همس نيفيلار بكلمات ثقيلة وكأنها تخرج من عمق قلب محطم، يحدق في كي، نظراته مكسورة:
"في النهاية... أنا مجرد أب يحاول إنقاذ ابنته وسعادته... لست قاتلًا... أو وحشًا."
كانت الكلمات تتناثر من فمه كما لو كان يتمنى أن يُنقذ نفسه من الذنب الذي يلاحقه، يائسًا من أي حل سوى الاستسلام لما تبقى له من حياة.
ثم، بارتجافٍ غريب، رفع نيفيلار عينيه إلى كي وقال بصوتٍ منخفض لكنه مليء بالإلحاح:
"اقتلني... إذا كنت ترى أنني لا أستحق الحياة... إذا كنت تعتقد أنني وحش. اقتلني، كي."
قبل أن يستطيع كي الرد، ركل نيفيلار بحركة واحدة حاسمة، وأصبح جسده يسقط على الأرض ككيس ثقيل. سكتت الأجواء للحظة، وعيناه تبتعدان عن كي وهو يئن متألمًا.
نظر نيفيلار إلى الأرض، وسقطت دموعه، ثم قال بصوتٍ يكاد يُسمع:
"لا ألومك..."
لكن كي لم يتوقف. نظر إلى نيفيلار بعينين مليئتين بالازدراء والبرود، ثم نظر إليه وكأن هناك شيئًا يقشعر له الجسم.
"أنت مثير للشفقة... شخص أحمق... ذليل."
كانت الكلمات تقطر سخرية واحتقار، كما لو كانت تحمل حملاً من معاني الإهانة التي لا تُغتفر. هز كي رأسه ببعض اليأس، مكملاً جملته ببساطة، وكأن نيفيلار لا يستحق حتى المزيد من النقاش.
ثم نظر كي إلى نيفيلار، الذي كان ما زال على الأرض، مكسورًا في كل شيء، وقال بنبرة باردة وحادة جدًا، مليئة بالغلظة:
"هل تظن أنك مخطئ عندما تم اختطاف ابنتك وحيدة؟ هل تشعر أن كل شيء يقع على عاتقك وحدك؟"
سؤال كي كان باردًا كالجليد، كأنه يعكس الجحيم الذي يعيشه نيفيلار داخل نفسه، كما لو أنه يحاول سحب كل مشاعر الألم إلى ذاته. لكنه كان يرى نيفيلار الآن ليس كما كان من قبل، بل كشخص معذَّب وأضاع حتى إنسانيته.
أجاب نيفيلار بصوت منخفض، محطّم، كان من السهل سماع ضعفه في صوته:
"أشعر... نعم... أشعر كما لو أنني وحدي المسؤول. ولكن الحقيقة هي... ليس أنا المذنب الوحيد. بل من خطفوا ابنتي."
نظر كي إليه بعينيه الحادتين، والبرود الذي يحيط به يكاد يقتله. ثوانٍ قليلة من الصمت مرّت قبل أن يجيب كي أخيرًا، صوته لا يحمل أي شعور بالعطف، بل كان أقسى من أي قسوة سابقة.
"أنت مذنب... وحدك. ليس أي أحد آخر مذنب في اختطاف ابنتك. حتى تلك العصابة... كانوا مجرد أدوات."
أصيب نيفيلار بالدهشة لوهلة، وتراكمت الأسئلة في ذهنه، ثم نظر إلى كي بعينين مليئتين بالألم والمذلة، وسأله بصوت مكسور:
"كيف؟ كيف تكون أنا المذنب الوحيد؟"
أجاب كي وهو يقترب منه خطوة بخطوة، كل كلمة تُقذف كالسهم إلى قلب نيفيلار:
"بصفتك أبا، كان عليك أن تحمي أولادك. مهما كان الثمن. كان عليك أن تموت من أجلها... كان عليك أن تموت بدلًا من أن تعيش... وأنت تحاول استرجاعها."
توقف كي للحظة، وغمض عينيه وهو يقول بصوت أشد قسوة:
"ابنتك الآن... تعاني. تقول: 'لماذا تركني أبي؟ لماذا؟' لكنك سمحت لهم أن يأخذوها كالجُبن... وتطلب مني أن أقتلك؟ أنت لا تستحق أن تكون أبا....ولا تستحق ان تتذكر ابنتك كأب لها ".
تجمد نيفيلار في مكانه، وكأن الكلمات التي سمعها قد تجمدت في أعماق قلبه. كل جسده كان كالصخر، عينيه فارغتين، لا حراك فيهما سوى ألم مميت يختنق به.
كي، كان واقفًا أمامه، عينيه تغطيها طبقة من الظلام الدامس. نظرته لم تكن سوى جمود قاتل، مثل حفرة مظلمة بلا نهاية. لم يكن هناك شفقة في عينيه، بل كانت نظراته فارغة، باردة.
"تلك الكلمات..." همس نيفيلار بصوت مقهور، كأن الكلمات تخرج من جوفه ميتة، عائمة في البحر المظلم الذي يحيط به. "لا ذرة شفقة فيها... تلك عيون خلقها ظلام دامس مرعب."
كي لم يرف له جفن، ظل ثابتًا كما هو، نظرته تظل باردة كالثلج.
ثم، بعد لحظة صمت، تجمد الزمن حولهم. حتى أن الهواء نفسه بدا وكأنه يختنق بينهما. أخيرًا، نظر كي إلى نيفيلار بعيون قاتمة، وأجاب ببرود شديد:
"هل ستبقى هكذا؟ أم ستنقذ ابنتك؟ أو على الأقل، تموت وأنت تحاول إنقاذها؟"
كانت الكلمات وكأنها صاعقة، كأنها سكينٌ تغرس في صدره. تجمد نيفيلار في مكانه، عينيه تتسعان في صمتٍ طويل، كما لو أنه يبحث عن أي إجابة في أعماقه، لكنه لا يجد سوى الظلام الذي يحيط به. ثم، بعد لحظات من الانهيار النفسي العميق، سمع كي تلك الهمسات التي خرجت ببطء من فم نيفيلار.
"سوف أنقذ ابنتك... أيها السفاح المثير للشفقة."
امتدت خطواتهما وسط ردهات القصر الصامت، الجدران الحجرية تعكس وقع أقدامهما بجمود ثقيل، كما لو أن المكان نفسه يرفض التفاعل.
نيفيلار قال بصوت خافت بعد لحظات من الصمت:
"شكرًا لك... على مساعدتك، لم أكن أتوقع أن—"
توقف كي فجأة، نظر إليه بحدة دون أن يدير جسده، وقال بصوت منخفضٍ يقطر غضبًا:
"هذا ليس عملًا خيريًا."
أكمل سيره دون أن ينتظر ردًا.
صمت نيفيلار لحظة، ثم حاول مجددًا، بابتسامة مرهقة:
"قصر فخم… لم أرَ مثله من قبل، هل—"
"لا تتحدث."
قاطع كي ببرود، عينيه تركزان للأمام، وصوته مثل نصلٍ قاطع.
"لا تضيّع أنفاسي في حديث فارغ."
سحب نيفيلار نفسًا قصيرًا، وخفض رأسه، يمشي خلف كي في صمتٍ ثقيل، والصدى الوحيد المتبقي كان وقع أقدامٍ لا تشاركها الأرواح أي دفء.
في عمق الممرات الضبابية تحت الجبل النووي، ارتفعت حرارة الهواء وثقله مع كل خطوة، وكأن الصخور تفرز توترًا لا مرئيًا. الأشعة المتسرّبة من الجدران المتصدعة كانت تُلقي بوهجٍ أخضر باهت، يتراقص فوق وجوه أفراد الفريق.
زايكو صرخ وهو يركل حجرًا مشعًا:
"إلى متى نبقى هنا؟ أشعر أن جسدي سيتحلل قبل أن نجد شيئًا!"
أجابه تايغا، وهو يحدق في الخريطة الحرارية:
"المكان مليء بمستنقعات نووية، بعضها مخفي. إذا سقط أحدنا فيها، لن يجد سوى الموت البطيء. هذه ليست مجرد كهوف… إنها مقبرة ذكية."
كايغو انحنى قرب أحد الشقوق، يراقب آثارًا طينية متوهجة، ثم تمتم بتحليل هادئ:
"وحوش مشوهة… طفرات مانا... وتغيرات إشعاعية في الهواء. المكان لا يصدر طاقة طبيعية. هناك شيء... حي... يشوّه كل ما حوله."
زايكو عبس:
"لكن لماذا شعرنا بمانا زعيم هنا؟ جئنا مباشرة إلى هذا المكان بناءً على تلك الإشارة، ولم نجد شيئًا!"
قبل أن يرد أحدهم، انحبست أنفاسهم. من نهاية الممر المظلم، ظهرت ظلال تتحرك بهدوء. تقدم أولهم بخطى باردة وعيون تشقّ الهواء بنظرة صارمة.
"كي؟" تمتم كايغو، غير مصدق.
كان كي يسير بهدوء، وإلى جانبه رجل غريب، شعره أسود طويل، وعيونه داكنة كسواد المستنقعات التي حولهم. ملامحه لا تشبه الوحوش، لكنها ليست بشرية بالكامل... كانت عينيه تفضحان ماضٍ مثقل، ودماءه تسير على حافة الانفجار.
"من هذا؟" همس زايكو.
تايغا، بنبرة خافتة لكنها مشدودة:
"هل هذا… كي؟ هل يسير هنا حقًا… وهو ليس وحده؟"
زايكو زمّ شفتيه، يحاول تحليل الموقف:
"من الرجل الذي بجانبه؟ لا يبدو مألوفًا… ولا أشعر أن ماناته بشرية."
تايغا ينظر حوله بتوتر:
"ماذا عن البقية الذين دخلوا قبله ولم يخرجوا؟ أربعة أفراد من وحدتنا اختفوا هنا… ولم نجد لهم أثرًا حتى الآن."
كايغو لم يقل شيئًا… تقدّم وحده.
خطواته كانت بطيئة لكنها حاسمة. توقف أمام كي على مسافة قصيرة، يحدق فيه دون أي كلمة. نظرته لا تحمل ترحيبًا، بل فحصًا عميقًا، كأن عينيه تبحثان عن شيء خلف وجه كي.
الهواء بينهما أصبح كثيفًا، مشبعًا بالتوتر والترقّب.
كي نظر إليه للحظة… ثم تابع سيره دون أن ينبس بحرف، وكأن اللقاء مؤجل لحظة أخرى.
لكن كايغو… لم يتحرك من مكانه. لم يتراجع. لم يفتح فمه.
هو فقط… ظلّ واقفًا.
نيفيلار توقّف بجانب كي، عيناه تتنقلان بينه وبين ذلك الشاب ذي العيون الحادة. لم يعرف من هو… لكن شيئًا في وقفته، في صمته، جعله يشعر أن هذا السياف مختلف. ليس من النوع الذي يتكلم كثيرًا… بل من النوع الذي يقتل أولًا.
نظر كي إلى كايغو ببرود، واستمرّ في المشي دون أن ينطق.
نيفيلار همس لنفسه:
"من هذا؟... لماذا تجاهله كي هكذا؟ هل يعرفه؟ أم… يخشاه؟"
لكن كايغو التفت فجأة، صوته جاء هادئًا كالسيف قبل القطع:
"كي… هل قتلت الزعيم؟"
توقّف كي في مكانه. رفع رأسه قليلًا دون أن ينظر إليه مباشرة، وردّ بجفاف:
"ليس بعد."
كان ذلك كافيًا لتجميد الهواء من حولهم للحظة.
نيفيلار أراد أن يكسر الصمت المتلبد، فتقدّم خطوة وقال محاولًا التودد:
"اسمي نيفيلار… شكرًا على كل شيء، يبدو أنك من الفريق. لقد…"
لكن كايغو لم يلتفت حتى.
تجاهله تمامًا. كأن صوته لم يصل إليه أصلًا.
نيفيلار خفض عينيه وتمتم في نفسه، بقهر خفيّ:
"لم أتوقع أن أُقابل بالبرود من الجميع… هل أنا مجرد غريب في عالمهم؟ أم أنني… لا زلت مثيرًا للشفقة في أعينهم؟"
وقبل أن يزداد المشهد توترًا، خرج زايكو من داخل أحد الممرات الخلفية. وجهه مشحون بالغضب، عروقه منتفخة، وماناه تتطاير حوله بشرر خفيف.
"أخيرًا ظهرت يا كي!"
تقدّم نحوه بخطوات حادة، يشير إليه بإصبع متشنج.
"أين كنت بحق الخالق؟! كنا عالقين وسط مستنقعات مشعة، اعضاء فريق اختفوا، ونحن نُجرّ كالجيف داخل هذا الجبل القذر، وأنت؟! تتمشى؟!"
ثم نظر إلى نيفيلار باحتقار:
"ومع من؟ مع شخص غريب… واضح أنه لا يملك حتى هيبة ميت."
نيفيلار خطا خطوة للأمام، رافعًا يده في محاولة لتهدئة الأجواء المتوترة:
"أرجوكم، هناك سوء فهم، كي لم..."
لكن كي قاطعه ببرود قاتل، دون أن ينظر إليه حتى:
"لا تتدخل."
ثم وجه نظره نحو الفريق، وتحديدًا إلى زايكو الذي بدا على وشك الانفجار.
"أنا لا أهتم بفريقكم..."
نطق بها كي بنبرة هادئة، لكن كل كلمة فيها كانت أشد من السيف.
"ولا يهمني إن عشتم أو متّم... لا أهتم بمشاعركم، ولا بخسائركم. الشيء الوحيد الذي يعنيني هو الفوز."
ثم نظر إلى زايكو مباشرة، عيناه لامعتان ببرود مخيف:
"وسأفعل أي شيء لأصل إليه. أي شيء. حتى لو اضطررتُ أن أضحي بكم جميعًا."
زايكو لم يحتمل. دفع الأرض بقدمه بقوة واندفع نحو كي، ماناه تتفجّر من جسده كبركان هائج.
"سأجعلك تندم على كل كلمة!"
لكن يد كايغو ظهرت فجأة، أمسكت بزايكو من كتفه، أوقفته دون جهد واضح، ولكن بنظرة حاسمة.
"ليس الآن."
زايكو تقهقر ببطء، لكنه كان يغلي داخليًا، يهمس بين أسنانه:
"سأتذكّر هذا... لن أنساه أبدًا."
كايغو تقدّم خطوة إلى الأمام، نظر إلى كي بجدية:
"لدينا هدف مشترك. هذا المكان مليء بالفخاخ والوحوش، إذا تعاونّا..."
لكن كي قاطعه بسخرية واضحة، نبرة صوته مليئة بالازدراء:
"تعاون؟ أنا؟ مع بشر؟"
ضحك ضحكة قصيرة، بلا دفء.
"آسف، لكنني لا أثق بأيٍّ منكم... لا أراكم سوى عبئًا. بطؤون. ضعفاء. تصرخون عندما تؤذون وتصرخون أكثر عندما تُؤذون غيركم. أنتم تؤخّرونني فقط."
توقّف، وألقى نظرة على الجميع كأنهم مجرد حشرات حوله:
"لا تنتظروا مني شيئًا. وإذا تجرّأ أحدكم على الوقوف بطريقي... فلن أتردد."
خرج تايغا أخيرًا من الظلال، وقف بجانب كايغو وزايكو، ونظر نحو كي بنظرة جمعت بين الريبة والاستفهام.
قال بنبرة هادئة لكنها مشحونة:
"غريب... ترفض التعاون معنا، وتقول إننا عبء، لكنك تسير مع هذا الرجل... هل هو أقوى منا حقًا؟"
كي لم يلتفت، استمر في سيره بثبات، لكنه قال ببرود:
"ليس الأمر مسألة قوة... بل مسألة فائدة."
توقف لوهلة، ثم أدار رأسه قليلًا، وعيناه تلمعان بنظرة ساخرة:
"على الأقل، هو يعرف ما يريد... ومستعد ليخوض عذاب ليحصل عليه. أما أنتم..."
هز كتفيه بلا مبالاة:
"ما زلتم تتناقشون....وايضا هو يعرف أنه ضعيف ....يعرف قدره ...اما انت مجموعة حمقى تظنون أنفسكم ملوكا ".
ثم التفت إلى نيفيلار وقال بحدة:
"لنتحرّك."
بدأ الاثنان بالتحرك نحو الممر الجنوبي، والفريق يحدق بهما بحيرة متزايدة. زايكو قبض قبضته بقوة حتى احمرّت كفّه، أنفاسه تتسارع من الغضب، لكن لم ينبس ببنت شفة.
كي لم يلتفت إليهم، بل وجه سؤاله إلى نيفيلار بنبرة مباشرة:
"هل تعلم أين يتواجد الزعيم؟"
نيفيلار تردد قليلًا قبل أن يجيب:
"زعيم؟"
ثم تابع بجدية:
"لا يوجد زعيم هنا... ما كان موجودًا لم يكن سوى ظل... تمويه."
توقّف كي فجأة. خطواته الحاسمة جمدت في منتصف الممر المظلم، وملامح دهشة خفيفة لكنها حقيقية ارتسمت على وجهه لأول مرة منذ دخوله هذا المكان.
نيفيلار لاحظ ذلك، انحنى قليلاً ناحيته وسأله بصوت متردد:
"ما بك؟"
أجاب كي، وعيناه تتحركان بسرعة كأن عقله يعيد ترتيب قطع لغز خطير:
"قال لنا المشرف إن هدفنا هو قتل الزعيم هنا... لكنك قلت قبل قليل إنه لا يوجد زعيم."
نيفيلار أومأ:
"صحيح، لم أرَ زعيمًا... مجرد أوامر تأتي عبر وسطاء، لا أحد نعرفه شخصيًا."
كي ضيّق عينيه، همس لنفسه أولًا ثم قال بصوت أعلى:
"المشرف لا يخطئ... ومستحيل أن يخدعنا هكذا."
ثم التفت بحدة إلى نيفيلار وسأله بنبرة جادة:
"أخبرتني أن عصابة أجبرتك على القتال والقتل هنا... وأنك نفّذت عمليات كثيرة."
نيفيلار أومأ من جديد:
"نعم، قَتلتُ كثيرًا ممن دخلوا هذا المكان... أغلبهم كانوا ممن يُسمّون ممتحنين."
كي تجمد لحظة، ثم سأل ببطء:
"كيف دخلت أنت أصلًا إلى هذا المكان؟"
نيفيلار أجابه:
"تم نقلي من جهة مجهولة... قيل لي إنها تجربة خاصة، لا تخضع لقوانين الاختبار العادي... أدخلوني من ممر لم يُفتح من قبل حسب قولهم."
صمت كي للحظة، ثم رفع رأسه ببطء، وعيناه صارتا أضيق وأكثر حدة، ونبرته برد جليدي:"هذا يعني أننا... خُدعنا."
زايكو: (بغضب) هذا عبث! لا أحد يخطط لشيء! كي يعبث وحده ونحن نتخبط هنا بلا هدف!
تايغا: اهدأ! لسنا وحدنا من فقد السيطرة، نحن عالقون في أرض مشوهة بالمانا، لا نعرف من يراقبنا ولا ما نواجهه…
(كايغو يقف صامتًا، عيونه تحلل محيطه كالعادة)
(خطوات بطيئة ومعدنية تدوي في الفراغ)
يظهر رجل غريب بوجه ذئب مغطى بقناع معدني غامض، يرتدي درعًا قتالياً أسود مائل للرمادي، مزودًا بأنابيب طاقة خضراء خافتة)
زاركاس: (بصوت هادئ وعميق) يبدو أنكم بحاجة إلى توجيه... اسمي زاركاس.
(الفريق كله يتراجع خطوة دون وعي، يرفعون حذرهم)
زايكو: (ساخرًا) حقًا؟ وذئب يتحدث الآن؟ آسف، لسنا بحاجة لمهرجين مقنعين.
زاركاس: (يكتفي بنظرة واحدة لزايكو، ثم ينظر لباقي الفريق)
لم آتِ للقتال... على العكس، يمكنني أن أخرجكم من هذا المكان، أو على الأقل أمنحكم طريقًا لا ينتهي بكم في مستنقع إشعاعي.
تايغا: (بهمس لكايغو) هل نثق به؟
كايغو: (يراقب زاركاس بصمت، ثم يقول دون أن يشيح بعينيه) ليس بعد…
زاركاس: (وكأنه قرأ الشك في عيونهم)
يمكنكم البقاء هنا والموت ببطء... أو أن تمنحوا الذئب فرصة ليقود القطيع.
زاركاس (بهدوء وابتسامة خفيفة تحت قناعه):
"تعلمون... هذا المكان لم يُبنَ لأجل بشرٍ ضعفاء يبحثون عن إجابات. بل لأجل أولئك الذين يخلقون الأسئلة بأنفسهم... أنتم لستم من هذا النوع، لكن... قد تنجحون إن تبعتم خطواتي."
زايكو (بصوت قاسٍ):
"كفى تمطيطًا أيها الذئب المسرحي... لن نتبع أحدًا لا نعرفه، ولن نأخذ تعليمات من قناع."
كايغو (بهدوء):
"كلماتك ناعمة، لكنها طويلة أكثر مما ينبغي..."
تايغا (بقلق، يراقب النفق خلفهم):
"كيف يظهر كل هؤلاء الغرباء فجأة؟ نيفيلار، كي، والآن هذا؟ لا أحد منهم ممتحن مثلنا... ما الذي يجري؟"
زاركاس (يضحك بهدوء، نبرة صوته تتغير تدريجيًا):
"آه، أنتم حقًا تأخرتم عن فهم اللعبة... لكن لا بأس، الحكاية تصبح أجمل حينما تُكسر القواعد."
[فجأة، تُسمع زئيرات خافتة تتردد من كل الجهات. من خلف الصخور، بين الشقوق، وحتى من فتحات التهوية في الجدران، تبدأ ذئاب هائلة مشوهة بالتسلل. أنياب لامعة، أجساد مشعة مشوهة بالطاقة النووية، عيونها تتوهج بلون أحمر دامٍ.]
زاركاس (بابتسامة باردة):
"من الجيد أنكم رفضتم مساعدتي... هكذا سيكون طعم خيانتكم أكثر عذوبة."
[الفريق يتخذ وضعية دفاعية، عيونهم تراقب الذئاب المحيطة بهم من كل اتجاه]
زايكو (بغضب):
"لقد خدعتنا أيها الحقير!!"
زاركاس (يرفع يده بثقة، والذئاب تزأر بصوت واحد):
"الآن دعونا نبدأ الاختبار الحقيقي..."