“هاه…”
تنفست بعمق، أحدّق في العالم الخارجي. كانت الشمس البيضاء الحارقة لا تزال معلّقة في السماء الرمادية، بينما كانت الحرارة الخفيفة، المألوفة في الوقت نفسه، تتوهج من الأعلى.
نظرتُ حولي. نحو المباني المحطمة والجنود الذين ظهروا من حولي.
نظرتُ إلى دروعهم الفضية اللامعة ،صفائحها المصقولة التي تعكس أشعة الشمس البيضاء الساطعة وهم يقفون تحت الحرارة وظهورهم مستقيمة.
كان كل شيء يبدو مألوفًا… وغريبًا في الوقت نفسه.
حدّقت في يديّ، أغلِقهما وأفتحهما مرارًا.
لم يكن هناك أي بطء في حركتي، وشعرت أنني الآن الروح الوحيدة داخل هذا الجسد.
أنا سعيد لأنني لم أفقد ذاكرتي بعد استخدام الدم مجددًا.
لقد كان ذلك أحد أكبر مخاوفي أثناء القيام بكل هذا، لكن في الوقت نفسه كنت مستعدًا لذلك، بينما أدرت رأسي نحو اليمين.
كانت هناك هيئة معينة قد ظهرت إلى جانبي من دون أن أنتبه.
وقف بصمت، وثيابه تتمايل بهدوء تحت نسيم البعد المرآة الحار.
عيناه الرماديتان ثبتتا على الأفق لوهلة، قبل أن يعود بنظره نحوي.
في اللحظة التي فعل فيها ذلك، شعرت وكأن العالم من حولنا توقّف للحظة.
نظرت إليه مباشرة، وتسللت بضع كلمات من فمي دون أن أدرك:
“تبدو مرهقًا.”
وكان حقًا كذلك.
لم تكن الهالات السوداء تحت عينيه فقط بارزة بشكل واضح، بل كان وجهه شاحبًا على نحوٍ غير طبيعي.
بدا وكأنه مرّ بالكثير أثناء غيابي.
“…أنا كذلك.”
أجاب ليون بعد لحظة صمت، وعيناه الرماديتان أصبحتا زجاجيتين قليلًا وهو يوجّه نظره نحو الأفق مجددًا.
“أنا متعب جدًا…” تمتم بصوتٍ خافت، فشعرت بانقباضٍ في صدري.
كنت أعلم أنني أتحمّل جزءًا من مسؤولية تعبه.
لا… بل أنا السبب الرئيسي في هذا الإرهاق.
كنت أدين له بالكثير حقًا.
لم أكن بحاجة إلى قراءة أفكاره لأفهم أنه مرهق إلى أبعد حد.
أنا أيضًا كنت أريد أن أرتاح، لكن لم يكن بوسعي ذلك.
كانت هناك الكثير من الأمور التي يجب أن أنجزها.
“هل… حقًا تنوي الرحيل بهذه السرعة؟” سأل ليون، وكأنه قرأ أفكاري.
كان صوته هادئًا، لكن الإرهاق الذي يملؤه كان أوضح من أي وقت مضى.
أومأت برأسي، واضعًا يدي على كتفه، مستخدمًا سحري العاطفي لتهدئة ذهنه.
كان هذا أقل ما يمكنني فعله له.
“نعم، سأغادر على الأرجح قريبًا. استنادًا إلى ما أخبرتني به، مرّت ثلاث سنوات منذ اختفائي. هذا وقت طويل جدًا. هناك الكثير مما يجب أن أفعله خلال هذه الفترة.”
لقد تغيّر الكثير، حتى أن العالم بدا لي غريبًا…
لا، ليس العالم فقط…
بل جسدي أيضًا.
لا أعرف ما الذي ينبغي أن أفكر به حيال حالة جسدي الحالية!
كنت أشعر بوضوح أنني وصلت إلى مستو الثامن.وأن جوليان تمكن من تحطيم أحد المجالات ودمجه مع العالم الحقيقي.
ومع ذلك، كنت لا أزال أشعر بوجود مجالي العاطفي.
كان لا يزال هناك، وراودني إحساس بأنني أستطيع دمجه هو الآخر مع العالم الحقيقي.
إلى حدٍ ما، بدا الأمر وكأنني على بعد نصف خطوة فقط من مستوى ثامن الكامل.
كان من الممكن أن أُعترف بي رسميًا كساحر من الدرجة الثامنة، ولكن في الوقت نفسه، في الوقت نفسه، لم يكن لدي سيطرة حقيقية على المجال المدموج —
على الأقل، ليست بقدر سيطرتي على مجالي العاطفي.
…أشعر أنني سأحصل على دفعةٍ كبيرة في قوتي إن تمكنت من تطوير مجالي الخاص وتكثيفه.
لم أكن متأكدًا تمامًا من عمري، لكن إن كانت تقديراتي صحيحة، فأنا على الأرجح في 24 او 25 سنة .
كانت وتيرة تقدمي الحالية تتماشى مع وتيرة دليلة.
ومع ذلك، سيستغرق الأمر سنوات قبل أن ألحق بها.
'صحيح، في الوقت الحالي عليّ فقط أن أركّز على تكثيف مجالي الحالي.كل شيء آخر ثانوي.'
كنت قد ابتكرت مفهومًا لمجالي في السابق،لكن مع كل ما حدث، سأضطر للبدء من جديد من الصفر.
كان من المفترض في الأصل أن يكون هذا شيئًا أفعله باستخدام نطاقاتي المندمجة، لكن الأمور أصبحت الآن أكثر صعوبة قليلًا.
“هذا مزعج حقًا!”
ما زال بالإمكان فعله، لكنه أصبح أكثر إزعاجًا فحسب.
كنت أكره الأشياء المزعجة.
حوّلت أفكاري مجددًا نحو ليون، الذي بقي صامتًا منذ آخر مرة تحدثت فيها، وفتحت فمي متحدثًا.
“وماذا عنك؟ هل ستبقى هنا أم ستعود إلى إمبراطوريتك؟ سمعت أن الوضع هناك لم يكن جيدًا. قد يكونـ…"
"يمكنهم الاعتناء بأنفسهم دون أي مشكلة."قاطعني ليون، وكان صوته أشبه بالهمس. بدا أفضل حالًا من ذي قبل وهو يوجه انتباهه نحو الأرض تحته. "في الواقع، يمكنك القول إن وجودي قد يجعل الأمور أكثر صعوبة عليهم."
أوه…
لم أفهم حقًا ما كان يقصده، لكنني تظاهرت بأنني أفهم.
“السبب الرئيسي وراء الفوضى التي تعصف بالإمبراطورية هو وجودي. لقد كان هناك العديد من القتلة الذين حاولوا الوصول إليّ مؤخرًا، لذا لم أفعل سوى جعل الأمور أكثر تعقيدًا لعائلتي. البقاء مختفيًا وهادئًا هو أفضل ما يمكنني فعله الآن بينما أنتظر أميل ليجمع قوته ويستولي على العرش.”
“أوه…”
كنت أفكر في هذا منذ مدة، لكن ليون حقًا لم تكن لديه أي رغبة في السلطة. رغم أن الفرصة المثالية كانت أمامه، لم يفكر ولو للحظة في القتال من أجل العرش.
كنت شبه متأكد أن أميل سيمنحه العرش بنفسه لو أراده.
“يبدو أنه حقًا لا يهتم كثيرًا بالقوة.”
هذا…
كان مناسبًا تمامًا لشخصية ليون.
“إذن، هل ستبقى هنا لمساعدة إيف والآخرين على السيطرةـ"
“لا.”
قاطعني ليون مرة أخرى، محولًا انتباهه نحوي بينما ارتسمت على زاوية شفتيه ابتسامة خفيفة.
“سآتي معك.”
كانت هناك الكثير من الأشياء التي توقعت أن يقولها ليون، لكن هذا لم يكن واحدًا منها.هو يريد أن يأتي معي…؟ بعد كل ما مرّ به ؟
كدت أظنه أحمقًا، لكن مجددًا، عندما فكرت في طبيعة ليون، بدا هذا منطقيًا تمامًا.
لقد كان حقًا أحمق.
ومع ذلك…
لم أستطع إلا أن أبتسم عندما سمعت كلماته.
“أفهم من هذا أنك لم تملّ بعد من كونك فارسي.”
“بلى، لقد مللت.”
اختفت ابتسامتي على الفور.
“أنا متعب فعلًا. أظن أنني أستحق زيادة في الراتب. أعطني زيادة.”
هذا الرجل…
“مستحيل.”
“أيها الوغد الحقير، أعطني زيادتي اللعينة!"
“وَغـ… ماذا؟ ماذا قلت للتو؟ هذه ليست طريقة تتحدث بها مع صاحب عملك. أنت مطرود."
"لقد توقفت عن دفع راتبي منذ فترة طويلة."
“هاه؟ حقًا…؟”
“نعم.”
رمشت بعيني ببطء. عند التفكير في الأمر، ربما كان هذا صحيحًا حقًا. لم أكن موجودًا طوال السنوات الثلاث الماضية. كنت أنا من يدفع راتبه سابقًا. حسنًا… نويل كان يفعل ذلك.
يبدو أن لينوس لم يدفع له أبدًا.
انتظر…
“هناك الكثير من الرواتب المتأخرة.”
بدأت أرتجف، واتخذت خطوة إلى الوراء وأنا أنظر إلى ليون. ضاقت عيناي دون وعي.
“كم نتحدث تقريبًا…؟”
لم أرغب بأي حال في سماع الرقم.
“مع الأخذ في الاعتبار أن الراتب يعتمد على قوة الفارس، إلى جانب الأشياء التي فعلتها من أجلك خلال السنوات الثلاث الماضية، أود أن أقول—"
“دعني أوقفك عند هذا الحد.”
لسبب ما، لم أرغب في سماع الرقم. شعرت وكأنني سأصاب بنوبة قلبية لو سمعت الرقم.
“خمسون مليون—”
“إنه يوم جيد اليوم، أليس كذلك؟”
“….السماء رمادية."
"نعم، يوم جيد لبعد المرآة."
ضيّق ليون عينيه، وكان تعبير وجهه يبدو وكأنه يريد أن يقول: 'لقد غيرت الموضوع لتتجنب سماع كم تدين لي، أليس كذلك؟'
أدرت بصري بعيدًا عنه.
هذا المغفل الوهمي.
لم أفعل شيئًا كهذا أبدًا.
كنت شخصًا جيدًا وصادقًا—
“ها هو.”
رمي ليون إليّ شيئًا ما بشكل عفوي، وأمسكته. عندما وجهت انتباهي إليه، توقفت قبل أن أنظر مرة أخرى إلى ليون.
“لقد احتفظت به جيدًا. يمكنك استرجاعه.”
“حقًا…”
نظرت إلى الأنبوب الصغير في يدي وشدت قبضتي عليه. كان يحتوي على دمي.
كان هذا كمية قد استخلصتها في الماضي وأعطيتها لليون ليحتفظ بها.
كان هذا أيضًا السبب الرئيسي الذي سمح لي بالاحتفاظ بذكرياتي رغم استخدام دم نويل لاستعادة جسدي.
بينما كان لا يزال هناك الكثير من دمي القديم داخل هذا الجسم، كانت الكمية أقل بكثير بسبب استخراجي للقليل منه في الماضي.
فتح الغطاء، وشربت الدم بسرعة الى جسدي بينما بدأت الأوردة بداخلي تخفق وتتحرك بعنف.
أغمضت عينيّ واستمتعت بالإحساس قبل أن أفتحهما مرة أخرى.
لم يكن هناك تغيير واضح بعد شرب الدم، لكنني شعرت بصفاء ذهني أكبر من قبل.
كما شعرت بوخزة صغيرة في ساعدي الأيمن.
‘ليس سيئًا. بهذا، يجب أن أكون في أفضل حالاتي.’
شعرت بشعور جيد جدًا.
وعندما عدت للنظر إلى ليون، كنت على وشك الكلام عندما قاطعني صوت معين.
"ذا-"
"هل انتهيتَما من الحديث؟"
وجهت انتباهي نحو مصدر الصوت، ورأيت آويف، كيرا، وإيفلين يقتربن مني، وكل واحدة منهن تبدو أكثر انتعاشًا وهن يرتدين دروعًا جديدة بالكامل.
عندما نظرت إليهن، بدا الأمر كما لو أنهن يستعدن للقيام برحلة طويلة.(**يارب لا يكون الى في بالي)
…أتساءل إلى أين سيذهبن!
كنت فضوليًا، لكنني لم أسأل كثيرًا.
"لقد انتهينا تقريبًا."
"أجل."
لوح ليون برأسه وهو يضغط جبهته ويحدق بعينيه.
“أشعر ببعض التعب، لكن يجب أن يكون كافيًا للتحرك.”
“هل تريد أن نتحرك الآن؟”
نظرت إلى ليون بدهشة. كنتُ بخير إذا ذهبنا الآن، لكن ليون بدا وكأنه قد يتعثر في أي لحظة.
لم يبدو هذا وكأنه فكرة جيدة حقًا…
“الآن؟ حسنًا، أعتقد أن ذلك مناسب أيضًا.”
وعند سماعي لمتمتمة آويف، حولت رأسي نحوها. ماذا قالت للتو…؟
فجأة، راودني حدس سيء.
"أنا أيضًا أشعر أنني بحالة جيدة جدًا. أنا على استعداد للذهاب."
"نعم..."
لعقتُ شفتي، وبدّلتُ نظري بينهن الثلاث.
“هاها.” خرج مني ضحك متوتر في نفس الوقت.
“إلى أين ستذهبن أنتن الثلاثة؟”
“هم؟”
توقفت الفتيات الثلاثة وهن ينظرن إليّ.
ثم، وهن يحدقن بي بتعبير يبدو وكأنه يقول: “أليس واضحًا؟”، شعرتُ بقلبي يغرق.
“معك، أليس كذلك؟"(** لــعــنــة)
————
**تم الانتهاء من فصول الأسبوع نراكم الاسبوع قادم إذا مازلت حي