مرّت أربع ساعات منذ أن بدأت هذه المناوبة الليلية البائسة.
لقد تجاوزت وقتي المحدد بكثير...
لكنني لم أكن أشعر بالنعاس على أي حال، فقررت أن أبقى مستيقظًا بدلًا من التقلب بلا فائدة داخل كيس النوم.
– نقـرة...
"آه... اللعنة..."
أخذت نفسًا طويلًا من سيجارة عشب الموت السابعة، ونفثت سحابة من الدخان في هواء الليل البارد.
وبينما كنت جالسًا هناك، أُصارع الملل، سمعت صوت حفيف قادم من جهة الخيمة.
– خشخشة...
أدرت رأسي لأرى من هناك، ولدهشتي، كانت...
"هاه...؟"
"...فيوليت؟"
رأس بلون البنفسج لمع تحت وهج النيران الخافت.
أملت رأسي قليلًا، أحدق فيها بدهشة.
---
"...آه!"
فتحت الفتاة عينيها فجأة وسط الظلام.
نظرت حولها بفزع للحظة، وقلبها يخفق بعنف في صدرها.
تنهدت بارتياح عندما أدركت أنها بأمان داخل الخيمة.
لقد كان كابوسًا فظيعًا.
أخذت نفسًا عميقًا، تحاول أن تهدئ نفسها وتتخلص من بقايا الخوف.
كان العرق البارد قد غمر شعرها البنفسجي، ملتصقًا بجبينها.
نهضت ببطء.
"..."
كان العالم خارج الخيمة يغرق في الظلمة.
لم تكن تعرف الوقت بالضبط، لكنه بدا وكأنه تجاوز منتصف الليل بكثير.
جلست لفترة، شاردة الذهن، قبل أن تبدأ الدموع تترقرق في عينيها.
كان الكابوس حيًا ومريعًا، ما زال يطاردها في يقظتها.
– ابتعدي عني، أيتها الطفلة الملعونة.
– أوغـه... ما هذا الذي على وجهك...؟!
– ابعدي، أنتِ مقززة.
"آه... شـهـيق، شـهـيق..."
غطّت فمها بيدها، تكتم بكاءها حتى لا توقظ من ينامون بجانبها في الخيمة.
لكن ذلك الكبت جعلها تشعر بمزيد من البؤس.
كما لو أن يدًا نارية كانت تلف عنقها، وتخنق أنفاسها ببطء.
أخيرًا تمالكت نفسها، تمسح دموعها من على وجنتيها.
"هـاه... هـاه..."
خرجت من كيس النوم، وتقدمت نحو مدخل الخيمة.
كانت الضمادات على وجهها مبللة بالدموع والعرق، وتحتاج إلى استبدال.
قبضت على لفة جديدة من الضمادات وهي تفتح سحاب الخيمة.
– زييب...
ومع انفتاح الحاجز بين الداخل والخارج، أول ما لفت انتباهها كان...
نار مشتعلة، تتراقص بوهجها في عتمة الليل.
"......؟"
حدقت في اللهيب المتراقص، وأفكارها تتسارع.
كان منتصف الليل. لماذا ما زالت النار مشتعلة؟
هل يعقل أن هناك من لا يزال مستيقظًا...؟
"آه...!"
اتسعت عيناها بدهشة وهي تمسح محيطها بنظرها.
كان يجلس بجانب النار فتى، يحدق بها بهدوء.
نظر إليها بدهشة، وصوته خرج كهمسة منخفضة:
"...فيوليت؟"
كان شعره وعيناه بلون السماء الليلية، يلمعان تحت وهج النار.
تحت عينيه هالات داكنة خفيفة، ووجهه مرهق بوضوح.
إنه الطالب الأشهر في الأكاديمية بسوء السمعة، رايدن ليشت، المعروف بلقب الشاب المجنون.
"هق!"
أطلقت فيوليت شهقة قصيرة، واستدارت هاربة نحو الخيمة.
لكن قبل أن تخطو خطوة واحدة...
"إلى أين تظنين أنك ذاهبة؟"
"هق..."
صوت رايدن، الممزوج بنبرة ساخرة، أوقفها في مكانها.
تجمدت فيوليت، وجسدها يرتجف بخفة.
السمعة التي سمعتها عنه، بالإضافة إلى هالته المخيفة الطبيعية، ملأتها بالخوف.
إنه الابن الأكبر لأحد أقوى ثلاثة دوقات في الإمبراطورية.
ورغم أنه قد جُرّد من لقبه ونُبذ كعار على عائلته، إلا أنه لا يزال شخصًا لا يُستهان به.
وبالنسبة لشخصة عادية مثل فيوليت، كان ببساطة شخصًا يفوق مستواها كثيرًا.
"......"
"......"
راقبها رايدن بصمت للحظة، وعيناه تحملان شيئًا من الانزعاج، قبل أن يتنهد.
ثم رمى جذعًا آخر في النار وقال بصوت عابر:
"تعالي واجلسي."
---
"اجلسي."
"......؟"
نظرت إليّ فيوليت بذهول، وكأنها لم تفهم ما قلته للتو.
قطّبت حاجبيّ وكررت كلامي:
"قلتُ لك، اجلسي."
"......!"
وأخيرًا بدا أنها استوعبت كلماتي، فهرعت إلى المقعد بجانبي.
... لم أقصد أن تجلس بهذا القرب تحديدًا، لكن لا بأس.
أطفأت سيجارتي على الأرض، ثم التفتُّ لأنظر إليها.
"كنتِ نائمة، أليس كذلك؟"
"آه، ن-نعم، أقصد، ل-لا، نعم..."
كان صوتها متوترًا ومشدودًا، ولسانها يلتفّ على نفسه.
كانت سيئة حقًا في التعامل مع الناس.
لكن بهذا السوء...؟
كأنني أنظر إلى مرآة، تعكس ماضيي.
ابتسمتُ ابتسامة مريرة، وداخل صدري وجع غريب.
انزلقت عيناي نحو وجهها.
شعرها البنفسجي انساب على كتفيها، وظلال النار تتراقص في عينيها.
وميض خافت في عينها البنفسجية، بينما الأخرى مخفية خلف ضمادة بيضاء نقيّة تغطي معظم الجانب الأيمن من وجهها.
"......"
شعرتُ بموجة من الحزن تغمرني عندما رأيت آثار الدموع على وجنتيها، وبلل الضمادة التي تغطي عينها اليمنى.
حدّقتُ في تلك الآثار للحظة، قبل أن أقول بهدوء:
"رؤيا سيئة؟"
"...ماذا؟"
"على وجهك آثار دموع."
"آه! ه-هذا...! لا شيء...!"
سارعت بمسح عينيها وهزّت رأسها، وقد احمرّت وجنتاها خجلًا.
وأثناء مسحها لوجهها، لاحظتُ أن الضمادة جديدة.
"الضمادة...؟"
"آه... ح-حسنًا... يجب أن أبقيها نظيفة، لذا... كنتُ على وشك تغييرها..."
تمتمت، وهي تعبث بالضمادة في يدها.
أومأت برأسي.
"أفهم... إذًا خرجتِ لتغيير الضمادات."
حسب ما أتذكّره من القصة الأصلية، كانت فيوليت شديدة الحساسية تجاه عينها المشوهة، وكانت تكره أن يراها أحد.
لا بد أنها شعرت بعدم الارتياح في تغيير ضمادتها داخل الخيمة، خوفًا من أن يراها أحد.
"أمـ... هل يمكنني الذهاب الآن...؟" سألت بتردد.
"لماذا؟"
"آه!"
ارتجفت عند نبرة صوتي الباردة، وسرعان ما جلست مجددًا.
"أ-أنا آسفة...!"
"أنا فقط سألتُ سؤالًا."
"ح-حسنًا... أحتاج إلى أن أكون وحدي لأغير الضمادات... فقط... لأن ندبتي قبيحة جدًا... ولا أريدك أن تراها..."
بدأت تهذر، تتعثر كلماتها وتتداخل من شدة استعجالها.
كانت مضطربة ومتوترة لدرجة كادت تجعلني أشعر بالشفقة عليها.
"ل-لذلك! أحتاج فقط للذهاب لمكان آخر لتغييرها!"
أنهت شرحها المرتبك ونظرت إليّ بعينين تتوسلان.
توقفت لوهلة ثم قلتُ:
"حسنًا. يمكنكِ تغيير ضماداتكِ."
"ن-نعم! ش-شكرًا لك!"
تنفّست الصعداء، وبدأت تنهض من مكانها.
لكن للأسف بالنسبة لها، لم أكن أنوي السماح لها بالمغادرة بعد.
"إلى أين تذهبين؟"
"هاه؟ لتغيير الضمادات... في الغابة..."
"أعتقد أنني قلت فقط يمكنكِ تغيير الضمادات. لم أقل إنه يمكنكِ المغادرة."
لم أسمح لها بالذهاب إلى أي مكان.
تغيّر وجه فيوليت، وأدركت خطأها.
"هاه...؟ ولكن... إذًا كيف من المفترض أن..."
"غيريها. هنا، أمامي."
قلت ببساطة.
شحب وجهها، وتيبّس جسدها، وبدأت ترتجف.
---
في هذه الأثناء، على الجانب الآخر من الجزيرة، كانت مشاهد مروّعة تتكشّف في الغابة قرب الموقع السياحي المعروف باسم "قبر النجوم".
-صليل...! صدام! ارتطام! طقطقة!!
ترددت أصوات تصادم المعدن بالمعدن عبر هواء الليل البارد.
كان لوكاس، أستاذ الصف رافاييل، في معركة شرسة ضد مجموعة من الفرسان الموتى المجهولين.
كان يحمل خنجرين، يتحرك برشاقة ودقة وهو يصد هجماتهم.
-صرير...! انفجار!!
مزقت ضوضاء المعركة العنيفة سكون الفجر الوشيك.
تفادى لوكاس وابلاً من السهام، وأنفاسه متقطعة، وهو يحاول صد تلك الكائنات الوحشية.
كانت تهجم عليه بلا هوادة، وعيونها مشتعلة بضوء غير مقدس.
لم يكن هناك وقت للراحة، ولا لحظة لالتقاط الأنفاس.
"انعكاس!!"
هتف بتعويذة، فانقلبت السهام العديدة في الهواء نحو مهاجميه.
-رطم، رطم!
اخترقت السهام رؤوس الفرسان الموتى في مقدمة المجموعة، وأسقطتهم أرضًا.
استغل لوكاس الفرصة وشنّ هجومًا مضادًا قبل أن يتمكنوا من إعادة تنظيم صفوفهم.
ضخّ ماناه في خنجريه، فتوهجت الشفرات بضوء أزرق.
امتزج السحر بضرباته الجسدية.
جمع بين عنصرين، ليُنتج نوعًا جديدًا من الضربات:
الضوء.
والاشتعال.
التعويذة السابعة من تعاويذ التطهير – مزيج قوي من سحر متوسط المستوى.
"انفجار المستعر الأعظم!"
-بوممممم!!!
لوّح بخنجيه المتوهجين، مطلقًا موجة من الطاقة المتفجرة التي اجتاحت الفرسان.
صرخت الكائنات الميتة بينما أحرقتهم النيران المطهّرة، وأجسادهم تتلاشى إلى رماد.
"هاه... هاه..."
تراجع لوكاس، صدره يعلو ويهبط.
توقّف الفرسان الباقون، وكأنهم مصدومون من قوّته، وأخذوا لحظة لإعادة التشكيل.
حاول التواصل مع المعسكر باستخدام جهاز الاتصال الطارئ...
-نقـ، نقـ، نقـ...
لكن لم يكن هناك إشارة.
رماه أرضًا بغضب.
قبض على خنجريه بإحكام، وعيناه تنطقان بالجدية.
"هذا... ليس جيدًا."
كان حدسه صائبًا.
كان يقوم بجولة استطلاعية حول الجزيرة، وهذا هو آخر مكان زاره قبل أن يعود إلى المعسكر.
"ما هؤلاء؟"
لم يشعر بأي اضطراب في تدفق المانا، ولا بطاقة شيطانية.
ومع ذلك، ها هم أمامه.
كائنات ميتة بلا هالة شيطانية.
لم يكن يملك أدنى فكرة عن نوع الوحش الذي قد يكون أطلق مثل هذه المسوخ.
-صليل، صليل...
عاد الفرسان الموتى يتقدمون، ببطء ولكن بإصرار لا يلين.
ضحك لوكاس بسخرية، وهو يمسح العرق عن جبينه.
"على الأقل... يمكن التعامل معهم."
الوضع لم يكن مثاليًا.
خرج بمعدات خفيفة لجولة استطلاع بسيطة، وتجهيزاته لا تكفي لمعركة طويلة.
كما أصيب في ساقه خلال الهجوم الأول، مما جعل الهرب مستحيلاً.
وكمية المانا لديه بدأت تنفد بشكل خطير.
لكنه كان أستاذًا في الأكاديمية.
رئيس المدرّسين، في أعرق مؤسسة تعليمية في القارة بأكملها.
رغم الظروف غير المواتية، كان يحقق تقدمًا بطيئًا.
"كان عددهم في البداية سبعة وثمانين... بعد ضربتي الأخيرة، أعتقد بقي حوالي عشرين."
كان على وشك النفاد من الطاقة...
لكن إن كان مستعدًا للتضحية بأصبع أو اثنين، فقد يتمكن من النجاة.
"إن أصبتُ... سيتحطم قلب حبيبتي..."
تذكّر المرأة التي يحبها، فتصلّبت ملامحه بعزم.
ذلك أفضل من أن يتحوّل إلى جثة.
كان على وشك أن يندفع نحو الفرسان الباقين، عندما دوّى صوت أوقفه:
"قف مكانك."
وضغط هائل اجتاح المكان، وجثا لوكاس على الأرض من شدّته.