"هذا أكثر إزعاجًا مما توقعت..."
عدت من غرفة كيرا، وأنا أعبث بشعري بانزعاج.
'إنها تعرف أين قد يكون المرآة، لكنها لا ترغب في الذهاب إلى هناك.'
لم يخطر ببالي سوى مكان واحد لا ترغب في العودة إليه. ولن يكون إلا منزلها. المكان الذي قُتلت فيه والدتها، واكتشفت أن عمتها المحبوبة مسؤولة عن ذلك.
بالنظر إلى ما أعرفه عن الظروف وماضيها، لا يمكنني حقًا لومها على عدم رغبتها في العودة هناك. ومع ذلك، كان الوقت يداهمني.
كان علي التعامل مع الموقف قبل فوات الأوان.
لا يمكنني الانتظار حتى تتدهور الأمور لأبدأ في التحرك. سيكون ذلك تصرفًا غير مسؤول وغبيًا.
لقد أجلت الأمر أكثر من اللازم.
'والجانب الإيجابي، أنني على الأقل أعرف أين أبحث. المشكلة الوحيدة هي الوصول إلى هناك.'
لا يمكنني ببساطة أن أظهر عند منزلها دون سابق إنذار وأقول، "مرحبًا، اسمي جوليان، أنا زميل كيرا في الصف. قد تعرفونني كالفا... الفائز بالقمة. أنا هنا لأبحث عن شيء نيابة عنها. شيء يشبه المرآة. هل لديكم أي فكرة؟"
في الواقع، سيكون ذلك مريبًا للغاية—خصوصًا وأن المكان قد تم تفتيشه بالكامل سابقًا من قبل "السماء المقلوبة".
لن أبدو فقط مريبًا، بل سأبحث أيضًا عن إبرة في كومة قش. إذا لم يتمكنوا من إيجادها، ما الذي يجعلني أعتقد أنني سأفعل؟
'...بمعنى من المعاني، من الحيوي أن تأتي كيرا معي.'
لا، ليس فقط هي، بل مع الآخرين أيضًا. علي أن أجعل الأمر يبدو وكأنه "زيارة ودية" للمنزل حتى لا يثير ذلك الشكوك.
وقد تشعر كيرا براحة أكبر إذا كان هناك أكثر من شخص معها.
على الأقل، يجب أن تكون حاضرة. إذا كان هناك من يملك أعلى فرصة للعثور على المرآة، فهي بلا شك كيرا.
المشكلة الوحيدة هي إقناعها بالعودة.
عندما أتذكر تعبير وجهها حين تحدثت عن منزلها، علمت أن إقناعها لن يكون سهلاً.
في الواقع، ربما بدا الأمر كأنه مهمة مستحيلة.
...ومع ذلك، علي أن أحاول. كان هذا الأمر مهمًا جدًا لأتخلى عنه أو أؤجله أكثر.
'وهذه أيضًا فرصة جيدة بما أن لدينا عطلة هذا الأسبوع.'
لم يكن من السهل الحصول على وقت فراغ ومغادرة أراضي الأكاديمية.
كنت أخطط للحصول على المرآة قبل أن تستأنف الأكاديمية.
"حسنًا، أعتقد أن علي أن—"
توقفت في منتصف جملتي عندما التفت برأسي ورأيت شخصية معينة، جالسة على كرسيي، ساقاها وذراعاها متقاطعتان.
"....."
توقفت، ولعقت شفتي.
كانتا جافتين بشكل غريب.
متى وصلت...
"أنتِ هنا."
رغم صدمتي، تمكنت من التصرف بهدوء. إذا كان هناك شيء أجيده، فهو الحفاظ على ملامحي الهادئة حتى في أكثر المواقف حرجًا.
...على الأقل، هذا ما كنت أعتقده.
شعرت بنظراتها التي بدت شديدة بشكل غير معتاد، وبدأ وجهي يتغير تدريجيًا.
'ابقَ هادئًا، ابقَ هادئًا...'
رغم محاولاتي الحثيثة، استمر وجهي بالتغير. تحت تلك العينين السوداوين العميقتين التي بدت وكأنها ترى كل شيء، لم أستطع منع تعابيري من الانهيار، وانتهى بي الأمر بأن أدرت نظري بعيدًا عنها.
عضضت شفتي ولعنت نفسي سرًا،
'لماذا يحدث هذا دائمًا معها؟'
هي حقًا الوحيدة التي تجعلني أنهار. حتى سيثروس لم يكن كذلك...
فجأة، عبست دليله بأنفها بينما كانت تشم الهواء.
"أأنتَ تدخن؟"
"....نادراً."
ما مدى حدة حواسها؟
كنت قد حرصت على إخفاء الرائحة، ومع ذلك...
"آه، فهمت."
نظرت إليّ دليله بريبة، وعيناها تضيقان. لم أستطع سوى أن أرفع كتفيّ.
لم أكن أكذب.
نادراً ما كنت أدخن.
ومع ذلك، يا له من ضغط خانق. لحسن الحظ، كنت معتادًا على تصرفاتها إلى حد ما وانتظرت حتى تهدأ. وإذا ساءت الأمور، يمكنني دائمًا أن أرشيها.
لديّ دليل كامل في ذهني عن كيفية التعامل معها الآن.
لا، لكن أكثر من أي شيء...
"ماذا تفعلين هنا؟"
لم تكن دليله تظهر فجأة إلا إذا كان لديها شيء لتخبرني به أو تحتاج شيئًا مني. وكما توقعت، فور انتهائي من سؤالي، عادت عيناها لطبيعتهما، ونهضت من مكانها.
"أحتاج مساعدتك في شيء."
"أنا؟"
فاجأني هذا.
ما الذي قد تحتاجه دليله، بكل عظمتها، مني؟
رغم أنني لم أفهم، إلا أنني أومأت برأسي.
"بالطبع."
عندها فقط بدت دليله راضية. رفعت يدها، وطرقت بأصابعها، وبدأ بصري يدور فجأة.
"ماذا—"
لم يكن لدي الوقت الكافي لاستيعاب الوضع قبل أن يُنقل جسدي فجأة إلى مكان مختلف تمامًا. أضواء ساطعة تسللت من الأعلى، مما أعماني مؤقتًا.
"أوخ!"
غمغمت وأنا أضيّق عيني لأتأقلم مع الإضاءة المفاجئة، ورمشْتُ عدة مرات قبل أن أتمكن من استيعاب محيطي. عندها فقط لاحظت أين أنا—قاعة ضخمة تمتد أمامي.
أضواء سقفية براقة أضاءت المساحة من الأعلى، وفي البعيد، ظهر لوح زجاجي ضخم. انحبس نفسي، واتسعت عيناي بدهشة لحظة وقعت عيناي على الشكل المستلقي خلف اللوح الزجاجي، بينما بدأ صدري يرتجف.
"إنه مخلوق من رتبة المُدمر تمكنت من الإمساك به مؤخرًا."
جاء صوت دليله بجانبي. كانت نبرتها الهادئة تجعل الأمر يبدو وكأنها تتحدث عن شيء عادي.
لكن لا... هذا بعيد كل البعد عن العادي.
استطعت أن أشعر من خلال الضغط وحده أن هذا المخلوق أقوى حتى من "أول-مايتي"، الذي وصل لتوه إلى رتبة المُدمر.
كنت أعرف قوته جيدًا، ولهذا السبب اضطررت لترك "أول-مايتي" في الكاشا. حتى أجد وسيلة لإخفاء حقيقته كمخلوق، لم يكن لدي خيار سوى أن أبتعد عنه.
لقد أصبح قويًا جدًا. يستطيع أي شخص أن يدرك أنه ليس بومة عادية. رتبة المُدمر، بغض النظر عن مدى محاولتهم إخفاءها، يصعب تجاهلها.
يشعرون وكأنهم كائنات تقف على قمة السلسلة الغذائية.
أن تتمكن من إخضاع مخلوق بهذه القوة...
'إنها حقًا قوية بحق.'
لكن هذا جعلني أتذكر كلماتها السابقة، فقفز بصري نحوها.
"انتظري، قلتِ إنك تحتاجين مساعدتي. لا يمكن أن يكون هذا يعني..."
"نعم."
لم تنظر إليّ حتى، وكان بصرها مثبتًا على المخلوق خلف الزجاج. عيناه مغلقتان، وصدره يرتفع وينخفض برفق، بدا وكأنه نائم.
كان جسده بأكمله مغطى بالسواد، وكأنه الظلام ذاته.
كان حجمه هائلًا، وبدا وكأنه مزيج بين تنين وسحلية...؟
'وايرن؟'
"يبدو أن المخلوق يُدعى نوكتروس، ويمكنني أن أشعر بعظمٍ داخل جسده."
"آه..."
هززت رأسي بلا وعي قبل أن أستفيق.
"آه؟"
فجأة، أدركت ما تحتاجني من أجله، ولم أستطع إخفاء تغيّر ملامحي.
"....آه!؟"
اللعنة، كما توقعت، هي الوحيدة التي تجعلني أغير تعابيري بهذا الشكل...
"كنتُ فضولية منذ أن رأيت العظمة مع الفتاة الصغيرة التي لدى إيف. كنتُ أخطط في البداية لقتل النوكترُس، لكني تذكرت ما أرَتْني إياه، وأردت تجربته بنفسي."
نبرة دليله الهادئة والرصينة جعلتها تبدو وكأنها على وشك تجربة شيء بسيط، لكن الحقيقة هي أن هذه كانت روح مخلوق من رتبة المُدمر... حتى مع قوتها، يجب أن تتحلى بعقل يمكنه إخضاع الوحش.
حقيقة أنها أرادت خلق إرادتها الخاصة من مخلوق بهذه الرتبة... إنها مجنونة.
'لا، إن كانت هي...'
"قبل ذلك."
تذكرت فجأة شيئًا، ونظرت إلى دليله بصدمة.
"انتظري، إن كنتِ تخططين لأخذ عظم الوحش، هل هذا يعني أنكِ لا زلتِ تستطيعين امتصاص العظام؟"
ألم تملأ جميع خاناتها؟
"آه، نعم."
هذه المرأة.
"...لا زال لدي خانة واحدة متبقية. والدي كان لديه واحدة لي، لكني كنت مشغولة، ولم يكن لدي الوقت. من الجيد أن الأمر تم بهذا الشكل."
ارتجفت شفتاي وأنا أستمع إلى صوتها.
"هل ستساعدني أم لا؟"
تنقلت نظرات دليله بيني وبين الوحش، بدت وكأنها بدأت تفقد صبرها.
فتحت فمي، لكن عندما شعرت بنظراتها، ورأيت عينيها، وجدت رأسي ينخفض وأومأت.
"نعم."
عادةً، لن أكون واثقًا أو مرتاحًا للتعامل مع شيء من هذا العيار. ومع ذلك، إن كان هناك شيء أثق به، فهو قوتي الذهنية. ليس ذلك فحسب، بل كنت مطمئنًا بشأن أمني.
مع وجود دليله، لمَ عليّ أن أقلق بشأن سلامتي؟
"جيد."
مرت ابتسامة راضية على وجه دليله، وشاهدتُ زاوية شفتيها ترتفع قليلاً قبل أن تختفي. ثم استدارت وتوجهت نحو الوحش في المسافة.
وكأنها استشعرت وجودها، فتح الوحش عينيه ببطء، كاشفًا عن حدقات مقلوبة ضخمة.
بمجرد أن التقت عيناه بعيني دليله، لاحظت تغيرًا واضحًا في سلوكه. جلس وتحرك للخلف ببطء، بحذر.
بدا وكأنه خائف.
'أي نوع من الكائنات هي؟'
اختفى اللوح الزجاجي مع اقتراب دليله، وفتح الوحش فمه فجأة، كما لو كان على وشك الصراخ. ومع ذلك، قبل أن يصدر أي صوت، قبضت دليله بيدها، وتوقف كل شيء فجأة.
لقد صرخ، لكن لم يخرج أي صوت من حركته.
ارتجفت عيناه، وملأ ضغط هائل الأجواء. لكن بالنسبة لدليله، بدا الأمر وكأنه مزحة. لم تتأثر، وواصلت مشيتها، مقتربة ببطء من الوحش، الذي انزوى في زاوية الجدار.
كدت أظنه يبكي بصمت بينما كانت دليله، التي بدت كأنها نملة مقارنةً به، تقترب أكثر.
أخيرًا، توقفت أمامه ومدّت يدها.
"هل أنتَ مستعد؟"
وصلني صوتها اللطيف بسلاسة إلى أذني، فوجدت نفسي أومئ برأسي.
"...نعم."
"جيد."
غمرت وهجة قوية الغرفة بأكملها، وتغيرت رؤيتي بالكامل.
وبحلول الوقت الذي استعدت فيه وعيي، وجدت نفسي واقفًا فوق نهر جليدي أسود ضخم.
تماسكت، ونظرت للأعلى لأرى مخلوقين يحومان في الهواء، كل منهما يحدق في الآخر، بينما اجتاحت ضغط رهيب الأجواء.
كنت أعلم حينها أن المعركة من أجل السيادة قد بدأت.
———
مترجم: أعتدر على التأخير.