لم تكن ساحة الاختبار ساحةً بالمعنى التقليدي للكلمة.
كانت أشبه بحقل مجازر. لا، بل كانت كمصيدة مميتة بُنيت على تصميم هندسي من الكوابيس والنيّة الخبيثة. الأرض تهتز، الهواء نفسه كان ثقيلًا كأنما مشبع بصرخات الذين فشلوا هنا من قبل.
الوحوش كانت كثيرة. كثيرة حد السخف.
نووية. جليدية. مشوّهة بلا منطق، كأن من صمّمها لم يكن يبحث عن القتل فحسب، بل عن الإهانة أيضًا. ورغم ذلك، لم يتأخر أحدهم عن المواجهة.
كانوا يذبحونها بسهولة.
أجل، لا غرابة في ذلك.
ليس لأن الوحوش ضعيفة... بل لأنهم لم يكونوا عاديين.
كان هناك اثنان فقط يقفان مع جيش المسوخ.
سياف... وضخم البنية كالجبل.
ورغم كل شيء، لم يُظهر أيّ احد في المعركة قوته الحقيقية.
لم يستخدم أحدهم سوى الحد الأدنى... مجرد جسّ نبض.
كلما سقطت جثة... جاءت عشرة.
كلما خيّل للطلاب أن الكابوس انتهى... ازداد ضراوة.
ولم يكن ذلك صدفة ...كان مدبّرًا.
في خضم هذا العبث، انزلق صوت تايغا كالسهم بين لحم المعركة:
"من أنتما؟! ولماذا تقتحمان ساحة الاختبار؟!"
ردَّ السياف بصوت هادئ، كما لو أن سيوف الموت حوله لا تعنيه:
"اسمي رين."
ثم أشار الضخم بجانبه، وقال ببساطة: "رايدن."
لكن زايكو... لم يكن هادئًا.
كان الغضب ينهش وجهه:
"ما سبب مجيئكما؟! ومن ذلك الوغد الذي اقتحم الساحة قبل قليل؟!"
ضحك رين.
لا، لم تكن ضحكة سخرية.
كانت ضحكة من يعرف أكثر مما ينبغي.
قال:
"تسأل كثيرًا. لم أكن أعلم أن طلاب الأكاديمية بهذه الثرثرة... لكن يمكنني قول شيء واحد... الرجل الذي دخل قبليكم... هو زعيمنا. اسمه ميدشوشوجي."
وهنا... بدأ كل شيء يتغيّر.
كايسن...
كان يقاتل، بتركيز شبه كامل. يطعن، يتفادى، يسحق الوحوش دون لحظة تردد.
لكن... حين سمع الاسم... تجمّد.
توقّف.
لم يكن التوقف إراديًا.
"ميدشوشوجي"
الاسم... كان كندبة قديمة... تقشّرت فجأة.
في لحظة خرساء، أعاد عقله عرض صورة محفوظة في ركن مهجور من ذاكرته.
كان في الميناء.
أخوه الصغير يرتجف بين ذراعيه.
وصوته، صوته المكسور، يقول: "قاتل عشيرتنا... اسمه ميدشوشوجي."
تذكّر.
ثم انهار.
لم يظهر ذلك خارجيًا، لا أحد لاحظ.
لكن شيئًا داخله انكسر. شيءٌ هش لم يكن قد تعافى أبدًا.
الهواء حوله تغيّر. كأنّه ضاق.
اختلّ توازنه.
رأسه يؤلمه. عينيه تغشيهما طبقة من العرق والصدمة.
وكادت إحدى الوحوش أن تستغل تلك الثغرة...
...لولا تدخّل كايغو.
جاء بسرعة مدهشة. قطع الوحش قبل أن يلمس كايسن.
لكن عينيه... لم تكن عيني منقذ.
كانت باردة.
بل أبرد من الوحوش الجليدية التي قاتلوها.
تفحّصت كايسن بدقة غريبة، كما لو كان يبحث عن شيء محدد خلف نظراته المرتبكة.
كايسن شعر بشيء من الغرابة وعدم الارتياح في نظرات كايغو رغم ان كايسن كان يعرف ان نظراته ليست نظرات تهديد.
لكنّه تجاهل الأمر. تظاهر بالقوة.
وشكر كايغو بجملة مقتضبة، محاولًا إخفاء ارتجاف صوته.
لكن الضرر كان قد حدث.
ذاكرته فتحت بابًا لم يكن يجب فتحه.
ومع الاسم الذي سمعه... لم يعد كايسن كما كان.
لم يكن القتال محتدمًا حقًا، لا كما تفترضه الحروب العظمى، ولا كما تصوّره الكتب التي تتحدث عن نهاية العالم. فبينما كان الآخرون منهمكين في تمزيق وحوش نووية وجليدية لا تنتهي، كان هناك قتال آخر... قتال لا يشبههم.
كي وميدشوشوجي لم يتقاتلا – أو هكذا خُيّل في بادئ الأمر. ما فعلاه كان أقرب إلى رقصة قديمة، رقصة نار وهواء، عقل وجنون. كانت السنة اللهب تتطاير من حول جسد كي كأن الأرض ترفض أن تلمسه، كأن حرارته تجاوزت قوانينها. أما ميدشوشوجي؟ فكان يتجنب ضرباته، ليس خشيةً من الألم، ولا خوفًا من إصابة محتملة، بل لأنه لم يصدق بعد. لم يفهم بعد.
ذلك الفتى – الذي لا يجب أن يكون هنا، لا يجب أن يكون حيًّا أصلًا – كان يهاجمه بجنون. ضربات عشواءية، موجات هواء عشوائية، فوضى كاملة. ومع ذلك، لم تكن تلك الفوضى عبثًا، بل كانت تعبيرًا عن شيء أعمق، شيء لم يُقَل بعد.
كان ميدشوشوجي يحاول استيعاب ما يراه، ولم يستطع. لم يكن قد جاء لهذا المكان بحثًا عن فتى يحترق بنار الغضب – بل جاء لشيء آخر تمامًا. لسبب ما. سبب نسيه، أو أُجبر على نسيانه، منذ اللحظة التي رأى فيها كي.
ضحك كي. لا، بل ابتسم بخبث مرح، وسخرية لم تُخفَ على أحد، وقال:
"أوه، ما هذه التعابير على وجهك، أيها المخترع المجنون؟ يبدو أن العمر بدأ يُثقل عليك، أليس كذلك؟"
كان يتكلم، لكنه في الحقيقة لم يكن يعني كلماته. فبينما كانت كلماته تطعن، كانت ضرباته تفلت – غير دقيقة، غير مُنظمة، غيره تمامًا. شيء ما كان خطأ.
كي لاحظ. لا، بل شعر. شعر أن غضبه يتحكم بذراعيه، برجليه، حتى بأنفاسه. أراد أن يُهدّئ نفسه، أراد أن يتذكر أسلوبه، سيطرته... لكنه بدلًا من أن يجد الهدوء، وجد موجة غضب أعظم، كأن الغضب الأول لم يكن سوى مقدمة. كاد يسقط، ترنّح، وتراجع خطوتين إلى الوراء.
ميدشوشوجي لم يهاجم. لم يتحرك حتى. كان ينظر، يراقب، يحلل، كأنه يبحث في وجه كي عن تفسير.
أما كي، فابتسم ابتسامة مريرة، ثم همس لنفسه، ولم يكن أحد ليُدرك إن كان يحدث ميدشوشوجي أم يحدث نفسه:
"تبا... ما هذا الغضب؟ هل هو غضبي أنا؟ أم أنه... شيء آخر؟ هل أنا غاضب منك حقًا لهذه الدرجة؟"
لم يجب ميدشوشوجي. استبدل دهشته ببرود، حادًّا كالسكاكين. وتحدث أخيرًا، بكلمات مشحوذة كأنها خُبزت في مختبر من الجنون:
"إذاً... كم مرّ على لقائنا الأخير؟ خمس سنوات؟ سبع؟ أم أقل؟"
ضحك كي – لا سعادة في ضحكته – وقال ساخرًا:
"يبدو أنك بدأت تخرف، أيها الوغد."
وفي عيني ميدشوشوجي، اشتعل شيء آخر. تهديد، صلابة، وذكرى. نطقها دون أن يرمش:
"كيف نجوت؟ لقد رأيتك... تحترق أمامي في ذلك المختبر."
ابتسم كي بسخرية، تلك الابتسامة التي لا تحمل فرحًا، ولا حتى شماتة. لا، لم تكن ابتسامة بقدر ما كانت ستارًا لما يعتمل داخله.
كان ساكنًا، لا يتكلم. وميدشوشوجي ينتظر.
ينتظر جوابًا، تفسيرًا، حتى لو كذبًا واحدًا.
نظرات ميدشوشوجي كانت باردة، بل متجمّدة، وفيها شيء من التهديد، لا تصريحًا، بل تلميحًا حادًا يشبه شفراته التي لم تظهر بعد.
ثم ضحك كي.
ضحكة قصيرة، مجنونة، كأنها خرجت من صدر محترق لا من فم ساخر. استمرت لثوانٍ... لكنها بدت أطول مما يجب.
ثم صمت.
وقال بصوت منخفض لكنه جارح:
— "رأيتني أحترق؟ كيف نجوت؟"
توقف لحظة، ثم أكمل، بصوت أقل حدة لكنه أكثر لهيبًا:
— "منذ متى تحترق النار... ولا تنجو؟"
ثم أكمل، كمن يحدّث نفسه أكثر مما يخاطب الآخر:
— "منذ متى تموت النار إذا اشتعلت بأقصى قوتها؟"
كلامه لم يكن منطقياً... لكنه لم يُقَل ليُفهم.
ميدشوشوجي، الذي ظل صامتًا، فكّر في نفسه:
«إنه مجنون»... لا شك في ذلك.
ومن صمته خرجت الشفرات.
من ظهره، انطلقت شفرات صغيرة، دقيقة، على هيئة معينات هندسية مرعبة. كانت كثيرة... وكانت حادة كأنها صنعت لتنتقم.
قال كي، وكأنه يتذكر شيئًا قديمًا:
— "إذًا... ما زلت تحتفظ بها؟"
كأنها ذكرى لا سلاح.
ميدشوشوجي لم يرد. بل أطلق شفراته، عشرات... لا، مئات منها، باتجاه كي دفعة واحدة.
لكن كي كان أسرع.
أطلق نيرانه، وابتلع بها الهواء... والشفرة... واللحظة.
ارتفع اللهب، لا ليحرق، بل ليحجب. أراد كي أن يصنع منه ستارًا... ليحجب روية ميدشوشوجي عنه .
وكان يظن أنها كافية.
لكن ميدشوشوجي هزّ رأسه وقال ببرود:
— "أتظن خدعة كهذه ستخدعني؟ ما زلت ساذجًا، يا كي."
وفي اللحظة التالية... خرج كي من النار.
وجه ضربته مباشرة نحو صدر ميدشوشوجي.
لكنه... قبض عليها.
ميدشوشوجي أمسك قبضته، كما لو كانت ريشة، لا نارًا.
ونظر إليه بازدراء.
نظرة لم تكن لتؤلم... لكنها فعلت.
كي سحب قبضته بقوة، بكل ما فيه من احتراق.
وللحظة، اندهش ميدشوشوجي.
لا من الضربة... بل من أنه لم يمنعها.
ثم، في حركة خاطفة، ركع كي، ووجه لكمة من أسفل، لا تخلو من خبث.
ضربه في بطنه بصدمات هوائية اشتبكت مع ألسنة ناره، وكأنها تقول له:
"أنا لست ذاك الطفل الذي عرفته."
سقط "ميدشوشوجي" بقوةٍ على الأرض، صوت ارتطامه شقّ الصمت، لكنه لم يدم طويلًا. نهض، لا متثاقلاً، بل كمن يعيد ترتيب هيبته القديمة.
الغضب... كان حاضرًا على وجهه، باردًا كالجليد. غضب لا يصرخ، لا يهدد، بل يتكلم ببطء.
ابتسم ابتسامة لا يُفهم منها إلا الألم، ثم قال:
— "لقد تطوّرت حقًا، هذا... يسعدني. أنت تجربة ناجحة، بالفعل."
صمت لحظة، ثم أطفأ ابتسامته، كما يُطفئ أحدهم شمعة في جنازة:
— "لكن يجب أن تموت."
قالها بهدوء، لا كتهديد، بل كقرار حتمي.
— "أنت لست تجربة كما يظن بعض الحمقى... بل خطر يجب أن يُمحى."
ضحك "كي"، ضحكة مليئة بالسخرية:
— "إذًا، تغيرت نظرتك إلي؟ كم هذا... يسعدني."
ثم سكت لحظة، لا تردداً بل استحضارًا، وقال:
— "وإن كنتُ أنا أستحق الموت... فأنت، ماذا تستحق؟"
لم يجب "ميدشوشوجي".
ليس لأنه لا يملك جوابًا، بل لأن السؤال لم يكن يستحق الجواب.
هو لا ينكر مسؤوليته، ولا يدافع عن أخطائه، بل فقط... لا يرى أهمية في تبريرها.
تجاهل السؤال كأن لم يُقال، وقال بدلًا من ذلك:
— "نيرانك... لماذا لا تستخدمها؟"
رفع "كي" حاجبه، ثم قال بصوت خفيض، كأن كل غضبه اختزل في حروفه:
— "نيراني؟... أريد أن أخبئها لك وحدك، أيها الحقير."
ثم بصق الكلمة الأخيرة كأنها سُمّ:
— "حثالة."
في داخله، "ميدشوشوجي" فكّر:
«لا... ليس الآن. لم يحن وقت رحيلي بعد. أريد أن أرى المزيد.»
لكن "الوقت" لم ينتظر أحدًا.
النيران اشتعلت فجأة من حول "كي"، كما لو أن الأرض لفظت غضبها. بدأت الأشجار تحترق، تتهاوى بصمت مريع. مكان القتال كان في الغابة خلف الأكاديمية... لا، ليس خلفها بالضبط، بل بعد أن حطم "كي" أحد جدرانها، ابتعدا عن صخب الداخل.
"كي" تحرّك.
اندفع، لا كجندي يهاجم، بل كعاصفة قررت أن تتحرر.
وفي اللحظة التي حسب فيها "ميدشوشوجي" أنه سيُضرب على وجهه، فعل "كي" شيئًا آخر.
قفز، صنع رمحًا ناريًا، اندفع إلى السماء، وهاجم من الأعلى.
رمحه الناري... لم يكن امتدادًا لجسده فحسب، بل انفجارًا كان مدفونًا في أعماقه، انفجارًا لم يعد قادرًا على كبحه.
اختفت المسافة بينه وبين "ميدشوشوجي" كأن الزمن نفسه قُطع.
والرمح، مشتعلاً، شقّ الهواء بصوتٍ يشبه صرخة نصلٍ يعود من سباته.
لكنه... لم يُصبه.
"ميدشوشوجي" لم يتراجع، لم يرتبك، لم يصرخ.
بل أمال جسده كأنه يرقص مع الموت... أو كأنه يعرف هذا الرمح قبل أن يولد.
غرِسَ الرمح الناري في الأرض، فاشتعلت البقعة من النار تمددت بهدوء، تحرق التربة، تُشوّه الطبيعة بلا رحمة.
"ميدشوشوجي" لم يتكلّم، لكنه لاحظ تلك النظرة على وجه "كي"... دهشة حقيقية. لم تكن من تصرف خصمه، بل من نفسه.
«كنتُ أنوي لكمه... فقط لكمة. فلماذا صنعتُ رمحًا؟»
هكذا تساءل "كي" في داخله، وهو يحدّق في الرمح الناري المغروس أمامه.
«ومنذ متى... يمكنني صناعة رماح نارية؟»
ابتعد "ميدشوشوجي"، تاركًا مسافة بينه وبين خصمه، بينما اشتعلت الأرض أكثر حول الرمح، مشكلة بقعة نارية آخذة في الاتساع.
لم يمنح خصمه وقتًا أكثر، أطلق شفراته الهوائية بسرعة. كانت تمزّق الهواء كأنها أنيابٌ غير مرئية.
لكن "كي" انتزع رمحه من الأرض، وكأنه سيف سحري. بدأ يقطع تلك الشفرات ويحرقها كما لو أن النار جزءٌ منه، أو كما لو أنها أداة طيّعة في يده.
"ميدشوشوجي" شعر بشيء لم يكن معتادًا عليه: الانزعاج.
لا من الهجوم... بل من فكرة أن طفلًا، مجهولًا، من العدم، يحرق شفراته.
أهوى "كي" رأسه قليلًا وابتسم وقال بإعجاب صادق:
— "لم أكن أعلم أنني بارعٌ في استخدام الرماح هكذا..."
لكن "ميدشوشوجي" لم يبتسم. هذه المرة، أطلق شفرات جديدة... أطول، أشد، وكأنها سيوف بدلًا من أن تكون مجرد خيوط قاتلة.
بدأ "كي" يتفاداها، يتحرّك بمهارة، ليتقدّم للأمام ويرسل لكمات هوائية... مشتعلة.
لكمات محمّلة بنيرانه. لكن "ميدشوشوجي" تفاداها ببساطة مريعة. برود تام. لم يبدُ عليه حتى القليل من الاهتمام.
ترك مسافة ضئيلة بينه وبين "كي"، ثم ثبت عينيه في عينيه.
تجمّد "كي" لوهلة.
وفي تلك اللحظة... لحظة التقاء العيون، اجتاحه غضب.
لا، ليس غضبًا من "ميدشوشوجي"... بل شيء آخر، داخلي، ثقيل... غريب.
«ما هذا؟!»
شعر أن جسده لم يعد له. كأن أحدهم دسّ فيه سمًا خفيًا. احتمال لم يكن مستبعدًا... ليس مع شخص كـ"ميدشوشوجي". يعرف ألاعيبه. يعرف مكره. بل عاشها.
بدأ توازنه يختل، كاد يسقط.
توسعت عينا "ميدشوشوجي" للحظة، كما لو أنه أدرك شيئًا.
ثم مشى نحوه بهدوء، ركل بطنه دون تردد.
سقط "كي" على الأرض.
قبل أن يستفيق من الصدمة، توالت الركلات. واحدة في وجهه، أخرى في بطنه، وأخرى... لم يعد يعدّ.
لم يستطع الكلام.
لم يستطع حتى أن يحدّق إليه بازدراء.
كأن الضغط على جسده لم يكن مجرد ألم... بل أكثر.
«تبا... ما هذا؟! هذا الضغط... هل هو ماناه؟ لا أظن. مانا ميدشوشوجي لم تؤثر عليّ من قبل. هل هو سُم؟ مستحيل. جسدي لا يتأثر بالسموم. إذًا... ما هذا؟!»
كل شيء تلاشى. لم يعد يسمع. لم يعد يرى.
"ميدشوشوجي" قال شيئًا... لكن "كي" لم يسمع.
لم يرَ ملامحه حتى. فقط شكل ضبابي يهوي عليه كوحشٍ بلا صوت.
ثم...
رفع "ميدشوشوجي" يده.
كان من الواضح ما ينوي فعله. تلك الحركة، ذلك الهدوء، تلك البرودة.
شعاع مميت.
النهاية... اقتربت.
لكن قبل أن يتشكّل الضوء، انشقّ الهواء بصوتٍ أشبه بانفجار.
— "أبعد يدك عن أخي الصغير، أيها الوغد الحقير."
صوت... قوي. غاضب. حادّ.
ظهر "كايسن".
وقف هناك، بين النار والدخان، كتفاه متوترتان، عيونه مشتعلة.
— "لن أدعك تؤذيه بعد الآن."
للحظة... فقط لحظة، بدا "ميدشوشوجي" منزعجًا حقًا.
بل حتى... مندهشًا.
هو لم يتوقع ظهور الأخ الأكبر في هذا التوقيت أبدًا.