تزايد التوتر مع بدء تجمع المتسابقين في الساحة. تشكلت أربع مجموعات متميزة، تمثل كل منها الأعضاء المتبقين من الإمبراطوريات الأربع.
ربع إمبراطورية فيردانت
||
كان أمل يحدق بصمت في مجموعة نورس أنسيفا.
ما إن وقع نظره على شخص معين حتى ارتجف جسده قليلاً.
كيف لم ألاحظه من قبل؟
كان من المستحيل عدم ملاحظته. مع مظهره المميز، بالإضافة إلى الاهتمام الذي كان يتلقاه، كان من الواضح لأمل أنه شخص ذو مكانة عالية إلى حد ما. ربما لم يكن نبيلًا، لكنه كان على الأقل يحظى بالاحترام.
عض أمل على أسنانه.
... هل يمكن أن يكون هو حقًا؟
كلما نظر إلى ليون، زادت ملاحظته للتشابهات بينه وبين والده. ربما كان ذلك مجرد خيال، لكن الفكرة ترددت في ذهنه، رافضة أن تغادر.
لدرجة أنها بدأت تأكل عقله.
"أمل؟"
لم ينتبه إلا عندما ناداه شخص من مجموعته، فاستفاق من شروده، "نعم...؟"
نظر للأسفل ليجد شابًا ذا عينين خضراوين وشعر أسود، أقصر منه برأس تقريبًا.
كان يرتدي الزي الرسمي لإمبراطورية فيردانت: سترة خضراء مزينة بتطريز ذهبي تحمل شعار الإمبراطورية - السلحفاة القديمة باريلون.
ومع إقصاء أغاثا، أصبح هذا الشاب الآن ثاني أقوى شخص في المجموعة.
نظر تشارلز إلى أمل.
لقد كان يتصرف بغرابة منذ أن وصلوا إلى الساحة.
رغم أنه كان عادةً غير مبالٍ بكل ما حوله، إلا أنه كان دائمًا يتولى القيادة عند الحاجة. لكن الآن...؟ بدا شارد الذهن.
كان تركيزه موجّهًا بالكامل نحو المجموعات الأخرى، ولم يكن يعطي أي اهتمام لهم.
"لماذا ناديتني؟"
عند سماع كلمات أمل الحادة، عض تشارلز شفتيه قبل أن يشير خلفه.
"وضعنا ليس جيدًا."
تحدث بصراحة،
"من بين جميع المجموعات الأخرى، فقدنا القائد الثاني، وبينما كنا نمتلك أكبر عدد من المشاركين، أصبحنا الآن الأقل عددًا."
حول تشارلز انتباهه نحو المجموعات الأخرى، مثبتًا نظره على أعضاء إمبراطورية نورس أنسيفا وإمبراطورية أورورا. لقد صُدم من عدد الأشخاص الذين لا يزالون متواجدين لديهم.
"... إمبراطوريتا نورس أنسيفا وأورورا تمتلكان أكبر عدد من المشاركين المتبقين. وليس بفارق بسيط. إنه أمر محرج نوعًا ما."
"وما أهمية ذلك؟"
سأل أمل وهو يعبس.
"طالما أنني أصل إلى القمة، فسيكون هذا أمرًا تافهًا."
"هذا..."
لم يكن تشارلز متأكدًا من كيفية التعبير عن ذلك، لكنه كان يعلم أن الأمر يعود إلى حقيقة أن هذه المسابقة تُبث عبر جميع الإمبراطوريات الأربع. حتى لو تمكنوا من تأمين النصر بفوز أمل، فسيثبتون فقط أنهم يمتلكون أفضل موهبة.
لكن بعد ذلك...؟
ماذا سيكونون؟ فريقًا مكونًا من شخص واحد؟
لم يكن ذلك مظهرًا جيدًا لهم.
خاصة وأن الإمبراطورية لا تُدار بشخص واحد، بل بالعديد من الأفراد. كان هذا أمرًا محرجًا للغاية.
"لا تقلق."
دون أن يلاحظ مخاوفه، وربما دون أن يهتم بها، ربت أمل على كتفه.
"صحيح أننا فقدنا أغاثا، وأن عددنا هو الأقل بين الجميع."
ثم حول انتباهه إلى شخص معين، كان يقف بوجه جامد، ناظرًا حوله دون أن يتحدث كثيرًا.
"... لكن هذا لا يعني أننا نفتقر إلى المواهب."
البث المباشر للجولة الثانية
<نرحب بالجميع مجددًا في الجولة الثانية من القتال>
بدأ البث مع جلوس كارل وجوهانا جنبًا إلى جنب، يحدقان في جهاز التسجيل الموجه نحوهما. وأثناء تقديمهما للجولة التالية، بدأت لقطات من المعارك السابقة تُعرض على الشاشة، مما أتاح للجميع فرصة استعادة الإثارة.
بدأ كارل البث قائلًا:
<لقد كانت جولة أولى مثيرة للغاية، مع العديد من التقلبات التي لم نتوقعها>
وبكلمة "التقلبات"، كان يشير إلى القتال الأخير.
المعركة بين كيرا وأغاثا. بعد معركتهما، حازت كيرا على اهتمام واسع، وبدأ الكثيرون في الاستفسار عنها.
إضافة إلى جمالها، بدأت في اكتساب قاعدة جماهيرية خاصة بها.
<... هناك الكثير من المنافسين غير المتوقعين في هذه البطولة، ومن يدري؟ قد لا يكون الفائز محسومًا كما يظن البعض>
قال كارل ذلك وهو يضغط بيده على الطاولة.
<بعد الكثير من التفكير والمداولات، قمنا بتحديث تصنيف القوة للمتنافسين المتبقين، بناءً على أدائهم السابق والمعلومات المتاحة لدينا. هذه التصنيفات تعكس من نعتقد أنه يمتلك أقوى فرصة للفوز بالبطولة>
ظهرت قائمة تحتوي على أسماء المتنافسين ليشاهدها الجميع.
[تصنيف القوة]
كايوس إيثيريا
أمل مانتوفاج
كاليون ماندرايل
أويفه ميغرايل
ليون إليرت
كيرا ميلن
جيمس بيرغام
تشارلز دارلوت
جوليان إيفينوس
كلورا ييلو
===
<كما لاحظتم جميعًا، ليس هناك فرق كبير بين الأربعة الأوائل، لكن هناك تغيرًا كبيرًا فيما دون ذلك. من المدهش عدد المواهب التي ظهرت من إمبراطورية نورس أنسيفا، لا سيما كيرا ميلن، التي ظهرت من العدم.>
لم تكتسب كيرا المزيد من المتابعين فقط بعد نجاحها، بل ارتفع تصنيفها أيضًا بشكل كبير نتيجة لذلك.
فلهزيمة شخص قوي مثل أغاثا، لا بد أن يكون المرء قوياً للغاية، وقد أثبتت كيرا قدراتها بجدارة.
بقية الترتيب ظل مشابهًا إلى حد كبير لما كان عليه في الماضي، باستثناء اسم واحد.
<جوليان أيضًا حقق قفزة كبيرة، حيث انتقل من المركز الثلاثين إلى التاسع. ورغم أنه ليس بعد من المرشحين الأوائل للفوز، إلا أنه يقترب من ذلك. بعد كل شيء، لا يزال لم يكشف عن تخصصه الحقيقي بعد!>
بعد هذه الكلمات، بدأ كارل يتحدث بإسهاب عن بقية المتسابقين، مقدماً للجمهور لمحة عن كل منهم حتى قاطعته جوهانا.
<المباريات على وشك أن تبدأ>
<أوه؟>
جلبت كلماتها صمتًا فوريًا في الاستوديو، حيث ركز الجميع انتباههم على المنصات المعلقة في الهواء.
بدأت الشخصيات بالظهور واحدة تلو الأخرى، وسرعان ما أصبح في كل منصة متسابقان.
بابتسامة، تحدث كارل،
<لتبدأ الجولة الثانية>
***
بعد الضغط على المكعب، وجدت نفسي منقولًا إلى قمة منصة مألوفة. كان الهواء جافًا، وكانت حرارة الشمس الحارقة غير مريحة على الإطلاق.
إلى يميني، وقف الحكم بوجه خالٍ من التعابير، بينما ظهر أمامي شخص ما.
"… لا أتعرف عليها."
كانت ذات شعر بني طويل وعينين بنيتين، بمظهر عادي إلى حد ما. كانت النمش يغطي ملامحها، بينما بدا أنفها الصغير متجعدًا قليلاً. كانت ترتدي زي إمبراطورية "فيردانت"، وتوترت للحظة عندما رأتني، لكنها سرعان ما أخذت نفسًا عميقًا واتخذت وضعيتها القتالية.
فعلت الأمر ذاته. ساد الصمت حولنا بينما كنا نتبادل النظرات من طرفي الساحة.
"جوليان إيفينوس من إمبراطورية "نورز أنسيفا" ضد فيرونيكا تشاندلر من إمبراطورية "فيردانت"."
تحركت بمجرد أن تحدث الحكم.
كراك!
تشقق وتحطم الأرض تحت قدميها، دافعًا إياها للأمام بقوة انفجارية. اندفعت نحوي كالرصاصة.
بما أنني تابعت معاركها السابقة، كنت على دراية بأسلوبها إلى حد ما، لكنني كنت لا أزال أشعر بالفضول.
"… على حد ما رأيت، ليست من مستخدمي القوة الجسدية. يفترض أنها ساحرة عنصر، وعنصرها هو [الجليد]."
حقيقة أنها حطمت الأرض تحت قدميها تعني أنها قد وصلت بالفعل إلى المستوى الرابع.
مددت يدي إلى الأمام، مستعدًا لاستخدام [قبضة الوباء] عندما ضغطت بقدمها إلى الأمام وتوقفت فجأة. ثم، قبل أن أتمكن حتى من فهم ما كانت تحاول فعله، غرقت في الأرض.
"؟"
وقفت مذهولًا للحظة.
هذه كانت المرة الأولى التي أرى فيها شيئًا كهذا، الأمر الذي أذهلني إلى حد ما. نظرت غريزيًا إلى الأسفل، حيث خرجت يدان من الأرض، محاولتين الإمساك بكاحليّ.
"ليس هذا مجددًا."
شعرت بقشعريرة تسري في جسدي عند رؤية الأيدي، إذ أعادت إليّ ذكريات من الماضي.
من دون تردد، دفعت قدمي عن الأرض وقفزت في الهواء لتجنب هجومها. ومع ذلك، كما لو أنها توقعت تحركي، انطلقت من الأرض بسرعة في محاولة للإمساك بي.
بما أنني كنت في الهواء وغير قادر على التوقف، لم أستطع تفعيل [خطوة القمع]. ومع ذلك، خفضت يدي بحزم.
في لحظة، تحولت يدي بالكامل إلى اللون الأرجواني بينما مددت يدي للإمساك بوجهها.
اتسعت عيناها عند رؤية يدي، لكن الوقت كان قد فات. غير قادرة على تعديل هجومها في الوقت المناسب، عضت على أسنانها وتقدمت.
بدأ البخار يتصاعد من يديها وفمها بينما تشكل الجليد حولهما. انخفضت درجة الحرارة بشكل ملحوظ، وشعرت بقلبي ينقبض للحظة وجيزة.
في تلك اللحظة القصيرة، وقبل أن تتلامس أيدينا، مددت يدي اليسرى، مرسلًا خيطًا نحو الأرض بزاوية معينة. باستخدام القوة الطفيفة التي منحني إياها، قمت بلف جسدي في الهواء.
قبل أن تتمكن من الرد، ضغطت يدي على مؤخرة رأسها.
أحكمت قبضتي على وجهها بيد واحدة، ثم أملت رأسي بسرعة لأتفحص المكان قبل أن أضغط بإصبعي الأخرى على صدغها.
بعد لحظة، سُمع صوت.
"انتهت المباراة! الفائز هو…"
ثَمب!
هبطنا على الأرض معًا.
"جوليان إيفينوس من إمبراطورية "نورز أنسيفا"."
"هُووه."
بعد الإعلان، أطلقت سراح خصمي ونهضت. كنت متوترًا في البداية، بالنظر إلى مدى صعوبة أول مباراتين لي. ولكن، سارت هذه المعركة بسلاسة أكبر مما كنت أتوقع.
"هذه هي المرة الأولى التي تسير فيها معركة بسلاسة بالنسبة لي. لم أكن بحاجة إلى أن أكاد أموت هذه المرة."
في المباريات السابقة، وجدت نفسي أواجه صعوبات كبيرة، وتعرضت للعديد من الإصابات.
لكن هذه المباراة كانت أشبه بنسمة هواء منعشة.
عندما تجسد المكعب أمامي، قبضت عليه بإحكام، ثم وجدت نفسي مجددًا تحت المنصات. كنت من أوائل الواصلين، فبحثت بنظري حولي، ثم استقرت عيناي على تمثال الحرية.
على الرغم من مظهره المتآكل، تسارعت دقات قلبي عند رؤيته يلوح فوقي.
كان هناك شيء ما في هذا التمثال جعلني أشعر بالقمع، كما لو كان يتحداني… يتحدى سلامتي العقلية.
هل كان هذا العالم مجرد لعبة؟
أم أنه بقايا مما كانت عليه الأرض؟
أثقل هذا السؤال على ذهني، وبينما كنت أضغط شفتيّ وأشيح بنظري بعيدًا، ظهر شخص آخر بجانبي.
"هل انتهيت؟"
نظر لي "ليون" من أعلى إلى أسفل قبل أن تظهر على وجهه نظرة مفاجأة.
"… وأنت غير مصاب؟"
"ما المدهش في ذلك؟"
قطّبت حاجبيّ.
بدا وكأنه كان يتوقع مني أن أكون مصابًا.
"حصلت على خصم أسهل."
"آه، أعتقد أن هذا ممكن."
حك "ليون" مؤخرة رأسه قبل أن يخرج الجهاز اللوحي الذي يعرض البث المباشر، ثم مرره لي.
"تريد إلقاء نظرة؟"
"بالتأكيد."
لم يكن لدي ما أفعله، وأردت رؤية كيف تسير بقية المباريات.
ما إن قمنا بتشغيل البث حتى تجمدت تعابيري للحظة. كان رد فعل "ليون" مشابهًا وهو يشاهد المباراة الجارية.
على طرفي الساحة، وقفت شخصيتان نعرفهما جيدًا: إحداهما بشعر أحمر، والأخرى بشعر أرجواني. بينما تمايل شعرهما قليلًا مع الهواء، بدأ الاثنان في التحرك.
عندها فقط نظرت إلى جانب الجهاز اللوحي؛ المنصة [3] - آويف ميغرايل ضد إيفلين فيرليس.