12 - أنمار




كانت على وجه باسل نظرة فرح كبيرة. ذهب لمعلمه ثم سأله "أيها المعلم، ألا بأس إن أخذت الحجر الأصلي منه هذه المرة بما أنني هزمته" كان باسل يريد تجميع محصوده الأول من هزيمته لوحش سحري و لم يستطع الانتظار أكثر

تنهد المعلم من حال المتعلم و أجاب "حسنا، لا بأس بما أنه قد مر وقت كاف لتتجدد الدببة الأخرى التي قتلتُها"

قفز باسل فرحا و ذهب بسرعة لجثة الدب و فتحها من وسط الصدر ثم أخذ الحجر لتختفي الجثة بعدها. كان الحجر بلون أزرق فاتح و يلمع من الداخل بطاقة غريبة بلون أزرق فاتح قريب للون الأبيض تتغلغل هناك. عندما حمل باسل الحجر الذي كان بحجم راحة يديه أحس بنتيجة مجهوده قد أتت أخيرا ثم التف و سأل معلمه "أيها المعلم، آخر مرة لم نأخذ الحجر و أنعِش الوحش بعد حوالي أسبوع، كم سيأخذ من الوقت هذه المرة بما أنني أخذت الحجر؟"

"آه، حسنا، حوالي شهر" أجاب المعلم ثم أكمل قائلا "لقد سمحت لك بأخذه بما أنه مر على بعض الدببة التي قتلتها حوالي ثلاث أسابيع و بقي لها أيام قليلة فقط على التجدد، لهذا حتى و لو تأخر ذلك الذي قتلته في التجدد، سيكون هناك دببة قد سبق و تجددت في خلال أسبوع"

قال باسل "آه، هكذا إذا، هناك دببة ستتجدد بعد أسبوع" كانت على وجه باسل ابتسامة خفيفة بينما ينظر للحجر في يديه لكنه فجأة فتح عينيه و قال بصوت متردد "أيها المعلم، هل يمكن أنني سأقاتل هذه الدببة بعد أسبوع؟"

أجاب المعلم مع ابتسامة "هوهو، بالطبع"

"و كم منها سيتجدد يا ترى؟" سأل باسل و زاوية فمه تهتز

أجاب المعلم مرة أخرى "أمم، في اليوم الأخير من الأسبوع الذي قلته سيتجدد الثالث"

عندما سمع باسل إجابة معلمه نزل كتفاه و رأسه للأسفل من الإحباط، فدب أعماق واحد سبب له المعاناة لكنه بعد أسبوع سيواجه ثلاثة في نفس الوقت. في هذه الأثناء بدأ باسل يفكر "أتساءل كيف حال أمي الآن؟ هل الأمر صعب عليها بما أنني اختفيت لكل هذه المدة من دون أن تعرف مكان تواجدي؟" تذكر باسل عيني أمه الحمراوتين بسبب الدموع اللتين رآهما صباح مغادرته المنزل و تألم لكنه تابع القول مع نفسه "حسنا، هذا كله من أجل تخفيف الأمر عليها مستقبلا" و بعدها جاءت صورة تلك الفتاة في عقله "حسنا بما أنها معها فلا يجب أن أقلق كثيرا"

(في قرية باسل 'السوق')

كانت هناك فتاة بشعر ذهبي يسلب القلوب كلما تطاير مع الرياح، و عينين بزرقة السماء الواسعة عند النظر لهما تأخذانك في رحلة بخيالك، مرتدية فستانا أبيض اللون مما زاد من جمالها أكثر. كانت الفتاة محاطة بهالة ملكية و تبدو كجنية أتت من أرض العجائب

"أوه أنمار"، "إنها أنمار"، "آه مرحبا بك يا أنمار في السوق هل ستشترين شيئا ما؟ إن كانت البطاطس، فلتأتي سأجعلها مخفضة بعشرين بالمائة من أجلك"، "إن كانت الطماطم فلتأتي سأجعلها بسبعين في المائة من ثمنها الأصلي"

كانت هناك طلبات البائعين بثمن منخفض تأتيها من كل مكان، فمن خلال هذا يمكنك أن ترى كم هي شعبية هذه الفتاة في هذه النواحي. كانت كل أعين الفتيان بعمرها و أكبر منها و أصغر منها مسحوروة بجمالها، معجبيها لم يكونوا فقط من الفتيان، بل حتى من الفتيات حيث كانوا يحترمونها و يعتبرونها قدوتهم

بينما الحديث يدور بينهم "آه، كم هي جميلة كالعادة"، "لا لا أليست أجمل من الأمس"، "آه إنها تصبح أجمل كل يوم"، "أتمنى لو أنها تصبح زوجتي في المستقبل" بمجرد أن قال الشخص الأخير هذا الكلام كانت هناك نظرات تأتي من عيون حمراء تحمل نية قتل من جميع المحيطين و عندما رأى هذا الشخص هذا، تراجع عن كلامه "لا، لا، لم أعني ما قلته" لكن نظرة الجميع لم تتغير "آآآه" ركض هذا الشخص هاربا بينما يتبعه حشد من الفتيان في مختلف الأعمار كضباع جائعة

"يااااااااه" صدرت صرخة من ذلك الشخص من مكان بعيد توحي على أن روحه خرجت من مكانها

ذهبت الفتاة للدكاكين و اشترت جميع المكونات التي كانت تحتاجها و بينما هي أمام بائع الجزر سألها هذا الأخير "أين باسل هذه الأيام لم أعد أراه أبدا مؤخرا"

أجابت أنمار "آه هذا...."

عندما كانت الفتاة ستجيب سمعت صوتا قادما من بعيد و الصوت كان للعديد من الأقدام و بدأ يرتفع شيئا فشيء معلنا اقتراب المسؤولين عنه و عندما وصلوا رموا نفسهم على بائع الجزر "هل قلت باسل قبل قليل؟"، "تكلم"، "أجب أيها العجوز"، "أين هو ذلك الصعلوك؟"، "إن رأيته في مكان ما أخبرنا أين هو و إلا...." فجأة قاطعهم صوت أنمار

"أيها الجميع من فضلكم اهدؤوا، هو لا يعرف مكان باسل، بالأحرى، لقد سألني عنه، و لهذا اتركوه من فضلكم"

اصطف الجميع جانبيا و حكوا رؤوسهم و وجناتهم حمراء بينما يقولون "آه هكذا، إن قالت هذا ملاكنا أنمار فلا بد أن هذا هو الأمر" و بعد أن انتهوا أحاطوا ببائع الجزر و عيونهم حمراء ثم قال واحد منهم "اسمع أيها العجوز، لقد أنقذتك ملاكنا هذه المرة، لكن لا أريد منك قول اسم ذلك الشقي الوغد أمام ملاكنا مرة أخرى و إلا...حسنا، أنت تعرف ما سيحدث، و إن حدث و أن رأيت ذلك الصعلوك كن متأكدا من إخبارنا"

(في هذه الأثناء في مكان باسل، صعدت قشعريرة معه و عطس)

بعد ما انتهى ذلك الشخص من الكلام اصطفوا مرة أخرى و انحنوا لأنمار قائلين "حسنا، نحن ذاهبين الآن، آسفون على الإزعاج أيتها الملاك أنمار" بعدها ذهبوا كلهم بينما هناك أصوات بينهم تقول "آه لقد نظرت لي"، "هاه، لا تحلم لقد كانت تنظر لي"، "بل لي أنا فقط كنت خلفكما و أسأتما الظن"، "هاه، من تظن نفسك يا هذا؟" ثم نشبت بينهم معارك

كانت الابتسامة دائما مرسومة على وجه أنمار و كانت شعبية بشكل لا يصدق في القرية. كانت ملاك الجميع و كل من يحاول الاقتراب منها يلقى مصرعه على يد ذلك الحشد من الفتيان. هؤلاء الفتيان كانوا معجبي 'الملاك أنمار' و يعتبرون نفسهم حرسها الشخصي

كان كل شخص يعرف هذا في القرية و لهذا و لا فتى كانت لديه الشجاعة الكافية للاعتراف بحبه لها، لأنه بمجرد أن ينوي فعل هذا، تكون الشائعات قد سبق و انتشرت عنه و يأخذ درسا حميما من الحرس الشخصي للملاك أنمار

كان الحرس الشخصي يضع عينيه على كل شخص يحاول الاقتراب من الملاك أنمار و يضعونه في قائمتهم السوداء. و في هذه القائمة السوداء كان هناك من يتصدر القمة و كل واحد من الحرس الشخصي يكرهه. كانوا متفقين على أنه إن رآه أي شخص منهم فعليه إخبار الباقيين عن مكانه و الذهاب لتصفية الحساب معه

كان هذا الشخص هو 'باسل' الصعلوك الشقي الوغد المكروه من قبل جميع الفتيان. كان هذا بسبب قربه من الملاك أنمار كثيرا. الكل يعرف أن ملاكهم معجبة بهذا الشخص و لهذا ليس هناك من لا يكرهه على حظه القوي و فوق هذا لا يعامل ملاكهم حتى بشكل جيد

كان باسل يعاني من الصغر من هذا الأمر. فحتى لو كان كاره صداقات و مهتم في الكتب فقط، لم يكن ليكون غريبا حصوله على صديق واحد على الأقل، لكن الأمر لم يكن هكذا، فهو كان منبوذا من الجميع بسبب علاقته القريبة بأنمار و شخصيته المتعجرفة، فهو كان يعاملهم دائما كما لو أنهم ليسوا سوى صراصير لأنه لم يكن مهتما لا بهم و لا بحبهم لملاكهم و لا بحبها له، و هذا جعلهم يكرهونه كثيرا و يضعونه في قمة قائمتهم السوداء

اشترت أنمار كل المكونات و ذهبت في طريقها خارج السوق

"أمي، لقد وصلت" دخلت أنمار لمنزلها

أجابتها أمها سميرة "آه، مرحبا بك هل جلبت كل ما طلبت منك إحضاره؟"

أجابت أنمار "نعم" بينما تنزل الخضر و الفواكه التي أحضرتها ثم أكملت قائلة "حسنا سأذهب الآن لمنزل العمة 'لطيفة' لإعطائها الخاصة بها"

خرجت أنمار من المنزل متوجهة نحو منزل باسل الذي كان فقط بجانب منزلها

*دق، دق*

"من هناك؟"

"إنها أنا يا عمتي لطيفة، لقد أتيت بالخضر و الفواكه"

فتحت لطيفة الباب فدخلت أنمار و أعطتها جميع المكونات ثم قالت "عمتي، ألا زال باسل يذهب لذلك الصديق و لا يعود إلا ليلا؟"

أجابت الأم "آه، لقد نسيت إخبارك، لقد ذهب ليتدرب و لن يعود إلا بعد شهرين على ما يبدو، إنه الآن غائب لأسبوعين بالفعل"

تعجبت أنمار من كلام عمتها ثم بدأت تفكر "شهران؟ مع صديقه؟ لا أظن أنه سيترك العمة لطيفة لوحدها كل هذه المدة فقط للتدرب مع صديق، كما توقعت هناك شيء ما وراء هذا"

كانت أنمار تعرف شخصية باسل جيدا، فبعد كل شيء منزليهما ملتصقين ببعضهما، كانت معه منذ نعومة الأظافر و هذا كان طبيعيا، لأن أميهما صديقتين منذ الصغر أيضا. فقبل أن يأتوا لهذه القرية كانتا تعيشان مع زوجيهما اللذين بدورهما كانا صديقين منذ الصغر، حتى وقعت حادثة هجوم الشياطين، و في سبيل هروب زوجتيهما اللتين كانتا واحدة منهما تحمل الرضيعة أنمار و التي هي سميرة و الأخرى كانت لطيفة الحامل بباسل، ضحى الزوجين بنفسيهما من أجل أن تعيش عائلتيهما

و منذ ذلك الحين كانتا الأمَّيْن تتكلان على كتف بعضهما البعض من أجل الاعتناء بطفليهما. و لهذا كانا باسل و أنمار لهما علاقة قريبة ببعضهما البعض منذ الصغر

"حسنا، عندما يأتي المرة القادمة سأحاول سؤاله و إن لم يجبني سأتبعه فقط و أعرف إلى أين يذهب" كانت أنمار تفكر مع نفسها

قالت لطيفة "صغيرتي أنمار، شكرا لك دائما على مجهودك، إنك حقا تساعديني، آه، قلي لأمك أن تأتي إلى هنا لنتشارك أكل الغذاء"

توقفت أنمار عن تفكيرها و أجابت "حسنا يا عمتي سأخبر أمي بهذا"

(بالعودة لوادي الظلام العميق)

مر أسبوع على هزيمة باسل لدب الأعماق و حان وقت تجدد الثلاث دببة

*دو، دو، دو*

كان باسل يحطم خفافيش الظلام واحدا تلو الآخر و بسرعة كبيرة جدا. أخذ منه جيش كامل من الخفافيش يصل عدده لحوالي مئتين خمسة دقائق فقط لينهيه

قال المعلم "حسنا يبدو أن سرعتك ازدادت مرة أخرى خلال الأسبوع الماضي، إن استمريت على هذا المنوال، في غضون سنة ستكون في أتم الاستعداد"

أجاب باسل "حسنا أيها المعلم"

أمر المعلم باسل "الآن لنذهب لكهف 'دببة الأعماق' "

أجاب باسل "حاضر أيها المعلم"

ذهب الاثنان و كالعادة قتل باسل جميع الوحوش في الطريق إلى أن وصلا للكهف و عند وضع قدميهما صدر زئير الثلاث دببة

أحكم باسل قبضتيه و شرع في قتل الوحوش مرة أخرى إلى أن وصلا لمكان الدببة، تقدم المعلم نحوهم و أمرهم بعدم استخدام السحر ثم استدار و قال لباسل "عندما تكون قادرا على هزيمتهم ثلاثتهم معا سأجعل واحدا منهم يستخدم السحر و عندما تهزمهم مرة أخرى سأجعل واحدا آخر يستخدم السحر و هكذا إلى أن تهزمهم جميعا، عند هزيمتهم لا تقتلهم لأننا لا نريد الانتظار أسبوعا كاملا، و ستستمر هكذا حتى تتجدد جميع الدببة و تهزمهم"

صدم باسل بينما يفكر في ما قاله المعلم "جميع الدببة؟ ألم يقل المعلم أن هناك عشرة منهم في الأصل باحتساب الذي قتلته؟ أ هذا يعني أنني بعد ثلاث أسابيع من الآن سأكون أقاتل عشر دببة في آن واحد؟"

بدأ جسده يهتز، لكن ليس من الخوف هذه المرة، لقد كان من شدة الحماس، فكل التدريبات التي أعطاها له المعلم قد يمكن أنها كانت صعبة لكنها لم تكن مستحيلة و فوق هذا كله، بعدما ينتهي من التدريب المعطى له يرى نتائج هائلة و لهذا صرخ قائلا "حاضر أيها المعلم"

من تأليف Yukio HTM


أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/06/13 · 1,625 مشاهدة · 1740 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024