2 - لقاء الأساطير (2) الجزء الثاني
لقاء الأساطير (2) الجزء الثاني

كانت يدا (قونغ سون مياو) المعروف بـ(سارق الظلام)، بكل تأكيد، ليستا على الطاولة .
فنادرا جدا ما لا تكونا مخفيتين تحت أكمام ردائه، كونه يشعر بالاشمئزاز من السماح للآخرين برؤيتهما، خصوصا يده اليمنى .
كان صوت (سارق الظلام) خافتا. كان يبدو مثل أي شخص عادي، يرتدي ملابس بسيطة .
كان هذا عن قصد، فهو لا يريد جذب الانتباه .
لكن الشخص الجالس أمامه، كان عكس ذلك تماما؛ فقد جذب الكثير من الاهتمام .
الملابس التي كان يرتديها من أفخم الأنواع، يبدو واضحا أنها صممت خصيصا من أجله. والخاتم الذي يزين أصبعه، كان يبدو أنه ثمنه لا يقل عن ألف قطعة من الفضة، صنع من يشم هان الإمبراطوري. كما أن القبعة على رأسه تزينها حبات اللؤلؤ

ليس فقط لباسه الذي جذب الاهتمام. فقد كان نحيفا للغاية، برأس صغير وأنف كبير معقوفة، على غير المعتاد. لذلك كان يطلق عليه رفقاؤه "الأنف الكبير هو"، في حين يلقبه الآخرون "الكلب الكبير الأنف ".
في الواقع، كان أنفه يشبه إلى حد كبير أنف الكلب، قادرة على صيد روائح لأشياء، لا يمكن لشخص عادي تمييزها .
هذه المرة، التقطت أنفه رائحة شيء من النادر حدوثه في العالم. إنها رائحة لؤلؤة متوهجة لا تقدر بثمن .
كان صوته يبدو كأنه همسا، وكادت شفتاه تلامس أذن (سارق الظلام) وهو يقول له - "لم تر هذه اللؤلؤة المتوهجة، لذلك لا يمكنكَ تخيل كم هي رائعة ". " عندما يخيم الظلام، فإنها لا تتلألأ فحسب، بل تضيء بلمعان شديد! وإذا كانت معك في غرفة مظلمة، فإنك حتى لا تحتاج إلى مصباح ".
قاطعه (سارق الظلام) ببرود: "أنا لا أقرأ". "وإذا قررت ذلك، فأفضل استخدام مصباح الزيت أو الشموع، فهي ليست مكلفة ".

ارتسمت على وجه (الأنف الكبير هو) تعابير المرارة وهو يقول، "لكن إذا لم احصل على هذه اللؤلؤة، سوف أموت ".
- هذه مشكلتك، إذا كنت تريدها، اذهب واحصل عليها بنفسك .

قال (الأنف الكبير هو) متحسرا: "تعرف أنه لا يمكنني الحصول عليها، فاللؤلؤة مخبأة داخل حصن منيع، فقط أنت من يمكنه التسلل إليه"، "والخزانة الحديدية المحفوظة بداخلها، فقط أنت من يمكنه فتحها ـ لا أحد سواك في هذا العالم يمكنه جلبها ".

- لا أحد آخر؟

- بقينا أصدقاء لثلاثين عاما، صحيح؟
- صحيح .

- هل أنت حقا ترغب في رؤيتي قتيلا ملقى على جانب الطريق؟

- بالطبع لا .
- إذا، ستساعدني بالتأكيد على سرقة اللؤلؤة .

ظل (سارق الظلام) صامتا لفترة من الوقت، قبل أن يخرج فجأة يده اليمنى من تحت كُمّ ردائه، قائلا "هل رأيت هذه اليد من قبل؟ "

كان هناك أصبعين فقط في يده. أصابع الخنصر والبنصر والوسطى جميعها مقطوعة .
قال (سارق الظلام)، "هل تعرف من قطع إصبعي الخنصر؟ "
هز (الأنف الكبير هو) رأسه بالنفي .

أكمل (سارق الظلام) كلامه: "قبل ثلاث سنوات، وقفت أمام والداي وزوجتي وقطعت أصبعي، كقسم بعدم السرقة أبدا مرة أخرى ".

نظر (الأنف الكبير هو) إليه ولم يقاطعه .
- لكن، في أحد الأيام، وقع نظري على ثمانية خيول بديعة منحوتة من اليشم الأبيض. بدأت يدي تحكني، ولم تساعد تلك الليلة في منعي عن سرقة الخيول الثمانية اليشمية البيضاء .
- نعم، لقد رأيت تلك الخيول من قبل .

تابع (سارق الظلام): "والداي وزوجتي رأوها كذلك. لم يقولوا كلمة واحدة"، "وفي اليوم التالي بدأوا حزم جميع أغراضهم استعدادا للرحيل". "قالوا إنهم سيهجروني إلى الأبد ".

- لحملهم على العودة، قطعت أصبعك البنصر؟
هز (سارق الظلام) رأسه موافقا، وقال "في تلك اللحظة، قررت عازما عدم السرقة ثانيا. لكن ....."
بعد عامين من ذلك، سرق مرة أخرى .

ذلك الوقت، ما سرقه كان تميمة حظ كبيرة لحبة ملفوف منحوتة على قطعة واحدة من اليشم الأبيض. وبعد رؤيتها، أخذ يفكر في الأمر ليلا ونهارا، وفارقه النوم عدة أيام. وفي نهاية المطاف، لم يتمكن من المقاومة أكثر. لقد سرق تلك التحفة .

قال (سارق الظلام) بمرارة، "السرقة نوع من الأمراض، وعلاجه أكثر رعبا من علاج الجدري ".

صب (الأنف الكبير هو) بعض النبيذ في كوب (سارق الظلام ).

ابتسم (سارق الظلام) مكملا حديثه: "حالة والدتي الصحية لم تكن جيدة، وعندما تأكدت أن مرضي القديم قد عاود ظهوره، أصبحت مستاء جدا لدرجة أنها فارقت الحياة، وزوجتي كانت غاضبة جدا لدرجة أنها قضمت أصبعي الأوسط بأسنانها بعضة واحدة، وابتلعته كله بدمائه ".
قال (الأنف الكبير هو): "لهذا السبب لا تمتلك سوى أصبعين فقط في يدك ".

أطلق (سارق الظلام) تنهيدة طويلة وأعاد ببطء يده لتختفي مجددا تحت كُمّ ردائه .
حاول (الأنف الكبير هو) اشعال حماسته: "لكن، رغم أنك لا تملك سوى أصبعين في يدك، فإنها لا تزال الأكثر مهارة في العالم من دون الأيادي الكاملة بخمسة أصابع". "إذا لم تستخدمها مجددا، ألن يكون هذا عار كبير؟ "
- ظللنا أصدقاء لثلاثين عاما، وقد أنقذت حياتي من قبل. لكنني أعرف كذلك أنك مدين بمبلغ كبير لشخص ما، وقد طالبك الدائن باللؤلؤ لسداد الديون. إنه يعلم أنك سوف تأتي لطلب مساعدتي. لقد أخبرك إنه إذا لم تأتيه باللؤلؤ، سوف تفقد حياتك .
تابع (سارق الظلام) متنهدا: "أعرف كل هذه الأشياء، ولكن ما زلت لا أستطيع مساعدتك ".
- حسمت أمرك حقا هذه المرة، أليس كذلك؟
- أي شيء آخر غير السرقة. يمكنني فعل أي شيء من أجلك .
وقف (الأنف الكبير هو) فجأة، وقال: "حسنا، دعنا نذهب ".
- نذهب إلى أين؟

***************

بنبرة هادئة قال (الأنف الكبير هو): "أنا لن أطلب منك أن تسرقها. ولكن، ليس هناك ضرر في مجرد الذهاب لإلقاء نظرة، أليس كذلك؟ "
كان ارتفاع السور خمسين قدما، وسمكه نحو خمسة أقدام، ومغطى من أعلاه بنباتات مزهرة .
عدد قليل جدا من الناس يمكنهم تجاوز هذا الجدار، ولكن بالنسبة إلى (سارق الظلام) فإنه أمر غاية في السهولة .
تساءل (الأنف الكبير هو) في مكر: "أيمكنك حقا تسلقه؟ "
أجاب (سارق الظلام) بهدوء وثبات: "وحتى لو كان بارتفاع عشرين قدما إضافية، فلا توجد أدنى مشكلة ".
- اللؤلؤة محفوظة داخل غرفة يطلق عليها "المكتبة الحديدية". بخلاف حراس البوابة، لا يوجد أحد آخر في داخلها. حيث يفترض أن لا أحد يمكنه تجاوز هذه السور .
- هل جدرانها حقا مصنوعة من الحديد .
أومأ (الأنف الكبير هو): "هناك نوافذ في الجدار، لكنها ليست سوى بعرض قدم واحد وطول تسع بوصات". "في الغالب، لا يمكنك إلا إدخال رأسك ".
ضحك (سارق الظلام) بثقة: "إنها كبيرة بما فيه الكفاية بالنسبة لي ".
رغم كل شيء، كانت مهارة مرونة تحريك العظام، واحدة من فنون الدفاع عن النفس المندثرة من زمن بعيد .
- بعدما تصبح في الداخل، سيزال أمامك فتح الخزانة الحديد قبل أن تتمكن من الحصول على اللؤلؤة المتوهجة. يقال أن قفل الخزانة مصمم بفكرة تانغرام (2) ، والمفتاح الوحيد يحفظه أمين الدار، ولا أحد يعرف أين يخفي المفتاح في كل يوم .

قاطعه (سارق الظلام) بهدوء الخبير: "ليس لأن المفتاح مصمم بفكرة التانغرام، لا يعني أنه لا يمكن فتحه ".
- تقصد أنك فتحت هذا النوع من الأقفال من قبل؟
- لا، لكن ليس هناك قفل في العالم لا أستطيع فتحه، هذا ما أعرفه .
نظر (الأنف الكبير هو) إليه وضحك بخبث .
فسأله (سارق الظلام) وقد ارتسمت على وجهه علامات الغضب: "أنت لا تصدقني؟ "
- أصدق، حقا أصدقك. أعتقد أننا بحاجة إلى الذهاب من هنا .
- لماذا نحتاج إلى الذهاب؟

يبدو وكأن (سارق الظلام) لا يرغب في مغادرة المكان .
تنهد (الأنف الكبير هو): "لأنه إذا جاءتك الحماسة، فستذهب بالتأكيد لسرقة اللؤلؤ، وإذا لم تتمكن من دخول الغرفة، أو عدم فتح القفل، فعندها ستخرج خالي الوفاض، وسيكون هذا احراجا كبيرا، وسيكون هذا خطأي ".
ضحك (سارق الظلام) ببرود: "محاولة استدراجي لفعلها لن تنجح، أنا لا أسقط ضحية لهذه الأنواع من الحيل ".
هز (الأنف الكبير هو) رأسه نافيا: "أنا لا أسعى إلى استدراجك، أنا أحاول فقط حملك على الرحيل ".
ضحك (سارق الظلام): "بالطبع سوف أغادر، فأنا لن أقف في هذا الزقاق المظلم طوال الليل؟ "
استمرار في الضحك ببرود، وسار بضع خطوات إلى الأمام، ثم توقفت فجأة، وقال: "انتظرني هنا، سأعود قبل مرور ساعة على الأكثر ".
لم تكد الكلمات تخرج من فمه، حتى كان جسمه معلقا في الهواء على ارتفاع عشرين قدما على جانب السور .
تسلق مثل برص الحوائط، وبلغ قمة السور في لحظة بسرعة خاطفة، ثم اختفى .
ارتسمت على وجه (الأنف الكبير هو) ابتسامة خبيثة .
فالأصدقاء القدامى يعرفون دائما نقاط ضعف أصدقائهم القدامى .
رغم شعوره بالرضا عن نفسه، لكن لا يزال من الصعب عليه الانتظار .
فقد بدأ للتو الشعور بالقلق عندما ظهر فجأة من أعلى السور خيال جسم بشري. لقد كان (سارق الظلام) الذي قفز ليستقر أمامه .
سأل (الأنف الكبير هو) بحماسة ممزوج بعصبية: "هل حصلت عليها؟ "
لم ينطق (سارق الظلام) بكلمة. وبدلا من ذلك أمسك بذراع (الأنف الكبير هو) وأجبره على الركض .
دخلا في العديد من المنعطفات الضيقة قبل أن يتوقفا في ظلمة زقاق صغير .
أطلق (الأنف الكبير هو) تنهيدة عميقة، وقال "كنت أعلم أنك لن تتمكن من الحصول عليها ".
حدق (سارق الظلام) بغضب، ثم فجأة فتح فمه .
لم يكن ليستطيع أن يخرج كلمة واحدة من فمه الذي ملأته لؤلؤة كبيرة جدا. لؤلؤة متوهجة متلألئة .
كان ضوءها هادئا مثل ضوء القمر، ومتلألأ مثل النجوم. أضاءت الزقاق بالكامل مع شدة سطوعها .
مسح (الأنف الكبير هو) بيديه على وجهه من التشويق. وفي نفس اللحظة التقط اللؤلؤة ودسها في ثوبه .
رغم أنها مخبأة في ردائه، إلا أن إشعاعها كان ما يزال مرئي على وجهيهما .
فجأة، سمعا صوت ضحكات شخص في هذا الظلام الحالك .
- رائع، يد (سارق الظلام) هي حقا الأفضل، لا مثيل لها .
خرج شخص من ركن مظلم. كان يبدو شخصا عاديا، رجل في منتصف العمر، مرتسمة على وجهه ابتسامة المنتصر .
عندما رآه (الأنف الكبير هو) تغيرت ملامحه، وتقدم خطوات إلى الأمام، قابضا على اللؤلؤة بين يديه .
قال وكأن غصة في حلقه: "ما طلبته بين يدي بالفعل، هل يمكن اعتبار أن ديني قد قضي؟ "
يبدو واضحا أن هذا الدائن الغريب الأطوار، لم يكن حريصا على تحصيل دينه. فهو حتى لم يقلق ولو نظرة سريعة على اللؤلؤ المتوهجة .
يمكن أن يكون ما يريده ليس اللؤلؤة، بعد كل شيء؟
ماذا يريد؟
قال بتواضع واضح وهو يبتسم إلى (سارق الظلام): أنا (وو بو كه)، الدين كان طريقي الوحيد للحصول على فرصة لرؤية يد السيد (سارق الظلام) الماهرة في العمل. في الواقع، الدين مسألة تافهة، أنا لا أريده ولا حاجة لي به .
خفض (سارق الظلام) رأسه: "إذن، ماذا تريد بالضبط؟ "
قال (وو بو كه): "أُرسلت خصيصا إلى هنا، لدعوتكم للقاء شخص ما ".
- لسوء الحظ، ليس لدي أي رغبة في رؤية أي شخص. أنا خجول جدا .
ضحك (وو بو كه): لا أحد من ضيوف الأمير (لونغ وو)، يحتاجون للشعور بالخجل. إنه لم يجبر أحدا على فعل أي شيء صعب، ولم يقل شيئا يسبب الحرج لأي شخص .
في تلك الأثناء، كان (سارق الظلام) قد بدأ السير مبتعدا .
توقف مديرا رأسه للخلف، الأمير (لونغوو ).

*******

مد شي تشونغ (صاحب اليد الحجرية) يده والتقط قبضة كبيرة من السوداني .

فالنسبة لقبضة رجل عادي يمكنها أن تلتقط ثلاثين حبة على الأكثر في المرة الواحدة ، أما (اليد الحجرية) فكان يمكنه أن يلتقط ما يزيد عن سبعين حبة .

فهو صاحب يد ضخمة مرعبة، أكبر بثلاث مرات من يد الشخص العادي .

كانت هناك لافتة معلقة على عربة بيع الفول السوداني مكتوب عليها "الفول السوداني اللذيذ ـ قطعتا نقود للقبضة الواحدة ".

نظر إلى اللافتة وباستهتار شديد ألقى ثلاثين قطعة معدنية على العربة، ثم ألتقط بيده الكبيرة خمسة عشر حفنة من السوادني حتى أفرغ العربة تماما .

بكت الفتاة بائعة السوداني بحرقة .

ضحك (اليد الحجرية) وألقى بالسوداني على الأرض ثم دهسه بقدميه . فلم يكن أبدا يحب السوداني، ولكنه كان ينتهز أية فرصة كي يجعل الأخرين يبتألمون .

كان على استعداد دائم لحرق قلوب الأخرين، وتعكير صفو حياتهم. فما كان ليترك أحدا يعيش في سلام أبدا .

على قمة أحد الجبال القريبة في "المعبد الغامض"، كان هناك مرجل برونزي ضخم (* إناء ضخم لحرق البخور في المعابد البوذية). يقال إنه يزن آلاف الكيلوجرامات، ولا يستطيع عشرات الرجال الأشداء زحزحته من مكانه .

في أحد الصباحات، تفاجأ الجميع بوجود المرجل البرونزي العملاق في وسط الشارع .

وبالطبع لم يكن المرجل ليتحرك من تلقاء نفسه . فإذا كان في هذا العالم من يستطيع تحريك هذا المرجل فيسكون بالطبع (اليد الحجرية ).

لذا هرع الجميع يبحثون عنه في كل مكان .

تعطلت الحياة والأعمال بسبب هذا المرجل الضخم الذي كان يعيق الطريق أمام المارة والخيول والعربات .

ذهب الناس إلى (اليد الحجرية) يتوسلون إليه أن يزيح المرجل البرونزي عن الطريق .

لكنه تجالهم .

فقط بعد أن بكى الجميع أمامه، كبيرهم وصغيرهم، وأخذوا في النحيب والتوسل إليه، أطلق ضحكة عالية وخرج إلى الشارع. وضع يده الضخمة على مقبض المرجل، ثم ثبّت قدميه، وأخذ نفسا عميقا، ثم أطلق صيحته: "هياااااااااااا ".

ارتفع المرجل في الهواء مثل ريشة خفيفة .

وفي نفس اللحظة، انطلق صوتا من وسط صخب المتفرجين يقول "اليد الحجرية! الأمير (لونغ وو) يرغب في لقائك ".

تسمّر (اليد الحجرية) مكانه للحظات قليلة، ثم القى بالمرجل على الأرض، والتفت لصاحب هذا الصوت، ثم سار عشر خطوات سريعة ناحيته وهو ينظر حوله كأنه يبحث عن شيء ما مخبأ وراء الحوانيت، وقال له باضطراب: "حسنا، أين هو؟ "
- سيكون في مطعم العطر السماوي بمدينة هانغتشو، في اليوم الخامس عشر من الشهر السابع .

********

في اليوم المنتظر؛ الـ15 من الشهر السابع، كان القمر بدرا .

في مطعم العطر السماوي بمدينة هانغتشو، كان كل شيء يسير كالمعتاد. وكان وقت ازدحام رواد المكان للعشاء قد أوشك. لكن اليوم كان المطعم ممتلئا عن آخره، ولم يكن فيه مكان لموضع قدم .

كان هناك شيئا غريبا في ذلك اليوم، فقد كان جميع رواد المكان من الغرباء، وقد مُنع الزبائن المعتادون من الدخول .

حتى أشهر معلمي الكونغفو في المدينة (المعلم ماه) لم يسمح له بالدخول .

تغير لون وجه المعلم (ماه) وتوهج بحمرة الغضب، وأوشك على أن ينفذ صبره، وكان الجميع يعلم أنه إذا فقد صبره فستكون العواقب غير محمودة .

توجه صاحب المطعم بسرعة إلى المعلم، وانحنى أمامه في إجلال عاقدا يديه أمام صدره. وردد الكثير من عبارات الاعتذار والأسف، ثم وعد أنه سيرسل إلى بيت المعلم وجبة مجانية كاملة من أشهى أطباق المطعم، مصحوبة بخمسين من السلطعون الطازج. قالها بصوت ضعيف وهو يقترب من المعلم .

قطّب المعلم (ماه) جبينه، وبدون أن يتفوه بكلمه، لف جسده ورحل، ثم تبعته مريدوه .

لم يلبث صاحب المطعم أن يزفر ارتياحا، حتى أقدمت مجموعة أخرى، ولكنها كانت أشد خطورة من (المعلم ماه). كان هذه المرة "تشانغ فانغ جانغ" الملقب بـ(السيف الذهبي)، القائد الأعلى لأشهر جماعة مسلحة في مدينة هانتشو، وبصحبته مجموعة من الجنود المدججين بالسلاح، بملابسهم الملونة المزركشة، ممتطين جيادا قوية .

لم يكن (السيف الذهبي) في تواضع (المعلم ماه)، وجه كلامه لصاحب المطعم: "الحل بسيط، إن لم يكن هناك طاولة فارغة، فلتجعل بعضهم يرحلون ".

أشاح بيده في وجه صاحب المطعم، مستعدا لصعود الدرج .

في تلك اللحظة ظهر بعض الشباب اليافعين، وسدوا الطريق على (السيف الذهبي). كانوا شبابا مليحي الوجوه، يرتدون جوارب بيضاء طويلة. وكانت شعورهم طويلة جدا، فاحمة بلون الليل، لم يعتمروا أي نوع من القبعات، على عكس ما كان سائدا في ذلك الوقت، وقد لفّت خصورهم بأحزمة فضية رفيعة لامعة .

اندهش الجميع من جرأة هؤلاء الشباب الصغير على محاولة سد الطريق أمام الفرقة المسلحة ذائعة الصيت، وفي خفة شديدة قفز سون بينغ (الرجل الفولاذي) أمام الجميع، وأشار اليهم بسيفه قائلا: "اتريدون أن تموتوا الليلة؟ "

ابتسم بهدوء أحد هؤلاء الشباب، وكان يرتدي معطفا أخضر: "لا، لا نريد أن نموت ".

أجاب (الرجل الفولاذي): "إذا كنت تريد أن تبقى حيا، فلتفسح الطريق لهؤلاء المقاتلين ".

- أسف، لا يمكنهم الدخول .

- أتعرف من يكونوا هؤلاء .

- لا، لا أعلم. ما أعلمه تماما أن اليوم لا يهم إذا كنت مقاتل عظيم، أو مقاتل متوسط المواهب، أو حتى مبتدئ، من الأفضل لك أن ترحل على أية حال .

استشاط (الرجل الفولاذي) غضبا وقال بحسم: "ماذا ستفعل إذا أراد المحاربون دخول المطعم؟ "

أجاب الشاب بهدوء: "الأمر بسيط، إذا خطوا خطوة واحدة أخرى ناحية الدرج، فسيكون هؤلاء المحاربين الجبابرة في عداد الأموات "

ما إن سمع ذلك حتى قفز (الرجل الفولاذي) في الهواء ملوحا بقبضته الجبارة التي ما كانت أن تخطئ هدفها يوما .

كانت قبضته فولاذية بالفعل، يكملها أصابع مسطحة. كان أسلوبه القتالي مميز، وحركات يديه سريعة بصورة خارقة .
فمجرد تحريك يده يمينا ويسارا، كانت تتكون دوامات حادة وقوية .

ابتسم الشاب ذو الرداء الأخضر، وفجأة مد يده للأمام، وبدون أدنى مجهود قبض على معصم (الرجل الفولاذي ).

عرف (الرجل الفولاذي) بأنه محاربا مخضرما، فقد التحق بالجماعة المسلحة في سن السابعة عشرة، وارتقى في الدرجات بمرور الوقت، وبعد انتصرات متتالية في مئات الصراعات .

لم يكن غبيا، كانت ضربته الأولى في العادة تمويها كي يوجه ضربته الدامية. فقد غيّر وضع جسده بخفة لا يظهرها سنه، ثم وجه يده الحرة إلى معدة الشاب. كانت هذه عادته في القتل. فلم يكن يتردد حينما يتعلق الأمر بقتل الآخرين .

ولكن حركة الشاب كانت أسرع منه بكثير، حيث وصل أصبعيه أولا إلى عنق (الرجل الفولاذي ). انغرس أصبعيه في حلقه مثل خنجرين .

انتفخت عينا (الرجل الفولاذي)، وتشنجت عضلاته، وبدأ يفقد السيطرة على جسده تماما، وأخذت دموعه تنهمر بعد أن غطى العرق وجهه، وسال لعابه ومخاطه .

لم يطلق ولا حتى صرخة واحدة، فقط سقط على الأرض صريعا في صمت .

سحب الشاب ذو الرداء الأخضر منديلا ناصع البياض مثل الثلج من جيبه، ومسح بقع الدم من على أصبعيه برفق، دون أن ينظر إلى جثة (الرجل الفولاذي) الممدة على الأرض .

حدّق جميع الواقفين إلى بعضهم وإلى الجثة الهامدة في ذهول، وأوشكوا على التقيؤ .

جميعهم قتل أرواحا من قبل، ولكنهم رغم ذلك لم يشاهدوا مثل بشاعة هذا المنظر. فبدأ بعضهم في التقيؤ بالفعل .

سأل الشاب بلا مبالاة وهو يعيد منديله إلى جيبه: "أمازلتم لم تغادروا؟ "

كان أسلوب هذا الشاب في القتال يبث الرعب في نفوسهم، ولكن إن رحلوا الآن فكيف لهم أن يرفعوا رؤوسهم مرة أخرى بين أقرانهم في عالم جيانغ هوو **(مجتمع العصابات والخارجين عن القانون ).

فهل سيستمرون في القتال؟
************

في هذه اللحظة، طار أثنان من الرجال المسلحين، في محاولة للهجوم على الشاب .

لحسن حظهما، منعهم قائدهما (السيف الذهبي) عن التقدم. فلولا هذا، كان من الممكن أن تصبح نهايتهما بمجرد أن يلمسوا درجات السلم، كما حذر الشاب من قبل .

لاحظ القائد أمرا شديد الغرابة .

فرغم أن المطعم قد امتلأ عن آخره بالغرباء، لكنهم جميعا اشتركوا في أمر واحد .
جميعهم لم يرتدوا قبعات، وشعر الجميع معقوف برباط رفيع فضى اللون .

شيء آخر، فبرغم المعركة التي دارت منذ قليل، وخلفت الكثير من الدماء على الدرج، لكن لم يلتفت أي من كان في داخل المطعم .

شعر القائد بأمر مريب، لذا سأل الشاب ذي الرداء الأخضر، بصوت خفيض، وقد بدا واضحا أنه يحاول السيطرة على خوفه: "يا صديقي، ماهو اسمك الكريم؟ من أين جئت؟ "

- هذا ليس من شأنك، من الأفضل لك أن تعرف أمرا واحدا .

- وما هو هذا الأمر؟

- أن قادة المدارس السبعة لفنون القتال، ومعلمي الطوائف الخمسة العظمى للكونغفو، جميعهم في الخارج لا يجرأ أحدهم على أن يدخل إلى هنا، لأنهم يعلمون أنها ستكون نهايتهم إذا فكروا في ذلك .

بخوف شديد قال (السيف الذهبي): "لماذا؟ "
رد الشاب: "لأن هناك شخصا في الداخل ينتظر ضيوفه، وهذا الشخص لا يريد أن يرى أحدا سوى ضيوفه الثلاثة ".

سأل (السيف الذهبي): "من هذا الشخص؟ "

- لم أتوقع أن تسأل هذا السؤال، أعتقد أنه يمكنك معرفة الإجابة بنفسك .

شحب وجه (السيف الذهبي): "لا تقل لي أنه، .........؟

- نعم، إنه هو .

التفت القائد مسرعا، ثم لف جسده وخرج مهرولا، وتبعته قواته المدججة بالسلاح .

حينما كان الجميع يغادر المكان، سأل أحد الجنود القائد (السيف الذهبي)، بصوت كاد يكون هامسا: "من هذا الذي تحدثتا عنه؟ "

لم يجبه (السيف الذهبي) في البداية. بعد برهة، أطلق تنهيدة طويلة: "هو من يعيش في السماء بين السحاب، هو أعظم أبطال هذا العالم ".

****************

كان يجلس في الطابق العلوي من المطعم، في غرفة فخمة، على مقعد واسع وثير .

و وجهه الأبيض شديد الشحوب، بدا جسده الضعيف منهكا، وعيناه تحملان هموما لا يمكن وصفها .

لم يكن فقط منهكا ، بل كان من الواضح أنه قد أصابه مرض عضال. فبالرغم من حرارة الصيف في ذلك اليوم، إلا أن مقعده كان مغطى بطبقة سميكة من جلد فهد، وساقية ملفوفتان بغطاء فارسي سميك . لم يكن واضحا من أي مادة صنع هذا الغطاء، ولكنه كان يلمع بضوء فضي باهر . .

لكن هو لم يبدو عليه أي مظهر من مظاهر الحياة أو البهجة، فكان مثل مريض مقعد قد سئم الحياة وما فيها، وفقد الأمل وكفر بالحياة .

كان واقفا وراءه رجل ذو وجه أحمر متورد، وشعر فضي مسدل. رغم تقدمه في العمر، إلا أنه بدا في قوة وصلابة الآلهة . كما كان جسده العجوز تشع منه طاقة نمر جسور. وكانت عيناه تلمع بذكاء حاد ينفذ إلى روح من ينظر إليه، لذلك لم يجرؤ أحد على النظر مباشرة لعينيه .

رغم ذلك، كان في شدة التأدب والاحترام في معاملته للشاب المريض الجالس أمامه . فإذا رأيت إلى أي مدى ينصاع لهذا الشاب لن تصدق أن هذا الرجل هو من كان يرتعب الجميع من مجرد سماع اسمه ، وكان ذو شأن وسط ( الجيانج هو) و أبطال فنون القتال، فقد خاض معارك دامية بطول البلاد وعرضها ، دون هزيمة واحدة ، حتى أصبح أعظم أبطال فنون القتال في العالم ، هذا هو لان تيان مينج الملقب بـ ( الملك الأسد )).

كان في الغرفة رجلا أخر، يرتدي معطفا أخضر، وجوارب بيضاء ضيقة ، وقد خلا وجهه الصارم من أي تعبيرات. وكان رجلا أخر في منتصف العمر يحضر الشاي للشاب المريض الجالس في هدوء .

كانت حركاته بطيئة ودقيقة ، كأنه يخشى أن يرتكب خطأ. كان الشاي شديد السخونة ، فسكبه الرجل في الكوب ثم ارتشف منه قليلا للتأكد من حرارته ، وأمسك بالكوب بين يديه حتى تخف حرارته قليلا .

أخيرا التقط الشاب المريض كوب الشاي ، وارتشف منه بحرص .
كانت يده خاليه من أي أثر للدماء ، وأصابعه طويلة رفيعة ، حتى أنه التقط كوب الشاي بمشقة .

كان هذا المريض هو بطل الأبطال الذي يبث الرعب في القلوب ، هو من يعيش في السماء بين السحاب ، وأعظم أبطال هذا الكون ....(((( الأمير العظيم لونغ وو )))

********

لم يكن هناك أحدا بالغرفة سوى ثلاثتهم .

أطلق ( لونغ وو) تنهديه طويلة وقال " لم أنتظر أحد على الأقل منذ خمس أو ست سنوات "

أجاب (الأسد الملك) " حقا يا سيدي "

قال بحسرة " واليوم فقد انتظرتهم لأكثر من ساعة "

" حقا "
" أخر مرة اضطررت للانتظار اعتقد أنني كنت منتظرا القاضي تشيان "

" نعم سيدي، وقد تعلم الدرس قاسيا "

تنهد ( وو لونغ) وقال " نعم ، لقد كانت ميتته شنعاء " "

قال ( الأسد الملك) " أعتقد أنه في المستقبل دو تشي ، ورفاقه سيلحقون به في قبره تكفيرا عن حماقة تأخرهم " "

" هذا من أمور الغيب ، فلا يمكنهم أن يموتوا الأن ، أليس كذلك ؟ "

" نعم سيدي "
يجب أن نستفيد بهم أولا في قضاء ذلك لأمر "

“ أومأ ( لونغ وو) برأسه ، ولم يتفوه بكلمه بعد ذلك، فقد شعر أنه تحدث كثيرا ، ولم يكن ممن يحبون الكلام .

وبرغم قدرته العالية على الإنصات للأخرين ، إلا أنه كان لا يجب الثرثرة ، فكان حينما يصمت ، لا يجرؤ الأخرين على فتح أفواههم .

كان المكان معبق برائحة الشاي اللذيذ. والصمت يخيم على أرجاء المكان، رغم امتلاء أكثر من عشرين طاولة بالناس في الدور السفلي .

ووسط هذا الهدوء المطبق ، فجأة خرج رجلا ممزقا الستارة الخضراء التي تغطي النافذة ، كان (( النادل)) . يرتدي معطفا أزرق بأكمام قصيرة ، وشعره معقوف وراء ظهره ، حاملا بين يديه وعاء خزفي أنيق ، باللون الأزرق والأبيض .

عبس وجه ( الأسد الملك) وصاح به " من أذن لك بالدخول "!!

لكن لم يغادر ( النادل) ، قال بصوت متواضع وهادئ " أنا خادمك ، جئت لأقدم بعض الطعام "

قال ( الأسد الملك) بغضب " لا نريد طعاما الأن ، فالضيوف لم يحضروا بعد " "

ضحك النادل ثم قال بهدوئه المعتاد " أسف لإخبارك ذلك، ولكن ضيوفك لن يأتوا أبدا ""

بمجرد سماع تلك الجملة، فجأة أضاءت عينا (لونغ وو) الباهتتان، وأضحت كنصل سكين حاد، ثم حملق في وجه ذلك الشاب باستغراب شديد .

كان وجهه مستديرا، وتعلوه ابتسامة صافية، وبرغم أن بعض التجاعيد قد زحفت على وجهه، إلا أن عينه بدت فتيّة جريئة ، تحمل براءة الشباب وصفاء الأطفال .

فقد كان واضحا أنه ذو قلب طيب ، وطباع هادئة ، شخص محب للأطفال وصديق صدوق .

حدّق (لونغ وو) في وجه الشاب يتفحصه ، ثم سأله بصوت خفيض ضاغطا على حروف الكلمات" أتقول أن الضيوف لن يحضروا؟ "

أومأ ( النادل) " قطعا لن يأتوا )

" وكيف عرفت ذلك؟ "

لم يرد ( النادل) ، بل وضع يده على الإناء الخزفي ، وأنزله بحرص على الطاولة ، وببطء شديد، وبحركة مسرحية أزال الغطاء .
انقبضت حدقة عين ( لونغ وو) ، ولاح شبح ابتسامة غريبة على شفتيه . " يبدو أنه طبقا رائعا "!"

" إنه ليس رائعا فقط ، بل ثمينا "

لم يكن في الوعاء ما يصلح للأكل ، فلم يكن به أي من الأطباق المشهورة الثمينة مثل حساء مخالب الدببة ، أو حساء زعانف القرش. بل كانت (((ثلاثة أياد بشرية ! )))

ثلاث أيادٍ بشرية في طبق خزفي !
**
رصت ثلاث أيادٍ بشرية بشكل متقن في وعاء من الخزف الأزرق والأبيض. يد واحدة كبيرة جدا، واثنتان أخرتان؛ يد يسرى وأخرى يمنى. كانت اليد الضخمة، أكبر من يد شخص عادي بثلاث مرات. أما اليد اليسرى بإصبعين إضافيين، واليد اليمنى قطعت ثلاثة من أصابعها .
.
في العالم بأسره، لم يكن هناك أي وعاء يمكن أن يضم أي مكونات باهظة الثمن مثل هذه الأيدي الثلاث. حتى لو امتلأ عن آخره باليشم والذهب واللؤلؤ، فإنه لا يزال غير مساوٍ لقيمة هذه الأيدي. في الواقع، لا يمكن لأحد حقا تقدير قيمة هذه الأيدي الثلاث .
لكن من الواضح أن (لونغ وو) يعرف قيمتها جيدا .
لم يستطع منع نفسه من إطلاق تنهيدة هادئة، وقال: "في الحقيقة يبدو أنهم لن يحضروا ".
ابتسم النادل: "لكنني، قد حضرت ".
- أنت؟
- رغم أنهم لم يحضروا، فمجيئي هو نفس الشيء .
- حقا؟
- إنهم لم يكونوا بالتأكيد أصدقاءك .
أجاب (لونغ وو) ببرود، "ليس لدي أصدقاء ".

أسدل جفنيه، وبدا وكأنه مرهقا جدا ووحيدا. وبدا النادل وكأنه قد فهم ما يدور في عقل (لونغ وو)، فقال: "حسنا، إذا لم يكن لديك أصدقاء، فمن الطبيعي ألا يكون لديك أعداء، أليس كذلك .
".
نظر (لونغ وو) إليه مجددا، وقال: "من المؤكد أنك لست غبيا ".
- إذا دعوتهم للحضور إلى هنا، فبالتأكيد هناك مهام كبيرة لإنجازها .
" يبدو أنك لست غبيا "

ابتسم النادل في خبث: "حسنا، أنا موجود. أيا كان ما يمكنهم فعله، أستطيع القيام به أيضا ".
- ما يمكن أن ينجزه هؤلاء الثلاثة معا، تستطيع أنت إتمامه بمفردك؟
- كنت أبحث عن شيء للقيام به .

حدّق (لونغ وو) في اليد اليسرى بالوعاء، وقال: " يد واحدة ، وسبعة قتلة ، يد يمكنها صيد الظلال ، وتمزيق الضوء" ، " أتدري كم قبضت هذه اليد من أرواح ؟ " "
- لا، لا أعرف .
انتقل (لونغ وو) بعينيه إلى اليد اليمنى المقطوع ثلاثة من أصابعها، وقال: كالمسحور " اليد الساحرة ، لا شيء في مأمن طالما كانت هذه اليد موجودة " ، " أتعرف كم سرقة هذه اليد من كنوز ؟ أتعلم كم كانت ماهرة هذه اليد ؟ ""
- لا .
حملق (لونغ وو) هذه المرة إلى اليد الثالثة مرددا بنفس الطريقة المسرحية: "راحة كف عملاقة، قوة ترفع ألف رطل". "هل تعرف مدى القوة الدفينة في هذه اليد؟ "
- لا، لا أعرف .
ضحك (لونغ وو) نفس ضحكته الباردة، وقال: "أنت لا تعرف أي شيء، رغم ذلك تعتقد أنك يمكن أن تنجز ما يمكن لهذه الأيادي الثلاث فعله؟ ".
- لكني أعرف شيئا واحدا فقط .
- ما هو؟
رد النادل بهدوء: "أنا أعلم أن يدي خارج هذا الوعاء، وهذه الأيدي الثلاثة داخله ".
رفع (لونغ وو) رأسه وحدق إلى النادل: "هل بسببك كانت أيديهم داخل هذا الوعاء؟ "
ضحك النادل: "إذا أراد أحد أن يبيع شيئا، فعليه أولا أن يقدم هذا الشيء للعميل ليراه ".

لمعت عيني (لونغ وو) ولكن هذه المرة بدت تعبيراته حادة مثل نصل سكين: "ماذا تريد أن تبيع؟ "
- نفسي .
- من أنت؟
- لقبي (ليو) تماما مثل كلمة شجرة الصفصاف، أعرف أنه لقب غريب. أما اسمي فهو (تشانغ جيه)، "تشانغ" مثل كلمة طويل، و"جيه" تعني الشارع .
- ( ليو تشانغ جيه)، يا له من اسم غريب .

تابع النادل ضاحكا: " دائما ما يبدي الناس دهشتهم من اسمي ، ولكني اخترت هذا الاسم الغريب لأني دائما أتمنى أن أكون مثل الشارع الطويل". "فكرت دائما، إنه إذا أمكنني أن أكون شارعا طويلا جدا، يصطف على جانبيه أشجار الصفصاف وجميع أنواع المحلات التجارية، ثم كل يوم، أصناف مختلفة من الناس يمشون على جسدي، فتيات ونساء متزوجات، طفلات صغيرات، وحتى جدات مسنات ".

بدا وهو يقول ذلك مثل طفل صغير غارق في مشهد من حلم خرافي، حلم غريب، و مثير .

اتبع النادل كلامه: "كل يوم سأراقب هؤلاء الناس يمشون بسعادة فوق جسدي، يتسامرون تحت أشجار الصفصاف، ويتسوقون في المحلات التجارية". "ألن يكون هذا الشيء مثيرا للاهتمام؟ أكثر إثارة من أن تكون مجرد شخص عادي ".
أطلق (لونغ وو) ضحكة عالية .
لأول مرة ارتسمت ابتسامة على وجهه، وقال ومازالت الضحكة لم تفارقه: "أنت شخص مثيرة جدا للاهتمام
".
لكن بمجرد أن خرجت تلك الكلمات من فمه، اختفت ابتسامته، وقال: "اقتل هذا الشخص المثير للاهتمام !"
كان (لان تيان منغ) الملقب بـ ( الملك الأسد) يقف خلفه وكأنه صخرة جامدة، لكن بمجرد أن التقطت أذنيه كلمة "قتل"، وثب لتنفيذ المهمة .
وفي لحظات تغيرت اتجاهات يديه في حركات ملتوية، وأصبحت مثل مخلب أسد مفترس،. إلا أنه كان أسرع وأكثر رشاقة من الأسد .

دار بجسده في حركة خاطفة، ليصبح مباشرة أمام (النادل ليو)، وتشكلت أصابع يده اليسرى الخمسة إلى وضع المخلب، وانطلقت نحو صدر ( النادل )
.
أي شخص يمكن أن يشاهد هذا الهجوم يثق أنه قد مزق صدر الشخص وقلبه ورئتيه
.
مال (النادل) بجسده متفاديا مخلب ( الرجل الأسد) ، كانت حركته سريعة جدا وبارعة .

المثير للدهشة، أن (لان تيان منغ) كان يتوقع هذه المناورة. فقد عدلت أصابع يده اليمنى الخمسة وضعها وانطلقت مثل "شفرات" حادة لتشريح الشريان على الجانب الأيمن من رقبة (النادل ليو
).
لم تكن هذه الحركة الثانية مميتة فقط، لكن لم يسبق أن نجا منها عدو واحد
.
طول سنوات عمره الأربعين، كان نادرا ما يلجأ (لان تيان منغ) الملقب بـ(الملك الأسد) إلى هذه الحركة الثانية عندما يسعى لقتل عدوه .
لقد استنزفت خطوات (النادل ليو) الدفاعية، وليس هناك من مخرج لبذل أي جهد للدفاع سوى تلقي هذه الضربة القاضية، كما لا توجد فرصة لتغيير حركة جسمه
.
كان (الرجل الأسد) مطمئنا تماما أنه لن يحتاج لحركته الثالثة ، فهذه الحركة كفيله بالقضاء على النادل فورا .

بالفعل لن " يستطيع" استخدام حركته الثالثة القاتلة ، لأنه تفاجأ بيد النادل تحت مرفقه . فإذا استمر في مد يده ناحية رقبة النادل سيصتدم المرفق بقبضة النادل القوية ، وبالطبع مفصل الكوع كان أضعف من تلك القبضة الصلبة المعقوفة كعين العنقاء*. [*عين العنقاء: أسلوب كونغ فو لتسديد ضربات قوية، يتخذ فيه السبابة والإبهام شكل العين. فحركة أخرى إلى الأمام من الممكن أن تفتت مفصل ( الملك الأسد )

لم يكن ليتصرف بطريقة توقعه في خطر .
توقفت يده في الهواء، وفي تلك اللحظة بالضبط، انطلق (النادل ليو) مسرعا للخروج من الغرفة .
لم يتابع (الملك الأسد) هجومه، لأن (لونغ وو) قد امتدت يده بالفعل لمنعه، وقال: "عد إلى هنا ".
عندما دخل (ليو تشانغ جيه) الغرفة مرة أخرى، كان (لان تيان منغ) يقف كما كان سابقا مثل صخرة صلبة وراء (لونغ وو ).
الرجل متوسط العمر ذو الرداء الأخضر وجوارب بيضاء، ظل ساكنا في الزاوية البعيدة للغرفة، لم يحرك ساكنا .
- " قلت أنك شخص مثير للاهتمام. هذا العالم ليس به عدد كبير من الأشخاص المميزين .
تحدث (النادل ليو) بمرارة: "لماذا تريد قتلي؟ "
- أحيانا أحب أن أقول أكاذيب، لكن لا أحب أن يكذب أحدهم عليّ .
- من كذب عليك؟
- أنت فعلت !
ضحك (النادل ليو)، وقال: "في بعض الأحيان أحب الاستماع إلى الأكاذيب، لكني لم أنطق بها ".
- اسمك (ليو تشانغ جيه)، لم يسبق لي أن سمعت به من قبل .
- لم يسبق لي أن كنت حقا شخص مشهور. (دو تشى) و(سارق الظلام) و(القبضة الحجرية) جميعهم أسماء شهيرة، وقد تغلبت أنت عليهم. لذلك، أعتقد أني ينبغي أن أكون أحد هؤلاء المشهورين؟
- اعتقد أنك تكذب .
ضحك (ليو تشانغ جيه)، وقال: "في هذه السنة أتم عامي الثلاثين، إذا كنت حقا أبحث عن الشهرة، لكنت صريعا ملقى على الأرض قبل قليل .
حدق (لونغ وو) في وجهه، وظهرت ابتسامك خفيفة في عينيه. لقد فهم ما كان يعنيه (النادل ليو ).
السعي وراء الشهرة يتطلب الكثير من العمل الشاق، وكذلك التدريب على فنون الدفاع عن النفس أيضا تتطلب الكثير من المشقة. ولا يوجد في هذا العالم الكثيرين الذين يمكنهم فعل الأمرين في نفس الوقت .
لم يبد (النادل ليو) شخصا فائق الذكاء، لذلك كان عليه انتقاء أمر واحد من الخيارين .
اختار ممارسة فنون القتال، لذلك لم يكن مشهورا. لكنه، لا يزال على قيد الحياة .
كانت كلماته ليست سهلة الفهم، لكن (لونغ وو) استوعبها جيدا. لذلك، ما كان منه سوى الإشارة بإصبعه إلى مقعد أمامه، وقال: "اجلس ".
لم ينل العديد من الناس فرصة الجلوس أمام (لونغ وو ).
لكن (النادل ليو) لم يلب الدعوة، بل سأله: "أستقتلني؟ "
قال (لونغ وو) بصوته الرخيم "قليلون هم من يثيرون انتباهي، والمفيدون منهم أقل بكثير، وأنت بك هاتين الصفتين، فقد أعجبتني وأعتقد أنك مفيد ".

ابتسم (النادل ليو): "لذلك أنت على استعداد لشرائي؟ "
- تريد حقا أن تبيع نفسك؟
- أنا لست شخصا مشهورا، ولا أملك شيئا آخر يمكنني بيعه. لكن، عندما يصل الشخص لعمر الثلاثين، فإنه من الصعب كبح رغبته في الاستمتاع بالحياة .
- بالنسبة لشخص مثلك، هناك العديد من الفرص لبيع نفسك، لماذا أتيت للبحث عني؟

- لأنني لست غبيا، ولأن السعر الذي أريده عالٍ جدا. ولأنني أعلم أنه يمكنك تحمل هذا الثمن. ولأن .....…
قاطعه (لونغ وو): "الأسباب الثلاثة هذه تكفي !"
- لكن هذه الأسباب الثلاثة ليست هي الأكثر أهمية .
- حقا؟
- الأهم من هذا كله، هو أنني لا أريد فقط الحصول على مبلغ كبير من المال. لكن، أريد أيضا أن أصنع شيئا عظيما. وإذا كان هناك من يريد الاستفادة بخدمات (دو تشى) والآخرين لإنجاز بعض المهام، فتلك المهمة من الواضح أنها عظيمة جدا .

بدا وجه (لونغ وو) أبيض شاحبا بعد سماع هذه الكلمات، لكن سرعان ما عاودت ابتسامته الظهور .
رفع يده، وقال بهدوء: "من فضلك، اجلس ".
هذه المرة، جلس (النادل ليو ).
صاح (لونغ وو): "أحضروا النبيذ "

-----------------------

مرحبا اصدقاء ممكن ان تسجلوا علي هذا الموقع https://goo.gl/Z1r7nX وهذا سيكون بالنسبة الي خدمة العمر لانني انا بربح من هذا الموقع وايضا بعض الاشخاص الذين سيقولون ان هذا الرابط هاك اسف ااخي انا لست من هذا النوع لو عاوز اجيبك مش بهذه الطريقة لانني لست طفلا اوك وايضا لو امكن ان تخلوا اصدقائكم ان يسجيلوا في هذا الموقع وايضا والافضل للاشخاص اللي مهتمين بالربح ان يشتغلوا علي هذا الموقع للان الموقع صادق وبيدفع وشكرا مقدما

2017/06/17 · 566 مشاهدة · 5601 كلمة
Ahmedsaeed
نادي الروايات - 2024