"سيكون عليكما أن تتزوجا قريبا."
جلجلة-!
أسقطت أريا الكتاب الذي كان بين يديها بمجرد أن سمعت كلمات الدوق الأكبر.
'لماذا فجأة؟'
تحدث تريستان: "سيكون حفل زفافك فاخرًا مثل حفل زفاف الامبراطورة".
شدّت أريا حاشية ثوبها وأمالت رأسها متظاهرة بأنها تجهل ما يقول.
بينما كان يلعب بأذني الأرنب، تابع الدوق الأكبر كلامه قائلا: "ألا تحبين حفلات الزفاف الفاخرة؟"
[لكن ماذا عن لويد؟]
"إنه زواج أطفال على أية حال. الزواج هو مجرد وسيلة لوضع لبنة الأساس لك. إذا لم يعجبك ابني، فيمكنكما أن تطلقا بعضكما البعض بمجرد أن تصبحا بالغين ".
بموجب القانون الإمبراطوري، كان من الممكن طلب إلغاء العقد وإعلان الزواج باطلاً بعد وصول الزوجين إلى سن الرشد. وقد تم السماح بالطلاق داخل الإمبراطورية حتى يتمكنوا من منع النبلاء من تزوير سلطتهم ووضعهم الاقتصادي بتهور تحت حجة الزواج.
'ليس هذا ما قصدته. أردت أن أسأل عما يشعر به لويد حيال كل هذا ... '
كانت أريا مضطربة. تساءلت عما إذا كان الدوق الأكبر يتجاهل عمدا رأي لويد ويجبره على زواج مدبر لا يريده حتى.
'إذا كان هذا صحيحًا ، فلن أتمكن من الاقتراب منه أبداً...'
حتى في ذلك الوقت، أفلتت بالكاد من تهديداته.
تساءلت أريا عما إذا كان يريد حقًا قتلها.
هزت رأسها بالنفي، وهي لا تزال تمسك هامش فستانها.
"همم؟ ألا تحبين ابني البكر؟ اذن ماذا عن ابني الثاني؟ إنه في الأكاديمية الآن، لكنه سيعود قريبًا ".
هزت أريا رأسها بعنف أكثر.
لقد أرادت مقابلة لويد فحسب. لم تكن تريد الزواج منه. لكان من الأفضل لها أن تحصل على وظيفة كخادمة على أن تصبح خطيبة شخص ما.
[لا أريد أن أُجبَر على زواج بلا حب.]
لقد كان لويد شخصًا يقظًا، وكان من الصعب الاقتراب منه.
قررت أريا أن تكتب على بطاقتها لإلهاء الدوق الأكبر عن مناقشة موضوع اجبار لويد على زواج مرتب.
[إذا لم أتزوج ، يمكنني دائمًا اللعب مع أبي.]
"همم."
في تلك اللحظة ، غاص الدوق الأكبر في تفكير عميق. يبدو أنه أدرك أخيرًا أن سعيه وراء زواج أريا كان على حساب سعادتها.
اذن، كل ما تبقى هو العثور على مكان يمكن أن تستقر فيه أريا بسلام.
'ليس من السيء أن أحصل على ابنة.'
ابتسم الدوق الأكبر وتساءل عما إذا كان من الأفضل ان يقوم بعملية التبني إذا لم يصبح لدى ابنه أي مشاعر تجاهها في المستقبل.
"سمعت من الطبيب. قال إنك تعانين من صعوبة في الأكل ".
اتسعت عينا آريا.
على الرغم من أن الدوق الأكبر طرح موضوع الزواج أولاً، إلا أن هذا الموضوع هو ما أراد التحدث عنه حقًا.
"لست متأكدًا مما يعنيه عدم قدرة المرء على التعبير عن مشاعره..."
كانت عيناه التي تشبه منتصف الشتاء رمادية مثل الرماد المتبقي من النار. لقد أبرزت كل سمة من سماته المتلألئة مثل النجوم الذائبة في البلاتين*.
"إذا جرحك أي شخص في أي وقت مضى، فسأمزقهم إربا."
'لمَ يقول ذلك؟' فكر دواين وهو يهز رأسه في خيبة أمل.
لكن تريستان لم يتوقف عند هذا الحد.
"إذا كان هناك أي شخص ينظر إليك بتعبير بغيض، فسوف أقتلع عينيه."
"... .."
"إذا تجرأ أحد على لمسك ، فسأقطع معصمه."
"... .."
'يا لتلك الكلمات ... '
كان دواين محبطًا، وغطى كلتا عينيه براحة يده.
لقد احترم سيده أكثر من أي شخص آخر في العالم، لكنه كان رجلاً لا يستطيع أن يحكم جيدًا في بعض الأحيان.
ملاحظاته يمكن أن تجعل الشخص العادي يبكي ، ناهيك عن آنسة صغيرة مثل آريا!
"لذا، إذا كان بإمكانك فتح قلبك، يمكنك البكاء."
"... .."
"لا بأس أن تضحكي وأن تغضبي."
'لقد فات الأوان على قول هذا بعد أن قلت أشياء يمكن أن تجعلها أكثر اضطرابًا عاطفيًا، جلالتك!'
أغلق دواين عينيه بإحكام لأنه لم يجرؤ على رؤية ردة فعل أريا. لكن بدافع الفضول، رفع أطراف أصابعه ببطء. وكما توقع، كانت عينا أريا تنهمر بالدموع.
'انظر إليها. هذا الشيء المسكين يبكي من ... الخوف؟'
كانت تبكي على صدره بلا انقطاع، ويداها تمسكان بسترته. أمسكها في صمت، وهو يهزها ببطء بينما غمرت دموعها صدره.
لقد كانت يائسة.
يائسة مثل طائر مختوم يتمسك بالغرباء في محاولة للبقاء على قيد الحياة. سواء كان ذلك الشخص مجرمًا، قاتلاً أو حتى شيطانًا، فالأمر لا يهم بالنسبة لها.
"……"
لو كانت الامور مثل السابق، لظنّ دواين: 'إنها سيدة ذات شخصية غير مألوفة.'
ومع ذلك، لم يستطع قول ذلك هذه المرة.
مساعد الدوق الأكبر، الذي كان يراقب بقلب غير واثق، انتظر بهدوء حتى تنضب دموع الطفلة.
* * *
[أريد أن أتناول الفطور.]
أمسكت آريا ببطاقتها.
"نعم ، هذه هي شوربة السيدة ..."
[شيء آخر غير الحساء.]
عندها، أصبح فم ديانا فاغراً بسبب الكلمات الصادمة للآنسة الصغيرة.
وسرعان ما غطت فمها بكلتا يديها. لم تستطع إلا أن تشعر بالبهجة لرؤية أريا تريد أن تأكل شيئًا آخر غير الحساء.
"الآنسة الصغيرة. هل لديك شيء معين تريدين أكله؟"
أومأت اريا براسها.
بمجرد أن فتحت عينيها في الصباح، تذكرت بعض الأطباق الآسرة من كتاب الطبخ الذي عرضته ديانا عليها من قبل.
لم تعرف السبب.
لكنها أرادت حقًا أن تأكله.
[بيض مخفوق.]
وبسبب ذلك، كان العمال في المطبخ على عجلة من أمرهم.
هذا لأن الدوق الأكبر ، الذي اكتشف أن آريا لا تأكل جيدًا، قد حذرهم بالفعل أن يقدموا لها أجود أنواع الطعام.
'يجب أن أصنع أفضل بيض مخفوق على وجه الأرض ...!'
الشيف بيكر، الذي فدى روحه في صنع البيض، جاء إلى غرفة أريا بتعبير متوتر.
دفعت خادمات المطبخ العربة إلى الداخل بأيدٍ مرتجفة ووضعوا الطعام على الطاولة.
لقد كانت بيضة مخفوقة.
تمامًا مثل ما طلبته أريا.
'يبدو لذيذاً …'
كانت ناعمة ودسمة مثل الصورة التي رأتها في كتاب الطبخ.
وعلى عكس الصورة، فقد كانت رائحتها شهية للغاية.
بعد أن ترددت للحظة، غرفت القليل من الطعام بملعقة ووضعته في فمها.
الملمس الناعم الذي لفّ طرف اللسان و ذاب في لحظة.
'انه لذيذ. شيء لم أهتم به من قبل.'
كانت تظن أن الأكل عديم الفائدة.
كان الأكل مجرد وسيلة للعيش ... من أجل البقاء.
'هكذا ... اذا فالأمر كان هكذا.'
عضت أريا شفتيها.
هل ذلك بسبب مواساة الدوق الأكبر لها؟
لقد شعرت أنه وأخيرا كل شيء على ما يرام.
عندها ابتلعت أريا اللقمة ثم أخذت قضمة أخرى.
بشكل ما، أرادت أن تبكي مرة أخرى.
التقطت أريا اللقمة التالية ووضعتها في فمها.
حفرت في الطعام الغني، ودكّست خديها حتى امتلأتا أكثر من اللازم.
وقبل أن تعرف ذلك، لم يبق منه شيء.
"هل ناسب ذوق السيدة؟" سأل الشيف بيكر.
وبشكل غريب كفاية، لو أن الإمبراطور هو من قام بتقييم مذاق الطعام بشكل مباشر، فلن يكون متوترًا الى هذه الدرجة.
بعد التفكير لفترة ، ردت أريا.
[إنه طري جدًا ومطاطي.]
لقد بذلت قصارى جهدها لوصف المذاق. كان هذا أفضل ما يمكنها فعله. فهي لم تتذوق أبدًا نكهات طعامها أثناء تناوله.
في ذلك الوقت، قفزت خادمات المطبخ اللواتي كن يحبسن أنفاسهن بصمت كما لو أنه قد أعيد إحيائهن.
"الآنسة الصغيرة، هل تريدين بعض الحلويات؟"
"هناك آيس كريم بنكهة الشوكولاتة !"
"ماذا عن حلوى الماكرون* المميزة الخاصة بالشيف؟"
"ماذا عن التشيزكيك؟"
"هذه كمثرى مغلفة بالعسل."
"والحلويات أيضا ...!"
صرخ الجميع بحماس كبير.
أخذت أريا قطعة حلوى من إحدى الخادمات في المطبخ ووضعتها في فمها.
ملأت رائحة النعناع المنعشة فمها. لقد كانت لذيذة بالفعل.
[شكرا لك.]
أخرجت أريا بطاقة من حقيبتها ورفعتها.
لأنها كانت تستخدمها كثيرًا، فقد كانت حواف البطاقات مهترئة.
"كيف يمكنني رؤية هذه البطاقة أخيرًا ..."
ارتجفت خادمة المطبخ، التي سلمت الحلوى إلى أريا، بتعابير مندهشة، ثم لكمت ذراع الشخص المجاور لها بقبضتيها.
"ما- ماذا تفعلين؟"
كانت الخادمة التي تقف بجانبها مندهشة ومرتبكة.
ومع ذلك، أومأ بقية الخدم برأسهم وربتوا على كتفها كما لو أنهم يفهمون سبب تصرفات خادمة المطبخ الغريبة.
* * *
انتهى الربيع، وجاء الصيف.
بعد انتهاء الفصل الدراسي الأول من الأكاديمية، عاد لويد إلى الدوقية لقضاء إجازته الصيفية.
"هل عدت أيضا؟"
"بكل تأكيد. إنها إجازتي التي طال انتظارها ".
وصلت عربة لويد في نفس الوقت بالضبط مع عربة أخيه غير الشقيق.
فينسنت فالنتاين.
كانت ابتسامته الناعمة على النقيض من نظرة لويد اللامبالية.
"أنت ما تزال كما أنت."
"وأنت لم تتغير أيضا يا أخي."
"سأعتبر ذلك مجاملة."
"هاهاهاها."
ضحك فينسنت وتبع لويد بلهفة من الخلف.
"يبدو أن الخدم مشغولون اليوم."
وصل السيدان في نفس الوقت، لكن بدا وكأن كل شخص في القصر مشغول بشيء ما.
"يبدو أنهم يبنون مبنى جديدًا."
في ذلك الوقت، وقف بجانبهم شخص يُفترض أنه مهندس معماري. رفع لويد رأسه تجاهه والتقت عيناهما.
على الرغم من أنه لم يتفوه بكلمة واحدة، جاءه المهندس المعماري في لمح البصر.
"ه-هل ناديتني؟ صاحب السمو. "
"اعطني اياه."
"هاه؟ أه، أجل!"
فتح الورقة وسلم لويد المخططات. لقد كان مقياسًا ضخمًا، حتى بالنسبة لأولئك الذين لم يكونوا على دراية بالهندسة المعمارية. تساءل عما إذا كان الدوق الأكبر يخطط لبناء قصر آخر.
"هل تبني منتزه ملاهي؟" سأل فينسنت، وهو يراقب الرسومات المعمارية عن كثب.
كان شخصًا موهوبًا درس مع أساتذة الأكاديمية المرموقين. وهكذا كان لديه معرفة متعمقة في جميع المجالات.
"حديقة ملاهي؟"
'في الدوقية الكبرى؟' تساءل لويد.
كان ذلك سخيفًا.
'لماذا قد يبني أي شخص متنزهًا في مكان منعزل لا يستطيع أحد دخوله؟'
"الأمر أشبه بصنع سفينة سياحية فاخرة في الجبال." أضاف فينسنت.
عندها، تحدث المهندس المعماري: "أمرنا جلالته ببناء غرفة ألعاب للآنسة الصغيرة."
"الآنسة الصغيرة؟"
أوقف لويد كلام المهندس المعماري وحدق فيه بعينيه المظلمتين.
"هي لا تزال هنا؟" سأل بنظرة صارمة.
~~~~~~~~~~~
*البلاتين هو عنصر كيميائي ومعدن ثمين لونه رمادي.
*الماكرون هي حلوى فرنسية.