'أنه دافئ.'

كانت أريا تعتقد أن مداعبة رأس شخص ما كان مجرد تصرف بسيط ، لكنه كان مهدئًا بشكل مفاجئ.

'أعتقد أن هذا هو السبب في أن الكلاب استمرت بمضايقة الدوق الأكبر لمداعبتها.'

حدقت آريا في يد ديانا، عيناها ازدادت بريقا مع كل لمسة.

"هل تمانعين إذا داعبتك من وقت لآخر؟" سألت ديانا.

حملت آريا بطاقة [لا.] لها.

لكنها ظلت تنظر إلى يد ديانا بعينين مليئتين بالترقب والأمل، لذا لم تستطع الخادمة إلا أن تضحك على براءتها.

"لماذا كنت تتكئين على النافذة؟"

[الزهور في الخارج جميلة.]

أشارت آريا بريشة في يدها نحو النافذة. كانت الحديقة مزينة بأكاليل من أكثر الأزهار حيويةً.

[أستطيع رؤية الزهور. إنهم يعجبونني.]

اعتاد الكونت كورتز على حبسها في علية القصر. لذلك كل ما كان يمكنها فعله هو التحديق من النافذة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة.

قد يبدو الأمر مملًا ودون فائدة للآخرين، لكن بالنسبة لآريا، كانت الأزهار ترمز إلى أملها في النجاة.

"أنا أرى، اذا فالآنسة الصغيرة تهوى الزهور" قالتها بابتسامة. "حسنًا ، هناك الكثير من النباتات النادرة هنا في القصر ..."

'نباتات نادرة…'

قضت أريا معظم حياتها محبوسة. لذلك عندما سمعت عبارة 'نباتات نادرة'، لم تستطع مقاومة الشعور بالفضول.

نظرت أريا الى ديانا بعيون براقة.

"أوه! إذا استمريت بالتحديق في وجهي بالتماس شديد... "ديانا بالغت في ردة فعلها.

'لقد حدقت بها للتو بعيون الجراء فقط لكنها تبدو وكأنها تعرضت للهجوم.'

"إنها تمطر الآن ، ولكن هل ترغبين في إلقاء نظرة على الحديقة؟"

أومأت آريا بالإيجاب.

"حسنا! سوف ألبسك الملابس التي أحضرتها من المنزل." قالت ديانا بينما تأمر الخادمات بإحضار أمتعة آريا.

أرسلت الأمتعة من طرف منزل كورتز.

"أي من هذه الفساتين اللطيفة ترتدين عادةً؟"

في الواقع جميع الفساتين كانت جديدة تمامًا.

الملابس التي كانت ترتديها آريا عادة ... كانت مجرد خرق بالية.

'لكن لا يمكنني أن أقولها لها هكذا فحسب...'

ترددت للحظة، لكنها قررت الإجابة بصدق.

[لم يسبق لي أن ارتديت أيًا من هذه. اشتراها لي والدي قبل مجيئنا إلى هنا.]

أظلمت تعابير ديانا.

"... عند إلقاء نظرة فاحصة ، هذه الفساتين بشعة!"

'هاه؟ ألم تقل للتو أنهم كانوا لطيفين؟'

"جودة النسيج والتصميم المستخدم ذو جودة رديئة! هذا غير مقبول! يجب ألا ترتدي سيدة من الفالنتاين مثل هذه الأشياء! "

'حقا؟'

جعلت ديانا الأمر يبدو كما لو أن الكونت شخص رخيص يمكنه شراء خرق يدوية فقط لابنته.

"نادي الخادمات الأخريات. سوف نأخذ قياسات الآنسة الصغيرة." وجهت أوامرها.

'ألن نذهب إلى الحديقة فقط؟ لماذا يتعين عليهم أخذ قياساتي؟'

تساءلت أريا عما إذا كان سيبقى لها حتى وقت للخروج ...

"سننهي هذا في غضون ساعة. أحضروا لي فستانًا، وقبعة من الحرير، ومظلة من الدانتيل! "

'هاه ... ربما يكون ذلك ممكنًا.'

وقفت آريا شاردة الذهن، سار كل شيء بسرعة كبيرة لدرجة أنها لم تستطع استيعاب الموقف.

عندها، اجتمعت الخادمات معًا وبدأن في مناقشة الفستان الذي سترتديه.

تحدثت إحدى الخادمات بنبرة جدية للغاية، "وماذا عن هذا الفستان؟ يأتي مقترنا بعباءة، لذلك أعتقد أنه جيد لهذا الطقس، ويمكنها ارتداء هذه الأحذية الطويلة أيضًا ".

كانت الملابس مدهشة. يمكنها أن تهزم حتى تلك التي ترتديها العائلة الإمبراطورية. علاوة على ذلك، كانت بطانات الثوب المفصلة والزخارف في مستوى مختلف تماما.

'الآن أعرف لماذا استهزأوا بفساتين الكونت.'

كان الفرق بين فساتينها وفساتين الفالنتاين مثل الجنة والأرض.

كانت آريا مفتونة بالفساتين الرائعة والجذابة. ولكن أكثر ما أثار إعجابها هو المظلة الزرقاء السماوية ذات الدانتيل الأبيض الرقيق على حوافها.

'رائع. لقد حصلت على هذه المظلة الصغيرة.'

غالبًا ما كانت تتخيل صوت قطرات المطر وهي تضرب المظلة لتهدأ وترخي نفسها.

لم تستطع الانتظار الى أن تستمع إليه في الواقع.

"آه" ، تذكرت ديانا شيئًا ما بينما كانت تنظر إلى آريا. "القناع الذي ترتديه بدا غير مريح ، لذلك صنعت هذا على عجل."

أخرجت ديانا قناعا.

كان القناع مصنوعا من الحرير الناعم، والداخل محشو بالقطن.

'ناعم، لكن ...'

كان له آذان أرنب.

'ماذا بحق الأرض؟'

حدقت أريا في ديانا باحتجاج، لكن ديانا ضحكت فحسب.

”الأرانب ودودون للغاية. بهذه الطريقة، لن تخافي في الليل! " ابتسمت، "لن ترى طفلتنا المزيد من الكوابيس!"

[أنا لست طفلة.]

قطبت آريا وجهها.

"هو-هو! بالطبع ، أنت لست طفلة. الآنسة الصغيرة كبرت بالفعل! كم أني سخيفة حتى ارتكبت مثل هذا الخطأ! "

كانت آريا متوترة.

كانت ديانا أول شخص يعاملها بلطف على الإطلاق.

'إن الأمر مدغدغ.'

كان لدى أريا فراشات في بطنها. لقد أظهرت لها ديانا الكثير من الحب والرعاية. بينما لم تكن معتادة على ذلك، كانت آريا لا تزال ممتنة.

عملت ديانا بجد على القناع ، لذلك لم يكن أمام أريا خيار سوى قبوله.

'الدوق الأكبر أيضا، لم يطلب مني خلع قناعي أبدا.'

لم يطلب منها ذلك ولم يخلعه بالإجبار أيضا. كان من الممكن أن تخدعه آريا وتتقمص كونها ابنة الكونت، لكنه لم يشك فيها ولو قليلاً.

'ربما يحاول اختباري ... معاملة شخص ما بلطف هي إحدى الطرق لتقييم طبيعته الحقيقية.'

آريا بحاجة إلى العودة إلى رشدها. عليها أن تثبت أنها جديرة ويجب أن تكون يقظة قدر الإمكان.

'حسنًا ، لنفعل هذا.'

أدارت أريا ظهرها واستبدلت قناعها بقناع الأرنب الجديد.

بدأت ديانا، لعوبة كما كانت، تلكز خديها وقالت ، "هو-هو! لقد كنت تخفين مثل هذا المظهر الجميل وراء ذاك القناع! "

لقد ارتدت هذا القناع لمدة 10 ثوانٍ فقط.

نفخت أريا خديها وتراجعت وهي تشعر بالإحراج.

"اوه، توقفي عن ذلك! سأصاب بالسكري من شدة حلاوتك! " ضحكت ديانا ضحكة ملتوية.

عندها أعطت أريا كوباً.

بالأمس، لم تستطع أريا شرب الكاكاو لأن القناع كان يغطي فمها.

"إنه يوم بارد، لذا اشربي هذا وتدفئي."

وضعت شفتيها على الكوب، وشعرت بدفء الكاكاو داخل فمها.

".....!"

لقد كان لذيذًا، لم تتذوق أي شيء مثله من قبل.

عادة ما كانت تجعلها الحلويات تشعر بالغثيان.

حتى أنه حدث وتقيأت في أحد المرات بعد أن قضمت قطعة من الشوكولاتة.

لكن هذا كان مختلفًا.

كان له طعم غني يلف لسانها قبل أن يتدفق إلى أسفل حلقها ويسخّن داخلها.

'أنا لا أشعر بالغثيان.'

خفق قلبها.

كان للسحب البيضاء الناعمة 'الشبيهة بالبطيخ' التي طفت على الكاكاو طعم مميز وذابت على الفور في فمها.

شعرت ديانا بسعادة حقيقية وهي تشاهد آريا تستمتع بالكاكاو.

"هل ناسب ذوقك؟"

اعتقدت أريا أنها تفتقر إلى الشهية لأنها كانت دائما ما تتقيأ طعامها ، لكن هذا أعجبها بشكل غير متوقع.

مسحت الكريمة المخفوقة من على شفتها العليا بظهر يدها.

[البطيخ لذيذ.]

"... الآنسة الصغيرة ظريفة للغاية."

'أ-أنا؟ ظريفة؟'

فجأة، رفعت ديانا يدها.

'هل ستداعبني مرة أخرى؟'

تجمدت أريا مثل أرنب متوتر، لكنها في الوقت ذاته، توقعت أن تداعب مرة أخرى.

لكن قبل أن تصل يد ديانا إليها ...

دق-دق!

انفتح الباب، ودخلت خادمة قلقة بشكل عاجل..

"رئيسة الخادمات! لدينا مشكلة!"

* * *

تجولت أريا في الحديقة لوحدها.

"نحن في مشكلة! السيدة في حالة حرجة! "

بسبب التدهور المفاجئ لصحة السيدة، على الفور توجه جميع الخدم، بمن فيهم ديانا ، لمساعدة الدوقة الكبرى.

كل واحد منهم.

"يمكنك الاعتناء بنفسك، أليس كذلك؟ عديني بأنك ستعودين إلى غرفتك بعد النظر إلى الزهور." قالت ديانا بقلق.

أومأت أريا برأسها ودفعت ظهرها برفق، كما لو كانت تقول لها أن تسرع فقط إلى غرفة الدوقة الكبرى.

بعد لحظة، أصبحت السماء مظلمة، وتساقط المطر بغزارة أكثر.

حدقت أريا في القصر، مستمعةً إلى صوت الطقطقة الإيقاعي لقطرات المطر وهي تضرب مظلتها.

كانت قلقة نوعا ما.

'لا ينبغي أن تموت الدوقة الكبرى بعد، ولكن ...'

اعتقدت أريا أن اعتراض موتها يمكن أن يكون الخطوة الأولى في تجنب مذبحة الفالنتاين.

'ديانا قالت أن لويد كان يعتني بوالدته.'

لقد أحب والدته بشدة، وعانى من خسارتها أكثر من أي شخص آخر.

'فقط مثلي…'

دون وعي تمسكت بقلادتها وعادت إلى القصر.

'الطابق العلوي من القصر.'

كانت هناك غرفة واحدة فقط مضاءة.

يمكن رؤية ظلال الخدم في الممرات منتشرة في جميع أنحاء الطابق.

يجب أن تكون هذه غرفة نوم الدوقة الكبرى.

وجدت أريا موقعها.

'لن يكون من السهل الحصول على إذن لدخول غرفة النوم.'

بغض النظر عن مدى إعجاب الدوق الأكبر بها. أريا لا تزال دخيلة. علاوة على ذلك، كان الأمن صارمًا.

كليب-كلوب…

"... ؟!"

'صوت خطوات!'

كانت الخطوات المقتربة تدوس على العشب الرطب، وعندما استدارت لتهرب، كان قد تم القبض عليها بالفعل.

"أنت! ما الذي تفعلينه هنا؟"

"……."

كان لديه صوت عميق.

"أكرر، ماذا تفعلين بالتسلل هنا مثل الجرذ؟"

لقد رأى الصدمة على وجه أريا قبل أن تتمكن حتى من إخفاءها.

قطب حاجبيه.

فجأة، أخرج سيفه ووضعه على رقبة آريا.

رفعت رأسها وحدقت في صاحب الفعل.

"اكشفي عن نيتك."

وقف هناك، مرتديًا زيًا رسميًا حديثا عزز من شخصيته الجليلة، من الواضح أنه صمم من قبل خياطين رائعين.

قطرات الماء بللت شعره الأسود كالفحم. كانت عيناه مظلمة، مثل زوجين من الأجرام السماوية من حجر السبج*، وبدا أن نظرته القاتلة تخترقها.

'لويد كاردينس فالنتين ...'

لقد كان فاتنا، مثل تلك الشخصيات في الروايات الخيالية. كان جماله مذهلاً وسرياليًا**، على عكس أي جمال آخر.

لقد كان مثل أدونيس*** بين باقي الذكور.

'كنت أعلم أنه وسيم ...'

ذكرتها عيناه برماد دخاني يتصاعد من نار متقدة.

كانت حادة، تعكس الشعلة التي تحترق في أعماق قلبه.

'لم يكن بهذا الجنون في البداية.'

آريا لم تحب هذا الوضع. كانت تأمل في الواقع بأن تلتقي شخصا لن يدمن غنائها فحسب.

لكن بشكل غريب ...

'أنا مسرورة إلى حد ما.'

ما كان يحمله لم يكن سيفًا يقطر بالدماء.

كان سيفًا أبيض لامعًا يعكس ضوء القمر ويصلح لشخص نبيل.

بدأت رقبة أريا تؤلمها.

زمجر الولد ، "الفظيها! إلا إذا كنت تريدين أن يتدحرج رأسك في الوحل."

.........

*نوع من الاحجار الكريمة

**السريالية: تعني ما فوق الواقعية أو غير الحقيقي، وهي مذهب فلسفي وفكري وفني نشا في القرن العشرين إبان الحرب العالمية الأولى ويهتم بالأساس حول التفكير خارج الصندوق وكسر الامور الاعتيادية والكلاسيكية. وفي سياق الفصل قصدت الكاتبة أن جماله مختلف عما هو متوارث ولا يبدو أنه خاص بالبشر العاديين.

***أدونيس: أحد الآلهة الإغريقية (اله الخصب والنبات) التي تميز بجماله الأخاذ، وتقول الأسطورة أن أفروديت (إلهة الجمال) أعجبت به ووضعته في صندوق وعهدت به إلى برسفوني (إلهة العالم السفلي) بشرط أن لا تفتح الصندوق، لكن انتابها الفضول ففتحته واعجبت به وفيما بعد اختصمتا عليه مما أدى بهم الى عقد اتفاق أن يبقى مع برسفوني مدة من الزمن والمدة الباقية مع أفروديت، لكن بسبب الغيرة سيموت أدونيس وستهدد أفروديت بالانتحار وترك العالم والعيش في العالم السفلي مع أدونيس، فخافت الآلهة من زوال الجمال من العالم، فقرروا عودة الإله إلى عالم البشر؛ ليقضي النصف الأول من العام معها. وهذا ما يفسر (بالنسبة للإغريق) تعاقب الفصول فعندما يكون في العالم السفلي يأتي الخريف والشتاء وعندما يصعد لعالم البشر يأتي الربيع والصيف.

2022/03/29 · 339 مشاهدة · 1627 كلمة
Khadija SK
نادي الروايات - 2025