"هل... أنت بخير؟"
أعادني صوت الفتاة إلى وعيي.
"آه... نعم، نعم. أنا بخير."
أجبت وأنا أُظهر مظهر الهدوء قسرًا.
كان العرق البارد يتصبب من جبيني بالفعل.
تبًا، لقد أفسدت غرتي... (استرجل)
رايتشل هي من صففت شعري، وقد أفسدته بالفعل.
بينما كنت عابس وأمسح العرق عن جبهتي، سألتني مارغريت، التي كانت تنظر إليّ بتعبير غريب:
"......هل تشعر بتوعك؟ تبدو شاحبًا."
"أنا بخير."
"لا، وجهك الآن..."
"لا تقلقي بشأنه."
آه، تبًا.
لم أقصد قول ذلك بهذه الطريقة.
كنت متوترًا، فخرجت كلماتي أكثر حدة مما أردت.
وبينما كنت أمسك برأسي الذي ينبض ألمًا وأتنهد، رأيت الفتاة أمامي تضحك ضحكة جوفاء .
"هاه."
عضّت شفتها للحظة قبل أن تصلب ملامحها.
"أعتذر. كيف أجرؤ، أنا العامة الحقيرة، أن أقلق بشأن السيد الشاب."
"الآنسة فايلر، لم أقصد ذلك..."
"هاه، صحيح... انسَ الأمر. سأقول لك بضع كلمات تحذيرية ثم أذهب في طريقي."
ماذا أفعل؟
تبدو غاضبة حقًا.
ارتجفت قليلًا وأنا أنظر إلى الفتاة التي ضاقت عيناها بازدراء.
واصلت مارغريت، متجاهلة رد فعلي:
"أنت. اختفيت وكأنك تهرب بعد أن خسرت مبارزة أمام طالب من السنة الأولى، والآن تملك الجرأة لتعود؟"
...ليس لهذا السبب غادرت.
وطالب من السنة الأولى، تقولين؟
حتى من المنظور الحالي، ألين ربما أقوى طالب في الأكاديمية كلها، بغض النظر عن السنة.
راودتني تلك الاعتراضات، لكنني لم أنطق بها.
ففي النهاية، أنا من يتعرض للتوبيخ.
وإضافة تعليقات غير ضرورية لن تجلب إلا المزيد من المشاكل.
"لا أعلم ما الذي أعادك، لكن إن كنت تنوي إثارة المشاكل مجددًا، فكن مستعدًا."
"لأنني سأوقفك".
قالت الفتاة ذلك، بتعبير غاضب.
كان من المفارقات أن حتى شكلها الحاد والحذر بدا جميلًا.
"...نعم."
اكتفيت بإجابة قصيرة دون أي توضيح إضافي.
فلا جدوى من تبرير نفسي هنا.
مارغريت لن تستمع إليّ على أي حال.
'......رايدن عذّب مارغريت حقًا.'
رايدن، أول حب لمارغريت.
لو سمع أحدهم بما فعله رايدن لإجبارها على فسخ خطوبتهما،
لأدانوه بالتأكيد كمجنون.
"أوه، أم...؟ ماذا قلت للتو...؟"
"قلت نعم."
"......؟"
بدت مارغريت مذهولة، وكأنها لم تتوقع أن أجيب بهذه الطاعة.
ما زال على وجهها أثر من الحيرة.
أعطيتها ابتسامة باهتة.
"......"
"آنسة...؟"
آه، لقد تجمدت.
غريب كيف يتجمد الجميع كلما ابتسمت.
هل لدي مهارة خفية لا أعرفها؟
مهارة تُجمّد الخصم عندما أرفع زوايا فمي.
شيء مثل "ابتسامة رايدن القاتلة."
وبينما كنت تائهًا في هذه الأفكار السخيفة، استفاقت مارغريت وقطّبت حاجبيها.
"سأراقبك. إن رأيتك تفعل شيئًا أحمقًا، إذن..."
"...إذن؟"
"ستصلك طلب مبارزة بالنيابة عن جميع طلاب الأكاديمية."
"......"
استدارت مارغريت فجأة وعادت إلى مقعدها.
راقبت شعرها الفضي يلمع وهي تبتعد.
ثم أطلقت تنهيدة عميقة وانكمشت على مكتبي.
كنت أظن أنها ستضربني بالتأكيد.
حسنًا، بالنظر إلى ما فعله رايدن في الماضي، كنت مستعدًا لتلقي بعض اللكمات إن أرادت.
ومع ذلك، شعرت بالارتياح لأن الأمر انتهى بسلام.
لقد حذرتني من أنها ستحطمني نصفين إن تصرفت بحماقة...
لكنني أُخطط للبقاء هادئًا من الآن فصاعدًا. لن تكون هناك مشكلة.
'هذا صعب...'
ما زال الوقت صباحًا، لكنني كنت أشعر بالإرهاق بالفعل.
كان عليّ أن أتحمل ست ساعات أخرى بهذه الحالة.
هل سأجن قبل أن أصل إلى السعادة التي وعدني بها النظام؟
تنهدت بشدة عند هذه الفكرة.
درع الإمبراطورية، الابنة الكبرى لعائلة الدوق فايلر.
كانت فتاة تملك نفوذًا كبيرًا في المجتمع النبيل، وتُعرف بأنها زهرة المجتمع الراقي.
معروفة بطبيعتها العادلة، إذ تعامل الجميع باحترام، بغض النظر عن مكانتهم، وبإخلاصها الثابت في كل ما تقوم به.
وقد زادت جاذبيتها بفضل مظهرها الجميل وخطابها البليغ.
سلوكها المثالي كنبيـلة كان قدوة لأقرانها.
لكن حتى هذه الفتاة التي تبدو مثالية كان لديها شوكة في حياتها...
وكانت تلك الشوكة الفتى المدعو رايدن ليشايت.
"......"
حدقت مارغريت بصمت في السبورة.
كانت عيناها موجهتين نحو الأستاذ الذي كان يُلقي محاضرته بحماس، لكن عقلها كان في مكان آخر.
رايدن ليشايت.
نظرت مارغريت إلى الفتى الجالس بعيدًا عنها.
وعندما التقت عيناها بعينيه السوداوية الفارغتين، خطرت في بالها ألقابه المختلفة.
أسوأ جانح في الإمبراطورية.
عار عائلة ليشايت.
أكثر المشاغبين شهرة في الأكاديمية.
و...
'......الخطيب السابق للآنسة فايلر.'
عضّت مارغريت شفتها لا إراديًا.
طعنة حادة اخترقت قلبها، وكان عليها كبح الغضب المتأجج بداخلها.
-ها، يا له من وجه قبيح.
ـ لا شأن لك بمن ألهو معه.
-اغربي عن وجهي. كيف يجرؤ درع تافه على الوقوف في طريق سيف؟
حتى الآن، كانت ترتجف وهي تتذكر الكلمات التي قالها لها.
تنفّست مارغريت بعمق لتهدئة حاجبيها المرتجفين.
لم يكن كذلك عندما التقته لأول مرة.
تذكرت مارغريت ذلك جيدًا.
الفتى الذي كان يعاملها دائمًا برقة، رغم أن خطوبتهما كانت ترتيبات سياسية منذ صغرهما.
الفتى الذي كان يقترب منها بهدوء ويربت على ظهرها حين تكون منهكة وتبكي من الجوّ الخانق لعائلتها.
ابتسامته الخجولة.
- سأبقى بجانبك، يا مارغريت.
لكنه تغيّر.
وجهه، الذي أصبح باردا، لم يعد يبتسم لها.
لسببٍ ما، أصبح جانحًا.
نال ازدراء الكثيرين.
وعندما توفيت السيدة ليشايت، التي كانت تعاني من المرض بسبب القلق على ابنها، تدهورت سمعته أكثر.
بالطبع، لم تكن وفاة السيدة ليشايت بسبب المرض، بل بسبب الاغتيال.
وبدأت فساد رايدن بعد وفاتها.
لكن العالم الخارجي لم يكن يعلم هذه الحقيقة.
وينطبق الأمر ذاته على مارغريت.
فقد تم إخفاء تلك المأساة تمامًا كمسألة سرية من أسرار الإمبراطورية.
وفي مثل هذا الوضع، لم يكن بوسع مارغريت أن تفعل شيئًا.
لم يكن أمامها سوى أن تُصاب بالأذى، وتُعذّب، وتتألم بسبب كلماته القاسية.
وفي النهاية، وبسبب حادثة كبيرة، تخلّت مارغريت عن رايدن.
وبدأت تكرهه.
'......سألعنك إلى الأبد.'
قبضت مارغريت قبضتيها وهي تهمس بهذه الكلمات داخليًا.
في الواقع، كانت قد اقتربت من رايدن في وقتٍ سابق بنية الشجار معه.
لكن...
عندما رأت مظهره المنهك والمكتئب أمامها،
تسربت كلمات القلق من شفتيها دون أن تشعر.
وعندما ردّ عليها ببرود، استعادت وعيها وحاولت توبيخه متأخرة، لكن...
قلت نعم.
آنسة...؟
توقفت كلماتها في حلقها أمام سلوكه غير المتوقع.
شفاهه المرتفعة.
عيناه المنحنيتان بهدوء كالهلال.
إن لم تكن تتخيل، فبالتأكيد كانت ابتسامة.
ابتسامة تشبه بشدة تلك التي اعتاد رايدن الماضي أن يمنحها لها.
أمام أثر الماضي ذاك، ارتجف قلب مارغريت البارد للحظة.
وفي النهاية، لم تستطع سوى أن تغادر بعد أن حذرته من القيام بأي حماقة.
"آه..."
تنهدت مارغريت.
لم تكن من النوع الذي تهزه المشاعر بابتسامة واحدة.
رايدن ليشايت لا يزال هدفًا للكراهية والحنق في نظرها.
...لكن.
تلك الابتسامة.
ذكّرتها بالماضي... برايدن الطيب الذي كانت تعرفه.
ولسبب ما، شعرت بوخزة من الحنين.
لكن...
'هذا مستحيل.'
هزّت مارغريت رأسها.
لقد تغيّر بالفعل.
أصبح أنانيًا، مؤذيًا، ومغازلًا للنساء.
أصبح النوع الذي تكرهه بشدة.
ومن واقع تجربتها، فمثل هؤلاء نادرًا ما يتغيّرون.
'لذا...'
...لذا.
كان من الحماقة أن تحاول رؤية آثار الفتى الذي أحبته في مجرد ابتسامة.
أعادت مارغريت نظرها إلى السبورة، مطلقة أنينًا بلا معنى.
نعم، لم يعد يعني لي شيئًا.
لم أعد أحبك.
همست مارغريت بهذه الكلمات داخلها، مطهّرة ذهنها من الأفكار المشوشة.
---
وفي هذه الأثناء،
كان عليّ أن أتحمل النظرات الثاقبة الموجهة إليّ طوال الحصة.
كلما أدرت رأسي قليلًا بسبب الانزعاج،
كنت أراها، مارغريت، تحدق بي بنظرة نارية.
'م-مخيفة...!!'
يا آنسة، أنا آسف.
هل أنتِ غاضبة لأني أجبتك بفظاظة؟ لن أفعلها مجددًا.
فقط توقفي عن التحديق بي. أشعر أنني أختنق.
حقًا. أعتقد أنني على وشك الإصابة بنوبة هلع.
دينغ!
[الكارما.]
إذًا...
لماذا يجب أن أعاني بسبب شيء ليس حتى الكارما الخاصة بي!!
دينغ!
[ألم يكن هذا الطريق الذي اخترته؟]
[وهي الكارما الخاصة بك.]
كيف تكون هذه الكارما لي؟
من الواضح أن هذا بسبب ما فعله رايدن في الماضي...!
قد أكون كنت... قليل الأدب مع شخص قلق عليّ، لكن!(يقصد مارغريت مند قليل)
أليس من المبالغة التحديق بي بهذه الطريقة؟!
دينغ!
[كارما.]
'أنت تفعل هذا عن قصد، أليس كذلك...؟'
انكمشت بخفة في مقعدي.
كان عليّ أن أتحمل نظرات مارغريت الحادة حتى نهاية الحصة، وأنا أجادل نافذة الحالة.
تبًا.
اليوم الأول صعب بالفعل.