يقال أن الزمن يشفي الجروح , وهذا فعلياً ما حصل مرت سنة حتى الآن منذ أن ماتت رين وقد وجد كل من خالد وآسيا وسامح أنفسهم غير قادرين على فعل شيء سوى التأقلم مع فقدانهم لصديق, سامح كان قد تراجع دراساً في أول بضعة شهور ولكن بعدها أصبح الأمر عادياً بالنسبة له, لم يكن الخيار خياره, بل كان كل هذا مقدراً ليسير في بحر الحياة, الحياة قهوة حلوة.

في تلك السنة اكتشف سامح شيئاً هاماً جداً وهو..... لا أحد غيره وخالد يتذكر شيئاً عن السحر الذي يعلمه منير, في الواقع هذا كان أحد الأشياء الغريبة التي انضمت لجيش الأسئلة غير المفهومة إذا كان بإمكان منير مسح الأفكار فلماذا إذن لم يمسح أفكارهما, ولما هما تحديداً.

إذا أردنا أن نلقب منير بلقب فأنسب لقب له هو الغامض الغريب, لا أحد يعرف أصله أو من أين أتى كل الأشياء عملياً تشير أنه شبح, ففي يوم من الأيام كان خالد يتحدث مع حسام الذي قال له أنه قد سأل معلمه عن منير فقال له أنه لا يعرف عن من يتكلم.

في ذلك اليوم قبل الكارثة بأيام

كان سامح يسير وحيداً في الممر بما أنه لا يملك أصدقاء وخالد كان منشغلاً ببعض الأعمال, كان هدفه أن يقابل منير ليسأله, حسنا هو كان قد ألِفَ منير هناك بعض الخوف, لكن كما يقال الزمن يشفي الجروح.

كانت الساعة العاشرة مساءً عندما ذهب وكما العادة وجد الطلاب يطرقون على باب غرفته بغرض إزعاجه, في تلك اللحظة توقف الزمن تاركاً العنان لأفكار سامح بأن تنفجر, لماذا هم يتذكرونه الآن, لحظة من قال في الأساس أن الطلاب قد نسوه, إذن الطلاب لم ينسوا وجوده بل نسوا الشيء المحرم الذي علمه إياهم (السحر شيء محرم في الجزر وهو قانون معروف منذ نشأتها) .

كان دور آسيا لأن تطرق الباب بتلك الطريقة المزعجة.

بمجرد أن طرقت وقبل أن تلتفت وجدت منير قد فتح الباب, كانت فزعة جداً ولا تدري ما تفعل.

أنزل رأسه على كتفها مما جعلها تتوتر وقبل أن تبتعد راكضة قال لها: منذ زمن لم أعد أتذكر أهو بعيد أم قريب, كان لي عائلة, والدان وأختي الصغيرة, وبعدها بسبب غلطة لم أرتكبها تحول عالمي إلى جحيم, حاولت التأقلم, وتابعت الفوز فزت مرة تلو الأخرى إلى أن خسرت, وخسارتي الأولى لم تكن هينة, فقدت بعدها كل شيء.

كانت آسيا قد تأثرت بما قاله لكن ما قاله تالياً قد فاق توقعاتها: لكن هل تظنين حقاً أن شيئاً كهذا من الممكن أن يجعلني أنحني هكذا؟, الشيء الوحيد الذي سأقوله لكي أنت وكومة المغفلين المختبئين هو أنكم إن لم تبتعدوا عن غرفتي إلى الأبد سأقتلكم بأبشع طريقة ممكنة.

آخر جزء من كلماته جعلت آسيا تصاب بقشعريرة باردة مرت في ظهرها, وبمجرد أن رفع رأسه هربت مسرعة هي وكل الطلاب الموجودين معادا حسام الذي ظل واقفا مكانه.

بقي منير واقفاً مكانه قبل أن يقول: يا رجل, فعلت ذلك لأنني أحب أن أفاجئ الذي أمامي, لكن تباً, كانت تلك الفتاة التي كان اسمها آسيا.

صمت للحظات ثم قال: لا في الواقع لا تذكرني بأي أحد, أو هل تقصد..... تباً, أنت أكثر من يعلم بأن هذا مستحيل.

كان منير يحادث نفسه كالمجنون ولم يلاحظ حتى سامح.

عندما كان منير يلتفت ليعود لغرفته لاحظ سامح فتوقف وقال: أوه, تلميذي النجيب سامح, ما الذي جاء بك إلى هنا في هذا الوقت.

استجمع سامح شجاعته وقال: جئت أسألك عن شيء ما.

أشار منير لسامح بأن يدخل معه, فدخل, حسناً إن كان يريد قتله فيمكنه فعل ذلك في أي وقت لهذا لم يخف سامح تماماً –كما أنه قد اعتاد عليه-

جلس منير وقال لسامح: حسناً تريد شيئاً ؟, أعتقد أنك لن تأتي لزيارتي كصديق , أليس كذلك؟

حك سامح شعره وقال: حسناً, قد يكون هذا غريباً لكن.... هل أنت شبح؟

نظر منير إليه قليلاً حتى استوعب ما قال ثم انفجر ضاحكاً وقال: يا إلهي لم أضحك هكذا منذ فترة.

-أنا أتحدث بجدية

كان منير لا يزال مبتسماً وهو يقول: تابع

-حسناً, الكل تقريباً لا يتذكرك, و.... فقط.

تنهد منير وقال: لا أنا لست شبحاً.

صمت للحظ ثم قال: لقد ظننت أنك ستأتي لتسألني عن أصلي أو أي من تلك الأشياء, للأسف ظننتك ذكياً, حتى أنني جهزت لك هذا السيف لكي أعطيه لك بعد أن تسمع قصتي وأقول لك بعدها بشكل حكيم, استعمله في الخير, لكن للأسف .

كان سامح عندما دخل تلك الغرفة قد نظر في كل ركن منها وفي كل مكان بنظرة متفحصة, لكنه لم ير أي شيء غريب, قال لمنير: عفواً أي سيف؟

رفع منير سيفاً ظهر في يده فجأة ناحية سامح وقال: هذا السيف

كان السيف بلورياً لامعاً يبدوا كزجاج سهل التحطم, قال منير في وصف ذلك السيف: هذا السيف يقطع الأشياء بسهولة شديدة كما أنه من الصعب كسرة جداً, حتى أنني قد واجهت بعض المتاعب في محاولة تشكيله.

سأل سامح منير بتعجب: متى ظهر ذلك السيف في يدك؟؟؟

-حسناً, كما تعلم, هناك العديد من أنواع السحر, ومن تلك الأنواع هناك نوع يسمى بسحر الصانع, هذا النوع صعب جداً, وإذا تجاهلنا مدى استحالة تعلمه فسنجد أنه نوع أسطوري, يتضمن التلاعب بالجاذبية والتكوين من العدم وأهم شيء التلاعب بالزمن.

-حسناً أقدر تلك المعلومات المهمة, لكن لدي سؤال

-ما هو؟

-لماذا لا تجيب على أسئلتي ببساطة, أعني, تباً, أسألك عن ما هيتك تقول لي أنك تريد أن تحكي لي قصتك وبعدها يظهر سيف في يدك وعندما أسألك تشرح لي سحر الصانع, والعودة بالزمن.......

صمت سامح للحظة عندما أدرك أنه يحاول قول شيء ما, وعندما نظر إليه وجده يبتسم.

هل هذا يعني أنه يمكنه العودة بالزمن, لم يعد الأمر يفاجئ سامح لكن لماذا لم يشعر, لما تلك البسمة التي على وجهه.

قال منير لسامح لما رآه صامتا: هناك شخص مثلك لكنه لا يعلم, في الواقع هو الآن أقرب من ما تتوقع ولكن في نفس الوقت بعيد جداً عن تصورك, هل تفهم ما يحصل؟

أسند منير رأسه على يده وأخذ ينقر بإصبعه على رأسه.

لم يفهم سامح تماماً ما يحاول قوله منير, الأدلة موجودة لكن الحل نفسه لا يمكن استنتاجه, هذا غباء, وما أكبره من غباء , لم يفهم لذا بقي صامتاً.

تنهد منير وقال: لقد قاتلت كثيراً ولم أهزم سوى مرة واحدة , وهل تدري ماذا كانت كلفة تلك الخسارة؟

أومأ سامح بالسلب لأنه لا يعرف ؛ لذا قال منير: لقد جعلتني هذا الشخص الذي أمامك..... الأقوى, لكن مع ذلك كنت الأضعف في وقت الشدة "تنهد" لا يهم, خذ هذا السيف سوف يفيدك فيما بعد, أو ربما قريباً جداً لا تدري.

أخذ سامح السيف وعندما دقق على نصله وجد أنه قد نقش عليه تلك الكلمات (محارب النحس المطلق).

سأل سامح منير عن السبب فقال له منير: حسناً كان هذا لقبي في الماضي, أرى أنك الأفضل لخلافتي.

لم يفهم سامح ما أراد منير قوله, لكن برؤيته للنظرة التي اعتلت وجه منير فهم أنه يريد أن يقول له :ارحل

لهذا خرج فقط بالسيف البلوري وأسئلة كثيرة.

-من هو الذي كنت تقصده بكلامك؟

سمع منير ذلك الصوت المألوف في رأسه فأجاب: حسناً, كنت أود أن أجعله يدرك أنني أستطيع العودة بالزمن دون حتى أن يلاحظ.

بنبرة فيها شك قال ذلك الصوت: إذن وما حكاية ذلك السيف وورثك , هل تظن أنه سيكمل مسيرتك.

تبسم منير وقال: لا, لا أظنه سوف يفعل, لقد بدأت الأمر منذ وقت طويل لدرجة أنني أمتلك ذاكرة ضبابية عنه, أظنها كانت ألفي سنة منذ ذلك اليوم, مهما حصل سوف أنهيها وأحظى بنهايتي السعيدة.

كلامه كان في العديد من النقاط التي كذب فيها لأنه على الأرجح لا يود أن يعرف ذلك الشيء\ الصوت.

وراء كلمات منير كان هناك حكاية كبيرة قد حدثت.

عاد سامح إلى الغرفة فوجد خالد, وقبل أن يقول شيئاً, شعر بأنه يسقط.... لا, بل كان يطير ليس هو فقط, بل كان كل شيء حوله يطير, وفجأة توقف طيرانه, واصطدم بالأرض بقوة , وقبل أن يسأل عن الذي حدث سمع أصوات صراخ تقول: الجزيرة سقطت!

____________________________________________________________________

إن أعجبكم الفصل .....................................

بالمناسبة, هل أكمل الرواية أم أتركها؟, بصراحة برغم عدد الفصول القليل الذي حملته إلا أنني أتعب في تأليفها وربط الأحداث وفي النهاية لا أجد أي نوع من أنواع الدعم المعنوي.

لذلك, ما رأيكم هل أتوقف أم أكمل؟

تأليف:AZOZ

2019/03/20 · 415 مشاهدة · 1260 كلمة
AZOZ
نادي الروايات - 2024