"....!"

تألقت زوج من العيون البيضاء وسط الظلام.

بينما كان المرجان المغروز في أعناقهم ينبض بتوهج أحمر خافت، بدأت العيون البيضاء تتضح، جزء من ظل مشوّه يتدلّى من السقف. شخص، جسده مشوّه ومُلتف، كان ملتصقًا بسقف الممر، أطرافه منثنية بزاويا غير طبيعية.

'تبًّا!'

كان أنس أول من تحرك، إذ تراجع بسرعة، دافعًا ظهره نحو مدخل المعبد.

تحرك بسرعة مذهلة، قاطعًا عدة أمتار في لحظة.

'انتظر، لا داعي للذعر بعد.'

جاء صوت لازاروس ليُخرج أنس من حالة الهلع. عندها فقط توقف، وأدرك أن الجسد لا يتحرك.

'هاه…؟'

'تعال وألقِ نظرة عن قرب.'

أشار لازاروس إلى الجسد في الأعلى.

'الجسد ليس من أولئك المجوفون. لا، ربما هو كذلك… لكنه يبدو وكأنه خاض معركة من قبل، وكانت النتيجة أنه ارتطم بسقف النفق.'

'أوه، أنت محق.'

شعر أنس ببعض الإحراج عندما رأى أن هذا هو الحال فعلًا.

لقد كان متوترًا للغاية بعد اكتشاف المجوفون، حتى أنه أصيب بالذعر فور رؤيته لتلك العيون البيضاء.

ومع استعادة صفاء ذهنه، بدأ يُحلل الموقف بدقة، وسرعان ما خطرت بباله فكرة.

'هل تعتقد أن من فعل هذا هما القائدان؟'

'نعم، على الأرجح.'

أجاب لازاروس بهدوء.

من خلال ملاحظة مدى انحياز المعركة، كان هذا هو الاستنتاج المعقول الوحيد. فقط هما من يمكنهما فعل شيء كهذا، وبالنظر إلى مدى حداثة الجروح، يمكنه أن يُخمّن أن القتال وقع منذ وقت قريب جدًا.

الشيء الوحيد الذي حيّره هو وجود المجوفون عند المدخل، غير بعيد عنهم.

هل القائدان لم يقاتلا هؤلاء؟

تقطّبت حاجباه وهو يحاول تحليل الوضع.

ولكن، في تلك اللحظة، اهتزّ المبنى بأكمله.

رررمبل! رررمبل!

'هاه؟ ما الذي يحدث؟'

نظر أنس ولازاروس حولهما، وتغيرت تعابيرهما عندما شعرا بالاهتزاز العنيف القادم من أعماق المعبد.

تبع ذلك شعور بعدة هالات مهيبة وهي تتصاعد، في حين بدأت الأرض تحتهم بالتشقق.

أصبح الموقف واضحًا بسرعة.

'يبدو أن هناك قتالًا في الأسفل. هل اكتشف القائدان المسؤولين عن كل هذا؟'

بينما تساءل أنس، لم يُجب لازاروس، بل أبقى عينيه مركّزتين إلى الأسفل. ولوّح بيده، مُرسلًا عدة تماثيل لتندفع للأمام، ومعها ظهر الرواق المألوف أمامه.

ومن خلال ذلك الرواق، لمح عددًا من المجوفون يتسلّلون إلى حجرة خلف تمثال السامية.

كانوا...

ينسحبون؟

'لنذهب.'

شارك رؤيته مع أنس واندفع خلف المجوفون، يتبعهم عن قرب.

رررمبل!

استمر الاهتزاز، متزايدًا في الشدة، حتى بدأت أسس الهرم بأكملها تهتز.

إن استمر الأمر على هذا النحو، فلن يمر وقت طويل قبل أن ينهار الهرم بالكامل.

لم يكن لديهما متسع من الوقت.

سرّع لازاروس حركته، وتبعه أنس عن قرب.

تجاوز الاثنان التمثال ودخلا الحجرة، حيث ظهرت أمامهما درج طويل ينزل إلى الأعماق. لوّح لازاروس بيده، واندفعت التماثيل المتبقية معه نحو الأسفل، لتكون أعينًا إضافية لهما.

رررمبل!

كلما نزلوا أعمق، ازداد الاهتزاز حدة، يتردد صداه في جدران الحجر من حولهم.

كان الصمت من حولهم يتخلله صوت الارتجاج، بينما كانوا يتحركون بحذر، تاركين التماثيل تتقدم في الطريق.

'هناك!'

عندما لمح شيئًا، تغيرت تعابير أنس قليلاً.

لاحظ لازاروس ذلك أيضًا، فأبطأ خطواته وحدّق أمامه. هناك، عند خط من الضوء الكهرماني الخافت، كانت فتحة تظهر، ومن داخلها، انبعث ضغط رهيب، حيث كانت عدة هالات قوية تتحرك في الظلام.

تبادل الاثنان النظرات، والتوتر يكاد يقطع الهواء بينهما.

'...هل ندخل؟ ربما يمكنك فعل شيء، لكن في حالتي الحالية، قد أكون عبئًا فقط.'

'لا بأس.'

ضيّق لازاروس عينيه وهو يحدّق في الفتحة.

فكّر في الانسحاب وترك الأمر للقائدين. علاوة على ذلك، كان يعلم أن هذا الصخب سيجذب انتباه من في أعماق المعبد.

لكنه في نفس الوقت، شعر أن هناك احتمالًا كبيرًا بأن تكون هذه فخًا.

الدليل كان واضحًا.

فجأة، ومن العدم، أحد ضحايا الكائنات الطائرة الغامضة يأتي إليهم ويقفز في الماء؟

بالتأكيد، هناك احتمال أن يكون ذلك مجرد صدفة بشعة.

لكن لازاروس لم يظن ذلك.

وشعر أن القائدين كذلك.

ما كان يسبّب كل هذا كان يُحاول جذبهم إلى أعماق المعبد لغاية ما. في هذه المرحلة، لم يكن أمامهم خيار سوى الدخول ومعرفة الوضع.

لوّح بيده، وفعل [مرثية الأكاذيب].

اندمجت أجسادهما مع محيطهما، وبدأ الاثنان في التقدّم. كان هناك سبب إضافي لضرورة تقدمه، وهو الكائن الطفيلي المرتبط به.

كان لازاروس يشعر بثقة أكبر في التعامل مع أي وضع طالما أن الكائن الطفيلي متصل به.

كلما استخدم القوة التي يقدّمها، كلما اتسعت أمامه الإمكانيات. بدأ حتى يشعر بتحسّن في سيطرته على السحر العاطفي. بدأ يفهم أمورًا لم يكن يفهمها سابقًا.

هذا ما كان يبحث عنه طوال الوقت.

كان يريد أن يغرق في هذا الإحساس أكثر.

رررمبل!

بينما اهتزّت الأرض من جديد، تقدّم لازاروس وأنس نحو الضوء، خطواتهم خفيفة قدر الإمكان.

وعندما عبرا الضوء الكهرماني، انكشفت أمامهم كهفٌ واسع يمتد أمام ناظريهم. في نهايته، كان مذبح ضخم يتدلّى فوق هوة من الضوء الأسود الحالك. جذبت أنظار لازاروس نحوه، كما لو أن المذبح نفسه كان يُناديه، يحاول سحبه نحوه.

مدّ يده إلى الأمام، كما لو أنه كان يحاول الإمساك به.

لكن حينها—

[استفق!]

صوت الكائن الطفيلي أعاده إلى وعيه، وبدأ العرق البارد يتصبب على جانب وجهه.

نظر لازاروس سريعًا نحو أنس، لكنه صُدم لرؤيته على ما يرام.

'هاه؟ لماذا…؟'

حاول لازاروس السؤال، لكن عينيه عادت لتتجه نحو المذبح من جديد.

وهناك، لمح عدة عشرات من الأشكال تحيط بالمذبح. كانوا يرتدون عباءات سوداء، تُخفي أجسادهم، لكن لم يمكنهم إخفاء أذرعهم النحيلة وعرقهم الأسود الذي يتسلل تحت الجلد.

غير بعيد، لمح الاثنان القائدين، منشغلين في معركة شرسة مع تلك الجماعات المقنّعة.

بانغ! بانغ!

اهتزّ المكان، والمياه تموّجت من شدة القتال.

كان اشتباكًا عنيفًا، يهدد بانهيار كل شيء في أي لحظة.

'هذا سيئ...'

وصل أنس إلى نفس الاستنتاج الذي وصله لازاروس.

بنظرة واحدة، أمكنهم رؤية أن القائدين في وضع سيء. وهذا وحده كان صادمًا، عند الأخذ في الاعتبار مكانتهم كحُكّام البحر.

أن يتم دفعهما إلى هذا الحد...

هذا يعني أنهم يواجهون خصومًا أقوياء بحق.

ضيّق لازاروس عينيه وهو ينظر حوله.

كان يحاول اكتشاف إن كان هناك قائد لهم، لكن رغم نظراته، لم يرَ أحدًا يبرز من بين الصفوف. زاد من تركيزه.

'هل القائد يخوض قتالًا بالفعل مع الساميين؟ أم أنه ليس هنا بعد...؟'

جعل هذا التفكير قلبه يخفق بقوة.

لم يستطع تخيّل مدى قوة القائد إن كان موجودًا.

'ماذا الآن...؟'

سأل أنس، وعيناه تمسحان الغرفة الواسعة. فتح فمه ليتحدث...

...لكنه توقف حين لاحظ تغير تعابير لازاروس. ارتسمت ابتسامة خافتة على شفتيه، وعيناه مركّزتان على القائدين المنخرطين في المعركة.

'ماذا غير ذلك؟'

بدأ جسده يطفو بهدوء، وهو يدير نفسه باتجاه القتال.

حكّ مؤخرة عنقه بينما أغلق عينيه ببطء، معززًا اتصاله بالكائن الطفيلي.

ثم...

بخطوة واحدة، اختفى من مكانه، تاركًا أنس مذهولًا.

'...تبًّا.'

***

بانغ!

أطلقت آن أنّة خافتة وهي تتلقّى ضربة قوية على يدها، مما دفعها للتزحلق فوق سطح الماء.

"كيف بحق الجحيم هذه الأشياء قوية بهذا الشكل!؟"

تأوهت آن وهي ترى عدة ظلال تحيط بها، تهاجمها من كل الاتجاهات. حدّق بصرها بحدة وهي تتابع تحركاتهم فوق الماء، ونجحت بالكاد في تفادي الهجمات.

"تبًّا!"

المشكلة لم تكن في التجنب.

المشكلة أنهم لا يتوقفون عن الهجوم!

عندما تفشل ضربة، يهاجمون مرة أخرى، وكأنهم يملكون طاقة لا تنتهي. هذا أتعب عقلها، خصوصًا وأن مهارتها تعتمد بشكل كبير على تركيزها الذهني.

سوش!

خفضت رأسها بسرعة لتفادي ضربة أخرى، ثم نظرت خلفها لترى سيلَس يعاني هو الآخر من المجوفون.

بانغ!

ومع ذلك، كان أداؤه أفضل قليلًا منها، بفضل بنيته الجسدية القوية وخفة حركته المدهشة. رغم بنيته العريضة، كان يتحرك داخل الماء بسرعة مفاجئة.

على الأرجح، هو الأسرع بين السبع حُكّام.

لكن حتى هو كان يجد صعوبة ضد المجوفون.

بانغ، بانغ!

"تبًّا! لماذا هؤلاء أقوياء لهذه الدرجة؟ ما الذي يحدث بحق الجحيم؟!"

عند سماع صراخه، نظرت آن حولها، واستقر نظرها على المذبح الكبير في وسط الكهف. لم تكن تعرف بالضبط ما هو، لكنها امتلكت بعض الشكوك.

'من وراء كل هذا لا يوقظ الكائن البدائي من أجل عبادته فقط. لا، هدفهم هو تدمير المدينة بأكملها...'

كانت أولى ظنونها على الأراضي الأخرى.

فهم أول من ستظن أنهم يرغبون في تدمير "فيريث-أنش".

لكنها أدركت سريعًا أن هذا مستبعد. هناك شيء آخر يحدث.

شيء لا تستطيع فهمه، وفقط بينما كانت تتفادى هجومًا آخر، اتسعت حدقتاها عندما سمعت صرخة بجانبها.

"آآآرخ!"

"ماذا!؟"

اتسعت عيناها رعبًا حين رأت يدًا تخترق جسد سيلَس، ليتوقف جسده في منتصف الحركة.

تسرّب الدم في الماء بينما بدا أن العالم قد تجمّد من حولها.

لم تستوعب ما يحدث.

سيلَس…؟ ميت؟ لا… كيف؟ هذا غير منطقي؟ لقد كان قويًا. قويًا جدًا. كيف يُهزم هكذا؟

لم يكن لذلك أي معنى.

ثم...

توجّهت كل الأنظار نحوها تدريجيًا بينما سقط جسد سيلَس إلى قاع البحر.

ثَد!

ضعف جسدها من هول المنظر.

قد تكون قد انتهت...

———

مترجم: لأي أخطاء ضعها في تعليق. ألقاكم في الفصول القادمة.

2025/05/20 · 49 مشاهدة · 1324 كلمة
mhm OT
نادي الروايات - 2025