"آخ...!"
عندما تساقطت الصخور عليّ، شعرت بجسدي يرتجف. كان الألم شديدًا، لكنني تمكنت من تحمّله إلى حدٍ كبير. على عكس ليون وكاليون، لم تكن الصخور مؤلمة بنفس القدر.
...المشكلة الوحيدة كانت أنني لم أكن أحمي نفسي فقط.
عندما نظرت إلى الأسفل، رأيت ليون المذعور يحدق للأعلى برعب. هو لم يكن قادرًا على رؤيتي، لكنني كنت أراه بوضوح.
رررم، رررمبل-!
بدأت الأرض من تحتي تهتز.
في البداية شعرت بالحيرة، لكن سرعان ما اتسعت عيناي رعبًا عندما لاحظت الشقوق الدقيقة تتشكل تحت قدمي.
"تبًا!"
أدركت ما يحدث متأخرًا.
كرا كراك-!
تحطمت الأرض من تحتي.
كنت أرغب في إطلاق الشتائم مجددًا، لكن لم يكن هناك وقت. بدأ موضعي بالانزلاق مع تحطم الأرض، كاشفًا عن ظلام لا نهائي ابتلع كل شيء عن الأنظار.
"آخ...!"
عندما سمعت صرخة ليون، نظرت إلى الأسفل لأراه يمد يده بيأس، محاولًا الإمساك بالهواء أثناء سقوطه.
ظللت متماسكًا.
حدقت في ليون، ثم أغلقت عيناي وألقيت بنفسي للأسفل.
فوووش!
تطايرت ملابسي بعنف بينما كانت الصخور تتساقط بجانبي. تجاهلتها، واندفعت بسرعة متجاوزًا ليون. في تلك اللحظة، استبدلت الجوهرة الوردية بالجوهرة الزرقاء.
على الفور، أصبح جسدي أخف، وتباطأت سرعة سقوطي.
استدرت في الهواء ونظرت إلى ليون الساقط.
ثد!
اصطدمت صخرة برأسه، مما أفقده الوعي.
حبست أنفاسي عند رؤية ذلك، لكنني حافظت على رباطة جأشي ومددت يدي للإمساك به.
"...!"
قوة اندفاعه أضافت زخمًا إضافيًا لسقوطي.
لكنني توقعت هذا مسبقًا. قمت بالتبديل من الأزرق إلى الوردي مجددًا. صلُب جسدي بالكامل حتى شعرت وكأنني غارق في الأسمنت.
"آخ!"
لم يكن الألم شديدًا، لكن الإحساس كان غير مريح.
وسرعان ما...
بانغ!
اصطدمت بالأرض.
"آخ...!"
في اللحظة التي ارتطمت بها بالأرض، صعق تيار كهربائي جسدي بأكمله. ارتجفت عضلاتي واهتزت بينما كانت تمتص حدة الاصطدام.
"هاهف... هاهف...!"
لبضع لحظات، لم أتمكن من تحريك جسدي إطلاقًا.
ولتزداد الأمور سوءًا، استمرت كتل ضخمة من الصخور بالسقوط بجانبي. بانغ، بانغ-!
"آخ...!"
لم يكن أمامي خيار سوى قمع الإحساس الغريب الذي كان يجتاح جسدي والجري بعيدًا عن منطقة تساقط الصخور.
بانغ!
"آخخ...!"
بالطبع، لم أتمكن من تفادي الصخور بالكامل. لحسن الحظ، رغم أنها بدت مخيفة، فإن قوة اصطدامها لم تكن تقارن بلكمة واحدة من ليون أو كاليون أو كايوس.
علاوة على ذلك، بفضل مساعدة الجوهرة الوردية، ظل جسدي سليمًا نسبيًا.
المشكلة الوحيدة كانت ليون الذي كان عليّ الحفاظ على سلامته.
بانغ، بانغ-
وكان يجب أن أُسرع.
رغم قدرتي على تحمل قوة الصخور، لم أكن أرغب بأن أُدفن تحتها. كنت سأتمكن من الخروج دون مشكلة، لكن ليون...؟
"هاهف...!"
بانغ!
سقطت صخرة أخرى خلفي، وتحطمت إلى قطع ضخمة اصطدمت مباشرة بظهري. تمزقت ملابسي وشعرت بحرقة في ظهري، ولكن...
ثُمب!
"نااا... نااا..."
...أخيرًا تمكنت من الخروج من منطقة الخطر، وسقطت على الأرض بجانب ليون الصغير.
"هاه..."
أغلقت عينيّ وأخذت عدة أنفاس عميقة.
'...لقد كان الأمر أكثر صعوبة مما كان ينبغي.'
"كم مرة حدث هذا؟"
مرة، مرتان، ثلاث مرات...؟
عدد المرات التي أنقذت فيها الفتى الذي كان من المفترض أن ينقذني. حدقتُ بغضب نحو الشاب ليون قبل أن أخرج حبّة دواء وأضعها في فمه.
"تسك."
"أوخ."
وكأنه شعر بنظراتي، بدأ ليون بالعبوس واستعاد وعيه تدريجيًا. أسرعت بالاختباء مجددًا بينما فتحت عينا ليون.
"أوخ...!"
أمسك رأسه على الفور وارتسم الألم على وجهه.
"إنه مؤلم..."
بينما كنت أنظر إليه، وجدت نفسي أبتسم. لم يتغير كثيرًا بين الماضي والحاضر. فقد أظهر نفس رد الفعل بعد أن تحمل العبء الثقيل للتعاويذ باستخدام 'المفهوم' الخاص به.
"أ-أين أنا؟"
نظر ليون حوله، وقد بدا عليه الضياع.
كان الظلام يلف المكان، وكان من الصعب رؤية أي شيء خارج دائرة صغيرة من الضوء الخافت.
"...هذا المكان."
بدأ تنفس ليون يثقل مع إدراكه لوضعه. ومع ذلك، وعلى الرغم من صغر سنه، لم يبدو عليه الذعر الشديد. بل بدا وكأنه شعر بالارتياح.
"سيجدونني قريبًا... على الأقل أستطيع أن أرتاح الآن."
كما توقعت، كان فعلاً مرتاحًا.
في الواقع، بدا عليه شيء من السعادة أيضًا. ولكن بعد التفكير، تمكنت من فهمه.
خاصة عندما تذكرت كيف كان جوليان السابق يعامله.
من محاولة قتله إلى إجباره على العمل لدرجة الحرمان من النوم...
'لقد مر بالكثير حقًا.'
للحظة قصيرة، لان قلبي تجاهه.
"هاه؟"
لكنني سرعان ما استعدت تركيزي عندما أطلق ليون صوتًا غريبًا. أملت رأسي بحيرة، ثم لاحظت الأمر أنا أيضًا.
"...!"
غطيت فمي بسرعة وأنا على وشك إصدار صوت.
'ما هذا بحق الساميين...'
في المسافة، وسط الظلام الذي كان يحيط بنا، تمكنت من رؤية ضوء خافت.
كان ضعيفًا، لكنه موجود.
...وكان ينبض بخفة، كما لو كان نبض قلب.
||
"أنا..."
تراخت عينا ليون عند رؤية الضوء، وبدأ جسده بالتحرك من تلقاء نفسه.
تك، تك—
كان صدى خطواته الخفيفة يتردد بينما كان ليون يسير مترنحًا نحو نبض الضوء.
لم أقل شيئًا، واكتفيت باتباعه بصمت.
كنت أنا أيضًا منجذبًا إلى الضوء، لكن بخلافه، لم أقع تحت تأثيره.
تك—
مع كل خطوة، كان ليون يقترب أكثر من الضوء.
ومع كل اقتراب، كان الضوء يزداد سطوعًا، وعندما خطا ليون خطوة أخرى، بدأ تغيير يطرأ على البيئة المحيطة.
فوووو!
اندلعت سلسلة من ألسنة اللهب بينما ظهرت تماثيل من جميع الجهات حولنا.
"...!"
كانت التماثيل قديمة ومهترئة، تُصوّر نساءً محجبات بأيدٍ ممدودة.
كانت ألسنة اللهب تطفو فوق راحات أيديهن، مسلطةً الضوء على المكان.
وفي المسافة البعيدة، ظهرت سلالم طويلة، تقود إلى مذبحٍ عالٍ ومظلم.
رمشت بعيني قبل أن أتوقف.
هناك... استطعت رؤية مصدر النبض الضوئي. وما إن لمحت لمحة منه، حتى توقف نفسي.
"أليس هذا...؟"
ضيّقت عيني لأتأكد مما كنت أراه. حاولت إنكار المشهد الذي أمامي، ولكن بما أن ما أراه لم يتغير، لم أملك إلا أن أقبل واقع الموقف، حيث ظهر كأس أسود مألوف الشكل أعلى المذبح.
لم يكن هناك مجال للشك.
...إنه نفس الكأس الذي رأيته في الرؤية الأولى.
تك، تك—
تابعت خطوات ليون وهو يتحرك نحو المذبح.
نظرت حولي.
لم يكن هناك شيء يمنعه من التقدم. التماثيل ظلت واقفة بلا حراك، في حين أضاءت ألسنة اللهب الضعيفة المحيطة بها الأجواء الخافتة.
أثارت فضولي تساؤلات عدة.
"ما الذي يفعله هذا الكأس بالضبط...؟ وما هو هذا المكان؟"
"همم."
أفقت من أفكاري، وتقدمت أمام ليون وصعدت السلالم الطويلة.
كنت أريد أن أرى الكأس عن قرب.
"هذا هو...؟"
لم أكن متأكدًا مما ينبغي أن أتوقعه حين اقتربت من الكأس، ولكن بعد صعود السلالم الطويلة ووصولي إليه، لم تتجه عيناي مباشرة نحو الكأس، بل نحو جسد المذبح حيث رأيت العديد من النقوش والحفريات.
وكان من بينها نقش لافت للنظر أكثر من البقية.
...لقد كان نقشًا لعين.
"لقد رأيت هذا من قبل."
ضغطت شفتي بينما اقتربت أكثر من المذبح.
تك، تك—
اقتربت خطوات ليون بينما كنت أتمعن في النقش. دون أن أشعر، بدأت أفقد تركيزي على محيطي، فلم أعد أرى سوى تلك العين.
||
مددت يدي، تتبعت بأطراف أصابعي النقوش الدقيقة. شعرت وكأنني مسحور بها.
لا سيما تلك العين.
كان الأمر وكأنها تناديني.
نعم، أنا بالذات.
"آه، أيها السامي أوراكلوس! أيها الرائي...!"
صدى صوت بعيد رن في أذني، خافت لكنه كان يتردد بوضوح في عقلي.
"آه...؟"
"تقبل قُرباننا وامنحنا حمايتك!"
بينما رمشت، تغير المشهد من حولي. غمر الضوء رؤيتي، وامتد السماء فوق رأسي، مع أشعة الشمس الصفراء المتوهجة التي ألقت دفئها على المذبح.
"أين أنا...؟"
واقفًا بجانب المذبح، كان هناك رجل يرتدي ثوبًا أبيض، وقد نُقشت العين ذاتها التي رأيتها سابقًا في وسط ثوبه.
كان يحمل الكأس الأسود بيده.
"أيها الرائي...! امنحنا حمايتك!"
"امنحنا حمايتك!" "امنحنا حمايتك!"
"امنحنا حمايتك!"
تعالت صرخات مدوية من الأسفل. وعندما أدرت رأسي، ظهر بحر من الناس يسجدون أمام المذبح.
كانوا جميعًا يرتدون ملابس بيضاء تشبه ملابس الرجل الذي في المركز.
"هل هذه طائفة ما...؟"
لا، نظرت حولي.
شعرت أن الأمر مختلف عن مجرد طائفة. لقد كان دينًا كاملاً متكاملًا.
أين بالضبط أنا...
خفض الرجل رأسه لينظر إلى الكأس، ثم رفعه عاليًا نحو السماء.
"أنا، الكاردينال الثالث لسالفايون، أقدم احترامي وألتمس موافقتك. موافقتك لكي أستهلك دمك المقدس من أجل شعبي."
"دم...؟"
"سيُقدم دمك المقدس لخلاص شعبي — شعبنا — شعب إيريندور! وبذلك، سأحمل اسمك وأمرره إلى أحفادنا!"
رفع الكاردينال الكأس عاليًا أكثر بينما علا صوته.
"لأجل إيريندور!"
صرخ.
"لأجل إيريندور!"
"لأجل إيريندور!"
ردد الآخرون من خلفه.
كانت الصيحات مدوية تصم الآذان.
شاهدت المشهد وأنا في حيرة، غير قادر على استيعاب ما يحدث. ولكن سرعان ما جذبت أفعال الكاردينال انتباهي مرة أخرى.
خفض الكأس إلى شفتيه، وأخذ رشفة من محتواه.
"آه...!"
صرخ مباشرةً بعدها.
وبعد صرخته، تحولت عيناه إلى اللون الأبيض المريع.
"آآآآه!"
مزقت صرخته الأجواء بينما بدأ جسده كله بالارتجاف. بدأ شعر جسده بالذبول، وشحب وجهه كما لو أن الدم كان يُستنزف من جسده.
"آآآه...!"
استمرت صرخاته تتردد في الفضاء.
كانت صرخات معذبة، تبعث شعورًا شديدًا بالانزعاج.
||
ولكن قبل أن أدرك ما يحدث، التفت رأسه ناحيتي. وقفت متسمّرًا مكاني، أحدق بالكاردينال الذي كان يحدق نحوي مباشرة.
"أ-أيها الرائي..."
توقف قلبي في حلقي عندما ناداني.
"أوه، أ-أيها الرائي..."
كان صوته مفعمًا بالتبجيل، وكل شعرة في جسدي وقفت.
"...هل هذا أنت أيها الرائي؟"
مد الكاردينال يديه نحوي، كما لو كان ينوي لمسي. ولكن قبل أن يتمكن من ذلك، توقف فجأة.
"آه..."
شحبت ملامحه بينما تذبذبت عيناه.
"ه-هذا..."
بدت عليه ملامح الرعب، ورفع نظره نحوي مرة أخرى. انفصلت شفتاه ببطء، وتحدث بكلمات متقطعة.
"أنا—"
"آه...!؟"
استيقظت فجأة وانتزعت يدي عن المذبح.
"هاهف... هاهف..."
شعرت بقلبي يكاد ينفجر من صدري، وأخذت أتنفس بعمق وثقل وأنا أترنح مبتعدًا عن المذبح.
ثُمب!
"هاهف... هاهف..."
حاولت استيعاب ما رأيته، لكن قبل أن أفعل، وجدت نفسي واقفًا بالفعل، أواجه الكأس مباشرة.
وهناك، رأيت سائلاً أحمر اللون.
"هاهف... هاهف..."
وبينما أتنفس بأنفاس ثقيلة، ثبتت نظرتي على ذلك السائل.
هذا...
صدمتني حقيقة الموقف.
السائل الموجود داخل الكأس...
كان دمي.
دم أوراكلوس.