"أثبت ذلك... أثبت طهارتك."
"هل جننت؟!"
راح غولدن بوي يلوّح بذراعيه بقوة، يقاوم بكل ما أوتي من طاقة.
لكنني لم أكن لأنوي تركه بسهولة.
ضغطت على ركبته، مثبتًا إياه بقوة أكبر..
"م-مهلًا! أعطني لحظة لأستعد نفسي!"
"اصمت."
قبضتي الحديدية أخضعت مقاومة غولدن بوي أخيرًا.
تمتم بشيء بصوت خافت وكأنه استسلم، ثم أطلق تنهيدة عميقة.
"قبل أن أثبت طهارتي... هناك أمران عليّ قوله."
"ما هما؟"
رفع غولدن بوي ثلاثة أصابع بوجه جاد.
"قلت أمرين، لكنك ترفع ثلاث أصابع...؟"
"أولًا، أنا فعلًا عذري."
قاطعني غولدن بوي وبدأ إعلانه.
ثم طوى أحد أصابعه الثلاثة.
"وثانيًا... لم يكن لدي حتى صديقة من قبل. أنا رسميًا ابن أمّه المدلل."
طوى إصبعًا آخر.
لماذا طوى أصابعه واحدًا تلو الآخر، وترك الإصبع الأوسط للنهاية...؟
هل كانت نوعًا من الدعابة السخيفة؟
ضيّقت عينَيّ وأنا أحدّق في غولدن بوي.
"أهذا كل ما أردت قوله؟"
إيماءة...
اللعنة...
إذًا الثلاثة أصابع كانت فقط لنكتة غبية؟
عندما أومأ غولدن بوي، عبست ودفعته باتجاه اليونيكورن.
"هل لديك كلمات أخيرة؟"
عند سؤالي، ابتسم غولدن بوي وهو يتمايل نحو اليونيكورن.
ثم أبعد يدي التي كانت تمسك بتلابيبه وبصق قائلًا:
"دعني، أيها اللعين الحقير."
طعج!
مع تلك الكلمات، تمدّد غولدن بوي عند قدمي اليونيكورن.
"..."
"..."
رغم أن الشاب الأشقر الأسمر بدا كمن يتدحرج عند حوافر المخلوق، لم يُظهر اليونيكورن أي عدوانية.
بل أطلق صوت خوار لطيف وكأنه راضٍ.
وهذا يعني...
نعم، كان غولدن بوي صادقًا.
"حسنًا؟ أما زلت لا تصدقني؟"
نظر غولدن بوي إليّ بابتسامة نصر.
أومأت برأسي مستسلمًا.
"حسنًا، غولدن بوي، أصدقك. أنت عذري."
كان من الصعب تصديق الأمر، لكن يبدو أن هذا...
الشاب الأشقر الأسمر، كان فعلًا عذريًا.
...واليونيكورن هو من أكد ذلك.
---
بينما كان رايدن وغولدن بوي منهمكين في حوارهما، بوجود يونيكورن كوسيط بينهما...
كانت هناك من تراقب المشهد الغريب بعينين متسعتين مليئتين بعدم التصديق.
"ما هذا... بحق..."
الهمسة كانت مزيجًا من الذهول والإنكار.
الفتاة التي كانت تحدّق في الشاب بملامح متجمدة لم تكن سوى مارغريت فايلر.
خطيبة رايدن السابقة.
كانت تحدّق بصمت في رايدن وهو يربّت بهدوء على اليونيكورن.
"..."
رمشت بعينها، وكأنها تشكّ في ما تراه، صمتها كان مشحونًا بالحيرة.
لكن مهما تمنت أن تكون مخطئة، ظلّ المشهد كما هو.
كان اليونيكورن يتصرف كجرو مدلل، يداعب رايدن بمودة.
ورايدن، بالمقابل، يربّت على رأسه بلطف.
اليونيكورنات كانت تُعرف بأنها رموز الطهارة.
حماة الطاهرين، ومعاقِبو النجسين.
فما معنى هذا إذًا؟
هذا التصرف... كأنه يقول إن رايدن... طاهر حقًا؟
"هذا... مستحيل..."
تمتمت مارغريت بالإنكار.
عاصفة من الحيرة اجتاحت كيانها.
حاولت أن تتقبل الموقف، لكنه ببساطة غير معقول.
كان سخيفًا.
رايدن لايشيت؟ عذري؟
كيف يمكن للفتى الذي يفترض أن تكرهه اليونيكورنات أكثر من أي أحد، أن يحظى بعاطفة إحداها؟
"...لابد أن هناك خللًا في هذا اليونيكورن."
مارغريت، التي كانت متجمدة في مكانها، خلصت إلى أن الخلل يكمن في المخلوق.
رفضت حتى التفكير في احتمال أن يكون رايدن عذريًا فعلًا.
ولها الحق في ذلك.
لقد رأت بعينها.
شهدته منخرطًا في علاقة جسدية مع شخص آخر.
حدث ذلك تقريبًا في مثل هذا الوقت من العام الماضي.
بعد التحوّل المفاجئ لرايدن إلى منحرف، كرّست مارغريت نفسها لإعادته إلى الصواب.
كانت تزور قصر دوقية لايشيت كل يوم، لتثبت وجودها هناك.
بذلت كل ما في وسعها لإيقاف تصرفات رايدن الشنيعة.
لم يكن من السهل دعم شخص وسط سخرية واحتقار الجميع، لكنها رفضت أن تتخلى عنه.
لأنها أحبته.
رغم أنه انحرف عن الطريق، كانت تؤمن أنها قادرة على إعادته.
لكن...
قابلت إخلاصها بخيانة قاسية.
- هذه غرفة سيدتي... ل-لا ينبغي أن نفعل هذا هنا...!
- يبدو أنك متحمسة رغم ذلك.
ذات يوم، عادت مارغريت إلى القصر مبكرًا بعد إنهاء مهامها.
وكان ذلك عندما رأتهما.
أو بالأحرى... سمعتهما.
أصوات خادمتها المقرّبة وخطيبها، وهم يتبادلون المتعة الجسدية.
- مارغريت... تلك ا*اهرة لا تصلح لشيء.
- أُه...! ر-رجاء لا تهن سيدتي...!
- تقولين هذا وأنتِ مع خطيب سيدتك .
- كم أنت فظ، ...!
كانت تلك المرة الأولى.
رغم أنها نشأت مع أميليا، لكنها لم تسمع منها أنينًا بهذا الانحطاط من قبل.
وكون الطرف الآخر هو رايدن... كان كافيًا لتحطيم عالمها.
صديقتها الحبيبة وخطيبها المحبوب.
ارتجف جسدها وانهارت على الأرض، غير قادرة على احتمال تلك الأصوات الكريهة التي تسللت من خلف الباب.
كأن شوكة ضخمة غرزت في قلبها.
ضاق صدرها، امتلأت عيناها بالدموع، وانطمست رؤيتها.
لكن حتى في يأسها، لم يكن بيدها حيلة.
لقد فهمت الحقيقة.
لقد فات الأوان.
خطيبها الذي أحبّته لم يعد موجودًا.
ظلت تنكر ذلك طويلًا، لكنها الآن لم تعد قادرة على ذلك.
تمسّكت بالماضي كحمقاء، وفي المقابل فقدت أعز أصدقائها.
لم تعد مارغريت تحتمل الاستماع أكثر، فنهضت بصعوبة.
لم تستطع إجبار نفسها على فتح ذلك الباب.
فقط الاستماع إليهم كان مؤلمًا لهذه الدرجة...
فكيف سيكون الأمر لو رأتهما بعينيها؟
ترنّحت مبتعدة، متعثرة.
حتى وهي تهرب عبر الممر، ظلت الأصوات تتسرب من خلف الباب المغلق.
"...لن أسامحكما أبدًا."
مارغريت، التي كانت غارقة في ذكرياتها، قبضت على كفيها فجأة.
كانت عيناها الحمراوان المذهلتان مشبعتين بالكراهية والاحتقار العميقين.
.........
استدارت، وقررت أن تراجع كتبها لتفهم سلوك اليونيكورن الغريب.
مرّ اليوم الحافل بالأحداث، وحلّ المساء.
عاد الطلاب، الذين قضوا اليوم في استكشاف الجزيرة، إلى المخيم الأساسي. وبعد إحصاء سريع للرؤوس، حان وقت العشاء.
لم يكن الطعام فاخرًا—فقط بعض المؤن المحفوظة والمعلبات—لكن الطلاب، المنهكين من مغامراتهم، التهموه بشهية.
وبعد العشاء، تجمع الطلاب حول نار المخيم لإنهاء يومهم.
كانت تجربة تخييم نموذجية.
جلس الطلاب في دائرة حول النار المشتعلة.
طقطقة، طقطقة...
راحوا يتبادلون الأحاديث بحماس، يسردون القصص عن الأماكن الغامضة التي اكتشفوها في الجزيرة.
بعضهم بدأ يعزف على الغيتار ويغني، بينما غفا آخرون بفعل دفء النار.
كان الأساتذة يراقبون طلابهم بابتسامات دافئة، يستمتعون ببراءتهم الشبابية.
كانت ليلة عادية في رحلة مدرسية.
"..."
جلست وسط هذا المشهد الهادئ، نظري ضائع في ألسنة اللهب المتراقصة.
نقطة دفء واحدة، تتوهج بهدوء تحت السماء المعتمة.
امتزج دفء النار مع برودة الليل، ليخلق جوًا مريحًا.
شعرت بنعاس غريب.
هل هذا ما يُسمى "بالتحديق في النار"؟
كأن روحي تذوب في هذا الدفء اللطيف.
"هيه، ما الذي تفعله؟"
وبينما كنت غارقًا في أفكاري، شعرت بمرفق يخزني. كان "غولدن بوي"، جالسًا بجانبي.
عدت إلى الواقع وأجبت، "...هل قلت شيئًا؟"
"تبدو شاردًا. متعب؟"
"قليلاً، أعتقد."
"لماذا لا تنام قليلاً؟ فيوليت نامت منذ فترة."
وأشار "غولدن بوي" نحو الخيام.
هززت رأسي ببطء.
"سأنام لاحقًا. لا يزال الوقت مبكرًا."
"هممم... حسنًا إذًا."
هز "غولدن بوي" كتفيه وأدار وجهه.
تمدّدت قليلًا وألقيت نظرة حولي.
عندها أدركت أن "مارغريت"، العضوة الأخرى في مجموعتنا، لم تكن موجودة.
"أين الآنسة فايلر؟ لا أراها هنا."
"الآنسة فايلر؟ قالت إن لديها أمرًا لتفعله..."
"لماذا تسأل عني؟"
قاطع صوت بارد "غولدن بوي" قبل أن يُكمل.
استدرنا لنجد "مارغريت" واقفة خلفنا، ذراعاها متشابكان وتعبير وجهها غامض.
أجبرت نفسي على الابتسام.
"...فقط كنا نتساءل أين كنتِ، بما أنك لستِ هنا."
"ليس من شأنك."
ردّت "مارغريت" ببرود وجلست بجانب "غولدن بوي".
بدأ "غولدن بوي" يتصبب عرقًا، متلعثمًا، "أم، إذا جلستِ هناك... أ-أشعر ببعض الإحراج... بينكما..."
"إحراج؟"
ضيّقت "مارغريت" عينيها عند همهمة "غولدن بوي".
ارتعش "غولدن بوي" وهزّ رأسه بقوة.
"ل-لا! أعني مرتاح! مرتاح جدًا!"
"جيد. سعيد لأننا متفاهمان."
"..."
كتمت ضحكة كادت تفلت مني من هذا المشهد البائس، لكنني تذكّرت أنني لست في موقع يسمح لي بالضحك، فعُدت للتجهم.
"..."
"..."
"..."
سادت بيننا لحظة من الصمت المحرج.
نظرت خلسة إلى "مارغريت".
كانت تحدق في النار بتركيز، ذقنها يستند على يدها.
للحظة، ظننت أنها مثلي، تتأمل في النار، لكنّ شيئًا ما في تصرفها بدا مختلفًا.
تعبير وجهها كان جادًا جدًا ليكون مجرد تأمل عابر.
كأنها غارقة في أفكار ثقيلة.
في الواقع، كانت على هذه الحال طوال اليوم.
أو بالأحرى، منذ زيارتنا لـ "حديقة النقاء".
هل حدث شيء ما...؟
فكّرت في السؤال الذي لم أستطع أن أطرحه.
امتد الصمت، وأخيرًا، لم يحتمل "غولدن بوي" أكثر، فحطّم الهدوء.
"هيه، أيها المجنون. ما الأغنية التي ستغنيها؟"
"همم؟ أغني؟"
"كما تعلم، لهذا."
همس "غولدن بوي"، مشيرًا بخفة بذقنه نحو شيء ما.
تبعت نظره، فرأيت طابورًا من الطلاب يتناوبون على الغناء.
وكان الطابور يقترب منا.
سألت، غير مصدق، "...انتظر، هل يجب على كل طالب أن يغني؟"
"هاه؟ ألم تكن تعلم؟ الدور يمر على الجميع."
أمال "غولدن بوي" رأسه، وكأنني أنا الغريب هنا.
تنهّدت وضغطت على جسر أنفي.
إذًا لهذا السبب كان الغيتار ينتقل من شخص لآخر...
الجميع مضطر للغناء.
"فما الذي ستغنيه؟"
"لن أغني."
هززت رأسي ردًا على نظرات "غولدن بوي" المتوقعة.
دفعني بمرفقه، بعينين تلمعان بالمكر.
"هيا، لا تكن مفسدًا للجو~"
"هذا لا يليق بنبيل."
"لكنها تقليد من تقاليد الأكاديمية العريقة! تكريمًا للبطل الأول، آش رينولدز، الذي غزا عالم الشياطين واستكشف القارة بأكملها، نحن، الجيل الحالي، نجتمع حول نار المخيم ونتبادل طاقتنا الشبابية! نسميها... 'رقصة الظلال'!"
"حتى الاسم غبي."
"لكن سمو الأميرة غنّت أيضًا!"
"..."
اللعنة، أمسك بي من حيث لم أتوقع.
لا يمكنني الإساءة لتقليد شاركت فيه فرد من العائلة الإمبراطورية.
لماذا وافقت "لوسي" بهذه السهولة؟
كان يجب أن تعرف أنه إن غنّت هي، فالجميع سيشعر بأن عليه أن يغني.
"سموها شاركت بنفسها، فلا تخبرني أنك ستتراجع؟"
"...اصمت."
"هيييهيي~"
أدرت نظري عن "غولدن بوي"، الذي كان يبتسم بثقة.
المزاج الهادئ الذي كنت أستمتع به بدأ يتلاشى بسرعة.
أنا أكره هذا النوع من المواقف...
لماذا يوجد مثل هذا التقليد السخيف، خصوصًا لشخص مثلي، منبوذ اجتماعيًا أصلًا؟
هذا أشبه بالتنمر.
وأنا ألعن الأكاديمية داخليًا، انطلق صوت ميكانيكي مألوف في أذني.
دينغ!
[تنبيه مهمة فرعية!]
"......؟"
ظهرت نافذة زرقاء أمامي، وكأن علامة استفهام طافية فوق رأسي.
مهمة فرعية؟ الآن؟
لا يوجد شيء في الجدول الزمني يبرر مهمة...
مرتبكًا، نقرت على صندوق النص المستطيل.
دينغ!
[مهمة فرعية]
العنوان: أنشودة الروح
الهدف: أكمل بنجاح تقليد الأكاديمية "رقصة الظلال".
[المكافآت:]
1. زيادة الألفة مع طلاب الأكاديمية.
2. 500 نقطة.
[العقوبة عند الفشل:]
لا شيء.
[المدة الزمنية: 2 ساعة، 59 دقيقة، 57 ثانية]
"..."
حدقت في تفاصيل المهمة للحظة، ثم التفت إلى "غولدن بوي".
"...هوي، غولدن بوي."
"نعم؟"
"أحضر الغيتار."
"ماذا؟"
"سأغني أغنية تسلب عقولهم جميعًا."
خمسمائة نقطة مقابل أغنية واحدة؟
لا يمكنني تفويت هذه الفرصة.
[مم: جزء من الفصل كان مليئ بكلام وعبرات غير اخلاقية في فلاش باك مارجريت، ازلت الكتير لكن هذا لا يؤثر على الرواية...]
[Ji Ning]