الغضب يعصف بالمكان. الذئاب النووية تحيط بالفريق من كل الجهات، أنيابها تقطر إشعاعًا، وعيونها تحترق بلون جمر مسموم.

زاركاس يقف أمامهم، وجهه المغطى بقناع يشبه رأس ذئب، وصوته ساخر:

زاركاس: "ظننتم أنكم الأفضل، لكنكم لم تتجاوزوا بعد مرحلة الصيد. أنتم الفرائس هنا."

زايكو يصرخ وهو يلوّح بيده:

زايكو: "وقح! سنحرقك مع هذه الذئاب!"

تايغا (هادئًا): "اصمت زايكو، نحن محاصرون."

في لحظات، أرض المستنقع تتشقق، أذرع آلية تنبثق من تحت الطين، تُقيد الفريق وتحبسهم في قفص طاقة نووي مشوّه.

الذئاب تتراجع. زاركاس يتقدم نحو كايغو، يقف أمامه دون تردد:

زاركاس (يهمس له بنبرة خبيثة): أنت مختلف… أستطيع رؤيتها في عينيك. أنت لا تنتمي لهذا القطيع.

كايغو (ببرود): قل ما عندك.

زاركاس: أريدك أن تذهب إلى رفيقك… كي.

زاركاس: "اذهب إليه، أخبره أن أصدقائك في قبضتي. و... خذ وقتك في إقناعه، أريد التسلية. وإذا لم يعد؟"

(يضحك) "سأبدأ بأكلكم واحدًا تلو الآخر."

ولا تنسى بتبليغه برسالة بسيطة: "اللعبة بدأت."

لكنني أحتاج ضمانًا… أنك لن تخونني.

الفريق يصرخ:

زايكو: "كايغو، لا تستمع له!"

تايغا: "إنه يخدعك، سيجعلك خائنًا في عيوننا!"

كايغو (دون تردد، يخلع سيفه الشهير، ويطعنه في الأرض أمام زاركاس): هذا سيفي. علامة ولاء.

لكن اعلم... إن حاولت لمسي، سأجعلك تندم على ثقتك.

زاركاس يضحك بخفة:

زاركاس: "أنت أذكى مما توقعت."

يأخذ السيف دون تردد.

تايغا (بصدمة): "كايغو... ماذا تفعل؟!"

زايكو (بغضب): "خائن!"

لكن عيني كايغو تلمعان بخفة. لا مشاعر. لا ندم. بل خطة.

يبتعد ببطء، تاركًا زاركاس يضحك، والفريق في صدمة.

بين الركام والدخان المعلّق في الهواء، كان كي ونيفيلار يقفان في صمت ثقيل، يحلّلان آثار الخراب التي تركها ما حدث. فجأة...

شقّ هواء المكان صوت طقطقة شريرة، وانفتحت البوابة بصرير معدني عميق، كأنها تمزق نسيج العالم.

خرج منها كايغو.

عيناه خامدتان، برود قاتل يسكن ملامحه، مشيته كأنها لا تحمل وزن الزمن، بل تقطعه.

رفع نيفيلار سيفه بتوتر غريزي:

"من هذا...؟"

كي لم يحرّك عينه عنه، بل قال بصوت خافت كأنما يسترجع شيئًا:

"...إنه كايغو."

توقّف كايغو على بعد خطوات منهم، ثم قال بجمود:

"كي... لدي رسالة."

"الرسالة؟" سأل كي، وقد عادت إليه حدّة عينيه.

كايغو:

"اللعبة... بدأت."

كي عقد حاجبيه وسأله بجفاء:

"وما المقابل؟"

كايغو خفّض بصره للحظة، ثم رفعه وقال بهدوء:

"سيفي."

(لحظة صمت مريرة تمرّ بينهم)

"...لقد سُلِب مني، بإرادتي."

نيفيلار ينظر إليه مصدومًا:

"لماذا؟!"

كايغو دون أن ينظر إليه حتى:

"لأنني... لو استعملت قوتي الحقيقية هناك..."

(نظراته الآن تتجمد على كي)

"...لما بقي منهم أحد على قيد الحياة."

ابتسم كي ابتسامة صغيرة، مائلة للسخرية أكثر من أي شيء آخر:

"يبدو أني لست الوحيد الذي لا يثق بالبشر."

تدخل نيفيلار بقلق صريح:

"انتظر... من هو؟ من هؤلاء؟ ما الذي جرى؟"

كايغو تنهد وكأنه يجيب عن سؤال لا يهمه:

"ذئب بشري يُدعى زاركاس. حاصر فريقنا. أراد استخدامي كأداة. وقد وافقته... شكليًا. لكنه نسي شيئًا بسيطًا..."

(ينظر مباشرة إلى نيفيلار، لكن صوته يظل ميتًا من الداخل)

"...أنا لست بيدقًا صالحًا للاستعمال."

سكت الجميع.

ثم تقدّم كي خطوة واحدة، عينيه مثبتتان في نيفيلار هذه المرة:

"أريد أن أسأل سؤالًا، وأريد إجابة واضحة..."

(بحدة مفاجئة)

"لماذا لم تفعل شيئًا هناك؟ ولماذا أعطيت سيفك؟"

كايغو قاطعه بهدوء، صوته الآن أكثر برودة من الجليد:

"لقد أجبتك بالفعل، كي... أعطيت سيفي مقابل بدء اللعبة."

كي لم يبتلع الجواب، اقترب أكثر، وصوته مشحون بنفاد صبر:

"كفى مراوغة، كايغو."

كايغو الآن التفت ببطء نحو نيفيلار، ثم سأله بنبرة أكثر حدة مما بدا عليه من قبل:

"...هل أنت طالب في الأكاديمية؟ أم تعمل بها؟"

نيفيلار هزّ رأسه:

"لا. لست كذلك."

(لحظة صمت)

ابتسم كايغو ببرود كأن شيئًا قد ارتاح له داخله، ثم همس:

"إذن أنت لا تفهم."

وتابع بنبرة أكثر وضوحًا:

"أنا... لا أملك مشكلة في قتل أي عقبة أمامي. لكنني لم أفعلها هذه المرة لسبب بسيط... لو أنني مزّقت أعداء زاركاس هناك... بطريقة التي أعرفها... لرآها الفريق."

(ينظر إلى كي مباشرة)

"وهذا الفريق قد يضم طلابًا سيكونون معي لاحقًا في الأكاديمية."

(يتابع دون أن يرمش)

"آخر ما أريده... إشاعة بأنني قاتل بلا قلب قبل أن تبدأ اللعبة الحقيقية."

ظلّت كلمات كايغو الأخيرة تتردد في الأجواء المشبعة بالدخان والقلق، بينما كان نيفيلار واقفًا في مكانه، يحاول استيعاب ما سمعه للتو.

حدّق في كايغو بذهول:

"...أنت... لم تقتلهم لأنك لا تريد أن تُعرف بأنك وحش؟"

لم يجبه كايغو، فقط رمقه بنظرة لا تشبه البشر، نظرة فارغة كأنها لا ترى إلا الاحتمالات.

ضحك كي فجأة. ضحكة جافة، ساخرة، نابعة من أقصى قسوة اليأس.

"هذا جيد... ممتاز حتى. قاتل دموي يحاول تحسين سمعته."

(ينظر إلى كايغو مباشرة)

"لكن لا تتوقع مني أن أعمل معك."

كايغو لم يبدُ عليه أنه تفاجأ، بل اكتفى بتكرار نظراته الباردة.

كي تابع، بشيء من التهكم الجارح:

"وإن مات فريقك الآن؟ ألن تجلب لنفسك مشاكل؟ لقد سببت فوضى عارمة حتى قبل بدء الاختبار. هل حقًا تريد المزيد؟"

كايغو لم يردّ فورًا. مرّت لحظة من الصمت قبل أن يهمس، بصوت منخفض كالسيف حين يُغمَد:

"...وما همي في فريق إن مات أو نجا؟"

(نظر كي بدهشة)

"عندما أخرج... سأقول ببساطة إنهم ماتوا لأنهم كانوا حمقى."

تغيّرت ملامح كايغو للحظة، ثم ردّ ببرود مطلق:

"...وهل سيصدقونك؟"

(نبرة لامبالية قاتلة)

"أنت تعلم أن كل شيء خرج عن السيطرة. حتى الملك... والمشرفون على هذا الاختبار... لا يعرفون ما يجري هنا فعليًا."

كي يرمق كايغو بنظرات حادة غاضبة، تحدٍّ يشتعل في عينيه كأنه يحدّق في خصم لا في زميل.

نيفيلار يقف بينهما، في توتر صامت، لا يجرؤ على مقاطعة هذا التلاقي الناري.

كايغو يتكلم بهدوء قاتل، كأن الأمر لا يعنيه:

"ولا تنسَ... تلك الذئاب البشرية... لم تأتِ عشوائيًا. لقد جاؤوا من أجلك، كي."

تسمرت نظرات كي فيه، قبل أن يضحك بتهكم:

"تتحدث وكأنك تعرفني منذ زمن... وهذا غريب فعلاً."

يصمت كايغو. لا إنكار... لا تأكيد. صمتُ من يعرف شيئًا لا يريد البوح به.

كي يضيّق عينيه، ثم يبتسم ابتسامة مائلة غاضبة:

"أفهم... أنت لا تهددني مباشرة. لكنك تفعلها بطريقتك الخاصة. مثير للاهتمام."

يستدير فجأة، نبرة صوته تشبه وعود الدم:

"سأذهب إليهم. سأقتلهم جميعًا."

تحت ضوء خافت، محاصرون داخل قفص طاقي، كان الفريق يعاني في الغضب والتوتر.

زايكو يصرخ، وجهه محتقن بالغضب:

"الخائن الحقير! كايغو ليس رجلاً... إنه مجرد بيدق رخيص!"

تايغا كان ساكنًا، يفكر بعمق، قبل أن يهمس:

"لكن... قبل هذا الاختبار، رأيت لمحة من قوة كايغو الحقيقية. لم يكن شخصًا يُؤمَر أو يُستخدم بسهولة... هذا تناقض."

زايكو يرمقه بانفعال:

"تناقض؟ لقد سلّم سيفه لعدو!"

تايغا يتابع، عيناه تراقبان زاركاس خارج القفص:

"ربما... ربما أولئك الذين اختفوا من الفرق الأخرى... في قبضته."

يستدير زايكو بسرعة، يصرخ باتجاه زاركاس:

"أين أعضاء فرقنا؟! هل اختطفتهم؟!"

زاركاس يبتسم ابتسامة خبيثة، تعكس وحشية خالصة:

"اختطفتهم؟ لا... أنا قتلتهم."

صوت زايكو ينفجر بالغضب، يضرب جدران القفص بقبضته:

"يا لك من وحش!!"

لكن الصدمة كانت في وجه تايغا، الذي همس كأنه يحدث نفسه:

"...هل هذا ضمن الاختبار... حقًا؟"

زايكو يضرب الجدران الطاقية بقبضته، الغضب يفور منه كبركان:

"أقسم إن خرجت من هنا، سأذبحكم جميعًا! واحدًا تلو الآخر!"

زاركاس يقف خارج القفص، يتثاءب بملل وكأن التهديد لا يعنيه:

"مزعج... أين كي على أي حال؟ هذا الصبي يتأخر دومًا... ممل."

تايغا يضيق عينيه، عقله يعمل بسرعة وسط الضجيج:

"...كيف تعرفون كي؟ ولماذا تبحثون عنه أصلاً؟"

زاركاس ينظر إليه بابتسامة جانبية، عيناه تلمعان بلؤم:

"لا داعي لأن تعرف الآن... نحن فقط ننفذ التعليمات.... ايضا نحن لم نبحث... نحن فقط تبعنا الاوامر . رائحة الدم، القوة، والمصير... وكلها تقود إلى كي."

تايغا يهمس لنفسه، وقد ازداد قلقه:

"أوامر؟ مِن مَن؟"

زايكو ينفجر مجددًا، يصرخ بأعلى صوته:

"ذلك الوغد! الصعلوك! يختفي عنا دائمًا... ويجلب لنا الويلات!"

ضحكة ساخرة تخرج من فم زاركاس، عينه تضيء بشيء أقرب للازدراء:

"صعلوك؟... يبدو أنك لا تفهم شيئًا بعد. هل تعلم أنه يمكنه قتلك... من دون أن يتحرك حتى؟"

يرتج جسد زايكو غضبًا، يصرخ ويتجه نحو الحاجز:

"كررها إن كنت تجرؤ—"

"لا داعي لتكرارها."

من بين الظلال، يظهر كي، يسير بخطى بطيئة لكن واثقة.

على جانبه الأيسر، نيفيلار، متيقظ كعادته.

وعلى جانبه الأيمن، كايغو، يسير بصمت قاتل.

الهدوء يغلف المشهد، حتى زاركاس يتراجع خطوة إلى الوراء، ابتسامته تتسع.

زاركاس (بصوت ساخر خافت):

"...أخيرًا، نجم العرض يظهر."

زاركاس (بابتسامة خبيثة): "أحضروا لي كي... وسأحرر فريقكم، بكل بساطة."

(صمت ثقيل يخيم على الجميع، قبل أن يتعالى صوت كي بسخرية لاذعة)

كي (ببرود لاذع): "يا لها من صفقة عظيمة... فقط أسلم نفسي لوغد مشعر، ليطلق سراح فرقة من الفاشلين. أتصدق أنك تبدو أحمق حتى وأنت تتظاهر بالدهاء؟"

زاركاس (بضحكة باهتة): "أعجبتني وقاحتك... تمامًا كما توقعت من شخصٍ يحمل هذا الاسم." (ينظر إلى كايغو) "أما أنت، أيها الفتى البارد... فأنا معجب بك."

كايغو لا يرد. فقط يخطو نحو سيفه المغروس في الأرض، وينزعه ببطء.

زاركاس (بتفاجؤ مصطنع): "خدعتني أيها الوغد... لكنني توقعت ذلك." (ينظر إلى النصل المتآكل) "ذلك ليس سيفك الحقيقي... إنه خردة بالكاد تصلح لقطع الهواء."

كايغو (ببرود جليدي): "إن كنت سأقطعك، فسأفعل بسيف حقيقي... أو حتى بلا شيء."

زاركاس يزم شفتيه ويأمر بصوت غاضب: "اقضوا عليهما!!"

(الذئاب البشرية تندفع نحو كي. كي يتحرك بسرعة جنونية، يتفادى الهجمات، يمسك بأحدهم ويرميه فوق الآخر، دون أن يستخدم طاقته القصوى)

نيفيلار (بهمس وهو يهاجم): "لماذا تتسلى معهم؟ كان يمكنك إنهاؤهم..."

كي (ببرود غامض): "أنت لا تلعب مع الذئاب... بل ترقص أمامهم إلى أن يعضوا أنفسهم."

(كايغو ينقض على زاركاس مباشرة، ويدخلان في مواجهة عنيفة. زاركاس يسخر منه)

زاركاس: "أنت لست هدفي... لا تتدخل."

(صوت انفجار عنيف، زاركاس يُرمى بعيدًا بقوة مذهلة، ويظهر كي وقد تدخّل أخيرًا)

نيفيلار يحرر الفريق.

زايكو (بغضب شديد): "تختفي، ثم تظهر وتسبب الفوضى؟! هل تظن نفسك بطلاً؟!"

كي لا يرد، فقط ينظر إليه بازدراء ثم يشيح بوجهه.

تايغا (بصوت حزين): "البقية... قُتلوا. أصدقاؤنا ماتوا. هل هذه فعلاً مجرد مرحلة من الاختبار؟ هل الملك يعلم؟"

كي (بصوت غاضب ومضغوط): "هل تظن انك ستنقذ جميع في مواقف كهذه ناس تموت ايها غبي ".

(لحظة صمت، ثم يتبادل كي وكايغو النظرات)

كايغو: "سأذهب خلف زاركاس."

كي: "سأذهب وحدي. لا تتبعني."

كان الطريق ممتدًا أمام كي، صامتًا كما بدا دومًا، حتى تلك اللحظة التي توقفت فيها قدماه فجأة دون أن يدرك السبب.

نظر أسفل قدميه، ثم تقدم خطوة أخرى بتردد… كانت هناك أشياء صغيرة مغروسة في الأرض… أشبه بكاميرات، أو أجهزة مراقبة قديمة بتصميم غريب. كي انحنى ليراقبها عن كثب، حاجباه معقودان وهو يهمس لنفسه:

– "ما هذا…؟ لماذا…؟"

قبل أن يكمل تحليله، انعكست على ملامحه لمحة غضب مفاجئ، لا تفسير لها…

ثم تمتم بصوت خافت، لكن حاد كالسكين:

– "هذا العمل… لا يمكن أن يخطئه عقلي… إنه من صنع ذلك المخترع المجنون… هل… هل هو هنا؟"

صوت هادئ وعميق قاطعه من الخلف:

– "تبدو مذهولًا…"

استدار كي بعنف، ليجد زاركاس واقفًا خلفه، يبتسم بتلك الوقاحة المعتادة.

لكن صوتًا آخر جاء من الظلال… أكثر برودًا، أكثر حدة:

– "جئت فقط لرؤية هذه الكاميرات."

كايغو يظهر، وعيناه تراقبان الأجهزة دون انفعال.

كي عبس في داخله، دهشة غامضة تتسلل إلى ملامحه:

– "ومن أين تعرف عنها؟"

كايغو لم يرد مباشرة. نظر إلى كي نظرة حادة خفيفة، وقال:

– "أكمل طريقك… هي لن تؤثر عليك."

كي تجمّد في مكانه، كأن الزمن توقف. الجملة تدفقت إلى ذهنه كصفعة:

هي لن تؤثر عليك…؟

هو يعرف… أنه لا يوجد مانا بداخلي؟

عيون كي تشتعل بغضب مزلزل وهو يصرخ:

– "ماذا تقصد، أيها السياف الحقير؟!"

كايغو صمت.

ثم أخرج سيفه. هذه المرة لم يكن ذاك السيف المصدى المتهالك… بل سيفه الحقيقي، المصقول، الذي يشع بطيف مانا خافت لا يُخطئه إحساس كي.

قبل أن يتحرك أحد، بدأت أوراق زهرة البرقوق تتساقط فجأة من السماء… مئات منها.

لامعة… هادئة… قاتلة.

هبطت الأوراق على الأرض، لكن لم تلمسها بهدوء. بل قطّعت الأرض كما لو كانت شفرات. ومرت على الأجهزة المزروعة… ففصلتها إلى نصفين، ثم سحقتهما.

كي أدار رأسه ببطء، مذهولًا من الدقة والجمال في آن.

كايغو قال ببرود، وهو يعيد سيفه إلى غمده:

– "يمكننا العبور الآن… أو لأكون دقيقًا: يمكنني العبور الآن."

الطريق كان يزداد ظلامًا كلما تقدما في العمق، ولم يكن صوت سوى خطواتهما الثقيلة.

قال كايغو فجأة، دون أن ينظر إلى كي:

– "هل أصبحتَ حذرًا مني؟"

توقف كي لثانية، ثم التفت إليه بنظرة جامدة، وقال ببرود حاد:

– "إذا حاولت شيئًا… أو حتى فكرت بصوت مرتفع… سأقتلك."

كايغو لم يرد. وكأن التهديد لا يعنيه.

لكن اللحظة لم تدم.

خرج زاركاس من العدم، من خلف أحد جدران الظلال، عيونه مشتعلة، وسيفه يلمع بوميض شرير.

– "هذه نهايتك، أيها الشقي…!"

اندفع نحو كي بسرعة، لكن كي لم يتراجع.

بل اندفع هو الآخر، دون سيف، دون سحر… فقط بقبضتيه.

الركلة الأولى انطلقت نحو خاصرة زاركاس، أبعدته جزءًا من الثانية عن التوازن.

اللكمة الثانية كانت موجهة نحو العنق، لكنها لم تصب… لم تكن لتصيبه.

كانت مجرد تمويه.

الضربة الحقيقية جاءت كالخنجر:

ركبة سريعة وصامتة اصطدمت مباشرة بمفصل ركبة زاركاس.

– "آه–!" صرخ زاركاس وهو ينهار على الأرض، ساقه ترتجف.

في اللحظة التالية، ارتفعت ركبة كي الأخرى لتصطدم بوجهه، ثم تبعتها قبضة محكمة…

صوت انفجار هوائي خافت تصاعد من الضربة.

زاركاس طار مترًا للخلف، قبل أن يسقط كدمية ميتة… فاقدًا للوعي.

كايغو لم يتحرك، لكن عينيه لم تغادرا جسد كي. راح يحلل.

"حركاته ليست فوضوية… ليست وحشية كما يظن الآخرون…"، قالها في ذهنه.

بدأ يُفكك كل ضربة:

– "زاوية الركبة… توقيت الالتفاف… موضع القدم عند الدوران… كل ضربة كانت محسوبة.

إنه لا يُقاتل كمن يهاجم من فراغ… بل كمن يطبق خطة مرسومة بدقة قاتل محترف."

كي التفت إلى كايغو، وجهه بلا ملامح، وقال بهدوء:

– "هيا… قبل أن يستيقظ هذا الحثالة."

الظلال كانت تطاردهم كما تطارد الأبطال في القصص القديمة، لكن هذه المرة، لا أحد يهرب. كي و كايغو يقفان فوق زاركاس، الجسد الملقى بلا حراك، بينما تَلفُظ الأرض آخر أنفاسه.

سأل كايغو، متسائلًا:

– "إذاً ماذا نفعل به الآن؟"

ابتسم كي ابتسامة خبيثة، عينيه لا تبتعدان عن الجسد الملقى أمامهما.

– "نتركه هنا."

حرك كايغو رأسه قليلاً، مترددًا:

– "لماذا؟ أليس من الأفضل أن نأخذه إلى الملك والمشرفين؟ ربما يساعدنا هذا في إنقاذ الوضع… كما تعلم، هذا اختبار."

لكن كي قطعه سريعًا، نبرة صوته حادة وواثقة.

– "لا يهمني إذا كان الوضع فوضويًا أو أن هناك قوى دخيلة. ما يهمني هو هذا الذئب."

ثم نظر إلى الجسد الملقى أمامه، وهو يتنفس ببطء، وقال:

– "هذا ليس زعيمًا. هو مجرد تابع. أرسل هنا فقط لأداء مهمة. عندما يرى زعيمه أن أحد أتباعه قد مات، سيأتي للانتقام. وهذا ما أريده."

ثم أضاف بابتسامة مشوقة:

– "لكن إذا أخذناه للسلطات، لن يعرفوا شيء. سيكون مسكينًا بالنسبة لهم."

صمت كايغو للحظة، لكنه فهم المغزى.

ثم قال كي بملامح شريرة، وكأنه وجد الحل الذي يريده:

– "أو... لدي فكرة أفضل."

رفع سيف زاركاس بعينيه التي تلمع بخبث، وقال بهدوء متناهٍ:

– "لنقتله."

في تلك اللحظة، تغيّرت ملامح كايغو قليلًا. كان هناك شيء جديد في نبرة كي. شيء أكثر قسوة، أكثر برودة.

لكن كي لم ينتظر رد كايغو.

بسرعة خاطفة، أغمد سيف زاركاس في قلبه، ثم سحب السيف وأعاد ضربته الأخيرة ليفصل رأسه عن جسده.

كانت الضربة بلا رحمة، بلا أي شفقة.

كايغو حدق في كي بذهول، شعر برهبة في عينيه. قتل بدم بارد، وبلا أي نوع من الندم.

"قتل بلا رحمة…" همس في نفسه.

بينما كان كي ينظر إلى الجثة المرمية أمامه، ظهر فجأة أمامهم بوابة غريبة، يلفها ضوء خافت.

وقف كي للحظة، عينيه تلمعان بتساؤل، ثم قال بصوت هادئ:

– "هل كان زعيمًا؟"

لكنه لم يعطِ نفسه فرصة للإجابة. تجاهل الوضع تمامًا، وعاد ليركز على ساحة الاختبار.

رغم هدوئه الظاهر، كان شيئًا ما يدور في عقله، وتحسّس تلك اللحظة كما لو أنه على وشك الوصول لشيء أكبر.

عينيه تركزت فجأة على كايسن و كيزوكي، الذين كانا يقفان معًا في زاوية الساحة، يراقبانهما.

لم يكن واضحًا ما الذي كان يدور بينهما، ولكن كي شعر بشيء غريب في الجو، كما لو أن هذه اللحظة هي بداية لمسار آخر.

"أينما ذهبت، هناك دائمًا مفاجآت." همس في نفسه وهو يخطو خطوة أخرى إلى الأمام، موجهًا نظره نحوهم.

2025/05/08 · 8 مشاهدة · 2455 كلمة
Mouad Kei
نادي الروايات - 2025