47 - بين الحياة والموت

الفصل 47 : بين الحياة والموت


سكن يون شي وأغمض عينيه وهدأ قلبه لتغمر السكينة وجهه ومع اختفاء وقع الجوع ،اختفت معه مشاعر الإثارة والفرحة لحصوله علي الأوردة الجديدة وركز وعيه وعقله علي مركز أوردته الجديدة داخل الجسد .

لم يكن بحاجه لمن يرشده إلي فنون الطاقة الأساسية فقد حظي بحياة سابقة مارس فيها فنون الطاقة............ لم يكن بحاجة لأحد ليخبره كيف يصبح بعد اللا شئ ....... بطلا .....سوي نفسه.. موجة الطاقة الأولي تنبع من طاقة حياة الممارس نفسها وبسحبها شيئا فشيئا إلي أوردة المعرفة لتتحول رويدا رويدا الي مقدار ضئيل من الطاقة . وبمجرد أن تمتلئ أوردة المعرفة بالطاقة تماما ستكون أكملت الخطوة الأولي في طريق الممارسة حقا وخطوت الخطوة الأولي لتصبح ممارس من المرحلة الأساسية .

وتتفاوت الفترة التي تستغرقها هذه العملية حسب الموهبة ، فذوي الموهبة الضعيفة قد تستغرقهم مدة عادة هي نصف عام بينما ذوي الموهبة العالية قد تستغرق من ثلاث لأربعة أشهر.وبمجرد اكتمال هذا الأساس البالغ الأهمية يصبح بإمكان الممارس إن يتقدم أكثر ويمتص طاقة الحياة من السماء والأرض. ولاغني عن هذه العملية أو بالإمكان تخطيها فبدونها لن تمتلك أوردة المعرفة القدرة علي امتصاص طاقة الحياة الوافرة من العالم .

بصمت تكونت شعيرات من الطاقة الأساسية داخل أوردة يون شي....... ومن بوابات المعرفة ال54 تدفقت طاقة الحياة من جسده دفعة واحد بسرعة من ليتخيلها احد .

لم تتوقع ياسمين وهي تخبر يون شي إلا يزعجها لثلاث أيام أنها ستستيقظ بعد مضي سبعة أيام كاملة .

ولكن الامر كان يستحق.... أخيرا بعد مضي هذه الفترة داخل اللؤلؤة تخلصت اللؤلؤة من الآثار الجانبية الناتجة من استخدامها لقوتها واستقرت حالتها. ولكن عندما تطلعت إلي يون شي من داخل اللؤلؤة لم تملك نفسها وانطلقت صيحة تعجب مكتومة من بين شفتيها الوردية ..

فأمامها في سفح جبل التنين القرمزي

شلال ارتفاعه 300 متر يسقط الماء منه مرتطما ببركة تحته... يتصاعد منها الرذاذ مكونا سحبا من الضباب . و مصدرا صوتا يصم الأذان كصوت الرعد في شدته ومداه .

وعلي حافة الشلال شاب عاري الوسط حافي القدمين يسعي خطوة بعد خطوة إلي ستارة الماء التي تبدو وكأنها تبلغ السماء طولا مطلقا كل طاقته لتحمي رأسه وكتفيه بغزارة وبدون تحفظ .

بدا جسده ضئيلا للغاية .... امام هذا الشلال العالي. لم يكن الشلال الأكثر ارتفاعا ولكن قوة المياه الساقطة من هذا الارتفاع تكفي لتهشم جسم الإنسان إلي أجزاء .

ولكن بلا تردد سار الشاب.... إلي صخرة عظيمة ارتطمت بها المياه الساقطة لزمن لا يقدرها احد .

هذا بالتحديد هو المشهد الذي رأته ياسمين عندما خرجت من اللؤلؤة نظرت إلي ارتفاع الشلال وارتفع حاجباها عجبا

" طاااااااااخ "

ارتطم التيار الهائل بجسد يون شي بلا رحمة ليحطم درع طاقته الهزيل في التو وبقسوة يقذفه إلي البركة الهائجة .

أحاط الألم بجسد يون ...الم ساخن انبعث من جسده كله وقد تحول نصفه العلوي إلي الأحمر وانسال من ركن فمه خيطا من الدم القاني ولكن بالرغم من الألم ، لم تلمح في عينية لمحة خوف. أو استسلام . بجسد يرتعش طفا إلي سطح الماء واستنفذ أخر قدر من قوته ليقاوم التيار العنيف ويصل إلي الشاطئ بصعوبة .......

لقد سببت لكمة الشلال له ضررا كبيرا ومقاومته للتيار العنيف ووصوله إلي الشاطئ استنفذ يون شي تقريبا أخر قدر من طاقته ولكن مع ذلك لم يسقط او يستلقي علي الشاطئ ليلتقط أنفاسه بل مضي مرة أخري إلي الشلال بجسد مترنح . و ركز شعيرات الطاقة الأساسية الهينة -أخر ما يمتلك من طاقة - لتحمي رأسه .

تفحصته ياسمين وبدهشة قالت "لقد وصل إلي المستوي الأول؟!! عجبا انه سريع!!!" ياسمين أُدهشتْ من كل قلبِها من مقدار الطاقةِ الصغيرة جدا المنبعثة من جسد يون شي لقد دَخلَ المستوى الأولَ من المرحلة الأساسية فعلا ولم يستغرقه الأمر سوي 7 أيام فقط .

حتى بين الناسِ الذين تعَرفهم تلك السرعة كانت تكفي لإثارة دهشتهم .

فجسده كان بكل وضوح جسد بشري عادي وقَبْلَ أَنْ ينجح في تنشيط عروقَ معرفته الجديدةَ بفتح البوابات 54 ويحرر فنونَ ملك الشر السريةَ كانت أوردته التي - اكتسبها بألم ومعاناة لا تتصور - كانت كأي أوردة عادية. عجبا أيه وسيلة استخدم ليختصر الأشهر إلي 7 أيام فقط؟! . فبجسد بشري حتى لو فتحت البوابات كلها سيستغرق وصول الممارس إلي لمستوي الأول من المرحلة الابتدائية علي الأقل شهر !!!!

وبمواجهته شلال كهذا وهو مازال في المستوي الأول هو بالتأكيد يرغب في الموت بشدة .

وأيضا بعد تضرره الشديد من الشلال وتبعثر قوته وطاقته من الصدمة الأولي لم يرتح تقريبا قبل أن يمضي مرة أخري ليعيد الكرة .

بصوتها الفاتن ...مسرعة... صرخت تناديه " يون شي أترغب في الموت؟ "

سمع صوتها وتوقف للحظة قبل أن يسير مرة أخري نحو الشلال .

" طااااخ "

تبعثرت أخر ما امتلك من طاقة تماما وفي لحظة غطت ظهره الجروح . أظلمت عينيه وتقيئ الدم ......وارتطم بالمياه المائجة مرة أخري .....

" حقا ..... يالتهوره !!!!!" تمتمت ياسمين مقطبة حاجبيها . طفا جسده علي الماء وفي غمضة عين أسرعت باتجاهه تنوي سحبه إلي الشاطئ ولكن عندما اقتربت منه...... وامتدت يدها إلي جسده سمعت صوته الضعيف الممتلئ بالعزم يخبرها

" لا.......تساعديني ....."

وجه يون شي كان خال من الدم ابيض كورقة بيضاء. والجروح علي جسده تثير الفزع اخبرها ان لا تساعده بعين نصف مفتوحة من الضعف ولكن واعية .

فوجئت ياسمين "" أما زلت واعيا ......؟!" ولكن هذا مستحيل ...... فارتطام بهذه القوةكفيل بافقاد اي شخص لوعيه بل حتي حياته . لذا سحبت يدها مبتعدة .ثم ارتفعت إلي السماء محلقة فوقه

ثم تساءلت " ءامن الممكن انه استخدم إرادته فقط ليبقي واعيا ".

ثم تحدثت إليه" من المدهش بقائك واعيا؟" " ولكن هل أنت واثق بقدرتك علي الوصول إلي الشاطئ؟" ثم بد ا وكأنها تذكرت شيئا ...... ليحمر وجهها وتنصرف بعيدا وقد عمها الذعر. استمرت في الهروب في خط مستقيم وبيديها الرقيقتين تمسك بتنورها وتجذبها للاسفل .... حتى ابتعدت مسافة كبيرة .

ليظهر لها أن يون شي لم يتنبه لها أو ل- ههههه - فانتباهه كان علي التيار القوي الذي كان بإمكانه مقاومته لو كان في حالته الطبيعية . ولكن في حالته هذه .. هذا التيار السريع كان كالكابوس بالنسبة له.. لذا فقد استنزف أخر ما لديه من طاقة ليحرك زراعه فقط ليقاوم وبعزم التيار المتلاطم ويسبح ببطء نحو الشاطئ. ولتنقبض عضلاته بعد لحظات وكأنها ترفض التحرك بعد أن استنفذت طاقتها كاملة وكأنها صارت مشلولة .

اتسعت الجروح علي جسده وانسالت منها الدماء بلا توقف وزاد قلق ياسمين أكثر وأكثر ولكنها استمرت في المراقبة ..... وأرخت قبضتيها التي انقبضت قلقا علي يون شي دون أن تدري .

ولكن مع كل هذه الجروح تحركت زراعي يون شي وبضعف وصل إلي الشاطئ هذا القدر الأخير من الطاقة الذي استنفذه ليصل الشاطئ لا يدري احد من أين جاء به فقد وصل الجسد إلي حده واستنزفت قوته تماما ...... بل من المفترض أن يغيب وعيه ويتشتت عزمه ....وهو ما لم يحصل ....اذا إنها إرادته الحديدية منها استمد قوته .

وتحت عيني - ياسمين - المشدوهتين خرج من الماء وتسلق إلي الشاطئ. ليرتعد قلبها وكأنها قد شهدت لتوها حرب عوالم حامية الوطيس وبالطبع توقعت أن يرتمي علي الشاطئ ليستريح ولكنها فوجئت به يترنح ويحاول الوقوف

" أما زال بإمكانك الوقوف؟ !!!!!!!!!"

نجح أخيرا ثم سار باتجاه ياسمين ..... خطواته بطيئة ...... ومع كل خطوة يخطوها يترنح جسده ... وقد يسقط في أي لحظة. استمرت مسيرته لعشر خطوات قبل أن يقف أخيرا . لتكتشف ياسمين في هذه اللحظة أنه يسير نحو حفرة صغيرة.... الحفرة صغيرة ... لا يتعدي طولها المتر الواحد. وكانت ممتلئة بسائل اسود .

جلس يون شي بها وغطي السائل الأسود جميع جسده ماعدا الرأس عندها فقد وعيه أخيرا .

هبطت ياسمين من الهواء وتفحصت الحوض. من الواضح أنه حُفر حديثا وان ..... يون شي من حفره ، وتتناثر حول الحوض أعشاب متنوعة قد تصل إلي 20 نوعها مختلفا. ولكن الكمية الأكثر ....كان كومة كبيرة من الفروع سوداء قاتمة كالقار ( النفط الاسود) ، وتنبعث منها رائحة كالرائحة المنبعثة من الحوض .

التقطت احد الجذور وتفحصته ثم رفعته إلي انفها وشمته " لتتغير تعابيرها الامبالية. " نبتة جمجمة الشيطان "

هل غطس في هذا حقا؟ ! .

إذا هكذا فعلها .... هكذا نجح في أن يصبح ممارسا في سبعة أيام فقط ....لا..... بل ربما اقل من ذلك .

حدقت بوجهه الرقيق والغض الذي يخبرها أن عمره لا يتعدي 16 عاما .... إذا كيف يمتلك مثل هذه الإرادة ... وهذه المعرفة.... "امن الممكن انه مر علي الجحيم من قبل وعاش فيه مدة..؟

استيقظ يون شي بعد ساعتين ليجد ياسمين تحلق إلي جانبه. وبمجرد فتحه لعينية رمقته بنظرة باردة وسألته :

" لقد استمريت بفعل هذا طوال السبعة أيام الفائتة "

رد عليها : " يعني.. تقريبا "

أقام يون شي جسده الخائر وقد عولجت كل جروحه تقريبا .فلم تكن فقط نبتة عشب جمجمة الشيطان وحدها في الحوض بل لقد انتقي بنفسه البعض من ذوات الخصائص العلاجية القوية .

" ألا تخشي الموت ..... ألا تخشي أن تموت فجأة " حدثته بوجه قاس ولكنه رد عليها بضحكة و بثقة اخبرها

" أنا لن أموت ....أبدا لن أموت من هذا "

ابتسمت ياسمين باستهزاء :

" أنت تحمل نفسك ما لا تطيق؟ "

" هل تعتقد أن لن يسقط من الشلال سوي الماء فقط... ماذا لو سقطت صخرة وهشمت جسدك تماما ...أو ربما تشطرك نصفين....لماذا العجلة ؟ "

" لأني احتاج القوة ... قوة كبيرة" وتابع قوله " لو كنت قوي كفاية لما مات معلمي، ولم تكن أسرتي لتعاني وتهان في سابق مع أوردة مشلولة لم يكن بإمكاني الحصول علي القوة ." " ولكن السماء أنعمت علي ..لا هذا ليس صحيحا ... لقد كنت أنت .... ياسمين هي من أنعمت علي بتلك الأوردة الجديدة والمميزة كيف أصبح متكاسل وخائر العزم..... معلمتي الشابة ( ياسمين ) أول ما تفوهت به أن أصل إلي مرحلة لم يصل إليها احد من إمبراطورية الرياح الزرقاء من قبل وأيضا اشترطي أن أصل إليها في ثلاثين عاما فقط.... لذا فمن اجل خاطرك معلمتي ...... كيف لا أكون عازما ؟ "

2018/09/08 · 4,995 مشاهدة · 1554 كلمة
shadysherif
نادي الروايات - 2024