توقف ذهني للحظة.

لم أعرف كيف أتصرف.

تكررت كلمات سامية في ذهني مرارًا وتكرارًا، وظهرت أمام بصري مرة أخرى إشعارات معينة.

“…لم يكن أحد يعلم ذلك في ذلك الوقت. كانوا مجرد بشر عاديين. وكنا جميعًا منشغلين جدًا بالتعامل مع أمور أخرى. لم نكن نعلم بالخطر الذي كان يتربص بنا سرًا. وبحلول الوقت الذي أدركناه فيه، كان قد فات الأوان بالفعل.”

تحركت شفتاي، لكن لم تخرج أي كلمات.

حاولت أن أفهم جيدًا الكلمات التي خرجت من فم سامية.

ولكن في الوقت نفسه، بدأ كل شيء يتضح.

“إنهم المختارون من الكائنات الخارجة… أولئك الذين تكمن قوتهم النائمة عميقًا داخلهم، وتزداد قوتهم مع مرور الوقت. وهم أيضًا المسؤولون عن حبسنا.”

بدأ الضوء الساطع الذي غلف الغرفة بأكملها يختفي، وتمكنت أخيرًا من فتح عينيّ مرة أخرى، وعندما فعلت، ما قابل نظري كان رؤية عينيها. تمامًا كما في الماضي، كانت عيناها الخاليتان مليئتين باللهيب.

لكن على عكس الماضي، كانت النيران داخل مقلة عينيها أضعف بشكل ملحوظ.

"إذا كانت الكائنات الخارجية تتصرف كما فعلت في الماضي، فلن يمر وقت طويل قبل أن تستيقظ الكوارث تمامًا. وبحلول الوقت الذي تفعل فيه ذلك، سيكون قد فات الأوان علينا للتصرف. من المهم أن نجد الكوارث ونقتلها!"

رغم نبرتها الهادئة، إلا أنه، وللحظةٍ وجيزة فقط، بدا وكأن كلماتها دوّت كالرعد في أذنيّ، مما جعلني أتراجع خطوة إلى الوراء بينما كانت ألسنة اللهب في عيني سامية تتراقص بوحشيةٍ معينة جعلتني أبلع ريقي.

خفّت نبرة صوتها قليلًا وهي تحدّق في يديها.

“لقد… تحملتُ الكثير لأبقى في هذا المكان. أنا… مثل الجميع، سئمت من العيش على هذا النحو. كل ما أردناه هو الحرية. ما السيئ في أن نرغب بأن نكون أحرارًا..؟"

ارتجفت شفتاها للحظة وجيزة، قصيرة بما يكفي لتجاهلها إذا لم يكن المرء منتبهًا. ومع ذلك، كشخص كان ينتبه جيدًا لكل تصرفاتها، لم تفلت هذه اللحظة من عينيّ بينما اخذت نفسًا عميقًا.

'حقًا، دوافعها ليست مختلفة كثيرًا عن دوافع تورين.'

كلاهما كانا يرغبان في الحرية.

وهذا كان السبب الكامل وراء ما يفعلانه.

لكن في الوقت نفسه…

…لا أستطيع أن أغفر لهما.

صوابًا كان أم خطأً، لم يعد ذلك يهمني.

كانوا أنانيين، وكنتُ أنا كذلك.

حين فكرت بكل ما فعلوه بنويل ودليلة باسم “الحرية”، لم أستطع أن أنظر إليهم بأي نظرة إيجابية. كان هناك سببٌ وجيه دفعني لرغبة قتلهم في الماضي، وهو أجنداتهم الأنانية.

( مترجم: أجنداتهم تعني أهدافهم شخصية)

في تلك الأيام…

لم يكن نويل سوى طفلٍ عندما أخذوه وبدأوا يستخدمون دمه ليغذوا حياتهم.

لم يكن له رأي في الأمر أبدًا.

استخدموه فقط كمصدر لا ينضب للحياة.

'لهذا السبب لا يمكنني أبدًا أن أشعر بأي تعاطف تجاههم.' لأن...

في نهاية المطاف، لقد أذوا الشخص الوحيد الذي كنت أهتم لأمره حقًا. كان هذا هو الخط الوحيد الذي لم أستطع تحمل تجاوزه.

الخير العام أو ما شابه ذلك…

لم يكن لذلك أي قيمة عندي.

كنت أنانيًا، وكنت أعلم ذلك.

“أظن أنني أعرف إلى حدٍ ما سبب كونك هنا.”

صوت بانثيا أيقظني من أفكاري.رفعت رأسي لأحدق فيها، ولاحظت كيف أن شفتيها انحنيتا بشكلٍ طفيف، وكأن شيئًا ما أضحكها.

ضغطت على شفتيّ مستعدًا للكلام، لكنها سبقتني.

“أنت تبحث عن نويل، أليس كذلك؟ السبب وراء قدومك للبحث عني هو لتعرف مكانه.”

لم أقل شيئًا.

لم يكن هناك حاجة لأن أتكلم.

لقد خمنت بشكل صحيح، وكل ما استطعت فعله هو خفض رأسي اعترافًا بذلك.

انتظرت فقط أن تخبرني بالمعلومة التي أريدها.

لكن…

“…ولكن ما الذي يجعلك تظن أنني سأخبرك؟”

“ها؟”

نظرت إليها مجددًا، عاجزًا عن إخفاء الحيرة على وجهي.

اتسعت ابتسامتها قليلًا.

“لا تقل لي أنك توقعت أن أخبرك بالمكان الدقيق الذي يوجد فيه نويل، وتخاطر بإغضاب تورين بلا فائدة، أليس كذلك؟”

آه…

تذكرت فجأة أفكاري السابقة.

بالطبع، لم تكن لتخبرني بسهولة. هذه المرأة تهتم بمصالحها الشخصية فقط. ولم أكن مختلفًا عنها، لذا فهمت أنه ما لم أعرض عليها شيئًا بالمقابل، فلن تخبرني على الإطلاق.

بالطبع، الأمور لن تكون سهلة أبدًا…

شددت أسناني، محاولًا جاهداً الحفاظ على تعابير وجهي ثابتة.

وبعد أن أخذت عدة أنفاس عميقة، تمكنت من الكلام.

“لست متأكدًا مما يمكنني تقديمه، لكن ربما أستطيع أن أكون مفيدًا في إيجاد المسؤول عن انتشار تلك المادة. هل يكفي ذلك؟”

شعرت أن هذا كان بمثابة صفقة عادلة للحصول على المعلومة.

فالعقار، أو مهما كان في الواقع، قد سبب الكثير من المتاعب للسامية وأتباعها. وإذا كان الأمر كذلك، فإن العثور على الموزع ووضع حد لذلك يجب أن يساعدها في حل مشكلة كبيرة.

بالنسبة لي، بدا هذا اتفاقًا عادلاً.

فبعد كل شيء، ليس كأن تورين سيعرف من أعطاني المعلومة. وإذا حدث، فسيكون أكثر من سعيد بأن أذهب إليه.

لكن—

“هذا لا يكفي.”

لم تضيّع سامية ثانية واحدة في رفض عرضي

ابتسمت بابتسامة بسيطة، وارتعشت النار في عينيها للحظة وجيزة وهي تحدق بي.

حدقت فيها أنا الآخر، وعبست.

“هذا لا يكفي؟”

“لا، لا يكفي.”

أردت أن أشتكي، لكنني كنت أعلم أن ذلك لن ينفعني. فهي كانت صاحبة اليد العليا في التفاوض، ومع التفكير في كونها حرفيًا 'سامية' علمت أنني لن أتمكن سوى من ابتلاع استيائي ومحاولة التفكير في شيء لأقدمه لها.

ومع ذلك، مهما حاولت التفكير، لم أستطع أن أتوصل إلى أي شيء آخر قد يكون مفيدًا لها.

في النهاية، وجدت نفسي أنظر إليها.

“هل لديك شيء في ذهنك؟”

بدلاً من التفكير في نفسي، كان من الأفضل أن أسألها مباشرة.

من تعابير وجهها، استطعت أن أستنتج أن لديها شيئًا في ذهنها.

وكان الأمر كذلك بالفعل.

“…لدي.”

انحنت شفتيها أكثر إلى ابتسامة وهي تخطو خطوة نحوّي. شعرت فجأة برغبة في التراجع، لكنني قررت البقاء ثابتًا في مكاني بينما اقتربت مني أكثر فأكثر.

وأخيرًا…

توقفت أمامي مباشرة، محدّقة بي بعينين مركّزتين تمام التركيز.

استطعت أن أشعر بوميض النيران في عينيها وهي تحافظ على تركيزها عليّ، وعينيها تجوبان جسدي من الأعلى إلى الأسفل. ورغم حالة عينيها، لم يكن بالإمكان إنكار جمالها.

فا سامية هي سامية لسبب.

وأنا واقف أمامها، شعرت بذلك أكثر من أي وقت مضى. الإحساس الغريب الذي ينبعث من جسدها، إلى جانب المظهر الذي يمكنه أن يسحر أي شخص ينظر إليه.

ومع ذلك، فقد أصبحتُ محصنًا إلى حد ما ضد المظاهر الرائعة.

بالنسبة لي، لم يكن هناك من هو أجمل 'منها'.

"هووف"

أخذتُ نفسًا صامتًا.

شعرتُ بعدم الارتياح من نظرة السامية.

لدرجة أنني شعرتُ بشعر مؤخرة رقبتي ينتصب.

'ابق ساكنًا. ابق ساكنًا.'

ومع ذلك، أجبرتُ نفسي على الوقوف ساكنًا.

كنتُ بحاجة إلى هذا.

كان هدفي الكامل من المجيء إلى هنا هو البحث عن نويل. بدونها، لما كنت قادرًا على معرفة مكانه. كانت هي الوحيدة القادرة على مساعدتي، ولهذا كنت مستعدًا لقبول أي طلب سخيف منها.

بالطبع، كان هناك حد لما أستطيع قبوله.

ثم—

تحركت يدها، مما جعلني أرتجف بخفة بينما ضغطت يدها على خدي.

ارتجفت يدي، وللحظة وجيزة شعرت برغبة مفاجئة في دفع يدها بعيدًا عن وجهي. بالكاد تمكنت من كبح نفسي بينما ركّزت كل انتباهي على سامية.

“ماذا تفعلين؟”

حرصت على ألا أخفي انزعاجي بينما استمرت يدها في ملامسة وجهي.

كانت يدها ناعمة، وشعرت بقشعريرة خفيفة تسري على عنقي مع استمرار حركتها.

لم تجبني على الإطلاق، وكانت كل انتباهها منصبًا على وجهي.

بدأ شعوري بعدم الراحة يزداد، وعندما كنت على وشك الانفجار، سحبت يدها، وارتفعت زاوية شفتيها أكثر وهي تخطو خطوة إلى الخلف.

سقط الصمت على المكان للحظة وجيزة، لكن ذلك الصمت سرعان ما تحطّم بصوتها المرتعش.

“…أنت هو.”

هو؟

من كان هو؟ من هو–

“أنت حبيبي، إيميت.”

تجمدت في مكاني، محدقًا في سامية بعينين متسعتين، أشعر بكل شبر من جسدي يرتجف بلا تحكم بينما تغيّر طريقتها في النظر إليّ.

“…أنت أخيرًا عدت إليّ، إيميت.”

كانت المشاعر الخام في صوتها واضحة، بينما بدأ تنفسي يزداد صعوبة مع كل لحظة.

ثم—

“لقد انتظرتُ طويلاً.”

خطت خطوة إلى الأمام، اندفعت في اتجاهي بينما شعرت برائحة معينة تصل إلى أنفي.

قبل أن أدرك، وجدت نفسي أحتضن سامية .

“اشتقت إليك.”

‘#$%^&()!!!*’

———

اتوقع فصل ناقص بسبب كلمات قليلة غدا بتأكد

2025/11/02 · 107 مشاهدة · 1215 كلمة
𝒜𝒜
نادي الروايات - 2025