الاسم: ميدشوشوجي

العمر :40+

_____________________________

تبادل كايسن وميدشوشوجي النظرات. كانت نظرات كايسن حادة، مفعمة بالغضب، لكن خلفها شيءٌ أعمق... حقد قديم، صامت، لم يظهر من قبل. لطالما نظر كايسن إلى الآخرين بعينٍ هادئة تبعث على الطمأنينة، لكن لا سلام في عينيه هذه المرة.

أما ميدشوشوجي، فرفع حاجبًا بازدراء، وقال ببرود:

"بحقك يا رجل... أهذا وقتك المناسب لتتدخّل؟"

كايسن لم يرد بكلمة. أخرج نصله الأسود.

ولم يكن خروجه خافتًا، بل أشبه بصوت تمزقٍ السماء.

عيون ميدشوشوجي اتسعت تدريجيًا مع كل بوصة تنزلق من غمدها. في اللحظة التي انكشف فيها كامل النصل، كانت ملامحه قد تحولت تمامًا: دهشة... عدم تصديق... ربما حتى رعب دفين.

قال ببطء، يحدق في السيف كأنه شبح:

"ذلك النصل... هل هو ملكك؟ من أين جلبته؟"

كايسن كان على وشك أن يصرخ: "اخرس!"

لكن لم تُتح له الفرصة.

ميدشوشوجي كان أسرع.

أفلت كي من قبضته، وخلال رمشة، كان قد أمسك كايسن من عنقه ورفعه إلى السماء.

الأرض تحت قدمي كايسن تلاشت.

أصابعه اشتدت على مقبض النصل، لكنه لم يتمكن من تحريكه.

خنقٌ بارد، منتظم... كما لو أن ميدشوشوجي لم يكن يقتله... بل يُسكت شيئًا فيه.

بدأ كايسن يشعر بها: البرودة تزحف إلى أطرافه، نظرته تضطرب، تنفّسه يتقطع.

كان يعرف أنه سيموت.

لم يرد كايسن ان يموت حقا وليس كأنه أهتم ان يموت بعد معركة... ولا دفاعًا عن حق... بل أمام أخيه، عاجزًا، بلا كلمة وداع.

وفي تلك اللحظة—نهض كي.

لم يشعر به أحد. لا ميدشوشوجي، ولا حتى كايسن، لأن عينيه كانتا معلقتين في فراغ السماء.

نهض كي، يجر جسده كأنه يحمل جثة روحه فوق كتفيه.

مد أصابعه نحو وجه ميدشوشوجي.

لم تكن لمسة...

كانت نذير موت.

تجمّد ميدشوشوجي.

عيناه اتسعتا كما لو أن الزمن توقف عند اللمسة.

ولم يُمهَل.

الضربة جاءت—سريعة و حادة.

صامتة كبرق انقضّ من الفراغ.

ارتطمت بجسده بقوة انتزعت وعيه من جذوره.

طُرح ميدشوشوجي بعيدًا.

هبط كايسن على ركبتيه، يلهث بصوت خافت، يتنفس بصعوبة كبيرة .

رفع رأسه... فرأى كي واقفًا .

لكن كي لم يكن كما كان.

كانت عيناه غريبة، غائمة، لا تُفهم.

ربما كان غاضبًا.

نهض ميدشوشوجي من بعيد، وقد غطى الغبار كتفيه، لكنه لم يتقدم.

كان يحدق في كي أيضًا، كأنه يرى كائنًا آخر. أراد أن يتكلم، أن يسخر، أن يهدد... لكنه توقف فجأة.

شيء ما تغير.

ليس في كي فقط... بل في كل ما يحيط به.

حتى الهواء تغيّر. أصبح أثقل، أشد كثافة، كأن هذا المكان كله انحى تحت هالةٍ لم تكن هنا قبل لحظات.

تسمرت عينا ميدشوشوجي، وارتبكت ملامحه للحظة خاطفة.

لم يكن إرتباك من كي تحديدا ... لأنه قبل لحظات من الان ميدشوشوجي كاد يقتله لذلك ليس منطقيا ان يرتبك منه بعد ان نهض .

كان كي ينظر إليه عكس نظراته قبل تدخل كايسن كانت نظرات كي حقد كراهية وسخرية لكن الان اصبحت نظرات باردة... خالية من أي انفعال.لا غضب، لا كراهية.

مجرد فراغ عميق، وكأنه ينظر إلى حجر لا إلى إنسان.

وذلك وحده كان كافيًا ليجعل ميدشوشوجي يتوتر.

ابتسم ميدشوشوجي بصعوبة. كانت ابتسامة مشروخة، مترددة.

وقال بنبرة مشوشة:

"إذاً... يمكنني القول إن يومنا انتهى، أليس كذلك؟ يااكامي كي ."

تقدم خطوة، ثم أضاف بابتسامة حذرة:

"لكن لا تنسَ، سأقتلك قبل أن يأخذك أي أحد. أو... ربما هذا ما يظنونه."

سكت لحظة، تأمل كي بتردد، ثم قال بسخرية ونبرة استفزازية:

"كنت سأودّعك... لكن لا أعلم حتى ماذا أناديك.

أنا في حيرة من أمري... من تكون الآن؟اوه نسيت انت ابن اكامي رايو اليس كذلك ".

وفي لحظة، دون تحذير، تغلف جسده بشفرات صغيرة حادة، كأن جسده تفكك إلى أجزاء من سلاح...

ثم اختفى تمامًا.

نظر كايسن إلى كي، كان جسده ما يزال ملتصقًا بالأرض، بينما بقي كي واقفًا، يحدّق بصمت نحو الفراغ الذي اختفى فيه ميدشوشوجي.

مرّت لحظات قصيرة... قبل أن يدير كي رأسه نحو كايسن، دون أن يتحرك خطوة. كانت نظراته باردة، جامدة، خالية من الانفعال، كأن ما حدث قبل قليل لا يخصه.

ملامح الحزن بدأت تظهر على وجه كايسن. لم يكن ذلك حزناً عاديًا، بل نظرة من يحقد على نفسه، من يحتقر ما فعله، من يكره حقيقة أنه ما زال يتنفس.

وفي اللحظة التي سمع فيها اسم "أكامي" يخرج من فم ميدشوشوجي... تأكد. لم يكن هناك شك. هذا الطفل الواقف أمامه هو نفسه ذاك الأخ الصغير... الذي رماه بيده في البحر قبل عشر سنين.

الشعر، العيون، حتى الصمت... كل شيء يؤكد. حتى عندما حاول استشعار المانا داخله، لم يجد شيئًا. لم يكن الأمر طبيعيًا، لكنه لم يكن بحاجة لبرهان آخر.

عضّ كايسن على شفتيه بقوة. نزف قليلاً. كي ظلّ يحدّق فيه بنفس البرود.

قال كايسن بصوت متكسر، وكأن كل كلمة تخرج رغماً عنه:

"إذًا… ذلك الرجل… هو ميدشوشوجي؟ قاتل عشيرتنا؟ قاتل أمي وأبي؟"

ابتسم. لم تكن ابتسامة سخرية، بل اعتراف بالهزيمة.

"لم أتوقع ظهوره... ولا ظهورك أنت أيضًا."

حاول أن ينظر في عيني كي، لكنه لم يقدر.

"ما زلت تتذكر، أليس كذلك؟ ذلك اليوم... أسوأ يوم في حياتنا."

كان كي ساكتًا، لكن عينيه كانت تتابع كل كلمة.

"بالنسبة لي، كان أسوأ يوم لأنني فقدت كل شيء... أبي... أمي... عشيرتي... حلمي... نفسي. فقدتك أنت أيضاً. لكن بالنسبة لك..."

هنا صمت كايسن لحظة، ثم قال بصوت متحشرج:

"أظن أن ما جعل ذلك اليوم أسوأ بالنسبة لك... لم يكن ذبح عشيرتنا. بل كنتُ أنا."

عيون كي ازدادت حدة.

"نعم... كنتُ أنا السبب في عذابك... عندما رميتك في البحر... لا أعلم لماذا فعلتها. كنت غاضبًا، نعم... لكن الغضب ليس عذرًا."

تنفّس كايسن بصعوبة، ثم قال:

"تعلم... لا فائدة من الكلام الآن. لا وكأنك ستسامحني. أو حتى... ستتركني حيًّا."

"تتذكر، صحيح؟ عندما ضربتك... وعذبتك بيدي. عندما سحقتك بالركلات حتى تغيّرت ملامحك وازرقت عيناك. كان ذلك اليوم... ليس يوم نهاية طفولتنا فقط، بل يوم نهاية كل شيء بيننا."

سقطت دمعة. لم يصدر صوت. لم يجرؤ على البكاء علنًا.

"أنا لن أمنعك من ضربي الآن... لن أقاوم. تريد أن تنتقم؟ افعل. تريد أن تقتلني؟ افعل."

ثم رفع رأسه أخيرًا، ونظر إلى كي مباشرة لأول مرة، وقال بصوت ثابت، أقوى من كل ما قاله قبل:

"لكن إن فعلت... لا تفعلها من أجل الماضي. لا تفعلها لأنك كنت ضعيفًا. لا تكن مثلي. إن أردت أن تضربني، افعلها لأنك الآن أقوى. لأنك الآن... لم تعد ذلك الطفل الذي تركته يغرق. افعلها كملك، لا كضحية. حينها فقط... سأموت وأنا أعرف أنني فشلت حقًا كأخ كبير وايضا سأكون مُطمئنا لانك اصبحت اقوى "

تقدم كي خطوة واحدة ببطء. نظر إلى كايسن، لا بقسوة، بل بثبات . بصوت منخفض، خالٍ من الغضب، لكنه مشحون بشيء لا يمكن تعريفه بسهولة، قال:

"لو كنتَ قد فشلت حقًا... لما كنتُ حيًا."

توقف لحظة، وعيناه تنزلان قليلاً نحو الأرض، ثم تعودان إليه بثبات:

"أنت لم تفشل في جعلي أتعذب، نعم... لكنك فشلت في تدميري. وذاك وحده كافٍ لأبقيك حيًا."

اقترب منه أكثر، حتى أصبح أمامه مباشرة، وانحنى قليلًا، حتى تلاقت أعينهما على نفس المستوى.

"ما فعلته لن يُنسى. ولن يُغفر. لكن..."

سكت لحظة، ثم قال بصوت يكاد يهمس:

"لكنني لم أعد ذلك الطفل الذي كنتَ تكرهه وتنزعج منه كلما كان يتبعك. ولن أكون صورة للانتقام الذي تتمناه. سأكون شيئًا لا تقدر على فهمه... ولا على قتله."

"قد تظن أنك دفعتني إلى حافة الموت، لكنك لا تعرف أنني قمت بذلك بنفسي مرات عديدة بعد ان نجوت وتركتني وحيدا . لم أعد ذلك الطفل الضعيف... ولا أريد أن أكون مثلك، ولا أن أستمر في تفكير بك او نظر لك كشئ يتسحق اهتمام. لكنني لن أدع شخصًا مثلَك يقف في طريقي مرة أخرى."

"ابقَ حيًا، يا كايسن. هذا أسوأ عقاب يمكن أن أمنحك إياه."

نهض كي ونظر الى كايسن ببرود ...كان كي ينوي رحيل الان وترك كايسن وحده بعد ان اخبرها بذلك الكلام قاسي ...لكن كي لم يتحرك وقال في نفسه :" لا لن ارحل الان مزلت اريد قول مزيد له ...مزلت اريد ان اجعله يفهم حقا ".

ثم قال بصوت منخفض، لكنه واضح كأنما يقصده من القلب:

"أنا أعرف أنك فشلت، نعم... لكن ليس فشلًا كما تظن."

تنهد، وكأنّ الكلمات كانت أصعب من كل ما مضى، ثم تابع:

"فشلت في حمايتي... فشلت في فهمي... لكنك لم تفشل في أن تكون أخي...حسنا ليس الان على الأقل ربما في ماضي قبل أن تذبح عشيرتنا على يد ميدشوشوجي ".

سكت لحظة، عينيه ثابتتان:

"ما زلت حيًا، كايسن. وهذا يعني أنك ما زلت تملك فرصة. لا لتعوض، بل لتفهم. لا لتُكفِّر، بل لتبقى."

اقترب أكثر، ومدّ يده بهدوء ووضعها على كتف كايسن، لا بقوة... بل بثبات:

"أنا لن أضربك. ولن أكرر الماضي. لأنني... ببساطة، لا أريد أن أكون مثلك."

ثم ابتسم كي ابتسامة خفيفة، بلا سخرية، بلا مرارة. ابتسامة رجل نجا من الألم... ويريد أن يتجاوزه.

"ابقَ حيًا، كايسن... لأنك إن متّ الآن، فلن تعرف أبدًا من أصبح أخوك الصغير."

استدار "كي" بعد كلماته، خطواته ثابتة، ملامحه هادئة. كان راضيًا تمامًا عمّا قاله لـ"كايسن". صحيح، كان هناك المزيد مما يمكن أن يُقال... لكنّه قرر أنه ليس ضروريًا. ما قاله، كان كافيًا.

"هذا يكفي... قلتُ ما يجب قوله." — تمتم بها في نفسه، وهو يمضي دون أن يلتفت.

لم يشعر بندم. لم يشعر بثقل. لم يشعر بشيء مما نظنه عادةً بعد المواجهات... فقط الرضى. صامت، صافٍ، قاطع.

لكن خلفه، اتسعت عينا "كايسن"، وتجمّعت الدموع فيهما كأنها انفجرت دفعة واحدة. ثم جاء الصوت... صوت بكاءٍ مرتجف، لم يكن خافتًا، بل واضحًا، صريحًا، وعارٍ من كل كبرياء.

"كي" ابتسم، لا سخرية فيها هذه المرة، بل ابتسامة رضا هادئة.

ثم، فجأة، ركض "كايسن" نحوه. "كي" كان مدركًا تمامًا لما يحدث، لكنه لم يتحرك. لم يتراجع. لم يتخذ أي وضعية دفاع. فقط وقف.

اصطدم به "كايسن" من الأمام، ذراعيه التفّت حول خصر "كي"، وركع أرضًا، رأسه منحنٍ وهو يبكي. كانت دموعه تنساب بلا توقف، وكل كلماته كانت مجرد شيء واحد: اعتذار. متكرر. محموم. صادق.

"كي" شعر بشيء غريب. شيء لم يعرف كيف يسمّيه. لم يسبق له أن رأى "كايسن" يبكي هكذا... حتى حين ماتت عشيرتهم، حتى حين خسر كل شيء.

لكنه لم يتردد. استدار فجأة، وأمسك "كايسن"، ثم رماه بعيدًا بقوة. وجهه عاد باردًا، ونبرته تقطر انزعاجًا:

"اسمع، أيها الوغد الحقير..."

"كلامي الأخير لم يكن نابعًا من حبي لك... ولا من كرهي لك. أنا ببساطة، لا أملك شعورًا اتجاهك. وإن كنت أملك شيئًا، فهو..."

توقف، ثم أكمل بحدة:

"...شفقة. أنت مثير للشفقة حقًا."

نظر إليه الاثنان. صمت طويل. بينهما كلمات لم تُقل. لكن "كي" هو من قطع الصمت:

"لا يمكنني تقبّل مشاعرك."

لم يتفاجأ "كايسن". لم ينصدم. بل فقط خفّت دموعه قليلًا، وكأن هذا الجواب... كان يعرفه مسبقًا.

استدار "كي"، وأكمل طريقه. خطواته عادت ثابتة.

لكن خلفه، نهض "كايسن" من على الأرض، وعلى وجهه دموع كثيرة. كان منظره مثيرًا للشفقة... لكنه لم يتراجع. قال، بعزم اخترق الحزن:

"لكنني... لن أستسلم."

"لا يمكنني التوقف هنا، أبدًا."

"سأجعلك تراني... أخاك الكبير. حتمًا. هذا وعد."

"سأُرجعك إلى ذلك الطفل الصغير، مهما طال الأمر."

"كي" توقف. لم يستدر تمامًا، فقط التفت برأسه قليلًا، ليكشف جانبًا من وجهه، وتعلو ملامحه ابتسامة ساخرة، متحدّية:

"إذاً... لنرَ هذا، أيها الأخ... مثير الشفقة."

أكمل "كي" طريقه، خطواته ثابتة، لكن الداخل... خاوٍ.

لم يُرِد أن يُتبع نفسه بالتفكير.

بل، لم يستطع التفكير أصلًا.

كان كل شيء أكثر من أن يُفهم، وأكثر من أن يُحلل.

ظهور "كايسن" فجأة بعد عشر سنوات من اختفائه...

ظهور قاتل العشيرة...

كل ذلك تراكَم فوقه كجبل لا تُرى قمته.

لذا قرر... أن لا يفكر.

أن يتجاهل كل شيء. أن يُطفئ العقل. أن يصمت الداخل.

لكن فكرة واحدة نجت من هذا القرار...

"كيف... أتى كايسن إلى هنا؟"

التفت فجأة، بعينٍ حادّة، مملوءة بالشك.

"أنت..." — قالها بصوت منخفض لكنه مقلق.

رفع "كايسن" رأسه ببطء، وقد جفّت دموعه، لكن آثارها كانت ما تزال حاضرة.

"كيف أتيت إلى هنا؟"

"كايسن" ابتلع ريقه، ثم قال بصوت خافت:

"لقد... جئتُ لأجلك."

لكن "كي" قاطعه، صوته ازداد حدة:

"لم أسألك لماذا جئت.

سألتك كيف جئت."

تجمّد "كايسن". بدا أنه لم يكن مستعدًا لهذا السؤال. ارتبك، نظر أرضًا، ثم قال:

"عندما عرفت أن ذلك الشخص... هو ميدشوشوجي... ركضت فورًا إلى هنا."

"كي" لم يكن مقتنعًا.

رد بصوتٍ قاطع، يحمل شيئًا من الغضب:

"هذا لا يبدو سببًا كافيًا.

أتعني أن ميدشوشوجي أرسل جنوده إليكم وترككم؟

هل هذا منطقي؟"

"كايسن" تردد، ثم أجاب:

"نعم... أرسل اثنين من جنوده... اسمهما رايدن ورين، مع وحوش نووية وجليدية..."

ازدادت حدة "كي"، وتجهم وجهه أكثر:

"ذلك الوغدان..."

ثم أكمل، بصوت أكثر حدّة:

"ومن سهّل لك الطريق؟

لا يمكن أن تكون قررت فجأة ترك القتال والركض نحوي، أليس كذلك؟

من أخرجك؟ من سمح لك؟"

صمت "كايسن" لحظة.

ثم، وكأن الكلمة ثقيلة عليه، نطق بها:

"...كايغو."

سادت لحظة جمود.

تقلصت عينا "كي"، وارتفع حاجباه، ثم امتلأت ملامحه بالغضب، حتى اهتزّ الهواء من حوله.

تراجع "كايسن" خطوة إلى الخلف، وقد شعر بالارتباك من النظرة.

"كي" خفض رأسه قليلًا، وقال ببطء، كمن يحاول منع نفسه من الانفجار:

"ذو الشعر الأخضر الطويل...

ماذا يريد مني بحق الخالق...؟

هذا الشخص... مريب حقًا..."

وفجأة...

انفجرت من حول "كي" عاصفة نارية.

لهب أحمر برتقالي اجتاح المكان، تدفّق من جسده كأن جسده أصبح بوابة بركان.

احترقت الأرض تحته، وارتجّ الهواء حوله.

ثم... اختفى.

تلاشت العاصفة، ولم يتبقّ منها سوى آثار الاحتراق على الأرض، وحرارة خانقة في الجو.

و"كايسن" وقف في مكانه، عاجزًا عن الفهم.

تمتم بصوت مبهوت:

"...نار؟

لهب؟

منذ متى... يستطيع استخدام العناصر؟

ما الذي حدث له... حقًا؟"

لم تمر لحظات على اختفاء "كي" حتى سمع "كايسن" خطوات هادئة، قادمة من جانبه الأيمن.

خطوات خفيفة، محسوبة، لا يصدر عنها أي توتر…

استدار، والتوتر يعود إلى عينيه سريعًا.

كان "كايغو" يقترب… يسير ببرودٍ لا يتزعزع، وكأن ما حدث قبل قليل لم يكن سوى مشهد عرضي لا يعنيه.

لم يتوقع "كايسن" ظهوره، بل ارتبك للحظة ثم قال بنبرة مترددة:

"إذًا… أتيت.

شكرًا لك… لأنك جعلتني ألتقي بأخي."

"كايغو" لم يتوقف. لم يردّ بابتسامة، ولا حتى بإيماءة.

بل قال بصوته الهادئ الرتيب:

"أين ذهب؟"

خفض "كايسن" رأسه، وخيبة الأمل تخترق نبرة صوته:

"لا أعلم…

اختفى فجأة… وسط لهب لم أفهمه."

ظلّ الصمت معلّقًا بينهما لثوانٍ، قبل أن يتحدث "كايسن" مجددًا، بنبرة فيها مزيج من الفضول والشك:

"لكن… لماذا؟

لماذا جعلتني ألتقي به؟

وشجعتني على ذلك؟

كيف عرفت أنه أخي أصلًا؟

هل… تعرفه؟"

توقف "كايغو" فجأة.

أدار رأسه نحو "كايسن"، بعينين خاليتين من الانفعال.

ثم قال، ببساطة:

"لنذهب."

رفع حاجب "كايسن" بدهشة، لكن قبل أن يفتح فمه للاعتراض، سمع صوت اقتراب...

وقع أقدام ثقيلة، أوامر عسكرية،.

قوات أمن، حراس ملكيون، فرقة تحقيق... كلهم كانوا يقتربون نحوهم، قادمين من طرف الغابة التي شهدت الانفجار.

قال "كايغو" بصوت هادئ:

"الشرطة، والحرس الملكي، وقوات مملكة الشرق...

أتوا للتحقيق بما حدث في الاختبار.

سيبدأون بالأسئلة قريبًا."

نهض "كايسن" من مكانه سريعًا، وأخذ نفسًا عميقًا.

الواقع يعود ليُحاصره، والغموض يزداد.

قال وهو ينفض عن ثيابه الرماد:

"حسنًا..."

2025/05/14 · 16 مشاهدة · 2275 كلمة
Mouad Kei
نادي الروايات - 2025