما أنه كان معها منذ فترة طويلة، لذلك تحطم قلبه من حقيقة أنه قد عادت تفكر بهذه الطريقة مجدداً.
"سيكون من الأفضل لها العودة إلى منطقة آتيس في أقرب وقت ممكن."
اتخد كوير قراره كطبيب بسرعة.
حتى لو لم تكن آريا تعيش في منطقة مليئة بحقد الشيطان، إلا أنه كان على يقين من أن حالتها غير عادية.
(م.م: أعضاء العائلة فقط هم من يعرفون أن طاقة لويد هي حقد الإله، الباقي يظنون أنه حقد الشيطان)
"لقد سمعتَ عن طريقة تفادي الآثار الجانبية لزهرة الجليد من السيدة الشابة، أليس كذلك؟ كما أخبرتها من قبل، لقد وجدتُ تلك الطريقة في كتب عن القارة الشرقية ولذلك لا بد من أن ..."
"لا أعتقد أنها قد فهمت الأمر بشكل جيد أيضًا، لذلك أرجو منك توضيح هذه النقطة لي بشكل أكثر تفصيلاً."
"… ماذا؟"
ماذا يقصد بشرح الأمر له بالتفصيل؟
حلّ صمت طويل على الغرفة.
"هذا ... أعني ... أنا ... أنتم ... هذا ..."
بينما كان الطبيب يتعرق في حالة من التوتر الشديد، شعرت آريا ببطء بأنها قد بدأت تصل إلى حدودها.
'الآن ليس لدي خيار سوى توكيل أمري إلى خالق السماء.'
لحسن الحظ، أقيم حفل بلوغ آريا سن الرشد في الشتاء؛ وزهور الجليد تتفتح فقط في فصل الشتاء.
على الرغم من أنهم كانوا لا يزالون في أوائل الشتاء، إلا أنه كان هناك أمل كبير.
'من فضلك، أتمنى أن تكون زهور الجليد مزهرة بشكل كامل في الجبال الثلجية ...'
أغلقت آريا عينيها لأنها شعرت بأنها بدأت تفقد وعيها تدريجياً مرة أخرى.
***
"لقد طلبتُ سابقاً من الشامان أن يتعلم كيفية استخدام تعويذة التجميد، لذلك بإمكانكم الإنطلاق نحو الجبال على الفور."
وبما أن طبيب الفالنتاين كان قد اتخذ تدابير احتياطية في وقت مبكر، فقد تقدّمت الإجراءات بسرعة.
كما أوضح كوير، توجه كارلين مباشرة إلى جبال جونا في منطقة آتيس مع لويد وآريا.
"احتفظ بهذه معك."
قام كارلين بتسليم لفافة التنقل إلى لويد؛ والتي أصبحت الآن تقريبًا ضرورة للحياة.
وأثناء توجههم نحو منتصف سلسلة الجبال الشاهقة، هب عليهم زمهرير الشمال البارد.
في المركز، كان هناك كهف يتوسط جبلين ضخمين.
"بعيداً عن الأساطير وما إلى ذلك، لا بد من أن هذا هو السبب وراء عدم وصول أحد إلى هذا المكان لسنوات عديدة."
تمتم كارلين بينما كان يجول في المكان المقفر والمنعزل بيعينيه دون أن يدرك ذلك.
لقد أمضى سنوات عديدة للعثور على هذا الكهف.
'لقد استمرت طاقة مجهولة غريبة تحيط بالكهف في عرقلة البحث.'
زهرة الجليد التي تجمد كل ما حولها.
لم تكن هذه الزهور عادية في المقام الأول، لذلك كان من الواضح أن المكان الذي تنمو فيه لن يكون مكانًا عاديًا أيضًا.
'لقد أخبرتني السيدة الشابة أن هناك طاقة غير عادية في منطقة أتيس، ولكن ...'
رغم أن كارلين كان يغطي جسده بتعويذة الحماية من البرد، إلا أن ذلك لم يكن كافياً، لذلك غطى جسده بسحر النار ...
لكن رغم ذلك كان جسده ما يزال يرتجف وكأنه على شفى التجمد.
"أ- أنا آسف، ولكن يبدو أنني لا أستطيع التقدم أكثر من هذا."
حتى لو كان شامانًا عبقريًا، إلا أنه سوف يكون من المستحيل عليه أن يتجاوز حدود البشر.
دون أي رد فعل، أجاب لويد بشكل عادي.
"سأعود قريباً."
كما توقع كارلين، الدوق الأكبر، لويد، كان بخير تماماً.
على الرغم من أن كارلين كان بالكاد قادرًا على الوقوف في مكانه بينما يستعين بدفء سحره، إلا أن الجو كان ما يزال باردًا جدًا.
لذلك لو كان لويد إنسانًا عاديًا، لكان قد تجمد بالفعل حتى الموت.
أضاف لويد بينما كان يُسلّم آريا التي كان يحملها بين ذراعيه إلى كارلين.
"احمِيها جيدًا."
لقد كان مستعدًا لقتل كارلين إذا شعرت آريا بأي انزعاج.
"سوف أذهب معكَ أيضًا."
في تلك اللحظة ...
آريا، التي كانت فاقدة للوعي منذ لحظات قليلة، تمتمت بينما كانت تصارع لفتح جفنيها الثقيلين.
أمسكت آريا بمعطف لويد بإحكام وكأنها كانت تتشبث بطوق النجاة الوحيد وسط إعصار البحر الهائج.
"آريا ..."
قام لويد بتقبيل خد آريا بسرعة ليُطمئنها.
عند طرف أنفها، شعرت آريا بتنهيدة صغيرة من لويد، بينما أحاطها دفء حرارته عندما حملها مرة أخرى بين ذراعيه.
"إذا أخرجتَ الزهرة من الكهف على أي حال، فإن الزهرة سوف تذوب."
"لكننا لا نملك معلومات مؤكدة حول هذا الأمر."
"لكن من المحتمل جدًا أن هذا هو السبب وراء تواجد تلك الزهرة في هذه المنطقة فقط دون غيرها."
لويد، الذي كان يرغب في التأكد أولاً من أن الداخل آمن، استسلم بسرعة أمام إصرار آريا العنيد.
في الواقع، لم يكن لديه الوقت للقيام بذلك في المقام الأول.
هذا لأن حالة آريا كانت حرجة للغاية.
أمر لويد كارلين على الفور.
"هيا."
"سوف أنقش السحر الآن."
وضع كارلين العناصر اللازمة للسحر على الأرض، ثم أخرج فرشاته، وسرعان ما رسم حروفاً حمراء زاهية على معصم آريا.
لقد فعل ذلك لأنه سيكون الأكثر فعالية عند نقشه على بشرتها مباشرة.
"هل من الجيد أن تقوم بنقش النص على يدها؟"
لويد، الذي كان يشاهده في ريبة، أضاق عينيه وسأله بعيون مليئة بالشك.
"إذا قرأتَ هذه الكلمات واتبعت الطريقة بحذافيرها، فيمكنك أنتَ أيضًا إلقاء التعويذة. لكن بطبيعة الحال، هناك عدد قليل جداً من الناس الذين يستطيعون النجاة بعد استخدام هذه التقنية، لذلك ..."
قبل كل شيء، من أجل رؤية تأثير تعويذة التجميد، يجب اتباع شرطين.
أولاً، على المُلقي أن يعرف كيفية إدارة طاقته.
من وجهة نظر كارلين، كانت طاقة القارة الشرقية مشابهة جدًا لـطاقة الـتشي.
لكن بالطبع، التعمق في التفاصيل، الأمر مختلف تمامًا.
لذلك خلص الشامان إلى أن المصدر على الأقل هو نفسه.
"بعد أن تستهلك السيدة الشابة زهرة الجليد، عليك الاستمرار في توجيه طاقتك في جميع أنحاء جسدها. وكما تعلم، في اللحظة التي يتوقف فيها تدفق الطاقة، سوف تتوقف السيدة عن التنفس."
إذا لم يتشارك لويد طاقته معها ليخلق التوازن بين اليين واليان في جسديهما، لن يكون بمقدار آريا أن تتحمل البرد الشديد الذي سوف يتراكم بسرعة في جسدها وسوف تموت في النهاية.
لقد كان هذا هو الشرط الثاني.
بدون لويد بجانبها، سوف تكون هذه التعويذة بمثابة مقصلة الإعدام بالنسبة لآريا.
"إذا لم تستخدم الطاقة من الأساس، فلن يحدث شيء. لكن الأعراض تبدأ في لحظة استخدام المرء للطاقة. مهما يحدث، بمجرد أن تبدأ، عليك أن تكمل حتى النهاية."
بغض النظر عما يحدث!
كرر كارلين هذه الوصية عدة مرات وأصر على لويد بحزم.
"إذن ... أتمنى أن تعودا بأمان."
كان كارلين خائفاً من أن يُعيق سحره طريقهما داخل الكهف، لذلك ألغى جميع تعويذات الحماية من البرد التي كانت تحيط بآريا.
انكمشت آريا على نفسها عندما شعرت بالبرد الذي أحاط جسدها فجأة، لكن الأمر انتهى هنا.
لم يكن الوضع مؤلمًا لدرجة أن تتراجع عن دخول الكهف.
"لقد ذهبا حقًا."
تمتم كارلين وهو ينظر إلى ظهري الشخصين اللذين اختفيا في الكهف دون أن يصابا بأذى.
'لكن هذا كان متوقعاً بطريقة ما.'
لقد كانت آريا غير عادية مثل لويد.
لذلك، استطاعت أن تعطي الأمل لعدد لا يحصى من الناس، بمن في ذلك أفراد عائلة الفالنتاين.
'لا أعرف كيف يجب أن أقول هذا، لكن ... أتساءل عما إذا كانت زهرة الجليد هذه إحدى أشكال العناية الإلهية بهما ...'
تجمد كارلين في مكانه للحظة.
لقد كان هناك شيء كان يُصر عليه كارلين بعناد منذ فترة طويلة ...
لقد كان يؤمن إيمان اليقين بأنه إذا حاول المرء تغيير المستقبل، فسوف يتم استبدال القوانين السابقة بقوانين جديدة، وفي النهاية، سيعود العالم حتماً كما كان وقد يؤول إلى نهاية أسوء.
لقد كان يؤمن إيمان اليقين أيضًا بأن كل شخص يملك مصيره الخاص ولا يمكنه تغييره لأن ذلك يتعارض مع القواعد والعناية الإلهية، لذلك لا يستطيع أحد تغيير قدره.
لكن آريا حطمت نظريته هذه وتحدّت قوانين العالم.
لقد نجحت في تغيير كل مصير سيء وقامت بتحويله إلى مستقبل مزهر.
’لكنني أصبحتُ أتساءل الآن عما إذا كان الإله هو الذي كان يقود السيدة الشابة منذ البداية من أجل أن تتخذ مثل هذا الاختيارات وتغيّر القدر ...‘
لا... لا.
لقد كانت هذه فكرة سخيفة للغاية.
هز كارلين رأسه بينما كان يحاول طرد الأفكار التي هاجمت ذهنه بشكل لا نهاية له، ثم انتظر خروج آريا و لويد من الكهف على أحر من الجمر.
***
بالكاد خرج ا
لفارس ذو الشعر الفضي من الدائرة السحرية الكبيرة المنقوشة بالدم على الأرض.
"هل أنتِ راضية الآن؟"
رفعت المرأة الشقراء رأسها بينما كانت تغمغم بشكل منخفض بتراتيل كئيبة وقاتمة.
وبينما كانت تردد تعويذات مجهولة، قالت بعينيها الذهبيتين الجميلتين.
"بالطبع أنا كذلك."
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────