عند الحديث عن الجنون فإننا سنجد سامح في القائمة, كان في الثلاث سنوات الأخيرة يعلم خالد لكي يدخل معه في المدرسة التي سيذهب إليها.

في البداية رفض خالد ولكن بعد أن قال له سامح أنه سيستغل مكانة أبيه الذي كان بالمناسبة أفضل منقذ في الجزيرة في أن يجعله يدخل المدرسة لكن بشرط أن ينجح.

في الأساس لم يكن ممنوعاً دخول شخص غير الجزريين, لكن في حالة خالد سيكون الأمر صعباً قليلاً فالسطحيين يذهبون في تلك الرحلة مع المقذين ليكونوا مترجمين لكلا الطرفين, والجزريين يذهبون لأنهم تعلموا عن هذا, وبما أنه ليس جزرياً أو سطحياً فمن الصعب تفسير أصله, ومن الأكيد لا أحد سيصدق أنه من عالم آخر.

كان خالد سريع الفهم بطيء الحفظ وبطيء النسيان, وهذا كان جيداً أو سيئاً بحسب صبر المعلم الذي يعلمه.

في يوم الاختبار استيقظ سامح عند الساعة السادسة -مجدداً- لسبب ما كان يستيقظ في ذلك اليوم تحديداً كل مرة حتى وإن سهر طوال الليل.

بعدها نزل وأعد إفطاراً بسيطاً لكن كان هادئاً وبلا حماسة بالنسبة إليه كان هذا يوم مشؤوم , حسناً فبعد ما مر به لا يمكن لومه.

أيقظ سامح خالد ليذهب معه, أكل خالد فطوره وذهب مباشرة مع سامح.

-الآن هناك شيء أود سؤالك عنه يا خالد.

-ما هو؟

- أنت تسكن معي منذ خمس سنوات صحيح؟

-أجل

-حسناً أنا لا حظ أن شكلك لا يتغير مع الوقت, حتى أن شعرك لا ينموا, هل كل من في عالمك هكذا؟

-لا, أنا أيضاً لاحظت ذلك وتكونت نظرية في بالي.

-أتعني كنظرية أن كل من ألف رواية خيالية عاش أحداثها.

قالها سامح وأدار وجهه وهو يضحك.

-بالطبع لا, تباً ما الذي جعلني اقولها لك, المهم ماذا إن كان هذا العالم يختلف عن عالمنا؟

-في أي شيء تحديداً؟

-في السرعة الزمنية أي سرعة مرور الوقت, ماذا إن كان عالم يسير أسرع في الوقت من عالمنا؟

-أوه, جيد

قالها سامح بعدم اهتمام لأنه كان يشعر بالصداع, فمحادثات بحاجة للتفكير بمجرد أن يستيقظ –أو بعدها بفترة قصير- تجعله يشعر بالصداع لهذا قرر الإغلاق على هذه المحادثة البسيطة التي كانت مع خالد وهما في طريقهما إلى المدرسة.

كانت إحصائيات خالد قد تطورت كثيرا عن المرة الأولى حيث أنه عندما فتحها وجد:

الاسم: خالد سمير

اللقب: غريب العالم الآخر

العمر: 19

المستوى:9

القوة : 80

الذكاء: 60

الصحة: 100/100

نقاط المانا: 300/300

نسبة فهم العالم:30%

نسبة إنهاء المهمات:6%

المهارات:

حظ بطل الرواية

شرح المهارة: تمكنك تلك المهارة من تفادي موت مؤكد مرة في اليوم.(باقي عشر مستويات لفتح ميزة أخرى لتلك المهارة)

أكل المانا

شرح المهارة: إذا لم يأكل الشخص طعاماً لفترة معينة فإن تلك المهارة تمكنه لا شعورياً تحويل المانا إلى مغذيات لجسده

الآثار الجانبية: صداع شديد مع اقتراب نفاذ المانا

الموت في حالة انتهاء المانا.

التقييم

شرح المهارة: تمكنك تلك المهارة من معرفة مهارات ومستويات الناس من حولك.

واجهة الألعاب

شرح المهارة: تمكنك من رؤية شاشة الحالة وإحصائيا تك, مثل الألعاب في عالمك, مهارة نادرة .

لغة العالم الآخر

شرح المهارة: بمجرد تعلم لغة لعالم غير عالمك تتمكن من تعلم كل لغات ذلك العالم أسرع من الشخص العادي خمس مرات

الإحصائيات قد ارتفعت بشكل كبير ولكن المهارات فزادت واحدة فقط وأما بالنسبة للمهارات السحرية فلم تزد ولو واحدة فقط.

أما بالنسبة لسامح فلم تتغير إحصاءاته إلا في القوة وفهم العالم فقط حيث ارتفع فهم العالم عند سامح إلى 50% والقوة إلى 50 .

دخلا إلى المدرسة عند الساعة السابعة, وجلس الاثنان على إحدى الكراسي الخشبية التي تمتاز بطولها حيث يمكن لخمسة أن يجلسوا عليها.

كان سامح يعطي خالد إجابات أسئلة الاختبار كما يتذكر, حين وقف بجانبهما شاب لم يعرف أسماءهما لكن قال لهما: أراكما تجتهدان للاختبار حتى آخر لحظة.

قالها بعفوية فنظر سامح إليه, فلم يعقب وعندما نظر خالد إليه رأى أنه شاب ذو شعر أبيض وجسد نحيل وعيون سوداء بطول أقصر منه بشيء بسيط –أقصر من خالد-, وحينما نظر إلى سامح وجد يداه ترتعشان, فاستنتج أنه هو ذلك الشخص الذي كان سامح يتحدث عنه.

تمالك خالد نفسه قبل أن يبدأ بالخوف هو الآخر وقال بابتسامة: أجل أعني أنني أود أن أذهب إلى تلك المدرسة أنا وصديقي الذي بجانبي, بالمناسبة لم تعرفنا بنفسك.

ضحك ذو الشعر الأبيض الذي كان مركزاً على سامح وقال: أوه أعتذر أنا أدعى منير, أنا أستاذ جديد هنا يمكنك مناداتي بأستاذ منير.

قال له خالد بمزاح: هل يمكنك أن ترفعنا درجة أو اثنتين يا أستاذ.

-نعم ولم لا.

ضحك الاثنان, وحينما نظر منير إلى وجه خالد تفاجأ وبعدها عادت ملامحه إلى طبيعتها وقال مودعا: إلى اللقاء الآن, أنا مشغول.

بعد رحيله قال خالد لسامح ليؤكد شكوكه: هل هو نفس الشخص الذي كنت تتحدث عنه؟

قال سامح: هو... هو نفسه لم يتغير لا شيء منه (بدأت يداه بالارتعاش) عاد ليجعلني أفشل في الاختبارات مجدداً.. مجدداً.

وظل يكرر كلمة مجدداً إلى أن أمسكه خالد ورجه رجة جعلته يستفيق وقال له: لا لم يفعل, لم أكن معك لكن أنا متأكد أن الماضي قد تغير, هل جاء من قبل ليحادثك قبل الاختبار؟

أنزل سامح رأسه وقال: أجل, معك حق.

بالرغم من هذا كان ما يزال خائفاً.

عندما لاحظ خالد أن كلام لا ينفع قرر تغيير الموضوع: بالمناسبة هل معك أقلام, قلت أن هناك امتحان كتابي.

-أجل معي

وضع سامح يده في جيبه فوجد جسماً غريباً, عندما أخرجه وجد أنه مكعب ذهبي اللون, لم يأبه لوجوده وأخرج القلمين.

أعطى واحداً لخالد وبعدها بلحظة رن الجرس معلناً بداية اليوم الدراسي الأول للذين في السنوات الأكبر منهم –اللذين التحقوا قبلهم بسنة-, وإشارة البدء للذهاب لسماع خطبة المدير المملة, وبعدها الاختبار الأول .

وطبعاً للاختصار سنبدأ بالاختبار الأول.

كان سامح خائفاً من أن يكون ذلك المنير هو من سيواجهه و في نفس الوقت كان يتأمل أن يأتي أحد غيره لذلك الاختبار لهذا كانت مشاعره متضاربة وفيها تجانس بين التفاؤل والخوف.

طبعاً ككل مرة كان سامح هو الأول في بدء الاختبار, عندما دخل وجد أن ذلك الأبيض الشعر منير هو خصمه.

كانت يد سامح ترتعش , اقتب مني منه وقال هامساً في أذنه: لا تقلق, ستنجح هذه المرة.

كان هذا التصريح كافياً ليجعل سامح يدو في بحر أفكار عميق, مثل أنه بهذا التصريح يقول بوضوح أنه يعلم التغيرات الزمنية, ويعلم لما هو خائف منه, وإذا كان هذا صحيحاً فهذا يعني أن حادثة اختطافه في الطفولة لم تكن حلماً, لكنه لا يعلم كيف من الممكن هذا حتى.

في وسط دائرة الأفكار التي لم يستطع الخروج منها قال خالد بصوت عالٍ لجعله يستفيق: استيقظ يا سامح.

قالها بصوت عالٍ ولم يهتم للذين نظروا إليه.

عندما استفاق قال له منير: هل نبدأ؟

-أجل

قالها وقفز ناحية اليسار متخطياً بصعوبة الركلة التي كانت ستضرب قدمه وتجعلها شبه مدمرة .

تخطى تلك الهجمة وبعد أن وقف بأجزاء من الثانية سدد لكمة إلى وجهه.

استطاع منير تخطيها بحركة بسيطة وأمسك يده, عندما كان سيرمي سامح على الأرض قام سامح بركل قدمه جاعلاً إياه يتعثر.

في تلك اللحظة قال المراقب: انتهى الوقت!

توقف الاثنان, قال سامح لمنير: شكراً على تساهلك معي.

قالها ولم يعني ذلك أنه قد سامحه أو نسي ما فعله, لكن المشكلة هي أنه أقوى منه بكثير لهذا لن يمكنه فعل شيء أكثر من هذا.

كان خالد سعيداً جداً بفوز الطفل ذو عقل الشاب سامح, قام وهناه على فوزه, ولكي نكون صريحين لم يستطع سامح إمساك عضلات وجهه لهذا كانت هناك ابتسامة عريضة تعلو محياه جاعلة وجهه مشرقاً بسعادة غامرة.

قال سامح الذي تفاءل بفوزه لخالد: هيا, عندما يأتي دورك حطم خصمك

-هل حقاً تقول لي هذا الكلام وأنا معلمك؟

ضحك الاثنان وفي وسط ضحكاتهما نودي اسم خالد كالاسم التالي بعد سامح, لهذا اعتذر وذهب.

في الحقيقة كان خالد سعيد الحظ جداً فمنافسه كان ضعيفاً ومع بضعة لكمات على وجه منافسه لم يستطع الأخير فعل شيء سوى السقوط على الأرض بلا حراك كجثة هامدة.

عندما انتهى كان سامح يجلس على إحدى الكراسي في الخارج وبمجرد أن رآه نادى عليه, انتبه سامح الذي لم يكن مركزاً كثيرا لما حوله, قال سامح: غريب انتهيت من الاختبار بهذه السرعة؟, هل يعقل أنك خسرت.

-بالطبع لا يا صاحب الفشل الثلاثي.

كان سامح قد أخبر خالد بأنه قد كرر هذا الاختبار ثلاثة مرات من قبل, لهذا اقتنع بفكرة أخذ أجوبة الامتحانات الكتابية منه.

رداً على سخريته قال سامح: حسناً تفوقت على توقعاتي أيها الرجل الخفي.

في تلك السنين التي عاشها مع سامح كان أصدقاء سامح الآخرين –الذي تعرف عليهم بعد التكرار الأخير بسبب ملله من الدراسة- لم يكن أحد يتوقع أن يتقن خالد اللغة حتى أن صوته يصبح أرق عندما يتحدث بها, لهذا كان الكل يتصف كما لو كان هناك شبح يحادثهم.

بذكره لهذا فتح سامح أبواب ذكريات لم ترق خالد الذي أمال رأسه بحزن وعلت وجهه تعبيرات مثيرة للسخرية.

سائلا إياه عن تلك التعبيرات قال سامح لخالد: ما بك؟

-لقد تذكرت عندما ظن أحدهم أن صوتي هو صوت صديقته وظل يلتفت حوله لكي يراها.

ضحك سامح على خالد المثير للسخرية وقال له بجدية: سوف يبدأ الاختبار التالي بعد ساعة.

2019/01/29 · 503 مشاهدة · 1386 كلمة
AZOZ
نادي الروايات - 2024