'.. كيف يكون هذا ممكنًا؟'

لم أستطع أن أزيح نظري عن الورقة الحمراء الرقيقة التي نبتت من الأرض. لم أصدق عينيّ، وعند التفكير في المشهد الذي حدث من قبل، خطر ببالي خاطر.

'عندما كان العجوز يسعل، تسربت كمية قليلة من الدم.'

هل من الممكن أن...

'مهلًا، هل هذا ممكن أصلًا؟'

بدت الفكرة سخيفة، ومع ذلك، بينما أحدق في المشهد أمامي، بدأت قناعاتي تنهار.

لكن، حتى مع ذلك، لم يكن هذا كل شيء.

على الرغم من محاولاتي للحركة، كنت لا أزال عالقًا في مكاني.

لم أتمكن من الحركة، وكل ما استطعت فعله هو التحديق الفارغ في الورقة الصغيرة على الأرض تحتي.

'كم من الوقت...'

تحت الهواء الجاف، وقفت وأنا أراقب الورقة تنمو.

امتدت الأرض، وازداد طول الساق النحيلة المتصلة بالورقة. وبعد قليل، ظهرت شتلة صغيرة. حاملةً عدة أوراق حمراء، وقفت الشتلة على نفس طولي.

فقدت الإحساس بالزمن الذي مر.

ظلت الأرض على حالها، والهواء جاف، وفوق كل ذلك، بقيت الشمس على حالها المريبة—بيضاء وقاسية بشكل يبتلع العالم بنظرة واحدة منها.

شعرت بالاختناق تحتها، وبينما كنت أحدق في الشتلة أمامي، شعرت بأنها تشعر بنفس الشيء.

...كان الأمر خانقًا.

ومع ذلك، رغم الظروف القاسية، استمرت الشتلة في النمو.

ومع مرور الوقت، نمت لتصبح شجرة شامخة مكتملة النمو، تتسع أوراقها الحمراء القانية لتظلل ما حولها، متمايلة بلطف في نسيم غير مرئي.

وقفت في مكاني، منبهرًا بالمشهد المعروض أمامي.

ولكن، إلى متى يمكنني أن أبقى مبهورًا؟

'متى سينتهي هذا؟'

'لماذا لا يتوقف؟'

'... هل من المفترض أن يحدث شيء آخر؟'

«هذا كثير جدًا.»

بالتأكيد، لم يكن من المفترض أن أظل واقفًا هنا أشاهد الشجرة تنمو. هذا كثير جدًا. هذا سيكون—

"مرحبًا، انظر!"

صوت معين أيقظني فجأة من أفكاري.

عندما أدرت رأسي، ظهرت مجموعة من الأشخاص من فوق تل بعيد، وجوههم وملابسهم بالية. على وجوههم ظهرت ملامح من الصدمة والتوجس عند رؤيتهم للشجرة.

"ما هذا؟"

"...لا أعلم، لكنها تبدو كشجرة."

"شجرة؟ لكن أليست هذه الأشياء..."

"لا، احذر."

مانعًا طريق المجموعة، وقف شاب ذو شعر أسود منسدل وعينين بنيتين يحدق في الشجرة بتوجس عميق.

"المظاهر خداعة، لا تنخدعوا بمظهرها. قد تكون فخًا. في الوقت الحالي، علينا فقط تحديد مكانها وتحذير الآخرين بشأنها. لا يمكننا السماح لأي شيء أن يعبث بتحضيراتنا. لن يمر وقت طويل قبل أن نغادر هذا المكان."

تحضيرات؟

تحضيرات من أجل ماذا؟ شددت أذني لأستمع بدقة أكبر. شعرت أنني على وشك اكتشاف شيء جديد.

خفق قلبي من الحماس، وبدأت أشعر بالإثارة، لكن...

عقد الشاب حاجبيه وسجل ملاحظات عن الشجرة قبل أن يستدير مع المجموعة.

'لا، انتظر!'

مددت يدي في اتجاههم.

تحضيرات من أجل ماذا؟

'لم تنهِ ما أردت قوله بعد!'

حاولت أن أصرخ، وأن أصل إليهم، لكن لا صوتي ولا لمسي بلغاهم. كل ما استطعت فعله هو أن أشاهد بمرارة ظهورهم يتلاشى من أمام ناظريّ.

'لا، انتظر...!! ماذا كنت ستقول، ماذا...!'

كان ذلك عديم الجدوى.

في غضون ثوانٍ قليلة، اختفوا تمامًا عن ناظريّ. لم أعد أراهم أو أسمعهم.

خشخشة\~

الشيء الوحيد الذي بقي معي كان الشجرة الصغيرة أمامي، بأوراقها الحمراء القانية التي ترفرف برفق في الهواء الجاف والخالي من الحياة.

كنا فقط أنا وهي...

انتظرت وانتظرت وانتظرت حدوث شيء ما.

في تلك اللحظة، فقدت إحساسي بالزمن. ومع توقف الشجرة عن النمو، لم يعد هناك شيء لأركّز عليه. أصبح كل شيء مملًا ورتيبًا.

كان مملًا، وحتى الهواء نفسه كان خانقًا.

هذا المكان...

'إنه جحيم.'

كيف يمكن لأي شخص أن يرغب في العيش في هذا المكان؟

من الذي-!

!.....!"

عندها حدث الأمر.

كرك-تشقق!

سمعته—صوت خافت، لكنه لا لبس فيه، صوت زجاج يتحطم. التفتّ برأسي نحو البعيد، وهناك كان.

تشقق دقيق وخافت انحفر في نسيج الهواء ذاته، وكأن الواقع نفسه بدأ في الانهيار. خلف الشق، رأيت عالمًا بعيدًا، مختلفًا تمامًا عن هذا العالم.

هناك، الأخضر النابض بالحياة غطى المنظر.

سماء زرقاء زاهية امتدت بلا نهاية من فوق، وتحتها امتدت مناظر طبيعية خلابة—مكان يعج بالحياة والألوان، متناقضًا تمامًا مع العالم من حولي. بدا...

'جميلًا-آه.'

أفقت بسرعة.

وبينما أحدق في المسافة، تذكرت أجزاءً من تاريخ العالم الذي تعلمته سابقًا:

عصر صعود السيادة؛ العصر الذي تأسست فيه الإمبراطوريات الأربع.

عصر الهيمنة الظليلة؛ عصر توسّع البُعد المرآتي.

وأخيرًا،

«عصر العالم المحطم.»

أقدم عصر معروف، والعصر الذي ظهر فيه البعد المرآتي.

هل يمكن أن يكون...؟

'هاه.'

بدأت أسترجع اللقاء السابق، وتوقف قلبي فجأة عن النبض.

'لا يمكننا السماح لأي شيء أن يعبث بتحضيراتنا.'

'لن يمر وقت طويل قبل أن نغادر هذا المكان.'

ترددت الكلمات بوضوح داخل رأسي، وبدأ رأسي ينبض بالألم وأنا أسمع دقات قلبي المرتفعة بإيقاع واضح، بينما بدأت القطع تتجمع معًا.

«لا يمكن، صحيح؟»

لم يكن منطقيًا، ومع ذلك، فكرت في العجوز الذي قابلته، وشعرت بغصة في حلقي.

كرك-تشقق!

اهتزت أذناي مرة أخرى، وما إن أدرت رأسي، حتى ظهر شق جديد في المسافة.

'هاه... هاه...'

أردت أن أضحك، لكنني لم أستطع.

كل ما استطعت فعله هو الوقوف مكاني، أحدق في المشهد بتعبير فارغ.

خشخشة\~

بجانبي، وأنا في شرودي، وقفت الشجرة نفسها، بأوراقها الحمراء القانية ترفرف بهدوء في الهواء الجاف والخالي من الحياة.

استمرت في التمايل حتى توقفت.

تك-!

بسماع صوت خطوة خافت، وجهت انتباهي نحو شخصية تظهر في البعيد، نظراتها مركزة على الشجرة.

ومهما حاولت، لم أتمكن من تمييز ملامحها، إذ كانت محاطة بهالة غامضة تمنع الضوء من الوصول إليها.

وفي غمضة عين، ظهرت الشخصية أمام الشجرة مباشرة، وسيطر ضغط غير مرئي على المكان، مما جعلني عاجزًا تمامًا.

"... هذا مثير للاهتمام."

صوت عميق، لكنه مبحوح، تردد في الهواء.

"هذا يبدو بالفعل وكأنه شجرة، لكنه مختلف. أشعر بقوة حياة تتشكل من داخلها. هل تحاول أن تتطور إلى وحش؟"

خشخشة\~

أوراق الشجرة اهتزت برقة، وكأنها ترد على السؤال، وفي تلك اللحظة العابرة، شعرت وكأن ابتسامة خفية ارتسمت على وجه الشخصية، رغم أن ملامحه ظلت مخفية.

"لا، هذا مختلف قليلًا. أستطيع أن أشعر بـ... آه."

وكأنه توصل لفهم معين، وضع الرجل يده على لحاء الشجرة.

"... إذًا لا بد أنك امتصصت دمه. لهذا وُلدت وتكوّنت. هذا مثير للاهتمام. فكرة تستحق التفكير."

وووم!

توهج قوي ظهر فجأة فوق يد الرجل، مغلفًا المكان بأكمله.

"على أي حال، لم يعد هذا ضروريًا بعد الآن."

كرك كرك!

بدأت تشققات تظهر على لحاء الشجرة، وزاد عددها مع مرور الثانية.

وقفت صامتًا، أراقب الموقف بأكمله دون أن أجرؤ على تحريك عضلة واحدة.

كنت أعلم أن هذا مجرد رؤيا، وأعلم أنني لست حاضرًا فعليًا، ومع ذلك، تحت «حضوره»، شعرت أنني حتى في حالتي هذه كنت معرضًا للخطر.

وأنه قادر على إيذائي.

بانغ!

أخيرًا، تحطمت الشجرة إلى آلاف القطع المتناثرة في كل الاتجاهات.

غطى اللون الأحمر السماء بينما تطايرت الأوراق في الهواء.

مستمتعًا بالمشهد، الرج... لا، هويته كانت واضحة.

لم يكن سوى...

'سيثروس.'

مستمتعًا بالمشهد، حدق سيثروس في يده للحظة قصيرة، ثم رفعها للأمام، ممسكًا بنسيج الفراغ أمامه.

كرك-تشقق!

صوت التشقق المألوف تردد في الأجواء.

حابسًا أنفاسي، وقفت متجمدًا، وذهني يعمل بسرعة وأنا أراقب سيثروس وهو يمزق نسيج الواقع نفسه، كاشفًا عن شق مألوف جدًا—شق دخلت من خلاله مرات عديدة من قبل. منظرُه بعث قشعريرة في جسدي، بينما تدفقت الذكريات.

«شق المرآة.»

لم يكن هذا إلا شق مرآة.

فوووم!

وبعد وقت قصير، ظهرت شخصية من خلف الشق.

كانت شخصية قصيرة وضخمة تشبه النمر.

"روار-!"

بمجرد أن لمح سيثروس، زأر النمر، لكن سيثروس لم يتحرك. وبنظراته الثابتة، مدّ يده ودفعها في اتجاهه. دون تردد، سُحب النمر من مكانه، مندفعًا نحو سيثروس بقوة هائلة، لكنه توقف على بعد أمتار قليلة، وجسده الضخم معلق في الهواء كما لو أنه مُقيد بقوة غير مرئية.

"روار!"

رغم كل محاولاته للمقاومة، إلا أنه، تحت قوة سيثروس، كان عاجزًا تمامًا. ثم، وهو يوجه نظره نحو المكان الذي كانت فيه الشجرة، رفع سيثروس يده فوق المخلوق فجأة.

"... أتساءل ما الذي سيحدث لو حاولت استخدام دمي. دمنا مختلف، لذا من المفترض أن أتمكن من خلق شيء مختلف."

شقّ يده، وبدأ الدم يقطر على النمر.

قطرة، قطرة!

فورًا، بدأت التغييرات تظهر على المخلوق.

"روار، رروووار-!"

بدأ جسد النمر يتغير، حجمه يتوسع، وعضلاته تنتفخ وتتمزق.

تدريجيًا، أصبح لون فروه أغمق، متحولًا إلى درجة رمادية مخيفة.

انبثقت هالة ضاغطة من جسده، تخنق الهواء من حوله، بينما استمرت ملامحه في التحول إلى شيء مختلف، وسرعان ما، وقف أمام سيثروس مخلوق جديد تمامًا—عيناه أصبحتا بيضاوين خاليتين من الروح.

«....»

حدقت في المشهد عاجزًا عن الكلام، ذهني خاوٍ بينما تقطر بعض من دم سيثروس على الأرض.

«لا، هذا غير منطقي.»

كيف يمكن...؟

كيف يستطيع...؟

"ليس سيئًا."

تمتم سيثروس، وهو يحدق في المخلوق أمامه.

"ليس..."

توقف لوهلة، ثم التفت برأسه، وفي تلك اللحظة، شعرت بشلل تام يصيبني.

وذلك لأن...

كان ينظر إليّ مباشرة.

2025/05/07 · 64 مشاهدة · 1317 كلمة
mhm OT
نادي الروايات - 2025