بعد مدة لم تكن طويل بدأ الاختبار التالي.

كانت قاعة الاختبارات الكتابية ممتلئة بالطلاب من كل سن بين الثالثة عشر والتاسعة عشر.

أمسك سامح بالقلم وبدأ بالكتابة إلى أن أنهى الاختبار.

كان سريعاً جداً لدرجة أنه أنهى الاختبار في بضعة دقائق وأعطى المعلم الورقة وقال قبل أن يقول أي شيء: أن متأكد من أن حلي صحيح تماماً.

ساير المعلم سلوك هذا الطالب الغريب وأخذ الورقة.

كان خالد الذي يواجه صعوبة في التذكر يحل الأسئلة بروية لكي لا يتوتر من أنه لا يتذكر كل الأجوبة حتى الآن , سؤالا سؤال , مقوياً عزمه بأحلام البطولة في العالم الآخر.

في الواقع كان قبل أن يعتاد على هذا المكان حزيناً جداً, لا أحد من أهله ولا من أصدقائه هنا, وهو عالق مع طفل غريب ويجب عليه التحفظ معه وإلا قد يطرده ليعود إلى تلك الأزقة منتظراً الموت, ولكن بعد مدة اكتشف أن هذا الفتى طيب, فيه قذارة قليلة لكنه طيب.

انتهى الاختبار بعد مدة وسلم الأوراق من لم يسلمها.

قال سامح لخالد: الآن لم يتبقى سوى الاختبار الأخير, ميكانيك الآلات الطائرة.

-لحظة!!, لم تقل لي أن هناك اختباراً كهذا.

-لا بأس درجة القبول هنا هي 150 أي نصف المجموع, وأيضاً إذا حللت بالحلول التي قلتها لك ستحرز على الأقل مئتي درجة أي ثلثي المجموع, وأيضاً لم أصل في التكرارات السابقة لأبعد من هذا.

-بئساً, والآن هل سندرس ذلكما الشيئين في المدرسة؟

-بالطبع لا هناك تخصصين في المدرسة, المهندس والطبيب.

-هل ستشرح لي أم يجب أن أسألك عن معنى الاثنين؟

-لا, سيتم إعلامنا بالفروق بين الاثنين عند الانتهاء من وضع العلامات.

-هل تريد إقناعي حقاً بأنك لا تعلم؟

نظر خالد إلى سامح بنظرة شك فقال سامح: حسناً أنا أعلم لكن أنا لا أريد الشرح حسناً؟

-حسناً إن كان الأمر هكذا فلن أقول لك ما قاله لي والدك الليلة الماضية.

عندما سمع سامح ما قاله شعر بأهمية الموضوع بسبب أن والده دائماً ما يلتزم بالجدية مع خالد –حتى فترة قريبة- وموضوع قاله له يعني أن مهم جداً, لهذا قال: أخبرني ما قاله لك والدي.

-لن أخبرك حتى تقول لي.

-لا يهم بالتأكيد الموضوع ليس بتلك الأهمية.

قالها بتذمر طفولي فالحقيقة هي أنه يريد أن يعرف ماذا قال لكن لا يريد أن يشعر خالد بذلك, وبين الرغبة في المعرفة والحفاظ على كلمته اختار سامح الخيار الثاني.

وبعدها بمدة قصيرة بدأ الاختبار التالي.

ولا أريد أن أطيل في الشرح في أحداث تعلمونها جيداً لكن سأمر مروراً سريعاً عليها.

في الاختبار لم يستطع خالد حل أي مسألة وسامح حل كل شيء كما لو كان يعرف الأسئلة من قبل, حسناً هذه هي فائدة ما يزيد عن عشرة سنوات من الدراسة.

بعد الاختبار كان خالد مطرقاً رأسه بحزن, حسناً بالغرم من أنه يكره الدراسة إلا أنه لم يفشل في اختبار قط, لكن ما يواسيه هو أنه سينجح, على الأقل كما قال سامح, ولنكن واقعيين لم يكن الأمر محزناً إلى تلك الدرجة لكن المبالغة التي تضيفها الكلمات إلى المشهد لا يمكنني جعلها أقل حدة.

عندما تقابل مع سامح قال له: الآن ماذا سنفعل؟

-سنعود إلى المنزل.

قالها سامح ببساطة مما جعل خالد يقول مستفسراً: فقط؟, ألن ننتظر النتيجة أو شيء كهذا؟

-لا, الاختبارات تكون خلال أربعة أيام وبعدها يستغرقون يوماً في الجمع والفرز بين الناجح والفاشل, وإلى ذلك.

-أتعلم أنا أشعر بالأسى عليك لأنك لا تعلم ذلك الشيء الذي قاله لي والدك, كنت ستتفاجأ جداً.

قالها مغيظاً لسامح الذي عقد ذراعيه وقال: لا يهم لن يكزن بتلك الأهمية

-حسناً ظننت أن عمرك أكبر من هذا لكن لا بأس, يبدو أنني لن أقول لك.

بقي الاثنان يتحدثان عن أمور غير مهمة بالمرة إلى أن عادا إلى المنزل.

كان هناك أشياء غريبة تحدث حوله, الكل –رين وعائلته- كانوا يبتسمون إليه ابتسامة عريضة, حاول سؤالهم لكن لا أحد أجاب إجابة يمكنه تصديقها مثل أنه تذكر شيئاً مضحكاً, وعندما سأل والده قال له: لقد مهدت لك الطريق الخطوة الأولى لك.

الطريق؟, الخطوة الأولى؟, لم يفهم أياً من هذا بالرغم من أن الأمر كان واضحاً, حسناً ليس الأمر أنه لم يفهم بل أنه لم يعتقد أن الأمر ممكناً.

مر اليوم الأول بلا أحداث, وتلاه الثاني وتلاه الثالث إلى أن تم الإعلان عن النتائج, كان سامح قد حصد 300 من 300 (درجة كاملة) وخالد 199 من 300 لأنه أخطأ في سؤال في اختبار نباتات السطح, حسناً لم يأبه بذلك كثيراً بما أنه نجح, لكن ما جعله يفكر هو الدعوة لحضور المدرسة, حسناً كانت الاختبارات موزعة على أيام بسبب الأعداد الكبيرة , ورأى التكدس الطلابي عند كل اختبار لهذا كان يفكر في كيف يمكن إعداد مساكن لكل هؤلاء الطلاب وعندما سأل سامح عن السبب قال له سامح: هناك فرق بين من يذهب إلى السوق ليشتري بالذهب وبين من يذهب بالخشب.

لم يفهم الكلمة تمام الفهم إلا عندما ذهب إلى المدرسة في اليوم المحدد, أو بعد يومين بالضبط من استلام الدرجة.

وجد عدد المتواجدين لا يصل إلى المئة من أصل عدد كبير جداً, عندما ذهب وجد عدداً من الأوراق معلقة على جدار إحدى البنايات في المدرسة وبالتحديد مبنى قاعة الدروس, فكما قلت من قبل هي مدرسة داخلية تتكون من عدة مبانٍ كمباني السكن الطلابي وعدة متاجر ومستشفى صغيرة وميناء للآلات الطائرة, كل هذا في مكان واحد.

كانت تلك الأوراق عبارة عن كشوف بأسماء طلاب كل فصل, لم يكن غريباً أن هناك خمسة فصول في للمرحلة الأولى في المدرسة بما أن العدد كان قليلاً وإذا كانت القاعدة سيانة على كل الدفعات التي أتت قبلهم فهذا يعني أن تلك الاختبارات كانت صعبة.

وبالطبع لم يكن لدى خالد مقياس معين لمدى الصعوبة بسبب أنه حتى لا يفهم ما كتبه, وحتى أنه مع شخص بقي يذاكر لذلك الاختبار نصف حياته فكيف يعرف.

كان مكتوباً بخط عريض على أعلى كل كشف إما طبي أو هندسي, وكما توقع خالد كان في الطبي بما أن درجته كانت صفراً في الهندسة.

دخل هو وسامح الصف.

كان الصف عبارة عن مدرجات وأمام كل مدرج يوجد ما يشبه السور المنخفض إلى منتصف حجم الطلاب مما جعل خالد يستنتج أنها كالطاولات لوضع الكتب والأغراض عليها.

جلس سامح في مكان ما في منتصف تلك المدرجات غير ملاحظ للذي\التي بجانبه.

عندما نظر خالد ولاحظ ما لم يلاحظه سامح قال في نفسه: يا إلاهي ماذا أفعل بعديم الملاحظة ذاك, حسناً سيكون الأم ممتعاً برؤية ردة فعله.

قال خالد لسامح: أتتذكر الشيء الذي لم أقله لك وقلت أنه سر؟

-أجل أتذكر, وإذا ظننت أنني سأتوسل إليك فأنت مخطئ.

وعقد ذراعيه.

قال خالد متبسما: حسناً أنا سأقوله لك حالاً.

لمعت عينا سامح وهو يقول: ما هو , أخبرني... أخبرني

أشار إلى جانب سامح وقال له: انظر وستعرف.

عندما نظر سامح وجد فتاة ذات شعر أزرق وعيون سماوية اللون, كانت تنظر إليه محاولةً كتم ضحكاتها, لم يستطع سامح استيعاب الأمر وقال بصوت حاول تخفيضه بشدة وحاول جعله هادئاً قدر المستطاع: رين؟؟, ماذا تفعلين هنا؟

قالت له وقد ضحكت عليه: أنا هنا لأدرس

-ما...ماذا؟, أنا لم أفهم هل يمكنك إعادة ما قلته؟

-أنا طالبة في هذه المدرسة وأنا هنا لأن الحصة ستبدأ بعد مدة.

-كيف؟, أعني أنت بسن الثانية عشر وأيضاً ألم تقولي أنك ستكونين طبيبة؟, أعني أنك قلت أنك لن تدخلي مدرسة المنقذين.

بسبب ارتباك سامح قال أشياء من ذاكرته ولم يدقق, هي بالفعل قالت أنها ستكون طبيبة, لكن في تكرار غير الذي هو فيه لهذا قالت: في البداية لا أدري من قال لك أنني سأكون طبيبة فقط, وأما عن كيفية دخولي فقد اقترح والدك على والدي أن يتوسط ليدخلني المدرسة مبكراً وبشكل ما وافق والدي.

عندما قالت الجملة الأخيرة ارتبطت الخيوط ببعضها, الابتسامات والأمر الذي سيفاجئه كما قال خالد , كانت مؤامرة حيكت ضده.

دخل المعلم الصف فوقف الجميع تلقائياً, عندما نظر سامح إلى المدرس قد عرفه, لقد كان منير ذو الشعر الأبيض!!!

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

كنت متفاعلاً ترى الوجود جميلاً

لا يوجد أي ارتباط بين الجملتين لكن لا بأس

إن أعجبك الفصل لا تنسى الإعجاب والتعليق

تأليف: AZOZ

2019/02/01 · 509 مشاهدة · 1222 كلمة
AZOZ
نادي الروايات - 2024