المزيّف ماذا...؟
حدّقت في الضباب الأسود أمامي بنظرة ضائعة. ما الذي يحدث بحق السماء؟ هل هذا جزء من الاختبار؟
لكن كيف من المفترض أن يجعلني هذا غاضبًا؟
...إن كان من شيء، فأنا أشعر بالضياع، لا الغضب.
تاك—
صوت خطوة خافتة تردّد صداه في أرجاء الكنيسة بينما وجدت نفسي أتراجع إلى الوراء.
'هاه؟'
حين رفعت رأسي لأنظر إلى الضباب البعيد، شعرت بيدي تبدأ في الارتجاف. كانت رعشة لا إرادية، لا يمكنني التحكم بها.
'ما الذي يحدث؟'
وكأنه يمر بشيء مشابه، توقف الضباب البعيد وحدّق بي.
"هل تشعر به؟"
صوته العميق، وإن كان أجش، تردّد مرة أخرى.
"...هذه هي الرنين بين سلالتنا."
ماذا؟
"لأننا كلانا نحمل سلالة الرائي المقدس."
"!؟"
كلماته جعلت يدي ترتجف مجددًا، ووجدت نفسي أرجع خطوة إلى الوراء. التوى وجهي بالألم حين بدأ ذراعي الأيمن ينبض فجأة.
خفضت رأسي، لتهبط عيناي على الوشم ذو الأربع أوراق، وانقبض قلبي حين بدأ يتوهج فجأة.
"كه—!"
تسلل تأوّه لا مفر منه من بين شفتيّ.
"ها."
وكأنه لاحظ معاناتي، أطلق الضباب الأسود ضحكة خافتة.
"كما توقعت، أنت مزيّف. كثافة الدم الذي أخذته مختلفة بوضوح عن دمي. كما أنك تكافح بوضوح للاحتفاظ به. لن يمر وقت طويل قبل أن يبدأ جسدك بالانهيار."
ماذا؟
مرة أخرى، وجدت نفسي مصدومًا من كلماته.
"قوة السامي* تتجاوز إدراك مزيّف مثلك. لا يمكنك فهمها، ولا يمكنك استخدامها. معظم المزيّفين الذين يحاولون ادعاء السلالة لأنفسهم ينتهي بهم الأمر بأن تُستنزف طاقتهم الحيوية بسببها."
(مترجم: تدكير تم تغيير كلمة ال*ه الى سامي)
"كه—!"
مرة أخرى، خرج تأوّه من فمي.
الألم في ذراعي الأيمن اشتد أكثر، مما دفعني لأن أركع على ركبتي. في هذه الأثناء، حاولت استيعاب الكلمات التي تصدر من الضباب الأسود.
وخُصوصًا، تذكّرت البابا.
هل من الممكن أن...
"من أجل مصلحتك، تخلّ عن الدم وأعطه لي. إن فعلت، فسأتأكد من عدم ملاحقتك. في الواقع، سأضمن أن تعيش حياة طيبة. لم يفت الأوان بعد."
ما هذا الهراء الذي يتفوّه به هذا الشخص؟
كنت أتألم، لكن ليس لأي من الأسباب التي ذكرها. كان ببساطة أن النبتة ذات الأربع أوراق كانت تتفاعل بشكل غريب مع الضباب أمامي.
وكأنها تقول لي أن...
'التهِم.'
نعم، كانت تقول لي أن ألتهم من أمامي.
"ما رأيك؟ جسدك بوضوح لا يستطيع تحمّل هذه القوة، ولن يمر وقت طويل قبل أن أجدك. مع دعم كنيسة أوراكلوس خلفي، لن يأخذ الأمر وقتًا لاستخراج الدم منك. ما رأيك أن نحل الأمر بشكل ودي؟"
كلما استمعت إلى كلماته، ازداد شعوري بعدم الارتياح.
وكأن كل جزء من جسدي يحكّني، يخبرني بأن أنقض على الضباب وأمزّقه بينما آخذ الدم الذي في جسده.
'اللعنة...'
كلما حدّقت في الضباب، ازداد الحِكّة داخلي حتى أصبحت لا تُطاق.
كنت أشعر بها في أعماق عقلي—أن اللحظة التي أمتص فيها الدم المتبقي في من يقف خلف الضباب، كل القطع المفقودة التي تُغشّي أفكاري ستتساقط في مكانها الصحيح.
وأنني...
سأتكامل تمامًا مع إيميت من الماضي.
"إذًا، ما رأيك؟ هل ستقبل عرضي؟"
مدّ الضباب يده نحوي، وكأنه يمدّ يده باتجاهي.
حدّقت في الضباب لعدة ثوانٍ قبل أن أبتسم.
"...ن-نعم."
بكل سرور.
*
'جيد، سأتواصل قريبًا. لا تحاول فعل أي حماقة. الفرق بيننا ليس شيئًا يمكنك استيعابه.'
مرّت ثلاثون دقيقة منذ اللقاء الغريب مع الضباب الأسود.
مستلقيًا على السرير أحدّق في السقف فوقي، رمشت بعيني ببطء.
"سيأتي للعثور عليّ قريبًا."
بدا قويًا.
ومع ذلك، لم أشعر بالخوف.
لقد كنت في حضرة كائنات من مرتبة الزنِث الحرفية. مدّعٍ للسامية ليس بشيء يُخيفني. خاصة إن كان مهووسًا بهذه الدرجة بفكرة كونه أنا.
أكثر من أي شيء، كنت أحاول فقط معالجة بعض النقاط من المحادثة.
"دم أوراكلوس سام لأولئك الذين يستهلكونه."
وأفضل دليل على هذا كان البابا.
ومع ذلك...
"لماذا لا يحدث لي شيء؟ ماذا عن ذلك الذي من كنيسة أوراكلوس؟ لماذا لا يحدث له شيء؟ لينوس...؟"
شيء ما لم يكن منطقيًا.
'يمكنني أن أبرّر حالة لينوس بكون الكمية التي استهلكها كانت ضئيلة للغاية. لكن ماذا عن من يدّعي أنه أنا الحقيقي؟ ما السبب الذي يجعله بخير؟'
هذه الأفكار استهلكت عقلي لعدة ساعات تالية.
تقلبت في سريري، أحاول إيجاد جواب، ومع ذلك، رغم كل محاولاتي، لم أتمكن من التوصّل لشيء.
لكن إن كان هناك شيء واحد كنت واثقًا منه، فهو أن الجواب سيقودني إلى اختراق كبير في هذا الوضع بأكمله—وفي الماضي، الذي كنت أُحاول فهمه بشدة.
"لا بأس، سأكتشف الحقيقة قريبًا."
في النهاية، قررت ترك الأمر. كنت أعلم أن الذي خلف الضباب سيجدني قريبًا.
...وكنت موافقًا على ذلك.
كنت أعلم أن ثقته تنبع من خلفيته وقوته، لكنه قدّر أمرًا بشكل خاطئ للغاية.
أنا أيضًا لدي قوة تقف خلفي.
واحدة لا تنسجم جيدًا مع كنيسة أوراكلوس.
ماذا سيحدث لو وضعت الاثنتين ضد بعضهما؟
فجأة، وجدت نفسي أبتسم.
"سيكون الأمر ممتعًا."
نعم، بالفعل.
سيكون مشهدًا ممتعًا للغاية.
***
في الوقت ذاته.
داخل معبد البصيرة المستيقظة، شقّ الكاردينال أمبروز طريقه نحو الشخص الجالس قرب التمثال الرئيسي.
بعينيه المغلقتين، جلس متربعًا.
"كيف جرى الأمر؟"
فتح عينيه، الكاشفتين عن نظرة باهتة، شبه خاملة، وهزّ جاكال رأسه.
"....لقد وافق على إعطائي الدم، لكن يمكنني أن أرى بوضوح أنه لا ينوي ذلك. أتوقع أنه سيفعل شيئًا ما في الوقت الحالي."
"مؤسف."
بدى الكاردينال حزينًا بحق.
"لكان الأمر أسهل بكثير لو كان متعاونًا."
"بالفعل، لكن هذا أيضًا جيد."
فرك عنقه، وقف جاكال على قدميه، ينفض رداءه الأبيض.
"سيوفر علينا الكثير من الموارد لو فعلناها بهذه الطريقة. من المؤسف فقط أننا سنحتاج إلى إيجاد التوقيت المناسب للتواصل معه."
"بالفعل، على حد علمي، يبدو أنه طالب من أكاديمية هافن. سيكون من الصعب الوصول إليه هناك. ورغم أننا نملك الوسائل والقوة لخوض صراع، إلا أن إثارة غضب 'هي' لن يكون في صالحنا."
"أنت محق."
أومأ جاكال بتفهّم، وعيناه تسقطان على قمة الكنيسة حيث ظهرت لوحة جدارية ضخمة.
كانت تُصوّر صورة عين، تراقب كل شيء بهدوء من فوق.
وقع جاكال في شرود بينما كان يحدّق في العين.
"جاكال؟"
"...آه، نعم."
خرج من شروده، ونظر نحو الكاردينال مطلقًا تنهيدة طويلة.
"أعلمني عندما تجد مزيدًا من المعلومات بشأن الطالب. لا حاجة للعجلة حتى الآن. سأحتاج لبعض الوقت لأكيّف جسدي جيدًا قبل أن أستهلك ما تبقى من الدم."
"مفهوم."
خفض الكاردينال رأسه، وابتعد جانبًا، مُفسحًا الطريق لجاكال ليمرّ.
بات هذا المشهد يتكرر كثيرًا في أراضي كنيسة أوراكلوس. مع وفاة البابا مؤخرًا، بدأ جاكال يُصبح القوة الوحيدة الحقيقية في الكنيسة رغم منصبه الشاب نسبيًا.
ومع وجود الكاردينال أمبروز بجانبه، لم يكن هناك من يستطيع مجابهته.
لقد كان الوريث الحالي لكنيسة أوراكلوس والسامي الحقيقي.
وفي الوقت المناسب، سيستيقظ.
وعندها، ستنهض كنيسة أوراكلوس حقًا بين الكنائس السبع.
***
تو توك—
"استيقظ."
استيقظت في الصباح الباكر على صوت طرق على الباب. عرفت الصوت على الفور وألقيت نفسي على السرير.
كنت قد نمت متأخرًا البارحة. كنت بحاجة للمزيد من النوم.
وكان من المفترض أن يكون اليوم عطلة. وكأنني سأستيقظ بهذه الباكرة.
تو، توك—
"استيقظ."
"انقلع."
"...حسنًا."
"...."
"...."
"انتظر، حقًا؟"
جلست ونظرت نحو الباب.
هل انقلع فعلًا؟
بدافع الفضول، خرجت من السرير واتجهت نحو الباب وفتحته.
وها هو...
"ظننت أنك قلت حسنًا."
"...وظننت أنك أردت أن تنام أكثر."
"همم."
خفضت رأسي وضممت شفتيّ.
'هذا ينفع؟'
"غيّر ملابسك. الفيكونت أعدّ الإفطار بالفعل."
"...حسنًا."
فركت بطني. أعتقد أنني كنت جائعًا قليلًا.
استدرت لأخذ ملابسي حين سمعت صوت الباب المجاور لي يُفتح.
أطللت بنظري، وفوجئت برؤية كيرا تخرج.
بالتفكير في نوبتها السابقة، لم أعتقد أنها ستخرج بهذه الطريقة. ومع ذلك، كنت على وشك تحيتها حين وجدت نفسي أتوقف.
ذلك...
جسدي تجمّد تقريبًا في مكانه.
"صباح الخير."
وكأنها أحست بنظراتنا، استدارت كيرا ولوّحت لنا بيدها.
"صباح..."
"أم، أوه... صباح الخير."
"هل قلت إن الإفطار جاهز؟"
"نعم، والدكِ أعدّه للتو."
"أوه، رائع."
بدأت كيرا تفرك بطنها.
"لم أتناول الكثير بالأمس. سأذهب الآن لأتناول شيئًا."
"عليكِ بذلك."
تحدث ليون معها بابتسامة.
في النهاية، اعتذرت كيرا وغادرت. وبعد مغادرتها، التفت ليون إليّ.
"يبدو أنها أفضل بكثير من البارحة. أعتقد أنها بدأت تستوعب الموقف أخيرًا."
"آه، نعم."
أومأت برأسي، رغم أنني كنت شاردًا.
رغم أنني لم أفهم كيف لم يلاحظ ليون الأمر، إلا أنه كان واضحًا لي كوضوح الشمس.
ذلك...
'تلك ليست كيرا.'
بل شخص آخر تمامًا.
شخص رأيته عدة مرات من قبل.
'...تلك خالتها.'
متى...