في أثناء مشيهم قال سامح: لا أدري شعرت أنكما لستما صديقان تماماً.

قال خالد : لماذا؟

-لقاءكما الأول منذ سنين كان منذ لحظات ومع ذلك تصرفتما كما لو كنتما غريبان, أو بشكل أدق كما لو كنتما تتقابلان يومياً.

-لا الأمر لم يكن كذلك, ببساطة لا يجب لأنني لم أقابله لمدة من الزمان أن أعود بالتعريف عن نفسي, فكلانا قد وصلنا إلى مرحلة من الصداقة جعلتنا نفهم ما يريد أن يقوله الطرف الآخر ولو بالنظرات.

وضع سامح يده على ذقنه يفكر وقال: غريب أمر تلك القدرة, هل عالمكم يعج بالقدرات كهذه, وإن كان فما شروط تفعيلها؟

-لا عالمنا بلا قدرة, نحن سخرنا كل شيء في عالمنا لخدمتنا, وأمر فهم الآخر يتم تفسيره أحياناً على أنه فهم تام لتفكير الطرف الآخر مما يجعل من السهل معرفة ما يود أن يقول, وفي تفسيرات أخرى أن هناك توافق بين كيمياء الأرواح مما يجعلك تتقبل الطرف الآخر وتجعله قريباً منك بحيث تعرف ما يحب وما يكره وعاداته, وكل شيء عنه ,وبرغم تشابه التفسيران إلا أنهما مختلفان في أشياء طفيفة.

-شرح رائع لم أفهم معظم كلماته, لكنني استمتعت بسماعه, الآن أريد أن أعرف ماذا كان يود أن يحذرنا صديقك منه؟

-على الأغلب أن هناك شيء غريب يحدث ويريدنا أن نعرف ما يحدث, وأيضاً ألم تكن أنت من سحبني للذهاب؟

في أثناء سحبها لآسيا كانت رين سعيدة أنها تعرفت على البطل, وليس أي بطل بل أكثر شخص لديه حكمة ووقار بينهم.

عرفت هذا في الإعلان منذ ثلاثة سنوات ,عندما حضر الأبطال كان هو صاحب النظرة الفارغة التي لا تمتُّ للحياة بصلة, ومع ذلك كان يقف ثابتاً.

كان كل الأبطال الآخرين تشع منهم هالة من الفخر, أو الحماسة لم تكن متأكدة, لم يلاحظها أحد من الأبطال إلا هو برغم أنها كانت تقف في الصف الأول, عندما نظر إليها ابتسم ابتسامة جميلة, بعدها وطوال الوقت الذي استمر فيه الإعلان كانت تنظر إليه فلاحظت أنها ليست عين شاب طائش, بل شخص يتمتع بذكاء أكبر ممن حوله الآن.

-رين توقفي, سوف تصدمين الحائط.

توقفت فقالت لها آسيا وهي تتنهد: ظننت أنني سأموت.

-حقا؟.... أنا آسفة يا آسيا.

قالتها رين بنبرتها الطفولية الزائدة , فأتبعت آسيا: لا, لم أقصد هكذا.

بما أن معظم كلام الفتيات لا أفقه فيه شيئاً, وبعضه قد يفسر بطريقة خاطئة, سنعود إلى حسام.

كان جالساً مكانه يأكل بنهم تلك الأشياء الغريبة التي أمامه, لم يتذوق طعم اللحم منذ ان جاء لكن تلك النباتات التي أمامه تفي بالغرض بما أنه قد أحبها.

شعر بشيء وراءه فقال: ألن تظهر أيها المعلم منير؟

من الفراغ ظهر منير وقال متبسما: كيف عرفت أنني هنا أيها البطل؟

-تنفسك عالٍ جداً.

-على ما يبدو أن سمعك قوي.

أرخى حسام نفسه على الكرسي الذي كان جالساً عليه وقال: تلك كانت الحسنة الوحيدة التي أخذتها منذ أن جئت إلى هذا المكان القذر.

-أليس هذا مؤلماً قليلاً أن تقول على العالم الذي أنا منه أنه قذر.

-هل تقول أنه جيد؟

صمت منير فتابع حسام: ما الذي جعلك تراقب غرفة خالد وسامح ليلاً ؟

-حسناً أنا رجل صاحب واجب, من يساعدني أضع جميله فوق رأسي ما حييت, ولدي ماضٍ حافل مع والد سامح.

-حسناً أريد أن أعرف أيضاً ما أنت بالضبط؟, لا أحد يلاحظك هنا الآن, وأنت تعلم السحر الذي هو شيء مفقود منذ زمن في هذا العالم وبرغم ذلك لم تأتي لتعلم الأبطال مع أن ذلك الحكيم أوصى بأن يعلمنا أفضل الأفضل, أنت غريب.

-لأن تعلم كل هذه المعلومات برغم أنني قد درست لهم ليوم واحد , في الواقع أنت هو الغريب, حسناً أنا لا أقول أنني لست غريباً, لكن على الأقل أنا حر على عكسك.

-هاهاهاها

ضحك حسام وقال له وهو يضحك جداً: معك حق, أنت محق جداً يا منير. توقف عن الضحك وقال: إذا كنت ستسأل عن كيف عرفت كل هذا فيمكنك القول أنني كنت أسأل عنك منذ أن رأيتك, على ما يبدو أن لديك ماضٍ حافل, ما رأيك أن نجلس ونتحدث بين كل فترة وأخرى؟

-ولم لا, إلى اللقاء.

وهكذا اختفى كما ظهر من العدم.

ابتسم حسام وقال في نفسه: لربما كان شعوري صحيحاً هذه المرة, لربما وجدت صديقاً قد ضاع.

في الأيام التي مرت بعدها لم تحدث أحداث كثيرة, إلا أنهم تعلموا العديد من الأشياء من معلمهم الغامض منير, وفي الواقع بالنظر إليه عن قرب والتعامل معه بكثرة جعلت سامح يعيد التفكير في منير على أنه شخص جيد-إلى حد ما-, لكن في نفس الوقت هو يتذكر الأحداث التي حصلت من قبل بسببه, لم يفهم بعد ما العلاقة التي تربطه بخالد عندما كان يتركه, ولماذا بالتحديد خالد, الأسئلة كثيرة والمعلومات قليلة, أو ربما المعلومات والحلول أمامه لكنه يأبى التصديق.

لا أحد يعلم..........

(حدثني عن عالمك), كانت تلك الكلمات التي قالها سامح لخالد في إحدى الليالي التي زارهما فيها الأرق , قال له خالد: حسناً, توقعت أن تسأل لكنك تأخرت قليلاً في السؤال.

-في البداية يجب أن أحل مشاكلي أولاً وبعدها أسأل الناس, لدي من المشاكل ما يغنيني عن عالمك في الأساس, لكن الفضول قد غلبني هذه الليلة, فهلا تقص لي قصصاً عن عالمك.

-ينقص فقط أن تقول لي احكي يا شهرزاد , سأبدأ بوصف عالمي, هو عالم بلا وحوش البشر فقط هم من يسيطرون على السطح.

-هذا شيء رائع, إذا قارنَّاه بعالمي.

-هو رائع بالفعل لكنكم هنا تملكون ميزة تفضلكم عن عالمنا.

-وما هي؟

-أنكم تعرفون هنا من الحليف ومن العدو, الحليف هم البشر والعدو هم الوحوش, أما نحن فأعداؤنا بشر وحلفاؤنا بشر, لا تدري من قد يخون ومن قد يكسب ثقتك , الخلاصة أنك تعيش ولا تدري بمن تثق, إذا تجاهلنا وجود الأب والأم.

-أنت أغرب من أتى من عالم آخر, في الأيام الماضية كنت أسألهم وكانوا يحادثوني عن العلم وعن روعة عالمهم وعدم وجود حروب و أشياء كثيرة, أنت الوحيد الذي تحدث بشكل سلبي عن عالمك, هلا أخبرتني عن السبب.

-السبب هو لأنني لا أحب الكذب أو النفاق, أنا رأيت أشياء بشعة تحدث أمامي جعلتني أدرك أن العالم سيء.

قالها وهو ينظر إلى الفراغ وهو يتذكر ما حدث قبل سنوات .

لاحظ خالد الصمت الذي ساد فقطعه بقوله: لكن في نفس الوقت هناك شيء جيد في عالمنا, وهو وجود الرحمة, عالمنا الناس فيه ليسوا عديمو المشاعر كعالمكم.

-هل لاحظت؟

-أجل, لاحظت معضلة النبلاء والعامة , ظننت أنني هنا لن أجدها, لكنني كنت مخطئاً, هل تعلم ما معنى كلمة ديستوبيا؟

-ديســ.... ماذا؟

-ديستوبيا , وهي كلمة بإحدى اللغات من عالمي وهي تعني المدينة الفاسدة, حيث الظلم لفئة والحياة الهانئة لفئة أخرى , حيث تكون مظاهر العنصرية بادية يراها حتى الأعمى, الأغنياء الفقراء , البيض السود, الحكام الشعوب, من أكثر القصص التي أعجبتني وتحكي عن المدينة الفاسدة كانت ....حسنا كانتا قصتان, الأولى يوتوبيا وهي تعني المدينة الفاضلة, والثانية تسمى...(أخذ نفساً وقال بصوت عميق) في ممر الفئران, وكلامهما لنفس المؤلف, وللصراحة أبدع المؤلف فيهما جداً.

تبسم سامح الذي كان قد فهم ما يرمي إليه وقال: للأسف في هذا العالم يتم معاملة السطحيين على أنهم تحت البشر, وحتى الحقوق التي لهم يرفضونها بسبب التضييق عليهم, في الواقع قد تأخرت في معرفة هذا.

حك خالد ذقنه وقال: بالمناسبة يا سامح, لماذا أنت سَهِرٌ إلى هذا الوقت.

حك سامح رأسه في توتر وقال: سأقول لك لكن عدني ألا تقول لأحد, حسناً.

-لا شيء فقط لم استطع النوم...

______________________________________________________________________________________

مرحباً, حتى الآن الأحداث في هذه الرواية لم تبدأ لهذا أرجوا أن تنتظروا قليلاً معي.

أرجوا أن تخبروني برأيكم بشخصية حسام.

وما رأيكم بالفصل عموماً.

كان معكم: AZOZ

وإلى اللقاء

2019/02/20 · 419 مشاهدة · 1150 كلمة
AZOZ
نادي الروايات - 2024