الفصل الاول: دفن الذكريات

مقاطعة كابشوروا شرقي اوغندا قارة افريقيا

شلالات sipi

تحت شلالات Sipi [1] شاب يجلس بهدوء وطمأنينة وكأنه صخرة ثابت منذ عصور ومياه الشلال تنزل على رأسه وكتفيه، بالطبع لا أحد يمكنه ان يرى وجود الشاب وسط الشلال.

< أخي بسرع يجب ان تخرج الآن أنا خائفة من أنك ستمرض > صوت صراخ رقيق لفتاة صغيرة وهي تنادي على اخيها تحت الشلال، لا يمكن سماع هذا الصراخ من أمتار قليلة.

فجأة بدأت مياه الشلال تنقسم وكأنها ستائر بيضاء لتظهر بين ثناياها بشرة سمراء فاتحة لجسد عضلي <بسرعة يا اخي اريد ان اتناول الغداء معك > الطفلة تقفز وتكرر صيحاتها وكأنها تراه من بعد غياب طويل.

< حسنا انا قادم احذري ان تقعي > صوت مثل دوي الرعد اختلط مع صوت انهمار الشلال القوي.

بعد فترة قصيرة وصل الشاب وارتدا قميصه وحمل الفتاة الصغيرة < ماذا تريدي ان تأكلي على الغداء > سأل الشاب الفتاة الصغيرة وهو يقبض على خديها قبضة خفيفة.

< اخي زئير قلت لك لا تمسكني من خدي هكذا توقف توقف...> تتكلم الفتاة الصغيرة وهي متجهمة بعيون حادة، وفي نفس الوقت قهقهة عالية الصوة من زئير على اخته الصغيرة وهي تقاومه وتدفع في يده.

< حسناً حسناً لن أزعج خديك الصغيرين ولكن في المقابل يجب ان تنتظريني دائما في الكوخ موافقة > زئير وهو يقدم يده ليصافحها كعلامة على صفقة بينهما، صافحة الفتاة الصغيرة يده وهي تومئ برأسها مع بريق في عينها بعلامة الخضوع والموافقة.

عند حلول الليل قدمت الفتاة الصغيرة لأخيها زئير شيء ملفوف في أوراق الأشجار < أخي تفضل هذا عقد صنعته من انياب اسد وجدتها منذ مدة [2]>.

عقد من انياب الاسد

بدا زئير في الشعور بسخونة في عينه وأصبحت رؤيته ضبابية قليلا، سرعان ما تمالك نفسه وربت على رأسها.

< قمر هل هذه الهدية لأني بلغة العشرين من عمري >، اومأت قمر بابتسامة مشرقة تظهر سعادتها الغامرة، احتضن زئير اخته الصغيرة قمر ورفعا في السماء وهو يضحك ضحكة يتخللها شهيق خفيف من كتمه لبكائه.

بعد ان وصلا الى كوخهما وتناول العشاء، لعب زئير مع قمر الى ان سقطة في نوم عميق.

خرج زئير من الكوخ وذهب الى الشلال ووقف خلف الارض التي تساقطة عليها مياه الشلال، بعد ان تأكد من انه لوحده من دون أي مراقب بدأ في الحفر لمدة حتى اخرج صندوق خشبي قديم، اخذ زئير الصندوق الى كوخه وهو يراقب محيطه بحذر شديد.

جلس زئير على الأرض ووضع الصندوق على طاولة صغيرة اعتاد هو وقمر على الاكل عليها، مع أن الصندوق كان من الواضح انه قديم وغير مميز الى انه متقن الصنع ولا يوجد أي اثار على تسرب او تلف بالهيكل، قام زئير بقلب الصندوق وضغط بإبهامه بشكل قوي على زاوية من الصندوق عند الإحساس بحركة خفيفة قام بسحب جانبي لإصبعه وهو مستمر في الضغط وإذ بالصندوق يفتح من قاعدته.

احتوى الصندوق على جهاز عارض وبعض الوثائق و قليل من الذهب، شغل زئير العارض وضهر والده في التسجيل < مبارك لك ابني العزيز بلوغك العشرين أتمنى ان تكون واختك بخير، اسمعني جيدا انت واختك مصابان بفايروس قاتل ينشط بشكل قوي بعد بلوغ العشرين اي لم يبقى لك سوى سنوات قليلة لتعيشها، يجب ان تجد علاج لنفسك واختك الصغيرة حتى تواصلا العيش وتستمر عائلتنا وتراثنا في الوجود، انا متأكد انك الآن قادر على تنفيذ المهمة ولكن احذر يجب ان تعمل في الخفاء كما علمتك، يجب ان لا يعرف احد بوجودك انت او اختك حتى مرضك يجب ان لا يعرف احد عنه، يجب ان تجد علاج دون اثارة الانتباه، انا اعتمد عليك ، آسف لأني لست بجانبك اعذرني بني.... > اكتمل التسجيل وضهر دخان من الجهاز.

جلس زئير وهو يفكر بعمق وكأنه جثة محنطة من آلاف السنين، بعد ساعات اخذ زئير الوثائق والذهب من الصندوق وتفحصها ثم اخفاها داخل جسده ونام.

في ساعات الفجر قام زئير من النوم واخذ الصندوق والجهاز واحرقهم بعد عودته الى الكوخ أيقظ قمر من النوم < قمر قمر استيقظي ... > حكت قمر عينيها وهي تتمتم < ماذا ... لماذا ... انا اريد ان انام أكثر> رد زئير < حسنا انا سوف اخرج الى المدينة يجب ان لا تغادري المنزل وابقي بالقرب من ليث هل فهمت، سأعود في المساء لذا لا تقلقي علي > اومأت قمر وعادة بسرعة للنوم.

خرج زئير وتوجه الى المدينة بعد شروق الشمس وصل زئير الى المدينة وتوجه الى أقرب محل للأنترنت، وبدأ في البحث عن أي طريق لمعالجة الامراض والفايروسات، مع ان زئير لم يلمس الاجهزة او اي مضاهر التكنلوجيا لأكثر من 8 سنوات الى انه تعلم كل شيء عنها لما كان صغير، فكان امر البحث سهل عليه.

بعد بحث طويل وجد حل وحيد له ولاخته الجهاز الطبي الاعجازي من اختراع ظل العلم جهاز " سينا 3 "، ولكن واجه زئير مشكلتين الأولى ثمن الجهاز الباهض 20,000 دينار ذهبي وهذا الجهاز هو الوحيد القادر على شفاء أي مرض او فايروس، المشكلة الأخرى كانت احتمالية تسرب معلومات الفايروس بجسده عن طريق الجهاز فاغلب الشركات تجمع المعلومات من أجهزتها اما لتحسين جودة الأجهزة او التجسس على المرضى.

بعد بحث معمق وجد جهاز تم تعديله حتى لا يقوم بتسريب أي معلومة عن المريض ومرضه، ولكن السعر كان مضاعف وهذا ما زاد في مفاقمة وضعه فهو لا يملك الكثير من الذهب كل ما لديه ذهب بقيمة 1,000 دينار ذهبي، مع ذألك قرر الذهاب الى البلد الذي يوفر الجهاز المعدل وبعدها سيحاول ان يجد طريقة لتوفير المبلغ.

عند خروج زئير من المحل كانت الشمس تغرب < تبا الآن ستقلق قمر وقد تخرج من الكوخ تبا ... تبا...> وانطلق كالمجنون بسرعة كبيرة جدا حتى اختفي في الأدغال، على الجانب الاخر كانت قمر قلقة وهي تفرك في شعر ليث وهو من القطط الكبيرة المعروفة باسم السرفال [3].

سيرفال

لقد تأخر زئير كثيرا هل لا يزال تحت الشلال، ماذا لو أغمي عليه وهو تحت الشلال، بدأ الهلع يظهر على وجه قمر، وقررت الذهاب للبحث عنه.

حل الظلام وقمر متجهة نحو الشلال للبحث عن اخيها وبجانبها ليث، متمسك به، عاد زئير للكوخ ولم يجد قمر، خرج وبحث بمحيطه ولم يعثر عليها فعرف بانها ذهبت الى الشلال وانطلق مسرعا للعثور عليها.

اقتربت قمر من الشلال وهي تنادي < زئير هل تسمعني ارجوك اخرج من تحت الشلال، زئير ... زئير ...> ولكن لا رد، تمتمة قمر لنفسها < كيف يقدر على سماعي وانا لا أقدر على سماع نفسي حتى> ومع ذلك استمرت قمر في الصراخ باسم اخيها.

في تلك اللحظة بدأ ضل اسود يقترب نحو قمر، بدأ ليث بالزمجرة وشعر بالخطر الذي يقترب نحوهم، ارتجفت قمر وتراجعت خلف ليث لأنها تعرف بان ليث لا يتصرف هكذا الا إذا شعر بخطر، بدأت ملامح الضلل الأسود تظهر، غوريلا الجبل تزن اكثر من 200 كلغ تظهر امامهم.

شعرت قمر بالرعب وارادت الهرب ولكن لم تقدر على الحركة، احس ليث بخوف قمر وتوجه ببطؤ نحو الغوريلا وهو يزمجر، غضبة الغوريلا وبدأت في ضرب صدرها وانطلقت نحو ليث وبدا الصراع مع ان الغوريلا قوية الى ان ليث كان سريع ورشيق واستمر الامر لفترة قصيرة حتى امسكت الغوريلا بذيل ليث ولم يعد لليث الفرصة لتجنب ضرباتها، وجهت الغوريلا ضربة لليث سحقت اضلاعه ورمته بعيدا.

سقط ليث غير قادر على الحرك وهو يرى الغوريلا تتجه نحوه بسرعة، صرخت قمر باعلا صوتها < لااااااا >، اتى صوت خطوات سريعة من جانب الغوريلا وضهر زئير يحمل جذع شجرة بطول مترين وقفز عاليا موجها ضربة نحو راس الغوريلا،في البداية لم تعر الغوريلا انتباها نحو زئير فقد كانت مركزة على ليث بسبب غضبها وبعد اقتراب زئير منها كان الاوان قد فات، صوت ارتطام جذع الشجرة براس الغوريلا دوى وفقدت الغوريلا توازنها ووقعة على الأرض.

لم يهتم زئير بم حدث للغوريلا فكل تركيزه منصب نحو قمر، اسرع زئير الى قمر وحملها واراد الهرب ولكن قمر صرخت بشدة < ليث انقذه ارجوك انقذ ليث > خرجت هاته الكلمات مختلطة بالدموع، نظر زئير الى ليث ليراه ساقطا على الأرض مع انين، انطلق نحوه وتفحصه دون ترك مراقبة الغوريلا التي بدأت تستعيد حواسها.

< لا اعتقد انني قادر على انقاذه يبدو انه يحتضر > زئير يتكلم وعلامات اليأس على محياه، نظرة عدم تصديق ظهرت على وجه قمر <اسرعي واتجهي نحو الكوخ سأحضر ليث معي> ولكن في تلك اللحظة استعادة الغوريلا كل حواسها وتوجهت نحو زئير وهي تطلق صوت مدوي، انتبه زئير ووقف مستعدا للقتال وهو يقول < اسرعي واهربي لا اقدر ان احميك واقاتل في نفس الوقت >.

وجهة الغوريلا ضربة بيدها نحو زئير ولكنه تجنبها بسرعة وابتعد عن مجالها، تراجعت قمر بسرعة واختبأت خلف الصخور وهي تشاهد قتال زئير.

حاولت الغوريلا ضرب زئير وامساكه ولكن سرعت زئير وانتباهه خول له مجاراة الغوريلا، ضل زئير يتجنب ويبتعد عن الغوريلا الى ان سحبها نحو الجرف، نظر زئير نحو الجرف وفي عقله يقدر المسافة وكيف سيتحرك وإذ بالغوريلا تقفز نحوه، ارتعد جسد زئير وحاول تجنب قفزة الغوريلا ولكن ذراع الغوريلا كان طويل جدا وخدشت صدره.

تطاير الدم وظهرت علامة على ثلاث جراح على صدر زئير ومع ذلك رزانة زئير جعلته يستغل الموقف ويوجه ضربة قوية نحو ضهر الغوريلا باستخدام الجذع مما زاد قوة اندفاعها وسقطة من اعلى الجرف الى البركة في الاسفل.

شاهدة قمر كل ما جرى وركضة مسرعة وهي تنادي < انت مصاب هل انت بخير، رد عليها زئير لا تقلقي انه مجرد جرح سطحي يجب ان نسرع ونغادر قد تعود الغوريلا الى هنا >.

اتجه زئير الى ليث وحمله على يديه وحمل قمر على كتفيه وركض مسرعا الى كوخهم، عند وصولهم وضع ليث على الفراش وتفحصه، كانت أنفاسه تنخفض في كل ثانية وأصبح غير قادر حتى على فتح عينيه.

نظر زئير نحو قمر وقال لها < لا يمكنني إنقاذه ودعيه هذه أنفاسه الأخيرة > نظرة مكذبة اعتلت محيا قمر فهي لا تريد تصديق ان ليث الذي رافقها منذ نعومة اضافرها سيموت وهي كانت السبب في موته، بدأت في البكاء والصراخ وهي تعانق راس ليث وهي تشعر بأنفاسه تقل وتقل الى ان توقفت أنفاسه.

لم يقدر زئير على مشاهدة اخته الصغير في هذا الموقف و لم يقدر على ايقافها فقط جلس خلفها وهو يربت على ضهرها، بعد مدة بدأ صوت قمر ينخفض وينخفض حتى سقطت نائمة حمل زئير قمر ووضعها في فراشه، وبدا في مداواة جراحه ومن ثم دفن ليث و جلس يراقب حول الكوخ حتى اشرقت الشمس.

استيقظت قمر وقفزت من سريرها وخرجت بسرعة لتبحث عن ليث وكلها امل انا كل ما حدث البارحة مجرد حلم، ولكن للأسف لم تجده ثم سمعت خطى زئير، اتجهت نحوه وقالت له < ارجوك أخبرني بان ما حدث أمس مجرد حلم > رد عليها بالسلب وأشار الى قبر ليث، غرغرت دموع قمر من جديد ولكن حاولت منع نفسها فهي لا تريد ان تزيد الحمل على اخيها، رفع زئير قمر وحضنها وقال لها < حان وقت الرحيل سنغادر هذا المكان غدا استعدي >.

في اليوم الموالي غادر زئير وقمر كوخهما تاركين ذكريات سنوات طويل خلفهما.

-------------------------------------------------

[1] شلالات موجودة في اوغندا https://i.imgur.com/7lYeFmZ.jpg

[2] صورة لعقد من انياب الاسد https://i.imgur.com/o7fa3AE.jpg

[3] صورة حياوان السرفال https://i.imgur.com/TgLmqcv.jpg

معلومات إضافية من الفصل

---------------------------

- زئير شاب عمره 20 سنة مجهول الأصل قوي البنية وسريع الحركة وله فطنة عالية، لا يهتم باي شيء في العالم ماعدا أخته الصغيرة.

- قمر اخت زئير البيولوجية (لهما نفس الاب والام) عمرها 8 سنوات لا تعرف عن العالم أي شيء قام زئير بتربيتها منذ ان كانت في الرضاعة.

2019/08/31 · 1,774 مشاهدة · 1750 كلمة
huoldz
نادي الروايات - 2024