"هل تبحثين عن شيء ما؟"

||

كانت ديلايلا قد علمت بوجودي منذ فترة. لم أعتقد أن شخصًا مثلها لن يلاحظ ظهوري المفاجئ.

لكن رغم وعيها، كانت مشغولة بشيء آخر.

ضيقتُ عينيّ وضعت مكافآتي جانبًا.

"أين...؟ ربما هنا؟"

سمعت همسات ديلايلا واقتربت منها أكثر. بدت يائسة جدًا وهي تبحث عن شيء ما.

ذلك...

"هل نسيتي شيئًا هنا؟ إذا كان كذلك، فربما الخادمات أخذنَه."

"....!"

بدا أن الإدراك ضرب ديلايلا فور سماعها كلماتي.

رغم أن ملامح وجهها لم تتغير كثيرًا، إلا أن لونها شحب قليلًا.

ما الذي نسيته بالضبط؟... وانتظر، لماذا كانت تبحث عنه في غرفتي أساسًا؟

خطر ببالي مشهد لوح الشوكولاتة الذي وجدته ليلة أمس، وتغيرت ملامحي.

"أنتِ، هل تركتِ-"

"لم أكن أنا."

"أنا لم—"

"لا."

أطبقت شفتي واخترت أن أبقى صامتًا.

كانت هي بالتأكيد.

ديلايلا لم تكن ماهرة بالكذب. ومع ذلك، قررت أن أتجاوز الموضوع. وعندها لاحظت ديلايلا الكتيب الذي بيدي واهتمت به.

"تصنيف أحمر؟"

"....نعم."

"جيد."

مدت يدها فأعطيتها الكتيب.

صفحة، صفحة—

بتقليب بضع صفحات بخفة، ارتفعت حاجباها.

"....هذا جيد جدًا. يناسبك."

"أحقًا؟ أطلس أعطاني إياه."

||

توقفت ديلايلا لوهلة ثم أعادت إلي الكتيب.

"حسنًا. يمكنك التدرب عليه."

بعد ذلك جلست متقاطعة الساقين.

||

وقفت لبرهة غير قادر على الفهم.

"ماذا...؟"

"تدرب. سأساعدك."

"هاه؟"

"الكتيب ليس من السهل تعلمه. هيا. سأعلمك حتى تستطيع استخدامه بمفردك."

||

رمشت بعيني وفهمت نيتها بسرعة. خلعت سترتي وجلست على الأرض وفتحت الكتيب.

وضعت يدٌ على ظهري بعد لحظات.

"خذ نفسًا عميقًا."

وصلني صوت ديلايلا البارد من خلفي.

ركزت على كلماتها وفتحت الكتيب بينما آخذ نفسًا عميقًا.

"ضع يدك فوق الكتيب ووجه طاقتك السحرية."

فعلت كما قالت.

صفحة! صفحة—

انفتح الكتاب فجأة وتقلبت صفحاته بسرعة. بقيت ساكنًا بينما تدفقت المعلومات إلى ذهني.

"أوخ...!"

ألم شديد كاد يحطم تركيزي.

"وجّه الطاقة السحرية كما تُعرض في ذهنك."

كان صوت ديلايلا بمثابة العمود الذي أبقاني ثابتًا.

"سيؤلم قليلًا، لا تهتم بالألم. من المفترض أن يؤلمك."

لم يكن الألم سيئًا حقًا.

"أفضل."

ركزت على صوتها.

كان كل ما أسمعه وسط صمت العالم من حولي.

"حافظ على تدفق الطاقة بسلاسة. أنت تتحسن."

كان صوتها ناعمًا وواضحًا.

...تقودني بلطف بينما أتأقلم مع الكتيب الجديد.

كان الأمر مطمئنًا.

"هكذا."

بدأت ألتقط الأمور بشكل أفضل.

"نعم."

من أنفاسها الهادئة.

"...تدفق أكثر سلاسة. استمر هكذا."

ومن لمسة يدها الخفيفة.

"ركز."

جرت تيارات دافئة في جسدي.

"اقتربت."

غمرت الطاقة السحرية كل جزء مني، تتدفق كتيار دافئ ومريح.

بدأ رأسي يشعر بالخفة، وكأنني أفقد وزني تحت وطأة تلك الطاقة.

"آه."

وهنا رأيت ذلك.

■ خبرة EXP + 0.1%

الإشعار المألوف جدًا.

...تلاه إشعار آخر تجاهلته بسرعة رغم شعوري ببعض الدهشة.

'لماذا...'

***

"لا يبدو أن أحدًا يعرفني."

جلس ليون على أحد المقاعد المنتشرة في أنحاء الحرم الجامعي وهو ينظر حوله. رأى العديد من الوجوه الجديدة تتجول في الأكاديمية.

الكثير منهم كانوا من طلاب السنة الأولى.

بدوا مليئين بالحيوية، يتحدثون مع بعضهم دون هموم.

جعل هذا ليون يشعر بالغيرة.

...لم يكن لديهم طاغية كمدير لهم.

"هل يمكنني الجلوس هنا؟"

فجأة، سمع ليون صوتًا مألوفًا بجانبه.

استدار برأسه وفوجئ عندما رأى أن المتحدث كان بالفعل شخصًا يعرفه.

||

حافظ على تعابير وجهه جامدة وأومأ برأسه بخفة.

"شكرًا."

'لقد كبر كثيرًا منذ آخر مرة رأيته فيها.'

الشاب الذي جلس بجانبه كان لينوس، الابن الثاني لعائلة إفينوس. فكر ليون في كشف هويته له لكنه بعد تفكير، قرر الصمت.

علاقته بلينوس لم تكن سيئة لكنها لم تكن مقربة أيضًا.

كان دائمًا منطويًا.

...لم يكن موهوبًا جدًا في القتال، لكنه كان ذكيًا للغاية.

ورث هذا الذكاء من والده.

"بناءً على زيك، لا بد أنك طالب في السنة الثانية، أليس كذلك؟"

"....أنا كذلك."

أجاب ليون بعد قليل من التفكير.

"أرى. لا بد أن الأمر صعب عليك."

"صعب؟"

"نعم. مع كل الأعمال التي لديك وكل الحوادث التي وقعت العام الماضي."

حوادث...؟

فكر ليون للحظة قبل أن يومئ برأسه. بالفعل، وقعت العديد من الحوادث العام الماضي.

"لا بد أنه كان صعبًا عليك. سمعت أن معظمها استهدفكم أنتم. هل تعتقد أنكم كنتم مستهدفين عمدًا؟"

"أنا..."

"أو ربما كان هناك من دبر الحوادث ضدكم عمدًا؟"

عبس ليون.

إلى أين تتجه هذه المحادثة؟

||

توقف لينوس فجأة ونظر مباشرة إلى ليون. كانت ملامحه هادئة، وعيناه كذلك.

كأنه كان يرى من خلال تنكره.

"لقد مضى وقت، ليون. كيف حالك؟"

لا، لقد كشف هويته تمامًا.

||

ظل ليون محافظًا على تعابيره الجامدة وهو يحدق في السيد الشاب الثاني.

لم يتفاجأ كثيرًا بانكشاف أمره. كان لينوس ذكيًا، ولم يكن هذا مستبعدًا عنه.

"لم تجبني بعد."

"....أنا بخير."

"سعيد لأنك كذلك، ليون."

ابتسم لينوس واتكأ على ظهر المقعد.

"كنت أرغب في الحديث معك منذ وقت، ليون. لكن لم أجد الفرصة بسبب انشغالي."

"....أرى."

اختصر ليون كلماته.

لم يكن يعرف إلى أين تتجه المحادثة.

لا، كان يعرف.

"إلى متى ستستمر في التظاهر بالجهل؟"

"...."

"أنت وأنا نعرف الحقيقة. جوليان هو المسؤول عن كل الحوادث التي حدثت. أنت بالذات تعرف هذا. لا أفهم لماذا تحميه."

لأنه لم يعد نفس جوليان.

ولأنه... شخص يستحق أن أتّبعه.

أجاب ليون في نفسه.

"...هل تفعل هذا بدافع الامتنان لأن العائلة أنقذتك في الماضي؟ إن كان الأمر كذلك، فلتعلم أنك قد رددت الدين بالفعل. لقد جلبت شرفًا عظيمًا للعائلة."

||

"ليس هذا أيضًا؟ إذًا هل هو الخوف من جوليان؟"

""

"لا تزال صامتًا؟"

فرك لينوس وجهه.

"حسنًا، لا بأس."

لم يضغط عليه أكثر. كانت محادثة ميؤوسًا منها.

"بما أنك لا تريد الحديث، سأغادر. ولكن قبل أن أفعل، أريدك أن تعيد التفكير في ولائك لجوليان. إنه لا يستحق مهاراتك. سيتسبب في دمار عائلتنا إن لم تراقبه."

'لقد رأيت ذلك بنفسي...'

تمتم لينوس بصوت خافت بالكاد سمعه ليون.

"؟"

لكن قبل أن يتمكن ليون من طلب تفسير كلماته، كان لينوس قد استدار ورحل.

لم يستطع ليون سوى أن يحدق في ظهره وهو يغادر، عابسًا.

'لقد اكتشف شيئًا أو يعرف شيئًا...'

لكن ما هو...؟

ماذا يعرف بالضبط؟

***

استمرت الأيام بالمرور.

لم يحدث أي شيء كبير بعد عودتي إلى "هافن". كانت الأمور طبيعية إلى حد ما.

استيقظت، وحاولت اللحاق بالعالم الذي فاتني، وتدربت.

لقد كانت أسبوعًا هادئًا.

...الشيء الوحيد الذي لم أستطع التكيف معه هو الإضافات الجديدة للصف.

بانغ-!

طار دمية تدريب ضخمة، ضعف حجمي تقريبًا، عبر غرفة التدريب قبل أن تتحطم على أقرب جدار.

ساد الصمت في القاعة، وتوجهت الأنظار إلى الشخص المسؤول عن هذا.

بعينين صفراوين حادتين، وقف كايوس بنظرة باردة ويده ممدودة نحو الدمية المحطمة.

وقف الأستاذ المسؤول مذهولًا للحظة قبل أن يتدارك نفسه.

"ت-توقيت، عشرون ثانية. كايوس إثيريا في المركز الأول!"

||

لم ينبس أحد ببنت شفة.

كيف يفعلون ذلك بينما كان الجميع بالكاد يترك أثرًا صغيرًا على الدمية، بينما كايوس حطمها بالكامل؟

حتى أنا لم أترك سوى أثر بسيط، رغم استخدامي لمجالي.

'هل أصبح أقوى من ذي قبل؟'

...كان قويًا بالفعل سابقًا، أما الآن؟ لقد بدا أقوى بكثير.

وكأنّه شعر بنظرتي، أدار رأسه نحوي. التقت أعيننا لوهلة قصيرة. حينها لاحظت اضطرابًا خافتًا في عينيه.

لكن الأمر اختفى بسرعة وهو يشيح بنظره عني.

لم أشعر بأي مشاعر في عينيه.

لا كراهية. لا خوف. لا... شيء.

...شعر وكأنه آلة.

'ما هذا بحق...'

"هل يمكن للجميع أن ينتبه لحظة؟"

أخرجني من أفكاري صوت الأستاذ وهو يصفق لجذب انتباهنا.

كان رجلًا طويلًا بشعر بني قصير وعينين زرقاوين. ملامحه عادية، لا جميلة ولا قبيحة.

ومع ذلك، كان جسده يشع بالقوة بينما كان يمسك بورقة بيده.

"طلب مني إبلاغكم بشيء قبل نهاية الصف."

رفع رأسه وهو يضيق عينيه.

"...سيقام قريبًا حدث 'تجمع الكنائس السبعة'."

"همم؟"

أصبحت أكثر انتباهًا لكلام الأستاذ.

"سيعقد الأسبوع المقبل في الأكاديمية، والحضور إلزامي. سيحضر القادة السبعة من الكنائس السبعة لقيادة الحدث. سيكون مغلقًا، دون حضور الغرباء. إذا كان لأي منكم انتماء لإحدى الكنائس، الرجاء إبلاغي مسبقًا."

ارتفعت الأصوات في القاعة مع إعلان النبأ. بدأ الجميع يتهامسون حول الحدث.

كان معظم طلاب الأكاديمية ينتمون إلى إحدى الكنائس السبع.

فالكثير من عائلات النبلاء كانوا يتبعون أحد الحكام.

لم أكن أعلم إلى أي حاكم تتبع عائلة إفينوس، لكنني كنت أعلم تمامًا إلى أي حاكم أنتمي.

لم أنتظر حتى يصل الأستاذ إليّ بل تقدمت نحوه مباشرة.

"هم؟ آه، جوليان."

تعرف عليّ فورًا وهو يحمل الورقة.

"هل أنت منتمي إلى أي من الكنائس؟ إن كان الأمر كذلك—"

"أوراكلوس."

تمتمت بصوت خافت.

"...أنتمي إلى كنيسة الحاكم أوراكلوس."

2025/04/29 · 38 مشاهدة · 1273 كلمة
mhm OT
نادي الروايات - 2025