حل بينهم صمت شديد.
في تلك اللحظة، توقف الوقت، وكل ما كان بإمكان آريا أن تراه هو لويد ونفسها. كان الأمر كما لو أنهما الشخصان الوحيدان المتبقيان في العالم.
ابتسم قائلا "دعينا نسقط إلى الجحيم معا".
في ذلك اليوم، اجتاحت السحب الأرض. كانت رؤيتها محجوبة بأقل قدر من الضباب.
حدقت في عينيه الرماديتين، لكن الضباب شوّش مجال رؤيتها.
بادلها النظرات، لكن عيناه التي تشبه الأجرام السماوية لم تظهر أي ضوء. كانت جوفاء وفارغة.
بتشتت الضباب، تلاشى وهم أريا أيضا.
'آه.'
لقد كانت مجرد ذكرى.
استطاعت آريا أن ترى أنفاسها تكون سحابة ضبابية صغيرة في الهواء البارد.
'كان ذلك وشيكا.'
كادت أن تتحدث تقريبا.
شششش* ー
لقد عادت إلى الواقع.
الوقت الذي اعتقدت أنه توقف بدأ يتحرك مرة أخرى.
"لا يبدو أنك تفهمين الوضع، أليس كذلك؟"
كانت آريا هادئة، ووجهها صارم.
أظلمت تعابير لويد، وضغط النصل بشكل أعمق على عنقها.
نزف الدم من قفا عنقها.
"……"
كان الأمر مؤلمًا، لكن أريا لم تصدر أي صوت.
كانت معتادة على تحمل الألم وكبح أنينها.
زمجر قائلا، "إذا فالأمر صحيح. لا يمكنك الكلام ".
'هل كان يختبرني؟'
نظرت إليه أريا بتوتر.
لقد شك فيها منذ البداية.
'إنه ذكي. هل اكتشف أمري؟'
تدفقت الأمطار الجليدية الباردة على بشرتها الشاحبة والناعمة.
ضعفت وقفة جسدها تحت ثقل ثوبها المبلل.
'هذا مؤلم…'
ارتخت أصابعها.
أريا أسقطت مظلتها.
توك _
شششش ー
وفي الأخير، تم الكشف عن وجه أريا الذي كانت تخفيه مظلتها.
الان استبدلت تعابير لويد الباردة بتعابير حائرة.
"…أرنب؟"
لقد فاجأه قناع الأرانب.
"أرنب ..." غمغم لويد.
جعد جبهته لمرأى أريا ترتجف تحت سيل المطر الغزير.
"يا أرنب."
"……"
"إذا كنت ستجيبين على سؤالي وتكشفين عن نواياك الحقيقية، فما عليك سوى التحدث بكلماتك وسأقرأ شفتيك."
'النية الحقيقية؟ إذا كان يقصد نيتي الحقيقية ... '
لقد هربت من قفصها فقط لمقابلته.
لقد كانت على استعداد للتضحية بنفسها من أجله.
اذا تطلب الامر فستصبح آريا طوعًا عتبة وثب** لمساعدته -منقذها- في تحقيق أهدافه. لن تمانع حرق نفسها تمامًا فقط للسماح له بالتألق بألمع صوره، مثل شمس الظهيرة الرائعة، حتى أنها ستشعر بالفخر لمجرد إعطائها فرصة.
'أنا ... لا أستطيع أن أقول ذلك.'
تذكرت آريا ذكراها مع ديانا.
شعرت بإحساس جيد حقًا عندما تمت مداعبتها.
لذا ربتت على رأسه.
"……"
حدق بها لويد كما لو كانت مختلة عقليا.
* * *
"يبدو أنك لم تحملي أسلحة من قبل". قال لويد وهو يلمس يدي أريا.
لاحظ أصابعها النحيلة. كانت ناعمة وملساء. ليس لديها أي دشبذ.***
"ألا يجب عليك أن تتعلمي سلاحًا واحدًا على الأقل في عمرك هذا؟"
'سن العاشرة؟'
صدمت أريا.
"لا يوجد سوى العظام في جسدك، أين عضلاتك؟"
'لم على طفلة في سن العاشرة أن يكون لها عضلات؟'
أمالت أريا برأسها.
قبض لويد معصمها وأمسكه لفترة.
بعد ذلك وضع أصابعه على معصمه، ثم عبس.
"إنها معجزة بالنسبة لك أن تكوني حتى على قيد الحياة! أنت سهلة الانكسار ونبضك ضعيف للغاية. عظامك هشة للغاية لدرجة أنها قد تنكسر إذا ضغطت بشدة! "
"……"
"هل كل البشر خارج أراضينا بهذا الضعف؟" توقف لويد عن الكلام للحظة.
"أنت أسوأ من أمي حتى...". تلاشت كلماته.
كان يحدق بها وكأنها حيوان نادر. حيوان لم يره من قبل.
'كنت ضعيفة منذ البداية ... وجسدي ضعف فقط لأنني تعرضت للتعنيف وسوء التغذية.' فكرت أريا بينها وبين نفسها.
وضعت يدها عن غير قصد على رقبتها، وارتجفت من الألم.
امتصت نفسا قاسٍ بينما تصاعد الألم في جسدها.
"……"
أخرج لويد منديل من جيبه وقذفه باتجاه أريا.
بشكل غريزي ، أمسكت أريا بالمنديل الطائر.
"استخدميه وارميه فيما بعد."
بادلت أريا نظراتها بين المنديل ووجه لويد.
ثم ضغطت برفق على جرح عنقها المفتوح.
اقترب منها لويد، التي لم يتحمل مراقبها، وانتزعه من يديها.
"دعيني افعلها."
لقد اعتنى بجرحها بمهارة.
في الحقيقة لم يكن الجرح عميقًا، لكن بدا كما لو أن الدم استمر في التدفق بسبب امتزاجه بمياه الأمطار.
أوقف النزيف في لحظة، لف رقبتها بالمنديل وربطه.
"لماذا ترتدين قناعاً؟"
نقر لويد بإصبعه برفق على قناعها.
مذهولة من تصرفه المفاجئ، فزعت آريا.
"أنت، يا أرنب."
كان قناع الأرنب مبللاً بمياه الأمطار.
'كنت سعيدة لأن القطن كان ناعمًا، لكنه الآن غير مريح'. اعتقدت أريا.
كان مظهرها مضحكًا إلى حد ما وظريفا، لكن لويد احتفظ بوجهٍ جاد.
"هل تم افتراسك من طرف جرذ؟"
أريا ارتعبت من كلماته. لم تكن تعتقد أنها كانت محل شك. كانت حدسه ثاقبا نسبيًا.
الحضيض يعني العالم الإجرامي. لقد استخدم لويد مثل هذه المصطلحات لتقليل وطأة كلماته.
"أولئك الذين تربوا كفريسة لا يقدرون على الكلام أو تقطع ألسنتهم. هذا حتى لا يتمكنوا من فضح أسيادهم ".
تعيش الفرائس وتموت من أجل أسيادها، ويخدمونهم بإخلاص طوال حياتهم. لقد وُلِدوا ليُأكلوا، ولا معنى لهم بدونهم، تمامًا مثل الدمى التي لا حياة لها.
"أتيت إلى هنا بصفتك ابنة الكونت كورتز، لكن اسمك غير مدرج في سجل العائلة. كيف كنت لتثبتي نفسك لو لم نصدقك بالقيمة الاسمية للعائلة؟ " قال لويد بتدقيق.
كما قال، لا تستطع أريا إثبات هويتها.
'علاوة على ذلك، هناك الكثير من المشاكل والحزازات بين الفالنتاين وجرذان الحضيض ،' فكرت آريا متأخرة.
على الرغم من سوء سمعة الفالنتاين، كان لديهم في الأساس العديد من الأعداء.
لذلك، كان من المفهوم لم كانوا حذرين جدًا من ظهور آريا المفاجئ.
"هناك طريقة واحدة فقط لمعرفة ما إذا كان شخص ما فريسة أم لا."
'هل هناك طريقة كهذه؟'
تسللت الفئران وانتشرت في جميع أنحاء الإمبراطورية، وبسبب ذلك، عانى الإمبراطور من صداع شديد في محاولةٍ لتمييزهم عن رعاياه المخلصين.
"قولي سأقتلكم أيها الجرذان ال××××."
"……"
"إذا؟"
"……"
لم تكن أريا قادرة على فهم كيف توصل إلى مثل هذا الاستنتاج.
"كما هو متوقع ، أنت واحدة منهم."
عندما كان لويد على وشك أن يستلّ سيفه مرة أخرى، اسرعت ووضعت يدها فوق يده.
كانت أصابعها ترتجف.
لأول مرة في حياتها حاولت بالفعل أن تشتم.
أغمضت عينيها.
بعد تردد قصير، فتحت شفتيها.
{سأقتلكم أيها ال×××× ...}
كانت تلك أول مرة لها في الشتم.
لم تقل آريا ذلك بصوت عالٍ، لذلك لم تكن متوترة كما كانت تعتقد أنها ستكون.
"... فقط قوليها بشكل مباشر."
{ سأقتلكم أيها الجرذان ال×××.}
"همم."
'هل نجحت؟'
لم تكن تعابير لويد في أفضل حال لها، لكنه خفف من قبضته على مقبض السيف.
تذمر قائلاً: "إذا كنت لا تعملين كفريسة لهم، فابعدي عني يديك".
"……"
"الدفاع عن نفسك هو وسيلة للبقاء على قيد الحياة. لا يوجد مكان في منزل الفالنتاين لطفلة ضعيفة مثلك،" أجابها بينما يبعد يديها عنه.
عندما رحل، تُركت أريا بمفردها في الردهة، وبعد أن اختفى تمامًا عن أنظارها، ابتعدت أيضًا.
فجأة، عندما كانت على وشك الاستدارة في منعطف الردهة، سمعت مجموعة من الهمسات.
"رحل الدوق الأكبر؟" قالت الخادمة بصدمة، متناقلة كل النميمة التي سمعتها بين الخدم الآخرين.
كانوا يهمسون، لكن كان بمقدور آريا أن تسمعهم بوضوح تام.
كان السيرين ضعيفون بشكل عام، لكن حواسهم الخمسة كانت حادة بشكل استثنائي.
الحواس الخمس – البصر والسمع والشم والتذوق واللمس.
كما يولد عرق معين بمواهب فنية، اشتهرت السيرين بحواسها شديدة الحساسية.
'أنا سعيدة لأن لويد لم يكتشف أمري.'
في الواقع، نجت أريا بصعوبة. لقد تفاعلت بشكل غريزي مع صوت آثار أقدام لويد والتفت نحوه.
لحسن الحظ، لا يبدو أنه لاحظ حواسها بسبب مظهرها الضعيف.
'اريا الضعيفة والمغلوب على أمرها ...'
كانت تأمل أن يستمر في تصديق ذلك.
"هل أنت واثقة؟"
"نعم، كلما مرضت، تطرد جميع الخدم."
"سمعت أنها تريد أن تكون بمفردها."
"نعم، حتى الدوق الأكبر وصاحب السمو ليسا استثناء."
قالت الخادمة بحسرة: "سمعت أيضًا أن هناك الكثير من الوفيات اليوم".
"أنا أعرف! تعقب سموه الجواسيس الذين تسللوا إلى الدوقية الكبرى في ذلك اليوم وأسرهم جميعًا! علاوة على ذلك، قام بحبسهم داخل قفص الجاغوار**** ليجعلهم مثالًا "اقشعرت الخادمة.
'يبدو أن الأب والابن، اللذان طردتهما الدوقة الكبرى، كانا يبثان غضبهما على الآخرين.'
لقد فهمت على الفور.
كانت الدوقة الكبرى تقاتل بين الحياة والموت. حتى قد يكون هذا اليوم الأخير لها. إذا لم يستطع أن يكون معها أثناء وفاتها، قد يخرج عن السيطرة حقا.
لكنه كان لا يزال يدور ويقتل الناس. على ما يبدو، لم يكن من نسل زوجي الدوقية الشيطانيين من أجل لا شيء.
'هل تركني أعيش لأني أبدو ضعيفة؟'
شعرت أريا بأنها محظوظة.
ومع ذلك، ما زالت تشعر بألم نابض في رقبتها.
"إنها ليست المرة الأولى التي تسقط فيها السيدة. لقد اجتازت عقبات لا حصر لها. لكن هذه المرة ... "
"كوني حذرة مع كلماتك."
"لكنك تعلمين. إنها المرة الأولى التي تركت فيها السيدة وصية بالفعل ".
صمتت الخادمات. بعد فترة، تمتمت إحداهن بصوت حزين.
"…نعم. تريد أن تدفن تحت شجرة الكرز. لقد كانت تتطلع إلى فصل الربيع ، ولكن ما اتانا هو أيام ممطرة لا نهاية لها بدلاً من ذلك ، لذلك لابد أنها تشعر بخيبة أمل ".
"لقد كانت تتوقع حقًا أن تتفتح أزهار الكرز ..."
”هذا الموسم المطير اللعين. لماذا هاج في الربيع؟ "
"لعنة الله على ذلك. اللعنة على هذا العالم. فقط فليهلكوا بالفعل! "
خوفًا من أولئك الموجودين في قصر الشيطان، بالغت الخادمات بطبيعة الحال، فشتمن الإله ودعوا من أجل هلاك العالم.
بعد فترة ، تلاشت أصواتهم.
'أزهار الكرز.'
في اللحظة التي سمعت فيها أريا ذلك، تذكرت أشجار الكرز التي رأتها أثناء تجولها في الحديقة.
ركضت على الفور إلى هناك.
* * *
لحسن الحظ ، لم يتم تعيين مرافق لأريا.
علاوة على ذلك، لم يهتم أحد بأين وماذا تفعل الآن لأن الدوقة الكبرى كانت على وشك الموت.
'وأيضًا لأن ديانا قالت إنه لا بأس بالإعجاب بالزهور.'
انتظرت حتى وقت متأخر من الليل.
كان الفجر تقريبا.
نظرت أريا إلى السماء ورأسها مائل للخلف، ثم نهضت ببطء من على شجرة الكرز التي كانت تتكئ عليها.
وضعت يدها على شجرة الكرز.
على الرغم من سقوط البتلات بعد المطر، إلا أنها كانت لا تزال شجرة ضخمة.
كبيرة بما يكفي لمشاهدتها من غرفة نوم الدوقة الكبرى.
'أغنية الحياة.'
حصلت على فرصة أخيرًا لغنائها مرة أخرى بعد وقت طويل.
أغلقت أريا عينيها.
ثم خرج لحن عذب من شفتيها.
……….
*مؤثر صوتي لصوت المطر.
**أي مجرد أداة داعمة تستعمل وترمى للوصول الى هدف ما، ويستخدم هذا المصطلح في الألعاب الأولمبية في القفز على العصي حيث أن عتبة الوثب تكون هي تلك الأرضية التي تدعم العصى ليرتفع الشخص في الهواء.
***الدشبذ هو عبارة عن تكتلات قاسية وخشنة من الجلد تكون غالبًا صفراء اللون، وليس له حافة محدّدة بشكل جيّد، وينتج بسبب الاحتكاك القوي للجلد مع أداة ما قاسية (مثل السيف، الحجر، القيام بالأعمال المنزلية المجهدة ورفع الأشياء الثقيلة....) ومن الشائع ظهوره في القدمين واليدين، وهذا التسمّك في الجلد لا يكون مؤلما ودوره حماية المنطقة من العوامل الخارجية.
****اليغور باللغة العربية (الجاغوار ) وهو أكبر السنوريات في القارتين الأمريكيتين، تكيّف للعيش في الغابات وذلك لسهولة التخفي بين الظلال، من ضمن الأنواع القريبة من خطر الانقراض وهو يشبه النمور في الشكل الا أنه أكبر حجمًا وأكثر امتلاءً وأقل رشاقةً من النمر. وقد ظهر في المانهوا في الفصل 20.