الفصل 63 – القصر الرئيسي
بمجرد أن أخرج يون تشي هذه الكلمات, فم شيا يوانبا فتح على مصرعيه, و حتى عينيه كادت تخرج من مكانها من أثر الصدمة. أعين مورنج يي ضاقت؛ نظرته إلى يون تشي أصبحت فجأة أكثر برودة و ازدراء, و حتى أنه ظهرت بعض السخرية الطفيفة. بالرغم من ذلك, لان شيارو لم تغضب على الإطلاق, بل ابتسمت بلطف وقالت: ” ياله من أخ أصغر مثير للاهتمام؛ يبدو أن الأيام القادمة لن تصبح مملة بعد الآن. إذًا, الأخت الكبرى ستتوقف عن الحديث حاليًا. فأنا أحتاج حضور حفلة الليلة, و ربما تنتظرنا قتالات صعبة. نحن بحاجة إلى التوجه إلى القسم الطبي و تجهيز بعض الحبوب الطبية بقدر المستطاع؛ لنتقابل لاحقا, حسنًا؟”
“إلى اللقاء, أختي الكبيرة؟.”
لان شيارو غمزت بعينها اليسرى, و من ثم تركتهم مع ابتسامة خفيفة بينما تزال رائحتها الجميلة عالقة في الهواء. بالرغم من أن كلمات يون تشي كانت مخلوطة مع المزاح, فإنه بدا أنها لم تجعل لان شيارو تشعر بالنفور و الانزعاج؛ عوضًا عن ذلك فقد حصلت على انطباع عميق و قوي حول يون تشي, بحيث أنه لن يكون من السهل نسيانه.
يون تشي استدار و ألقى نظرة طويلة, و حدق بثبات إلى قوامها الممشوق من الجانب, دون تحفظ أو إخفاء لملامح الإعجاب على الإطلاق… مع بشرة رقيقة و جميلة ونزعة الى النبل وز الكياسة, ليس أنها ليست مغرورة فقط, لكن أيضًا, كانت دافئة ولطيفة و محببة إلى القلب؛ هي حقا الفتاة التي يتمناه الرجال…لكن, هويتها و مكانتها ليست بسيطة على الإطلاق.
يد أمسكت كتف يون تشي بطريقة غير ودية. يون تشي التف للوراء و وجد مورنج يي ينظر إليه ببرود, فقال مع ابتسامة خفيفة: “الأخ الأكبر مورنج, هل تحتاج شيء مني؟ بالحديث عن هذا, لماذا لست مع الأخت الكبرى شيارو؟”
لان شيارو كانت بالفعل قد ابتعدت, لكنها لم تستدر على الإطلاق لمناداة مورنج يي؛ كما لو انها لا تبالي بوجوده معها…يبدو, أن العلاقة بينهما مختلفة تمامًا عما اعتقده يون تشي في البداية. يبدو أنه حب من طرف واحد.
أعين مورنج يي ضاقت؛ مبديًا احتقار و ازدراء بالكامل؛ نظراته بدت كما لو أنه يحدق إلى مخلوق تافه و دنيء: “اسمك يون تشي, صحيح؟ أيها الصغير يون, بالرغم من أني لا أعلم الطريقة التي استعملتها للتسلل إلى صف الموهوبين خاصتنا, لكنك كتلميذ أكبر, فإن هناك بعض الأشياء التي يجب أن أذكرك بها. مذ أنك دخلت صف الموهوبين, إذا يجب أن تعلم ما يجب عليك فعله, و ما لا يجب عليك فعله, لكي لا تلومني لاحقًا لعدم تنبيهك بعد أن تعاني من نتائج أفعالك. أيضًا, تذكر هذا جيدًا, ابقى بعيدًا عن لان شيارو من الآن فصاعدًا, كلما كنت أبعد كان ذلك أفضل. إن رأيتك تتحدث معها هكذا ثانية, فلا تنسى أني أملك طرق عديدة لطردك من قصر الهلال العميق. همف.”
بعد أن أنهى حديثه, نظراته اجتاحت يون تشي و شيا يوانبا, و من ثم مشى بسرعة ناحية لان شيارو التي تركته. هو يعلم عن خلفية شيا يوانبا, فهو ابن تاجر في مدينة نائية صغيرة. ما يعني أن صهره, هو مجرد شخص بدون خلفية مهمة مع مكانة صغيرة؛ لذا هو لم يتردد في السخرية منه و تهديده.
يون تشي أمال عينيه و حدق بلا مبالاة و قال بسخرية باردة : “هذا الشخص, لا بد أن عينيه نمت فوق رأسه.”
(عينين فوق الرأس هي طريقة لوصف شخص ما بالغرور لدرجة أنه ينظر للأخرين باستصغار من فوق بنظرة استحقار للناس)
“هو دائمًا هكذا, أنا بالفعل قد تم التنمر علي منذ وقت طويل.” وجه شيا يوانبا امتلك تعبير الغضب و العجز في نفس الوقت. بشكل طبيعي عندما يرمقه مورنج يي بشتى النظرات, فهو لن يبالي؛ ولكن, هذه المرة فهو قد هدد يون تشي بوضوح, و هذا أشعل نار الغضب داخله. لكن عند التفكير بقوة خصمه و خلفيته العائلية, فإنه لا يوجد شيء لفعله. لكان الأمر بخير لو كان هو فقط, لكن مازال نائب زعيم قصر الهلال العميق يدعمه من الخلف. و سيكون من المستحيل ليون تشي البقاء في قصر الهلال العميق.
“يبدو أن, هذا المورنج يي….ليس فقط مجرد أحمق عادي.” يون تشي تمتم.
رؤية يون تشي لم يظهر غضبه, جعلت شيا يوانبا يطمئن قليلًا, و قال بصوت منخفض : “والده في الحقيقة هو حاكم مدينة القمر الجديد! ليس هذا فقط, موهبته مذهلة أيضًا؛ بينما هو مازال فقط في 19 من عمره, هو وصل للمستوى الثامن من نطاق الناشئ العميق! و تقول الشائعات في الأونة الأخيرة, أنه وصل إلى المستوى التاسع من نطاق الناشئ العميق. في كامل قصر الهلال العميق, لا أحد يجرؤ على إزعاجه.”
” ابن الحاكم؟ هييه, أنا أرى.” يون تشي ضحكت بصوت منخفض, ثم قال فجأة : “هو يحاول مغازلة لان شيارو, صحيح؟”
“هممم. الأخت لان شيارو جميلة و لطيفة, و يوجد الكثير من الإخوة الكبار المعجبين بها. على أي حال, مورنج يي يعد الزوج المعترف به لها, و لا أحد يجرؤ على تحديه. و بالتالي, الإخوة الكبار المعجبين بالأخت الكبرى شيارو لا يجرؤن أبدًا على الإقتراب منها.” ثم أضاف شيا يوانبا بلهجة غريبة : “صهري هو أول من رأيته يجرؤ على التحدث معها هكذا على الإطلاق. يجب أن تحذر كثيرًا من مورنج يي في المستقبل؛ فهو شخص سيء لأبعد الحدود.”
“من السهل رؤية هذا.” يون تشي هز كتفيه, كما لو أنه لم يأخذ نصيحته على محمل الجد, وسأل : “يوانبا, هذه اللان شيارو, من أين أتت؟ أنا أستطيع الجزم بأنها ليست من عائلة عامية, لذا لماذا شخص مثلها يأتي الى قصر الهلال العميق؟”
شيا يوانبا حك رأسه : “هذا, أنا لا أعلم أيضًا. ما أعلمه فقط هو أنها تبدو مقربة إلى الشيخ سيكونج, و انضمت إلى قصر الهلال العميق أثناء فترة التوجيه منذ نصف عام, في نفس وقت انضمامي. و بالنسبة لمكان موطنها, فهي لم تذكره إطلاقًا. على أي حال, الأخت شيارو مدهشة حقًا؛ هي في 18 من عمرها هذا العام, و مع ذلك فقد وصلت للمستوى الثامن من نطاق الناشئ العميق. هي أكثر شخص موهب في قصر الهلال العميق, و حتى أكثر ادهشًا من الأخ الأكبر مورنج.”
كلاهما في المستوى الثامن من نطاق الناشئ العميق؛ مورنج يي في 19, و لان شيارو في 18. كان جليًا أن لان شيارو تتجاوز مورنج يي في الموهبة.
شياو يو لونغ الذي وصل إلى المستوى الثالث من نطاق الناشئ العميق عند سن 20 عامًا كان بالفعل الأقوى في الجيل الشاب لعشيرة شياو؛ شيا كونغ يي التي وصلت للمستوى العاشر من نطاق المبتدئ العميق عند سن 16 عامًا, كانت في قمة عباقرة مدينة الغيوم العائمة. لا يهم إن كان مورنج يي أو لان شيارو, كلاهما يتجاوز بوضوح شيا كونغ يي, ناهيك عن شياو يو لونغ, أيضًا, الشباب من هذا المستوى ليسوا نادرين في تلك الطوائف الكبيرة من مدينة القمر الجديد. بالمقارنة, مدينة الغيوم العائمة كانت تستحق أن تدعى بالمدينة الصغيرة المنسية؛ مستوى القوة العميقة كان مختلفًا جدًا. الجد شياو لي كان يعتبر الأقوى في مدينة الغيوم العائمة و هو عند المستوى العاشر من نطاق الروح العميق؛ لكن لو جاء الى مدينة القمر الجديد, هو على الأرجح سيصنف في المستويات العليا عند مقارنته مع منهم من نفس عمره, لكن من المستحيل أن يكون في القمة..
“يوانبا.” تعابير يون تشي أصبحت رسمية : “هناك أمر مهم يجب أن أناقشه معك.”
“أه, ما هو؟” بالنظر لتعابير يون تشي, شيا يوانبا أصبح متوترًا.
“من الآن فصاعدًا, ليس مسموحًا لك ندائي بصهري!” يون تشي قال بجدية.
“لماذا؟” عيون شيا يوانبا توسعت.
يون تشي ربت على كتف شيا يوانبا بينما تجتاحه نظراته, و أجاب : “بسماع ما قالته الأخت الكبرى شيارو, ألا يوجد الكثير من الجميلات في صف الموهوبين أم ماذا؟”
“حول هذا, فإنه يبدو صحيحًا. لكن تظل الأخت شيارو الأجمل على الإطلاق.”
يون تشي صدم قليلًا, و قال مع نغمة مليئة بالاستقامة : “مذ أنه يوجد العديد من الجميلات في صف الموهوبين, فلو واصلت مخاطبتي بصهري, فستكشف حقيقة أني متزوج! كيف سأكون قادرًا على مغازلة هؤلاء الجميلات!”
“….” شيا يوانبا فتح فمه لأكثر من ثلاث ثواني كما لو أن عقله تجمد. ثم تحدث أخيرًا : “لكن صهري, أنت تملك أختي بالفعل. إن كنت مع فتاة أخرى…إممم, ألن يكون هذا قليلًا…”
“لا لا.” يون تشي أرجح يده بالنفي, وقال بإخلاص و صدق : “عندما أخبرت الأخت الكبرى شيارو حول سماح أختك لي بالعثور على زوجة أخرى, كان هذا حقًا ما وعدتني به أختك الكبيرة. أيضًا…في هذه الحياة, من غير المعلوم إن كنت سأرى أختك مجددًا.”
يون تشي نظر بعيدًا؛ ثم أصبحت نظراته أكثر عمقًا : “هناك فقط هدفان نهائيًا يسعى لهما أي رجل؛ الأول هو إخضاع العالم, و لأخر الظفر بامرأة. قهر العالم سيوصلك لأفاق جديدة في هذه الحياة, لكن الظفر بامرأة, هو لجعل الحياة جميلة و سعيدة. اذا كان المرء غير قادر على الظفر بالمرأة التي يريدها, فحتى لو استولى على العالم بأكمله, فمازال سيظل في وحدة قاتلة في أي مكان كان. يوانبا, ألا تعتقد أن ما قلته أنا, صهرك صحيح بالفعل؟”
“….” شيا يوانبا لم يفهم حقًا ماقاله للتو, لكنه مازال يظن أنه كان مدهشًا نوعًا ما.
“اذًا, إن لم أخاطبك بصهري, فما الذي يفترض بي أن أناديك به؟” لأن زواج يون تشي و شيا كونغ يوي كان مخطط له منذ كانوا رضع, فإن شيا يوانبا كان دائمًا يناديه بصهري منذ الطفولة؛ بخلاف صهري, فإن عقله لا يستطيع تغيير ذلك, شيا يوانبا لا يستطيع التفكير بطريقة أخرى لمنادة يون تشي بها.
“همم, حول هذا…أنت تستطيع مخاطبتي مثلاً بــــالأخ الأكبر, أو الزعيم, أو الأخ الأكبر يون, أو الأخ الأكبر تشي, أو الأخ الأكبر يون تشي, أو نادني ببساطة يون تشي….باختصار فقط لا تنادني صهري مرة أخرى.”
“أوه! أوه! إذًا سأناديك من الآن بالزعيم, هل هذا جيد؟”
“لا بأس.”
“زعيم, زعيم, زعيم….اممم, إنه يشعرك بنوع من الغرابة. أه, صحيح, سابقًا الأخت الكبرى شيارو قالت أنها كانت متجهة الى القسم الطبي لأجل الحبوب الطبية من أجل التعامل مع حفلة الليلة. هل يجب أن نذهب هناك أيضًا؟ مذ أن صهري دخل القسم العميق, فإنه من الممكن لك الحصول على مجموعة من الحبوب الطبية من القسم الطبي. يمكنك أن تحصل على مجموعة كل شهر.”
“…لا تنادني بصهري.”
“أه, نسيت, سأتوخى الحذر. اذًا صهري, هل يجب علينا التوجه لمسكنك أو القسم الطبي أولًا؟”
“! #$%…….”
………………………………………………………………………………………….
يون تشي تبع شيا يوانبا و استلم مجموعة من الحبوب الطبية, و هذه الحبوب كانت كما توقع يون تشي… كانوا جميعا من المستوى المنخفض من حبوب استرداد الطاقة العميقة و حبوب الإفتتاح العميق، و قوتها كانت حوالي 40 – 50%. مع حبوب دعم طبية من هذا المستوى، و التي كانت سيئة بالمقارنة مع الطوائف الكبيرة؛ لم يكن مفاجئا ان يظل مستوى قوة قصر الهلال العميق بهذا التدني.
مسكن يون تشي كان مجاورا لمسكن شيا يوانبا؛ بالرغم من صغره، فقد كان جميلا جدا و فيه جميع الضروريات، و هذا كان أفضل مما توقعه يون تشي. حتى الآن، يون تشي الذي كان يتجول لنصف عام في الخارج، وجد أخيرا مكان للنوم و الراحة. مشاعره اختلطت داخل قلبه.
مستلقي على سرير صغير، يون تشي سقط نائما مباشرة. في النصف سنة الماضية، كان ينام دائمًا في البرية؛ لم يبقى ابدا في اي نزل، و لم يستمتع بنوم هانئ في السرير. هذه المرة، هو نام بعمق و ظل من الظهيرة حتى المساء دون حركة، حتى ايقظه شيا يوانبا الذي كان يطرق الباب.
“صهري، الم تستيقظ بعد؟ لقد أوشكت الحفلة على البدء، هل مازلنا سنذهب؟”
كان شيا يوانبا مدركا تمامًا لما قد يحدث في الحفلة، لذلك هو لم يرغب بان يحضر يون تشي؛ من أجل تجنب التحديات، و الاحتمال المؤكد باصابته عن عمد أثناء الحفلة.
يون تشي فتح عينيه و نهض مسرعا من على السرير : “بالطبع سأذهب! أعطني دقيقة، سنذهب معا حالا!”
…………………………………………………..…………………………………….
قلب قصر الهلال العميق كان منطقة واسعة من غابات الخيزران الأخضر الزمردي المتناثرة، و في داخلها، يبرز قصر ضخم ينبعث منه جو فخم. كان هذا اكبر مبنى و الاكثر اسرافا في كامل قصر الهلال العميق؛ اسمه كان مباشرا للغاية و يعرف بالقصر الرئيسي. جميع الأمور الهامة داخل القصر كانت تجري داخل القصر الرئيسي؛ و حفلة تعيين الرئيس الجديد للقصر، كانت أيضا تجري هنا.
عندما توجه يون تشي و شيا يوانبا الى القصر الرئيسي، لم يبقى سوى سبع دقائق على بداية الحفلة. و بالرغم من هذا، فحتى خمس المقاعد لم تكن ممتلئة؛ و ليس فقط ان اغلب الحاضرين من القسم العميق نفسه. بل كان من الولضح ان تلك الطوائف المدعوة تأخرة عن عمد، بدل من ذلك، فقد كانوا يهدفون الى التأخر، كما لو كانوا يتفاخرون بمكانتهم.
في نفس الوقت، كان أيضًا نوعا من الاستحقار لقصر الهلال العميق.
المترجم و المنسق / H-GO
المدقق / Abo Miqdad