11 - سحر الأرض

قوَّى باسل من حواسه و ردود فعله أكثر خلال الأسبوع الماضي استعدادا لمواجهة دب الأعماق من جديد. جميع الوحوش التي واجهها حتى الآن أصبحت سهلة بالنسبة له

و الآن و أخيرا سيواجه دب الأعماق مرة أخرى و هذا جعله متحمسا لأنه يريد تجربة إلى أي مدى قد تطورت قدراته

وصل الاثنان لمكان دب الأعماق و أنار المعلم المكان مرة أخرى، لكن باسل طلب منه ترك المكان مظلما

كان باسل لا يريد الاعتماد على الإنارة هذه المرة لأنه كان متحمسا حقا لرؤية إلى أي مدى أصبحت حواسه حادة

تقدم المعلم نحو دب الأعماق و قيد حركته بسحر الرياح ثم أمره كالسابق بعدم استخدام السحر. عاد المعلم إلى مكانه ثم تقدم باسل نحو وسط المكان و اتخذ وضعيته مستعدا

دب الأعماق بدوره كان مستعدا. انطلق باسل في اتجاه الدب بسرعة حتى وصل لأمامه ثم اختفى فجأة من أمام نظره

*بوووم*

أتت ركلة من باسل نحو جانب الدب الأيسر جاعلا هذا الأخير يصرخ 'غوااااااه' لكن باسل لم يتوقف عند هذا فقط، بل وثب في اتجاه الدب و أعاد الكرَّة راكلا إياه في نفس المكان من دون أن يتركه يرتاح. تقيء الدب القليل من الدماء ثم وقف على الأربع بسرعة و أخذ مسافة بينه و بين عدوه

كانت على وجه باسل نظرة فرح، على ما يبدو أنه وصل لمرحلة حتى الدب لم يعد يشكل له مشكلة. أحكم باسل قبضتيه و اتجه نحو الدب، هذا الأخير هذا المرة لم يكتفي بالوقوف و الانتظار فقط و اندفع بقرنيه في اتجاه باسل هو الآخر

عندما رآه باسل قادم نحوه، قفز في السماء و التف نازلا على رأس الدب، لكن هجمته تصدت لها يد الدب قبل وصولها للرأس. التقت قدم باسل مع يد الدب مما جعله يُقذف للوراء قليلا من قوة الدفع

"حسنا يجب أن لا أنسى أنه يتعلم أيضا أثناء القتال، لن يكون سهلا كتلك الوحوش" قال باسل مع نفسه. قوة باسل ارتفعت كثيرا خلال تواجده في 'وادي الظلام العميق' حيث الوحوش كخفافيش الظلام و الفئران القاضمة و الوحوش من نفس مقياس القوة أصبحت لا تأخذ منه وقتا و لا جهدا ليبيدها عن بكرة أبيها مهما كان عددها

لكن يبدو أن دب الأعماق ما يزال يمكنه المواصلة أكثر من الوحوش العادية، كان هذا شيئا طبيعيا لأن الوحوش السحرية لها ذكاء أعلى بالمقارنة مع الوحوش الغير سحرية و كلما كان مستواها في السحر عاليا كلما ارتفع ذكاؤها، و دب الأعماق مثال حي على هذا فقدرته التي تسمح له بجعل الحركة المستخدمة لمرة ثانية ضده عديمة النفع تأتي من ذكائه، حيث يكون قادرا على فهم قدرات خصمه إلى حد ما و صنع استراتيجية مضادة لها في الاستخدام الثاني لها

بدأ باسل بالدوران حول المكان و هذه المرة كانت سرعته أكثر من السابق لدرجة أن دب الأعماق لم يستطع تتبعه بعينيه و فجأة أتته ركلة أولى بجانبه الأيمن و ثانية بنفس المكان و أخرى ثالثة برأسه مسقطة إياه على الأرض فاقدا الوعي

فرح باسل لأنه كان قادرا على هزيمة دب الأعماق هذه المرة من دون أن يتلقى أي ضربة و لم يأخذ منه وقتا طويلا، التف باسل و ذهب لمعلمه ثم قال "أيها المعلم، أظن أنني مستعد لمواجهته بكامل قوته، عندما يستيقظ أرجوك مُرْهُ باستخدام كامل قوته" سأل باسل معلمه بنبرة صوت مليئة بالاحترام

أومأ المعلم برأسه موافقا ليتحمس باسل بشأن مواجهته السحر لأول مرة وجها لوجه

مرت ساعات و أثناء هذا طبخ المعلم بعض الطعام و أكله مع باسل و عند انتهائهما مرت دقائق فاستيقظ الدب معافى من جراحه ذهب المعلم في اتجاهه و عندما وصل أمامه وضع يده على رأس الدب الذي كان يبدو كما لو أنه حيوان لطيف في حضرة المعلم ثم قال، "استخدم كل قوتك من الآن فصاعدا، و اعلم أن حياتك تعتمد على هذا" أمر المعلم الدب ثم عاد لمكانه مرة أخرى. تقدم باسل نحو الأمام و اتخذ وضعية القتال مستعدا و بمجرد فعله لهذا خرج من الأرض عامود حجري حاد النهاية مستهدفا إياه

عندما رأى باسل العامود قفز للوراء بسرعة و ابتعد كفاية كي لا يصله العامود و بمجرد نزوله على الأرض كان دب الأعماق متقدما نحوه مستهدفا إياه بقرنيه و بمجرد اقترابه من باسل قفز هذا الأخير مرة أخرى في السماء متجنبا الهجوم

نزل باسل على الأرض و راوغ لقليل من الوقت اندفاعات الدب. بعد مدة اندفع باسل في اتجاه الدب لكن ظهر في طريقه عامود آخر موجه نحوه. راوغه باسل في آخر لحظة بقفزه جانبا بحيث مزق قميصه

تراجع باسل للخلف عدة خطوات ثم نظر لقميصه الممزق من الجانب، لو أنه تأخر لثانية، لا، للحظة أخرى فقط لكان جانبه أيضا ممزق و ليس قميصه فقط

"حسنا، تلك الأعمدة خطيرة، يجب أن أفهم كيفية عملها أولا إن أردت صنع خطة مضادة لها. على ما يبدو من العامودين اللذين أظهرهما قبل قليل، فطول العامود الذي يخرجه يصل إلى ثلاثة أمتار، و بما أنه كانت لديه أكثر من فرصة ليقتلني فيها إن استخدم أكثر من عامود واحد في نفس الوقت و لم يفعل هذا، فهذا يعني أنه لا يمكنه استخدام أكثر من عامود واحد في مرة واحدة، حسنا هذا ما يمكنني جمعه من معلومات للآن، لكن، هذا لا زال ليس كافيا بعد، فإن لم أعرف متى سيستخدم سحره لن أكون قادرا على الهجوم، حسنا، لنكتشف هذا الأمر أولا" كان باسل بينما يقاتل يحلل سحر الأرض الخاص بدب الأعماق، فهذا كان أولويته الآن. لقد حفرت تعاليم معلمه في عقله، قبل أن يهاجم بتهور يجب عليه جمع أكبر قدر من المعلومات لصنع خطة مضادة و من ثم تنفيذها

انطلق باسل بسرعة و حطم العامود الذي استهدفه قبل قليل ثم شرع في حمل الحجارة من الأرض و رميها بكل قوة ذراعه في اتجاه دب الأعماق

دب الأعماق تصدى لجميع الحجارة التي استهدفته بقرنيه، كل حجر كان يلتقي بقرن من قرنيه كان يتحول لفتات، ببساطة كانت قساوة قرنيه كبيرة كما لو أنها مصنوعة من الفولاذ

استمر باسل على هذا المنوال من دون الحصول على نتيجة مقبولة و عندما تبقى له حجرين فقط اندفع في اتجاه الدب لكن بمجرد اقترابه قليلا خرج عامود من الأرض مرة أخرى، راوغه كالسابق لكن..

*بوووم*

أتت نطحة من الدب جاعلة باسل يحلق لأمتار حتى اصطدم بالحائط و تقيء الدماء، حاول الوقوف لكن هذا كان بلا فائدة، فعلى ما يبدو أن جانبه و ذراعه اليساريين قد تضررا لأنه دافع بهما في آخر لحظة و إلا لكان ميتا، قرني الدب لم يخترقاه كثيرا لأنه قفز للوراء مما قلل من شدة الضربة و تسببت له في جروح ليست ببليغة لكنها لست بسطحية أيضا

حاول الدب مهاجمة باسل مرة ثانية لكن المعلم أوقفه "توقف"، عند سماع كلام المعلم توقف الدب في مكانه و عند رؤية باسل لهذا تنفس الصعداء قليلا لأنه كان ميتا لا محالة، كان قد جرب بالفعل محاولة الهرب لكن جسمه كان متخدرا من الصدمة الناتجة عن الضربة

تقدم المعلم نحو باسل و أخرج 'إكسير العلاج' ثم أعطاه لباسل ليشربه. سقط باسل نائما في مكانه بعد شربه الدواء و ظل هكذا لساعات قبل أن يستيقظ

"لقد استيقظت أخيرا، أخبرني ماذا اكتشفت للآن في مواجهتك للدب عن قدراته؟" كان المعلم ينتظر باسل ليستيقظ بينما يجلس أمامه و بمجرد أن نهض، شرع في طرح الأسئلة عليه

رد باسل بينما يمسك رأسه "حسنا"

شرح باسل لمعلمه ما اكتشفه من قتاله للدب و مر بعض الوقت منذ بدء محادثتهما

قال المعلم "أهذا كل ما اكتشفته؟"

أجاب باسل بينما تعتليه نظرة تشير على أنه يتذكر شيئا ما "لا، ما زال هناك شيء لم أتأكد منه تماما لأنني تلقيت الضربة مباشرة بعدها، لكن أنا متأكد بنسبة 80 بالمئة"

"هوه، و ما هي؟ قل لي" قالها المعلم منتظرا رد باسل

أجاب باسل "حسنا، أولا، هو لا يستطيع مهاجمتي بسحر الأرض إلا بعد دخولي لمدى محدد و على ما أظن فإنه يتراوح بين ستة و ثمانية أمتار. ثانيا، لا يستطيع استخدام سحر الأرض إلا بعد مضي حوالي ثلاثين ثانية. حسنا هذا كل ما اكتشفته، لا زلت لم أعرف متى يكون سيستخدم السحر لكن أظن أني سأعرف هذا في المعركة القادمة" أكمل باسل شرحه و نظر للدب المستلقي في الزاوية بعيدا

تكلم المعلم "حسنا، هذا جيد جدا بالنسبة لأول معركة لك ضده و هو يستخدم سحر الأرض، اكتشافك لكل هذا علامة جيدة، حسنا فلنكمل التدريب" وقف المعلم و باسل. اتجه باسل نحو الدب الذي سبق و وقف عندما رآه

"حسنا أولا سأحاول جعله يستخدم سحره لأكتشف كيف يفعل هذا و أحاول اسغلال الثلاثين ثانية التي لا يستطيع استخدام السحر فيها، مع أن هذا لن يكون سهلا كالقول" بينما باسل يتجه نحو وسط المكان ليبدأ معركته الثانية، كان يفكر في حل ما سيمكنه من اكتشاف طريقة عمل سحر الدب

استعد باسل و قال مع نفسه "حسنا للآن سأحاول البقاء خارج المدى الذي يستطيع فيه أن يستخدم سحره، سأبقى خارج دائرة التي هو مركزها و قطرها اثني عشرة متر إن احتسبنا طول العواميد و أرى كيف سيتفاعل مع الوضع أولا"

كانت المسافة الآن بين باسل و دب الأعماق الآن تصل لحوالي عشرين متر و لهذا كان باسل مطمئنا لأنه يعرف أن سحر الأرض لن يبلغه بما أنه بعيد، لكن أثناء هذا بدأ الدب بالاندفاع في اتجاه باسل مقلصا المسافة بينهما

"هوه، بما أني بعيد كفاية كي لا يصلني سحره سيحاول تقليص المسافة، لكن لا تحلم بهذا" كان باسل يفكر و يحلل أفعال الدب ثم تراجع عدة خطوات للوراء و شرع في الدوران حول المكان بحيث كلما اقترب منه الدب ينتقل لنقطة أخرى بعيدة عن الدب في الدائرة التي يلتف حولها، و هكذا حفظ مسافة بينه و بين الدب، لكن فعل هذا طوال الوقت لن يصل به لنتيجة

بدأ باسل في تصغير قطر الدائرة شيئا فشيء محاولا الوصول لمدى سحر الدب و حساب المسافة بالضبط التي يصل إليها. كان الدب يتبع باسل محاولا تقليص المسافة بسرعة و باسل كان يبتعد عنه و من ثم ينقص من المسافة التي كانت بينه و بين الدب سابقا مرة أخرى

استمر الوضع هكذا إلى أن أصبحت المسافة بينهما تسعة أمتار فقط، عندها جاء هجوم سحر الأرض من دب الأعماق لكن باسل قفز في الحال للوراء ثم بدأ يفكر و ابتسامة على وجهه "حسنا، أولا، مدى سحره هو سبعة أمتار و عند إضافة طول العامود يصبح مداه عشرة أمتار. ثانيا و الأهم، أنه في كل مرة ينوي فيها استخدام سحره يضرب بقدمه على الأرض ثم بعدها بحوالي ثانية يخرج العامود من الأرض، حسنا"

كان باسل بجانب عامود السحر الذي استُخدم ضده في أول المعركة السابقة. حطمه و حمل ما يستطيع من الحجارة ثم وقف "حسنا هذا يكفي" و بعد قوله لهذا اتجه نحو الدب بحذر منتظرا إياه لكي يستخدم السحر

دخل باسل لمدى سحر الدب لكن الهجوم لا زال لم يأتي حتى بقي بينه و بين الدب سبعة أمتار فقط *بووم* عندها رأى باسل الدب يضرب بقدمه على الأرض فقفز للوراء عاليا بكامل قوته، لكن حدث ما لم يتوقعه *فسس* الهجوم أتى من وراءه و لحسن حظه أنه قفز باكرا فأصيب بفخذه الأيسر و عندما نزل على الأرض كان قد سبق و جمع شتات نفسه لأنه يجب عليه استغلال الثلاثين ثانية جيدا

في هذه الأثناء كان الدب متوجها نحوه مستهدفا إياه بقرنيه محاولا نطحه كالسابق، لكن باسل كان قد قفز للوراء لأنه يعرف أن الدب سيهاجمه بمجرد ما أن يراوغ العامود الحجري، فهذا سيعطيه مسافة أكبر ليستعد لاندفاعه قبل وصول الدب إليه، مع أنه لم يتوقع قدوم الهجوم من الخلف، و لهذا تنفس الصعداء و اعتقد أنه اختار الخيار الصحيح عندما انتظر حتى يعرف متى يستخدم الدب سحره، لأنه عند معرفته لهذا اكتسب تلك الثانية التي كانت السبب في نجاته الآن

اندفع باسل تجاه الدب الذي كان بدوره فاعل نفس الشيء، كان باسل مرتاحا لأن الدب لن يكون قادرا على مفاجأته بسحر الأرض

عندما اندفع باسل و اقترب من الدب، قفز للجانب الأيمن و شرع في رميه بالحجارة بكل ما يملك من قوة في ذراعه اليمنى

*بووم، بووووم، بوووووم*

رمى باسل جميع الحجارة مرة واحدة على الجانب الأيسر للدب مما جعل هذا الأخير يصرخ متألما "غواااااه' سببت له الحجارة عدة جروح مما جعل حركته مقيدة مؤقتا، استغل باسل هذه الفرصة. اندفع نحو الدب و ركل رأسه بقدمه اليمنى بكل قوته *بوووم* بدأ الدب يتمايل ليسقط لكن باسل لم يترك هذا يحدث و أعاد الكرّة راكلا إياه بقدمه اليسرى *بوووم* *طررق* بعد صوت ركلة باسل أتى صوت انكسار عنق معلنا عن موت 'دب الأعماق'

من تأليف Yukio HTM

2017/06/11 · 1,627 مشاهدة · 1918 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024