سامح, استيقظ.

دوى صدى ذلك الصوت في أذنه , كان ذلك الصوت مألوفاً جداً.

فتح عينه فوجد نفسة في أرض خضراء عشبية واسعة .

-من هناك؟

برغم أنه كان يعرف ذلك الصوت إلا أنه لم يكن يعلم صاحبه.

نظر بجانبه فإذا بنور يعمي الأبصار.

-من أنت؟

قالها محاولاً معرفة الذي بجانبه, كان صوتها أنثوياً لكن تشعر وكأنه لألة.

قالت له صاحبة الصوت: للأسف, حتى الآن لم تعرف الإجابة على سؤالي, أليس كذلك؟

-لحظة.... أي سؤال؟

-ستعرف السؤال, حينما تعرف الإجابة, إلى اللقاء يا سامح.

بكلمات بغير مشاعر ولا أي نوع من أنواع التغير في النبرة قالتها وبعدها عاد إلى وعيه.

عندما استيقظ سامح كان في كهف ووجد خالد أمامه يقول له: وأخيراً استيقظت يا سامح.

صوت خالد الذي كان أغلظ من المعتاد قد جعله يستفيق, أول ما خطر على باله هو والده فسأل: أين...

ولم يكمل حتى قاطعة حسام: أنت تعلم تماماً مصيره لذا لا تسأل وتعذب نفسك.

قال خالد بحزم لحسام: أنت!, خفف لهتك قليلاً, فهو له الحق في الاستفسار حتى لو كان يعرف.

غضب سامح من ردهما, فالأول يتحدث كما لو كان ما حدث مجرد إزعاج والآخر يتحدث كما لو كان ما فقده هيناً.

قال سامح: اصمتا أنتما الاثنان , هل تعلمان حتى ما مررت به وما أمر به الآن, أنا أفقد كل من أهتم بهم الواحد تلو الآخر وأنتما تتحدثان كما لو أنني طفل كسرت لعبته.

قالها بغضب شديد وهو يريد أن يدمر كل شيء فرد عليه حسام قائلا: إذن أتريد أن تقول أنه وبعد ما مررت به من فقد الأعزاء عليك ,انك لا تشعر بتبلد في مشاعرك تجاه ذلك الأمر, فكر قليلاً, أنا متأكد أنك معتمد على أنك ستعود بالزمن بعد قليل لتغير كل ما حدث أليس كذلك؟

رد حسام حرفياً وضع الملح على الجرح كما يقال, هو معتمد بالفعل على هذا , بل ويشعر أن سيستيقظ بعد قليل ليجد نفسة في غرفة نومه قبل سنين, لكن حتى مع هذا لم يكن مدركاً لكل ذلك, لهذا عندما أدرك مدى سوء تفكيره اللاواعي شعر كما لو أنه سينفجر فيهم فقال: أنا.... حـ....

لم يستطع تجميع جملة يرد بها على حسام, فصرخ للحظة ثم خرج إلى خارج الكهف.

تنهد حسام وقال: فتى ضعيف.

خرج في حينها خالد من حاجز صمته قائلاً لحسام: أنت لما قلت ذلك لسامح؟

أجاب بلامبالاة: أريد أن أعيده للواقع ,المرحلة القادمة تحتاج لأن يعلم ما بنفسه ويتصالح مع ذاته حتى يستطيع التقدم ليصبح أقوى.

-أنت تعلم تماماً أن الفتى واجه مصاعب كثيرة حتى أنت لم تكن لتطيق لها احتمالا, كان يجب عليك فقط أن تقولها له بالتدريج أنت تعلم ذلك بما أنك طبيب نفسي...حسناً كنت لتصبح كذلك لو لم نكن هنا .

وضع حسام يده على جبهته مغطياً عيناه: أجل أعلم, لكن لسبب ما أشعر كما لو أنني لم أكن على طبيعتي مؤخراً, في البداية مات ماهر صديقي من أثر الإجهاد الكبير وما زاد الطينة بلة أنه كان مصاباً بالربو , وبعدها بدأ الكل حولي يتساقطون الواحد تلو الآخر حتى بقيت وحدي, نظرات الكل كانت موجهة إلي على أنني أنا البطل المنقذ المخلص.

-لحظة واحدة, من كلامك هذا, أتعني أن هؤلاء الأبطال ماتوا من قبل السقوط؟

-أجل, ولكن تم التكتم على الأمر لسبب ما.

خارج الكهف كان سامح جالساً على صخرة كانت بطول بضعة أمتار يفكر إذا كان كلام حسام صحيحاً, إذن أهذا يجعله سيئاً أم جيداً , كان يحاول, حاول باستماته لكن إما تلك الفتاة ذات الصوت خالي النبرات تستهزئ به وتحاول جعله يجيب عن سؤالها, وإما أنها تعطيه فرصاً أخرى للعيش.

في البداية هو لم يطلب أي شيء سوى أن يصبح مثل أبيه, وحسناً سار في سبيل ذلك الحلم, لكن حتى الآن لم يستطع إنقاذ شخص واحد, إذن كيف يسمي نفسه منقذا؟

في خلال كل تلك الفترة لم يستطع الفوز ضد أحد بنفسه, كان فوز إما بتساهل من خصمه أو أن يتدخل مصدر خارجي في قتاله.

رين, آسيا, أمه ووالده كلهم ماتوا وهو لم يستطع أن يفعل ولو شيئاً طفيفاً

صرخ بأعلى ما لديه بصوت حزين: أنا لم أخطئ

لم تكن غلطته , لا ضعفه ولا قتالاته ولا خسارته لم يفعل شيئاً خاطئاً.

(أنا أريد القوة) عزم أمره, أراد أن يكون أقوى لكي لا يندم, قبض يده وقال: أنا سوف أقضي عليك

لم يكن في هذا اللحظة يوجه حديثه لأي أحد, كان يفعل ذلك فقط لأنه أراد ذلك.

نزل من تلك الصخرة ودخل مجدداً الكهف

-مرحبا.

قالها فنظر حسام إلى خالد وقال: رأيت قلت لك.

-قلت له ماذا؟

قالها سامح بتعجب , فقال خالد بسرعة: لا تقل لي أنك عزمت على أن تصبح أقوى

نظر له سامح باستغراب وقال: كيف عرفت هذا, هل كنت تتجسس على عقلي؟

ضحك حسام وهو يقول: جريمة الطب النفسي.

تبع خالد حسام وأخذا يضحكان بينما كان سامح يقف غير مدرك لما يحدث.

بعد دقائق قال سامح: ما المدة التي بقيت فيها نائماً.

أجابه خالد : بضعة ساعات.

-جيد جيد, حسنا أشعر أننا في مشكلة حقيقية بما أننا على السطح وفي منطقة صحراوية ولا يوجد بشر باقون على السطح.

قال خالد لسامح: أخطأت, فلولا وجود البشر على السطح لما وجدت وظيفة المنقذ أليس كذلك؟

-أجل ولكن نحن نجد شخصاً أو اثنان كل بضعة أشهر, كما أن السطح عبارة عن أرض قاحلة بلا ماء أو زرع, لذا نحن سنكون في ورطة حتى لو وجدنا أحد السطحيين.

قال خالد لسامح: أخطأت مجدداً, فلو كانت أرضاً قاحلة بلا ماء أو زرع لما كان السطحيين ليستطيعوا العيش وانقرضوا منذ زمن بعيد.

قال حسام: إذن يجب علينا أن نجد قرية أو مدينة للسطحيين.

قال سامح موضحاً لحسام: لو كان هناك قرى لوجدناها ولتم إنقاذها منذ زمن.

قال حسام: ما بك اليوم يا سامح تخطئ كثيراً, حركة الجزر كانت دائرية حسناً, مما يجعلنا نستنتج أن السطح عبارة عن جزيرة ضخمة محاطة بالماء, أو على الأقل هناك ماء ولكن ليس في المكان الذي تدور فيه الجزيرة على الأقل, وطالما هناك ماء إذن هناك بشر, شغل عقلك قليلاً.

كان سامح سيسأله فسبقه خالد بسؤال: كيف عرفت أن الجزيرة تدور في دائرة.

كان ذلك هو نفس السؤال الذي سيسأله سامح.

أجاب حسام: حسناً كنت أراقب في أوقات فراغي حركة الجزيرة ولاحظت أننا نمر بنفس النقاط في نفس الأوقات, وأيضاً لا نمر بأي مصدر ماء, مما جعلني أستنتج ذلك.

انتعش سامح من الأمل الذي تواجد من العدم وقال: إذن وجهتنا هي أقرب قرية من هنا.

قال خالد لسامح: حسناً معك حق ولكن.....في أي اتجاه نسير؟

______________________________________

حسناً, بدأ الآن أرك جديد في مكان جديد (السطح)

هل من نصائح لتطوير القصة؟

تأليف: AZOZ

2019/04/12 · 425 مشاهدة · 1014 كلمة
AZOZ
نادي الروايات - 2024