"آه."
بعد الموجة الأولى من الارتباك، اتسعت عيناي من الصدمة بينما بدأت تتكشف أمامي الحقيقة بسرعة.
هذا...
التفت نحو القديسة، ولم أكن أعلم كيف يجب أن أتصرف. أخيرًا فهمت لماذا كان الجميع يحدق بها.
لم يكن بسبب مظهرها فقط، بل بسبب مكانتها أيضًا.
في اللحظة التي كشف فيها أمل عن لقبها، اتضحت الصورة بالكامل—عرفت بالضبط من تكون.
"لكن، لماذا هي هنا؟"
كان هيكل العالم منظمًا على النحو التالي: أربع إمبراطوريات، سبع كنائس، والمائدة المستديرة.
كانت هذه أقوى الكيانات والمنظمات "المعروفة"، باستثناء الكاشا.
المائدة المستديرة، رغم أنها شبه مستقلة عن الكنائس السبع، كانت تُعد القاعدة الأساسية للفرسان المقدسين، وتعمل كجيش "مقدس" مستقل مكرس لدعم الكنائس السبع.
وكانت المائدة المستديرة مقسمة إلى عدة أقسام فرعية، ويتولى أعلى أعضاء كل قسم فرعي مقعدًا في المائدة المستديرة.
...وكانت المسؤولة عن المائدة المستديرة ليست سوى القديسة.
عادةً ما تكون غير مهتمة بالشؤون الخارجية، ونادرًا ما تظهر للعلن. ومع ذلك، بدا أن الأمور مختلفة اليوم.
كانت تتحرك بخطوات محسوبة، وكل الأنظار موجهة نحوها.
كانت هالتها تنضح بسحر وهدوء، ومع ذلك كانت تحمل ضغطًا لا يُنكر—هالة من التوتر والسلطة الصامتة التي تضغط على من حولها.
"ه-هل ينبغي لنا أن نحييها؟"
"...لا أعتقد أن هذا سيكون أمرًا جيدًا."
"ماذا نفعل إذًا؟"
الهمسات والتمتمات لم تتوقف بينما استمرت كل الأنظار تلاحق القديسة.
"هذا جنون."
وأنا أيضًا لم أتمكن من إزاحة نظري عنها، فأخذت نفسًا قصيرًا ضحلًا لأهدئ نفسي.
وجودها لا يُنذر بخير.
على الأقل، بالنسبة لي.
فمع كون المائدة المستديرة الدعامة الثابتة للكنائس السبع، لم يتطلب الأمر سوى لحظة من التفكير لأدرك سبب وجودها.
"لقد جاءت لتجد طريقة لحل الوضع المتعلق بكنيسة أوراكليوس."
انقبض قلبي عند هذه الفكرة.
كان ذلك آخر شيء أريده أن يحدث. كنت أحاول جاهدًا خلال الأيام الماضية إيجاد طريقة للتأكد من أنهم لن يتمكنوا من الخروج، ومع ذلك، أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا.
"أيها الحضور."
كنت غارقًا في أفكاري، ولم أعد إلى الواقع إلا بسبب صوت رنان عذب شق أرجاء القاعة، كل كلمة منه كانت واضحة ومنسجمة، أشبه بنغمة من آلة موسيقية مضبوطة بدقة.
رفعت رأسي، وركّزت نظري على القديسة، وقد زينت الابتسامة ملامحها برقة.
"...رجاءً، لا تأبهوا لوجودي. أنا هنا كمراقبة فقط، لأشهد مجريات الكونغرس وأوضح بعض سوء الفهم. تابعوا نحو القاعة الرئيسية كالمعتاد، وتصرفوا وكأنني غير موجودة."
كان صوتها ساحرًا، يكاد يكون مغناطيسيًا، وقد أومأ بعض الحاضرين برؤوسهم استجابة له.
قلة فقط عقدت حواجبها، شاعرة بأثر طفيف للطاقة السحرية منسوجة في صوتها، مما دفع البعض لاتباع كلماتها دون تردد.
لم تكن تحاول إخفاء ذلك حتى وهي تبتسم.
'هل تعمدت فعل ذلك، أم...؟'
لحست شفتي ونظرت إليها وهي تنحني برأسها قليلًا قبل أن تتوجه نحو الجزء الداخلي من القصر، حيث يُعقد الكونغرس.
'...إنها خطيرة.'
ما مدى قوتها بالضبط؟
فقط بعد أن اختفى ظهرها تمامًا، عاد الضجيج إلى القاعة، وانفجر دفعة واحدة.
"هل رأيت ذلك؟"
"القديسة هنا...!? هذا أمر جلل!"
"بسرعة! اتصل بالنقابة، أخبرهم أن يحضروا أغلى قطعة لدينا في المخزن! علينا إيجاد طريقة لنكسب رضاها!"
"تلك هي القديسة!"
تحولت القاعة إلى فوضى. انفجر الهلع بينما بدأت القوى الكبرى بالاتصال بأملاكها ونقاباتها، وكل منهم يسعى يائسًا لكسب رضاها.
وفي الوقت ذاته، كان الصحفيون في حالة جنون، يكتبون بجنون في دفاترهم ليخرجوا بالأخبار بأسرع ما يمكن.
بشكل عام، كان الوضع فوضويًا.
'هل يجب أن أحاول أيضًا كسب ودها؟'
مرت الفكرة ببالي لوهلة، لكنني هززت رأسي. بدا الأمر مزعجًا جدًا، وبالنظر إلى وضع منزلنا الحالي، لم أظن أنها ستكون مهتمة.
أمامها، كان منزل إيفينوس لا يساوي شيئًا.
ولم أكن مهتمًا كثيرًا بالتعرف عليها. لم أكن أملك انطباعًا جيدًا عن أولئك المجانين من الكنائس السبع.
"حسنًا..."
توجهت ببطء نحو أمل المذهول وصفقت بأصابعي أمام وجهه.
*طعج!*
"آه!؟"
استفاق من شروده، واهتزت عيناه وهو ينظر إلي. كان يحاول التحدث، وفمه يفتح ويغلق دون صوت.
لوّحت له بيدي.
"فقط اذهب."
كان هذا خبرًا عظيمًا لأي قوة كبرى. فهمت سبب ارتباكه الشديد.
"نعم!"
لم يتردد لحظة في الانصراف، واستدار واندفع نحو الأجزاء الداخلية من القصر.
راقبت ظهره وهززت رأسي.
'ذلك الوجه الذي أظهره... كان غبيًا حقًا.'
يا لها من جينات مرعبة.
"هاه."
تنهدت، وانخفضت كتفايا، وبدأت السير ببطء نحو القاعة الداخلية. ما كان ينبغي أن يكون طريقًا بسيطًا تحول إلى درب مزعج بينما بدأ الجميع في التحرك بالاتجاه نفسه، ويعيقون طريقي باستمرار.
وبحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى منطقة الكونغرس، كانت معظم المقاعد قد امتلأت.
"انتظر، هذا مكاني..."
حتى أنني رأيت أن المكان الذي كان من المفترض أن يكون لي قد تم الاستيلاء عليه، وكان ليون ينظر حوله، كما لو كان يحاول العثور علي.
فكرت في مناداته، لكنني توقفت.
'في الواقع، ربما هذا للأفضل.'
نظرًا لما على وشك أن يُعلَن، ظننت أن هذا قد يكون الحل الأمثل. في الواقع، كان هذا مثاليًا.
بهذه الطريقة، يمكنني الهرب إذا ما تحول ليون إلى طاغية وحاول إعدامي.
'نعم، نعم، هذا مناسب.'
نظرت حولي وتوجهت نحو الزاوية الخلفية حيث توجد عدة مقاعد فارغة.
جلست على أحد الكراسي العشوائية، وعدلت ملابسي، واتخذت وضعية منحنية، محاولًا الاندماج والتخفي قدر الإمكان.
كل ما كنت بحاجة إليه هو التأكد من قدرتي على الهرب فور تحوّل ليون إلى طاغية.
ومع اكتمال كل التحضيرات، جلست أنتظر بدء الكونغرس المنتظر، وفجأة، شعرت بلمسة خفيفة على كتفي.
"عذرًا؟"
عندما رفعت رأسي، كانت تقف أمامي فتاة عادية ذات شعر بني ناعم وعينين زرقاوين، تزين أنفها النمش. كان صوتها هادئًا، وبدت خجولة وهي تنظر إلي.
كانت ترتدي زيًا بسيطًا، وعندما انحنت قليلًا، ظهر لي بطاقة تعريفها.
\[جوانا سميث - صحفية]
صحفية؟
تحركت قليلًا إلى الوراء وسمحت لها بالمرور.
"شكرًا لك."
جلست بجانبي، وشكرتني. وبعد لحظات، أخرجت دفتر ملاحظات وبدأت في تدوين بعض الملاحظات.
ظننت أنها ستتركني بعد ذلك، ولكن...
"ما هو رأيك الحالي في وجود القديسة هنا؟"
"هم؟"
نظرت إليها، ولم تكن تنظر إلي حتى وهي تكتب بثبات في دفترها.
أملت رأسي في حيرة.
"هل تسألينني أنا؟"
"...آه، نعم."
أخيرًا نظرت إلي وابتسمت.
"أنت شخصية مشهورة إلى حد ما. هل لديك رأي بشأن وجودها هنا؟"
"هذا..."
ما هذا اللقاء العشوائي الغريب؟
رغم ارتباكي، أجبت.
"إنه... ليس بالأمر غير المتوقع."
"أوه؟"
ازداد صوت الكتابة.
"هل تقصد أنك كنت على علم بأنها ستأتي؟"
"لا، لم أكن أعلم."
"إذًا...؟"
"بالنظر إلى ما حدث قبل أيام مع كنيسة أوراكليوس، لا يتطلب الأمر عبقريًا ليدرك أن شخصًا من المائدة المستديرة سيأتي لمساعدتهم على الخروج من المأزق."
"هاها، حين تضعها بهذه الطريقة، تبدو واضحة جدًا بالفعل."
ضحكت الصحفية، ثم وضعت قلمها أخيرًا ونظرت إلي. بملامح ماكرة، نظرت نحو القديسة الجالسة في الصف الأمامي.
"إنها جميلة جدًا، أليس كذلك؟"
"أعتقد ذلك...؟"
سيكون كذبًا إن قلت غير ذلك. ومع ذلك، لم أشعر بأي انجذاب وأنا أحدق بها. بدت أشبه بلوحة فنية جيدة للمشاهدة. لا شيء يثير المشاعر.
"من ما سمعته، لديها العديد من الخُطّاب. ألا تود أنت أيضًا الارتباط بها؟"
"هاه؟"
نظرت إلى الصحفية بجانبي بنظرة غريبة.
"لماذا قد أرغب بذلك؟"
"...ألست كذلك؟"
ظهر الذهول على وجهها بينما كنت أنظر إليها باستغراب. يبدو أنها لم تتوقع أن أجيب بهذه الطريقة، لكنني لم أكن أكذب.
"أنا لا أعرفها حتى. ما الذي قد يجعلني أنجذب إليها؟"
"جمالها؟"
"لست بهذه السطحية."
"...همم."
نظرة الصحفية كانت تخترقني. لماذا كانت تحدق بي هكذا؟ أليس ما قلته من البديهيات؟
"وماذا لو طلبت منك الزواج—"
"ماذا؟"
قاطعتها وعبست.
"ما هذا الهراء الذي تتفوهين به؟ لا، لحظة، لماذا أنت—"
"شكرًا لكم جميعًا على حضوركم. إن أمكنكم الجلوس، فسأكون ممتنًا جدًا."
قاطعني صوت هادئ، وعندما نظرت إلى الأمام، رأيت إمبراطور الإمبراطورية الخضراء. كان حضوره مهيبًا، وتصرفاته نبيلة. وقف هناك مبتسمًا، بينما تحولت كل الأنظار نحوه.
لأول مرة منذ مدة، لم تكن الأنظار موجهة نحو القديسة.
"أفهم سبب حماس معظمكم."
توجه الإمبراطور ببطء نحو الشخص المعني.
"وأنا أيضًا أتشرف بوجود ضيوف بهذا القدر من الأهمية،" قال بصوت سلس وواثق. "لكن هناك أمور أكثر إلحاحًا علينا مناقشتها."
تغيرت هالته بالكامل، وأصبحت أكثر وقارًا وهيبة.
رأيت في تلك اللحظة أنه لن يضيع الوقت في المجاملات، وانقبض قلبي.
'أطلها. أطل الحديث اللعين!'
"بينما غطت إمبراطوريتا أثيريا ونورس أنسيفا معظم المواضيع المهمة، ولم تترك لي الكثير لأقوله، إلا أن هناك شيئًا في غاية الأهمية يجب أن أتحدث عنه."
تجول نظر الإمبراطور على جميع المقاعد، قبل أن تستقر على شخص معين، بدا عليه الحيرة.
"...اليوم، سأتحدث عن ابني الثاني. الوريث الذي فقدته منذ سنوات عديدة."
توقف للحظة، ليترك التوتر يتصاعد بينما بدأت تعابير الكثيرين تتغير.
"لقد... وجدته أخيرًا."