"ما الذي يحدث بحق الجحيم!؟"

كان أنس على وشك الاندفاع نحو حافة رصيف الميناء عندما أوقفه لازاروس، وكان وجهه لا يزال هادئًا.

"... لا تتسرع."

فتح أنس فمه، لكنه سرعان ما تراجع. كان التاجر محقًا. لم يكن هناك داعٍ لأن يتصرف بتسرع. الوضع كان غير طبيعي للغاية، والتسرع لن يؤدي إلا إلى المزيد من الأذى.

"فهمت."

جلس أنس على المقعد، ولا تزال عيناه تراقبان المكان الذي كان يقف فيه الشكل قبل لحظات.

*بَلاش!*

اصطدمت الأمواج بحافة الحاجز البحري، وتناثرت المياه في كل مكان بصوت مدوٍ.

لم يكن أمام أنس سوى الانتظار في صمت بينما لازاروس ثبت نظره على البقعة التي قفز فيها الشكل. كان أنس فضوليًا لمعرفة ما الذي كان يحاول فعله، لكنه قرر أن يظل صامتًا بينما خفض لازاروس رأسه قليلاً.

توهجت عيناه وهو يرى الخطوط الباهتة لشكل يتحرك أسفل الماء، ينتظر... ينتظر شيئًا ما.

ابتسم لازاروس برفق عند رؤيته.

"إذاً، هو ينتظر."

كان من المؤسف أنه استطاع رؤيته بوضوح من خلال مهارته [استشعار الطاقة السحرية]. لو أن الاثنين قفزا خلفه، لكانا على الأرجح وقعا في فخه.

ظل لازاروس يراقب الظل تحت الماء، منتظرًا.

... منتظرًا أن يبتعد ببطء.

وبالفعل، بعد عشرين دقيقة، رأى أخيرًا حركات قادمة من الشكل وهو يغطس عميقًا في الماء، غارقًا في أعماقه.

"حسنًا، يمكننا التحرك الآن."

وقف لازاروس من مقعده، مما أفزع أنس الذي كان ينتظر طوال ذلك الوقت.

"إلى أين نحن ذاهبون؟"

"إلى أين...؟"

ضحك لازاروس، وعيناه مثبتتان على المياه البعيدة.

"إلى الماء، بالطبع."

"هاه؟"

تجاهل لازاروس تعبير أنس المذهول، وتوجه إلى حافة الحاجز البحري ونظر إلى الأسفل. كان الماء على بعد أمتار قليلة فقط، وكانت الأمواج بدأت بالهيجان.

تناثرت المياه على وجهه، والرائحة المعدنية عالقة في أنفه وهو يغلق عينيه ويأخذ نفسًا عميقًا.

ثم—

*بَلاش!*

قفز إلى الماء.

"انتظر!"

ارتد صدى صوت أنس خلفه، لكنه كان قد تأخر بالفعل، إذ ابتلعته المياه بسرعة، محيطة بجسده من كل الاتجاهات.

ساقطًا في المياه القرمزية، بدا جسده بلا وزن ومعلقًا. كما لو كان في رحم أمه مجددًا، لكن بدلًا من الدفء، شعر بالبرد فقط. فتح لازاروس عينيه، وما رآه كان مقلقًا للغاية.

بحر لا نهائي من اللون الأحمر أحاط به، لون خانق يضغط عليه من كل اتجاه. كلما نظر أعمق، أصبح اللون أغمق، كما لو أن المحيط ذاته مكون من الدم.

كان العالم من حوله ساكنًا، والصمت أضاف إلى الإحساس بالخنق.

لكن الصمت تحطم بسرعة بسبب صوت تَرشّق الماء بينما التفت لازاروس برأسه ليرى أنس يظهر بجانبه.

كانت عيناه مغمضتين، وأصابعه تضغط على أنفه.

حدّق لازاروس في المنظر وابتسم.

"على الرغم من أنه دائمًا ما يعارضني أو يريد إشراك المعبد، إلا أنه لا يزال يتبعني."

كان لازاروس سعيدًا. في النهاية، لم تخدعه عينه.

لقد وجد لنفسه مساعدًا مثاليًا بالفعل.

"لو لا هوسه الغريب بالسيدة السامية، لكان مثاليًا."

انتظر لازاروس حتى فتح أنأس عينيه قبل أن يشير للأسفل.

كانت إشارته بسيطة، وفهم أنس على الفور ما كان يقصده.

"نحن سننزل."

هزّ أنأس رأسه، لكن لازاروس تجاهله وحرّك ذراعيه في الماء، دافعًا نفسه نحو الأسفل.

على أية حال، كان سيتبعه...

وبالفعل، تبعه أنس.

غاص لازاروس نحو الأعماق، وعيناه لا تزالان مركزتين على الظل الباهت في المسافة وهو يغوص أعمق وأعمق في أعماق البحر القرمزي.

"آمل ألا يستمر هذا طويلًا. لا أعلم كم سأتمكن من حبس أنفاسي."

لا تزال بعض المخاوف تراوده وهو يغطس في الماء. مصدر قلقه الرئيسي كان عدم قدرته على التنفس. لو كان مستخدمًا لفئة [الجسد]، لكان بإمكانه حبس أنفاسه لفترة أطول، لكنه كمستخدم لفئتي [العقل] و[العناصر]، لم يكن جسده قويًا جدًا.

ولكن رغم ذلك، لا يزال جسده أقوى بكثير من جسد الإنسان العادي.

لو اضطر لتقدير قدرته، فربما يتمكن من حبس أنفاسه لعشر أو عشرين دقيقة.

"آخذًا بعين الاعتبار الوقت اللازم للعودة إلى السطح، سأحتاج إلى ترك وقت كافٍ للعودة قبل نفاد الأكسجين."

حسب لازاروس وضعه بسرعة قبل أن يغطس أعمق في أعماق البحر، والظلام حوله يزداد كثافة بينما يلتصق البرد بجلده من كل جانب، كما لو أن آلاف الأصابع النحيفة الباردة تمرّ عليه.

كلما غاص أعمق، زاد الضغط، وبدأ صدره يشعر بالضيق، وكأن الماء نفسه يحاول سحق الهواء من رئتيه.

بين الحين والآخر، كان يلتفت ليرى حال أنس.

حتى الآن، بدا بخير. بل بدا أنه في حالٍ أفضل منه.

أومأ لازاروس، وواصل الغوص نحو الأعماق، بينما بدأ الصمت من حوله يشعره أكثر بالخنق.

ظل يتبع الظل، وعيناه لم تغادراه.

ولكن بمجرد أن تحرك أعمق، تحرك رأسه فجأة للأمام. شعر بشيء غريب، وعندما نظر أمامه، ضاق بصره.

فعّل [استشعار الطاقة السحرية] مجددًا، محاولًا أن يستشعر شيئًا، لكن...

"لا شيء؟"

صمت.

كان العالم من حوله صامتًا.

نظر للأسفل ليرى الظل يبتعد أكثر، فواصل الغوص مجددًا.

ولكن بمجرد أن تحرك للأسفل، صرخت حواسه فجأة بينما ظلٌ ضخم يلوح أمامه، يغطي كامل مجال رؤيته.

"....!"

اهتزت عيناه وهو يرى الظل الهائل، يعلو فوق كل ما يمكن لعينيه تغطيته، حتى ظهرت ومضة ضوء شاحبة فجأة.

فقط عندما ظهرت ومضة الضوء، شعر لازاروس بوجود المخلوق، ظله يغطي كل رؤيته، وكان بحجم معبد السيدة السامية تقريبًا.

حبس لازاروس أنفاسه، ونظر إلى أنس، الذي كان يحدق في المخلوق برعب، وجسده كله يرتعش.

تحرك الظل أقرب، كاشفًا عما كان مجرد محيط غامض في السابق. جلده داكن، وعظام حادة تبرز من جسده، وعيناه البيضاء غير المركزة كانت تتلاشى وتظهر، مما زاد من رعب مظهره.

ومض الضوء الشاحب مجددًا، ولثانية واحدة، رأى لازاروس فم المخلوق. كانت أسنانه ضخمة، حادة، ورفيعة. كل واحدة منها تعادل خمسة أضعاف حجمه، تلمع كفخّ ينتظر الانقضاض.

وفي لحظات، كان الفك بالفعل فوقه.

لم يفكر لازاروس كثيرًا.

مدّ يده للإمساك بأنأس وخطا خطوة للأمام، مفعلًا [خطوة الكبت].

*سففف!*

انخفض جسده بسرعة، وتكوّنت فقاعات بينما اشتد الضغط من حوله.

شعر بأنس يحاول المقاومة بينما يُسحب للأسفل، لكنه لم يهتم كثيرًا بما يشعر به حاليًا. نظر للأعلى، ورأى الضوء الشاحب يومض مجددًا، متجهًا نحوه.

ذلك المخلوق...

لا يزال يتبعه.

توتر جسد لازاروس بأكمله، بينما الظلام يبتلعه من كل اتجاه وهو يهبط أعمق وأعمق في العتمة.

كلما غاص، زاد الضغط.

بدأ صدره يؤلمه. الزيادة المفاجئة في الضغط كانت تؤثر على جسده، لكنه لم يكن يملك خيارًا آخر.

"قليلٌ فقط، قليلٌ بعد...!"

*طمب!*

شعر بشيء يلمس قدميه.

"وصلت إلى القاع؟"

لم يفكر لازاروس كثيرًا، وفعل [ندبة الأكاذيب]، مموهًا نفسه وأنس تمامًا مع الظلام من حولهم.

في الوقت ذاته، ظل يركز نظره على المخلوق الهائل في الأعلى، بينما اختفى الضوء وتسلل الظلام من جديد.

وفي تلك اللحظة، فقد رؤيته تمامًا.

حتى مع [استشعار الطاقة السحرية].

حبس لازاروس أنفاسه بينما انحنى محاولًا الاختباء بأفضل ما لديه بين الصخور المحيطة. كانت ناعمة الملمس، لكنه لم يُفكّر في ذلك كثيرًا. فعل ما بوسعه لإخفاء وجودهم بينما بدأ جسده يرتجف من البرد.

لم يكن يعلم كم من الوقت مضى، لكنه بدأ يشعر بأنه يوشك على نفاد الأكسجين.

كان على وشك أن يصعد قبل أن يفوت الأوان.

لكن... هل يمكنه الصعود فعلًا؟

نظر إلى الظلام من حوله، ونفسه متوتر بينما الصمت من حوله يشعره بالاختناق. بدا كما لو أنهما وحدهما، لكن لازاروس كان يعلم أن هناك كيانًا ثالثًا...

كان يختبئ في مكان ما.

يبحث عنهما.

وبالفعل...

فليك!

ظهر ضوء شاحب، على بعد أمتار قليلة فقط منهما، مما جعل جسد لازاروس كله يرتعش وهو يرى جسد الكائن الهائل يمر بجانبه.

تجمد أنس كليًا بجانبه، ونَفَسه توقف على ما يبدو، بينما الاثنان وقفا في صمت تام يشاهدان الكتلة تمر في الماء.

وقف لازاروس بحذر، محاولًا قدر المستطاع تقليل وجودهما.

كان مركزًا لدرجة أنه كاد يقفز عندما شعر بسحب خفيف من أنس. عبس لازاروس، وأدار رأسه نحوه ليطلب منه التوقف.

لكن، في تلك اللحظة التي استدار فيها، رأى تعبير الصدمة على وجهه.

"هم؟"

أمال لازاروس رأسه، وبينما بدأ يتساءل عما يحدث معه، رأى أنس يشير للأسفل.

"للأسفل؟"

تبع لازاروس إشارات أنس، وسرعان ما تغيرت تعابير وجهه.

لأن الظلام حالك من قبل، لم يستطع رؤيتها بوضوح، لكن مع الضوء الخافت القادم من المخلوق الهائل، أخيرًا لاحظ محيطه.

الصخور... نظر إليها عن كثب. كانت ناعمة، مستديرة، ومحددة جيدًا بينما تمتد حوله.

واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة... عدّ خمس صخور كهذه.

نظر لازاروس عن كثب، وبدأت عيناه تتسع.

أصابع؟

ببطء، خفض لازاروس رأسه، وضيق في صدره يشتد.

حينها رآها.

الهيكل الضخم لتمثال يبدو أنه ضعف حجم ذلك المخلوق الغريب، شكله الهائل نصفه مدفون في قاع البحر، بينما هما واقفان فوق راحة يده المفتوحة.

"...هـ-هاه."

(مترجم: كأنني رجعت الى أجواء البحر المنسي في هدا الفصل)

2025/05/16 · 42 مشاهدة · 1298 كلمة
mhm OT
نادي الروايات - 2025