مرّت الليلة، التي امتلأت بصوت البكاء، ببطء.

حتى في عالم الظلام والصمت، الذي بدا وكأنه سيستمر إلى الأبد، أشرقت شمس الصباح أخيرًا.

كنت أتمدد في السرير، أتقلب يمينًا ويسارًا، حتى فتحت عيني متأثرًا بأشعة الشمس التي اخترقت جفنيّ.

"آه…"

جلست وتمددت، بينما بدأ صداع خفيف من آثار الليلة الماضية يهاجم رأسي.

أزحت الغطاء، وذهني لا يزال ضبابيًا.

ومن خلال نظري المشوش، لمحت عقارب الساعة على الحائط تشير إلى الثامنة.

تنهدت بهدوء.

"لم يغمض لي جفنًا..."

أذكر أنني أعادت لوسي، المنهكة من البكاء، إلى غرفتها حوالي الساعة الثالثة فجرًا.

ثم، غارقًا في التفكير، بقيت مستيقظًا حتى الفجر تقريبًا.

لا بد أنني نمت حوالي ساعتين فقط.

"البشر مذهلون... كيف نعيش بساعتين فقط من النوم؟"

ربما كان تأثير الصباح.

كانت الكلمات تخرج من فمي دون تفكير.

الإحساس الناعم تحت قدميّ اختفى، وحل محله ملمس الأرضية البارد.

تمايلت للحظة، متأثرًا بثقل الجاذبية، قبل أن أشق طريقي نحو الحمام.

رشّة ماء...

عندما سكبت الماء البارد على وجهي، بدأ الضباب في ذهني يتلاشى ببطء.

وبعد أن استحممت وجففت نفسي، أمسكت بالملابس المطوية بعناية أمام الحمام.

كانت البدلة التي أخذتها بيلا بالأمس لتغسلها.

بالرغم من أنها كانت متسخة، إلا أنها الآن نظيفة تمامًا.

"حان وقت العودة."

تمتمت بينما كنت أرتدي ملابسي ببطء.

بدا الأمر وكأنه مبكر قليلًا لمغادرة القصر الإمبراطوري، خاصة أنني وصلت للتو البارحة.

لكن هذا كان المخطط من البداية.

بالطبع، يمكنني البقاء إن أردت.

لكنني كنت أشتاق بشدة للعودة إلى المسكن، ورؤية أرييل ورايتشل.

مرت فقط يوم واحد، لكن غيابهما جعل المكان يبدو... خاليًا.

"…خاليًا."

ربما كنت أعتمد عليهما أكثر مما أدرك.

ارتسمت على وجهي ابتسامة باهتة، وبدأت أربط ربطة العنق.

وقبل أن أنتهي من ارتداء ملابسي، طرق أحدهم الباب.

طَرق، طَرق...

"سيدي الشاب ليشيت، العربة جاهزة."

كان صوت بيلا من الخارج.

أجبتها وتوجهت نحو الباب.

"سأخرج حالًا."

بينما كنت أُعدّل ربطة عنقي المرتبكة، فتحت الباب.

تلاقت عيناي مع عيني بيلا الواقفة باستقامة.

وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة، استدارت وبدأت تمشي لتدلّني.

"سأرشدك أولًا إلى قاعة المقابلة. جلالته في انتظارك."

"أعتذر لأنني أجعلكم تنتظرون في كل مرة."

"من هذا الطريق، رجاءً."

اتّبعت بيلا.

---

في قاعة المقابلة…

"لقد وصلت."

"هل نِمت جيدًا الليلة الماضية، جلالتك؟"

"بفضلك، نعم... هيهي."

عندما دخلت قاعة المقابلة، رحب بي ميليام بضحكته المعتادة.

ركعت على ركبة واحدة، وقدّمت تحية خفيفة.

كما توقعت، كان كل من سون، ولوسي، ونيريا واقفين جنبًا إلى جنب.

كنت أفهم سبب وجود الأميرات، لكن حضور ولي العهد رغم انشغاله لتوديعي... كان مؤثرًا.

"بفضل رعاية العائلة الإمبراطورية، استطعت أن أستريح جيدًا. أطلب الإذن بالعودة الآن إلى الأكاديمية."

"مغادرٌ بهذه السرعة… مؤسف. ظننت أنني وجدت أخيرًا من أتحدث معه."

"أعتذر على الإزعاج."

"إلى متى ستظل تعتذر؟"

ضحك ميليام بنبرة مازحة.

ثم نظر إلى لوسي، التي كانت ترتدي تعبيرًا مشرقًا، وابتسم بحرارة.

"يسعدني أن كل شيء انتهى على خير."

"الفضل كله يعود إلى جلالتكم."

"هيهي… كما قلت لك تمامًا. جيد، جيد."

"…؟"

ماذا يقصد بـ"كما قلت لك تمامًا"؟

وبينما كنت أميل برأسي حيرةً من كلماته الغامضة، تذكرت بضع كلمات من حديثنا الليلة الماضية.

اعتنِ بمن حولك...

أصلح ما أفسدته...

إن تأخرت، قد يصبح الأمر لا رجعة فيه...

خطر ببالي احتمال.

"…هل كنت تعرف كل شيء…؟"

"هيهي… في الواقع، أنا من دبّر أن يخبرك سون عنك للوسي."

ابتسم ميليام بمكر وهو يهز كتفيه.

قطبت جبيني.

سمح عمدًا بأن تُكشف الأمور الحساسة المتعلقة بأسرتي...

"أنا الإمبراطور. من سيحاسبني؟"

"......"

"لن تبدأ في الغضب عليّ لأنني أفشيت 'قصة خاصة صغيرة'، صحيح؟"

"......"

وبنبرة مزعجة خفيفة، انحنيت وقلت:

"أنا مندهش ببراعة جلالتك في الترتيب."

"هيهي… إن كنت منزعجًا جدًا، لماذا لا تصبح الإمبراطور بدلاً مني؟" (خخخخخ هذا الامبراطور شخصية)

هذا... تصريح خطير حقًا.

حتى لو كان مزاحًا.

كيف يقول هذا أمام ولي العهد، الذي من المفترض أن يرث العرش؟

أطبقت فكي، أكبح غضبي من سخرية ميليام الطفولية.

ويبدو أنه استمتع بردة فعلي، فواصل زاحه لبعض الوقت.

وبعد حين، تم السماح لي أخيرًا بالمغادرة.

"حسنًا… رغم أنني لا أرغب في ذلك، فقد حان وقت الرحيل."

"الفراق يجعل اللقاء القادم أكثر بهجة، أليس كذلك؟"

"تبدو سعيدًا جدًا بذلك؟"

"......"

"هيهي… أمزح فقط. على أية حال، في أمان الله، سيدي الشاب."

"شكرًا لكم، وأتمنى لجلالتكم دوام الصحة حتى نلتقي مجددًا."

"أيعني هذا أنني يجب ألا أكون بصحة حتى ذلك الحين؟"

"......"

"هيهي… كما قلت، إن كنت منزعجًا جدًا، لماذا لا تصبح الإمبراطور؟"

غادرت قاعة المقابلة مثقلًا بسخريته حتى اللحظة الأخيرة، وأخيرًا حان وقت مغادرة القصر الإمبراطوري إلى الأبد.

وبينما كنت أتجه نحو العربة…

"انتظر، رايدن…!"

لوسي، التي تبعتني من قاعة المقابلة، نادتني.

---

"إلى اللقاء، إذًا."

ودّع رايدن بطريقة لبقة وخرج من القاعة.

لوسي، التي كانت غارقة في القلق، أفاقت من شرودها ولحقت به.

"انتظر، رايدن…!"

كان صوتها يرتجف بتوتر.

تردد ارتجافها الصغير في الهواء، كأنه يحاول الإمساك بطرف كم رايدن.

"…سموكِ؟ هل هناك أمر ما؟"

استدار رايدن قليلًا، ونظر إلى الفتاة بعينيه السوداوين.

وعندما التقت عيناهما، ارتبكت لوسي واحمرّ وجهها.

تذكرت ما جرى الليلة الماضية في حديقة القمر.

في الثامنة عشرة من عمرها، بكت في حضن شخص آخر بلا خجل.

هذا وحده كان كفيلًا بأن يجعلها تشعر بخزي عميق، خاصة أنها لطالما ظهرت بمظهر المرأة الناضجة الهادئة، نجمة الإمبراطورية.

فزاد التأنيب في داخلها.

"......"

"سموكِ؟"

"آه…"

أطلقت لوسي أنينًا خفيفًا وأخذت نفسًا عميقًا.

وبعد أن هدأت، تكلمت ببطء:

"ش-شكراً لك…"

"عذرًا؟ على ماذا فجأة؟"

تظاهر رايدن بالجهل..

تلاعبت لوسي بأصابعها بتوتر، تكافح لتكمل كلامها.

"لأجل… محاولة الاغتيال تلك في ذلك اليوم…"

"آه."

"…أظن أنني لم أشكرك كما ينبغي…"

مع تلك الكلمات، تغير تعبير رايدن من الجمود إلى مزيج معقد.

ابتسامة غريبة — بين الدهشة، والراحة، والحزن.

لم تفهم لوسي ما تعنيه تلك المشاعر، لكنها عرفت شيئًا واحدًا:

لقد كان سعيدًا.

ابتسمت له بصفاء، وجهه يحمل شبحًا من الماضي.

لم يتغير.

ذلك الفتى من تلك الأيام العزيزة لا يزال هو نفسه.

همست في نفسها وضحكت بخفة.

"ففف…"

"…؟"

"لا شيء. فقط… تذكرت أمرًا سعيدًا."

خفضت لوسي رأسها، متجنبة نظراته المتسائلة.

ثم، وكأنها تستغل الفرصة الأخيرة، شكرته مرة أخرى — هذه المرة بانحناءة مازحة:

"شكرًا لأنك أنقذتني."

كان الأمر يذكرها بالماضي.

باليوم الذي وعد فيه الفتى والفتاة بعلاقة السيدة وخادمها.

"فارسي."

وبينما كانت أشعة الشمس الذهبية تتلألأ، ظهرت دموع صغيرة في زوايا عينيها الزرقاوين.

دموعٌ كانت زهرة فرح مهداة لفارسها الشجاع.

الفتى، الذي كان غارقًا في أفكاره، قبل تلك الزهرة بصمت، وأجاب:

"لم أفعل سوى ما كان يجب علي فعله."

ربما كان كلٌّ منهما يتوق بشدة لعودة هذا الرابط المقطوع بينهما.

فراحا يفكّان العقدة القديمة بعناية.

"مولاتي."

مرّ نسيم خريفي رقيق بينهما.

وبينما كان شعرها الأشقر وشعره الأسود يتمايلان، نظرت الفتاة إليه، وقلبها ينبض.

نبضة...

لم تكن تدرك ذلك بعد، لكن بذرة حب صغيرة بدأت تنمو داخل قلبها الرقيق.

وبينما كانت تتأمل تسارع نبضها…

"إذًا… سأرحل الآن."

"نعم…! أراك في الأكاديمية."

استدار الفتى بهدوء.

ولوّحت له الفتاة.

راقبت بعيونها فارسها المغادر، وابتسمت مجددًا.

تمّ حل العقدة التي نسجها القدر السيئ بينهما.

وفي مكانها، رُبط خيط جديد بين أصابعهما.

صلة ثمينة تُدعى: لقاء قدري.

مشت الفتاة بهدوء، تشعر بخيط القدر الذي يربطها بذلك الفتى.

2025/06/03 · 76 مشاهدة · 1095 كلمة
Ji Ning
نادي الروايات - 2025