كان خالد قد بدأ بالعيش مع سامح منذ يوم تقريباً, كان خالد غير واثق كثير بالطفل الذي طلب منه العيش معه لأنه ببساطة لم يكن يفهم شيئاً من الأحداث التي حصلت له في الأيام القليلة الماضية والتي بدأت بتلك الليلة المشؤومة عندما كان يحادث صديقاً له اسمه حسام وهو –إن لم تعلموا من هو- مثال للطالب المتفوق من طريقة كلام وتفكير وحتى أنه يرتدي نظارات.

المهم, أنه كان يحادث كعادته: حسام هل ما زلت خائفاً مما حدث؟

-بالطبع أكون مجنوناً إن لم أكن خائفاً خصوصاً بعد اختفاء منير.

-هل تظن حقاً أن للأمر علاقة بما حدث منذ سنين حقاً؟

قالها خالد باستسخاف لحسام الذي يتفنن في جعل الحبة قبة

-بالطبع أعني أنه أيضاً كان معنا في ذلك الوقت, وأيضاً كان أكثر من تأثر بهذا الحدث.

-كم أن ذلك الفتى محظوظ

-محظوظ؟!!, أن يحاط بالجنون هكذا هو محظوظ؟

-لا بأس إلى اللقاء.

قالها منهياً الحوار الذي بدأه مع حسام على الهاتف.

في الواقع لم يكن أكثر شجاعةً منه, فهو كان خائفاً حقاً من أن يحدث ما يتنبأ به حسام, لكن العيش في خوف لا يمنع القدر هكذا كان يقضي خالد أيامه من بعد تلك الحادثة التي سأكتفي بالقول أنها غريبة إلى أبعد الحدود مغطياً خوفه برداء من الكوميديا والتصرف بسخف كي يضحك وينسى أن دوره قد يأتي في لعبة لم تحدد فيها الأدوار.

نام بهدوء في تلك الليلة , لكن ما لم يكن يعرفه أنه سينتقل لعالم آخر .

استيقظ من نومه بعد عدة ساعات فوجد نفسه في أحد الأزقة ووجد أنفه ينزف, في البداية ظن أنه قد اختطف لكن سرعان ما تبددت الفكرة عندما وجد أناساً يمرون أمامه ويتحدثون بلغة لم يسمع عنها قط, وأيضاً وجد ألوان شعر الناس غريبة فهي تتنوع بين الرمادي والأخضر والأزرق وعدة ألوان زاهية أخرى.

كان سيقول في البداية أنها مصادفة, لكنه حين خرج من ذلك الزقاق وجد أنه حرفياً لا يوجد شخص هنا شعره أسود.

حاول الحديث معهم بالعربية والإنجليزية وبالقليل من اليابانية لكن لا أحد قد فهم ما يقول, كانت النظرات المشتركة بين هؤلاء الناس هي الازدراء, لكنه لم يفهم لماذا فملبسه وشكله لا يشبه الفقراء, لو كان شعره أسود لكان ظن أنه بسبب ذلك اللون لكن شعره كان أشقر.

مر اليوم الأول وهو يسير هائماً على وجهه محاولاً استكشاف المكان الذي انتقل إليه سعيداً بأنه ذهب إلى عالم آخر, فهو كان أكبر أوتاكو في العالم –من وجهة نظره بالطبع- وقد قرأ العديد من الروايات التي تتحدث عن أناس ذهبوا إلى عالم آخر إلى أن تكونت لديه نظرية مفادها أن كل الذي يكتبون روايات العالم الآخر هم أناس مروا بهذه المحنة من قبل, بالطبع هذا غباء جداً بالنسبة لتفكير شخص في التاسعة عشر من عمره, لكن لا يمكن لومه.

في اليوم الأول اكتشف أن المكان الذي هو فيه هو قطعة طائرة من الأرض وهذا يفسر نزيف أنفه –بسبب انخفاض الضغط- ولكن لم يستطع أن يجد طعاماً يأكله أو شخص يفهم ما يقول.

في الأيام التي بعدها لم تتغير حاله كثيراً لكنه اكتشف أن جسده قد تغير شيء فيه, فهو وبالرغم من أنه كان جائعاً طوال أيام ويسير كثيراً في أنحاء جزيرة السماء إلا أنه لا ينحف, وكأن جسده قدد تخلى عن التغذية تماماً ولكن في المقابل يصاب بصداع شديد من وقت لآخر.

مر أسبوع على تلك الحالة, لسبب ما قرر الذهاب إلى حديقة كان قد مر بها عدة مرات وهو يتجول في تلك الجزيرة حتى أصبح شكله أقرب إلى المتسولين, دخل إلى الحديقة الجميلة وقف قليلاً فوجد طفلان قد دخلا إلى الحديقة بعده وهما فتى وفتاة, الفتى كانت بشرته فيها اسمرار وعينه وشعره سوداوين وقامته أطول من قامة الفتاة ذات الشعر الأزرق التي بجانبه والعيون السماوية والبشرة البيضاء, كانت تلك الفتاة تتمتع بنظرة الطفولة أما ذلك الطفل ذو الشعر الأسود فعينه يمكن أن تقول أنها ميته أو شيء كهذا.

قال لهما وفيه أمل في تلك العين شبه الميته لذلك الطفل: النجدة, أنا لا أعرف لماذا أنا هنا استيقظت فجأة ووجدت نفسي هنا, هل تفهمني أم أنك مثلهم؟

رد الفتى على كلامه وأخذ معه إلى منزله.

لكن خالد لم يكن يثق فيه لأنه كان يفهم لغة من عالم آخر..........

2019/01/15 · 491 مشاهدة · 645 كلمة
AZOZ
نادي الروايات - 2024