124 - اختراقات متتابعة

124 – اختراقات متتابعة

تغطت السماء بالأسود. تظلل كل شخص على الأرض بهذه السحابة السوداء العظيمة. و برؤيتهم لهذا المشهد، ارتعبوا و صرخوا كما صرّح الصوت العميق من وسطهم مرة أخرى. فقط، كان هذه المرة صوته مصحوبا بارتجاف غير معهود منه: "إنها النهاية. هذه نهاية وكرنا العظيم. مهما كان مستوى هذا الوحش الذي بإمكانه إطلاق مثل هذه الهجمة، فلا شك أنه فوق قدرتنا بكل المقاييس."

بتلويح فضيلة كرم لرمحها من الأعلى للأسفل. رمت بكل قوتها تجاه باسل. فنتج عن ذلك سحابة من سحر الظلام التي نزلت مباشرة بسرعة خاطفة للغاية نحو باسل الذي لم يعد يجد مهربا من الهجمة المروعة.

في تلك اللحظة، فكر باسل بشيء ما و بدا عليه الانزعاج كثيرا: "يبدو أنني يجب أن أرخي قمعي بعد كل شيء. يا له من حظ الذي أملكه. فلنأمل أن بحر روحي سيحتمل الصدمات. أما الألم، فلقد جربته و علمت قسوته. لم أعتد عليه بعد لكنني عرفت أنني أقدر على النجاة منه."

*وووووش*

اقتربت السحابة السوداء التي أتت بضغط مستواها كذلك مولدة ارتجاجا في الهواء المحيط بها و جاعلة الناس على الأرض تضغط أكثر للأسفل. و مع ذلك، في مثل هذا الموقف الذي لا يحسد عليه أحد، شحذ باسل طاقته السحرية الخاصة بعنصر النار لأقصاها و لم يتوقف عند قمتها.

*بوووووم*

فجأة، و كما لم يتوقع أحد، انطلق ضوء ساطع من جسد باسل نحو السماء و ارتفعت هالته أكثر بعد أن توقفت لفترة قصيرة بقمة المستوى السادس معلنة بذلك اختراقه للمستوى السابع.

صرخ الناس بالأسفل: "المستوى السابع؟ ! "

"لقد اخترق للمستوى السابع يا قوم. ما هذه الأمور الغريبة التي تستمر في الحدوث؟"

عادة، عندما يخترق الساحر لمستوى جديد. يحس بنشوة و حيوية لا مثيل لهما. لكن، في حالة باسل، لم يكن الحال نفسه. صرخ باسل متألما بعد الاختراق مباشرة. بمجرد ما أن اخترق اتسع الختم أكثر فاندفعت طاقة سحرية خارجية هائلة لجسده دفعة واحدة غير تاركة الوقت لبحر روحه كي يستوعبها تدريجيا.

*بووووم* *بووووم*

اختراقان متتابعان، لم يعلم أي أحد ما الذي يحدث؟ لكن بعد أن اخترق باسل للمستوى السابع. اخترق مستوى عنصر التعزيز الذي كان بالمستوى التاسع للقسم النهائي بعد أن كان في القسم الأولي. كما اخترق عنصر النار من القسم الأولي للقسم المتوسط من المستوى السابع.

كان هذا الأمر غريبا للغاية على الجميع. لكن باسل كان يقمع طيلة الفترة الماضية عنصر النار من الاختراق كي لا يؤثر ذلك على الختم فيتعرض بحر روحه للطاقة الخارجية مرة أخرى.

بعدما أتقن باسل الفن القتالي الأثري، أصبح جسده يتعافى بسرعة أكبر مما كان عليه. و أصبحت قدرة شفائه تفوق الضرر الذي كان يتعرض له من الطاقة الخارجية باستمرار. بناء على هذا، قرر باسل أخذ مغامرة أخرى.

استمرت طاقة عنصر النار في الارتفاع كما استمر الختم في الارتخاء أكثر، فاندفعت كميات هائلة من الطاقة الخارجية لجسم باسل من دون توقف. مثل هذا الأمر جعل الكل يُصعق. في لحظة، أصبحت هالة هذا الفتى عميقة و ضاغطة للغاية.

*بوووم* *بووووووووووم*

اختراق آخر جعل عنصر النار بالقسم النهائي من المستوى السابع. و اختراق ثانٍ جعل عنصر التعزيز بالمستوى العاشر بالقسم المتوسط. تعرق الكثير كما بدأ يحس بعضهم بالإغماء. طاقتان آتيتان من طرف ساحرين مرعبين كانت أكثر مما يمكن للكثير منهم استحماله.

تغيرت نظرات فضيلة كرم الهادئة أخيرا و ضاقت عيناها قليلا. حدث الأمر بسرعة كبيرة للغاية. في ثوانٍ قليلة اخترق هذا الفتى لمستويات و أقسام عليا كانت كافية لتصدم أي شخص بالوجود. لم يسبق لفضيلة كرم أن رأت مثل هذا الأمر أبدا طيلة حياتها كاملة. رأت عجائب هذا العالم و شاهدت أمورا صادمة. و مع ذلك، هذا الشيء الذي حدث لهذا الفتى كان الأغرب و الأكثر غموضا من بينها كلها.

كان باسل يعاني من الطاقة الخارجية. و في لحظة، عندما أحس بأن طاقته وصلت لأوجها و لم يعد هناك ارتفاع آخر بالمستوى. ركز على التحكم في كل الطاقة الخارجية التي توغلت لجسده. أثناء لفعله هذا، تقيأ الدماء و بدأ يحس بعظامه تتصدع.

كانت طاقة عنصر التعزيز غير متعلقة بارتفاع باسل بالمستوى كونها ناتجة عن حالة شاذة و كونها طاقة خارجية. فما يتحكم فعليا بمستوى الشخص هو عنصره الأول و الذي تنتجه الكرات الأربعة عشر في بحر الروح.

طاقة عنصر التعزيز التي بلغت القسم المتوسط من المستوى العاشر كانت أكبر مما يقدر باسل على تحمله. في تلك اللحظة، نشطت القطعة الأرضية بداخل بحر روحه بعدما كانت تستنزف طاقة عنصر التعزيز بثبات. شُفِطت الطاقة الخارجية من عنصر التعزيز و اتجهت نحو نقط الأصل بسرعة كبيرة للغاية عما كانت عليه ثم مرت عبر مسار نقط الأصل حتى وصلت للقدمين و انتقلت من خلالهما إلى القطعة الأرضية.

بدأت القطعة الأرضية في استنزاف الطاقة بشكل مخيف و بدت كما لو أنها واد عميق لا حدود له يستطيع أكل كل ما تلقي له من دون توقف.

بدأ بحر روح باسل في الاستقرار شيئا فشيئا. و مع ذلك، كل ما كانت تفعله القطعة الأرضية هو تقليل الضغط قدر المستطاع. و الباقي يكون على تحكم باسل.

طيلة الوقت الماضي كان باسل حريصا في تحكمه بعنصر التعزيز و عنصر النار سواء بنومه أو استيقاظه. أبسط زلة منه كان بإمكانها أن تكون سببا في انكسار بحر روحه.

مع أنه لا زال يتألم، إلى أن باسل أصبح بإمكانه التحكم على الأقل في المستوى المرتفع لطاقة عنصر التعزيز بعدما ساعدته القطعة الأرضية. لذا في الحال أسرع بشحذ سيفيه الأثريين بعنصريه و تحكم فيهما بشكل مثالي.

تحول السيفين الأثريين لِلَهبين ثم أحاط بهما طاقة زرقاء كبيرة للغاية مما جعل اللهبين يبدوان كنتيجة لذلك مثل طاقتين مختلفتين تشكلان نصلين هائلين وصل حجمهما لثلاث أمتار طولا و نصف متر عرضا.

بـالتحكم المثالي*، جعل باسل هذين النصلين الضخمين يتقلصان أكثر و أكثر كما لو أن الطاقتين المختلفتين اللتين تشكلان هذين النصلين تتعرضان للضغط.

(عوض الكمال في التحكم، أظن أنها أفضل و أسهل)

حدث كل هذا بسرعة فائقة. ارتفاع مفاجئ و ضخم و تحكم مثالي في كل الطاقة المكتسبة.

في مواجهة السحابة السوداء التي لم يتبقى بينها و بينه سوى أمتار قليلة، حرك باسل سيفيه و صرخ: "الامتداد الكلي ! "

انطلقت طاقة المستوى العاشر بالقسم المتوسط الخاصة بعنصر التعزيز من السيفين الأثريين اللذين كانا عبارة عن نصلين من طاقتين مختلفتين. هذان النصلان ضغِطا إلى أن أصبحا بعرض سنتمترين و مترا طولا فقط.

بعد تلويح باسل، كل الطاقة التي ضغطت بالنصلين امتدت نحو السحابة السوداء حاملة عنصر النار معها.

تشكل هجوم باسل أمام السحابة السوداء فجأة بفعل الامتداد الكلي و أصبح عبارة عن سيفين عملاقين مكونيْن من اللهب. كان هذان السيفان امتدادا كليا للنصلين. كما لو أنه تم تشكيل نسخة عظيمة من النصلين أمام السحابة السوداء.

التقى السيفان العظيمان بالسحابة السوداء. و بمحاولتهما اختراقها، اتضح أن هذه السحابة السوداء كانت في الحقيقة سحابة حقا ناتجة من عنصر السحب حيث التف حولها عنصر الظلام.

*زززززززززن*

استمر الاحتكاك في الحدوث بين السيفين العظيمين و السحابة السوداء صانعا ضوضاء تصم الآذان و تفشل الركاب.

هذان السيفان العظيمان المكونان من اللهب المعزز اخترقا السحابة السوداء التي كادت أن تقتل باسل. فحدث انفجار مهول بالسماء نتيجة اختراق السيفين العظيمين دفاع السحابة السوداء التي كانت تتصدى لهما.

*بااااااااام*

قطع السيفان العظيمان السحابة السوداء و بدأت طاقتهما تتبدد. لكن كانت لا تزال هناك بعض الطاقة منهما التي لا زالت موجودة. قام باسل باستخدام تحكمه المثالي فحرك النصلين بيديه و جعل تلك الطاقة تتحول لسيوف كثيرة ثم لوح بذراعيه نحو فضيلة كرم.

*ووووش* *ووووش*

انطلقت المئات من السيوف التي كانت مكونة من اللهب المعزز مرة واحدة نحو فضيلة كرم بسرعة كبيرة.

تغيرت تعبيرات فضيلة كرم لمرة واحدة فقط، و هذه المرة كانت عندما تعجبت من اختراق باسل لعدة أقسام مرة واحدة. لكنها الآن تحمل نظراتها الهادئة كأعماق المحيط من جديد.

حركت يديها الاثنتين فأدارت رمحها ذو الرؤوس الثلاثة و توقفت أخيرا قبل أن تلوح به مكونة عدة سحابات تحمل معها البرق بينما تدوي في الهواء. لكن هذه السحابات لم تكن تتضمن معها هذا فقط. بل حتى أنها اصطحبت معها عنصر الظلام الذي كان يتموج بالداخل.

*باام* باام* باام*

التقت السحب مع السيوف فحدث انفجار في السماء مرة أخرى مولدا بذلك انفجارات عدة كانت أقل صدمة من الانفجار المهول الذي حدث في الأول.

تكلمت أخيرا فضيلة كرم بصوتها الناعم و الهادئ كسيران الغدير: "يمكنني أن أفهم لما كان بإمكانك قتل فالتشر. و مع ذلك، هذا فوق المتوقع قليلا."

تكلم باسل مجيبا: "و يبدو أن مستواك أعلى مما سمعت. سمعت أنه في المستوى التاسع، لكن اتضح أنك بالمستوى الحادي عشر."

حركت فضيلة كرم شعرها ثم قالت: "حسب معلومات شاهين."

بقولها لتلك الجملة. فهم باسل ما الذي عنته. فابتسم باسل نصف ابتسامة و قال بداخله: "إنها تملك موهبة مرعبة."

عندما يخترق شخص ما للقسم الثاني من مستويات الربط. تتضخم طاقة عنصره الأول كثيرا و يكتسب عنصرا آخر بنفس القدر من الطاقة السحرية. و بسبب هذا، يصبح الساحر يحتاج وقتا أكبر ليخترق من جديد كون الطاقة اللازمة اكتسابها تكون كبيرة كذلك.

و مع ذلك، اخترقت فضيلة كرم مستويين كاملين، من التاسع للحادي عشر، و في مدة قليلة. أخبر شاهين باسل بمستوى كل القدماء الكبار. هؤلاء الأواخر كانوا كلهم يفوقون المستوى التاسع. و كان الكل من حلف ظل الشيطان يعلم بهذا. و بما أن شاهين كان متواجدا بالعاصمة لحوالي عام. فهذا يعني أن فضيلة كرم قد اخترقت مستويين معا في السنة الفارطة فقط.

علم باسل عن فضيلة كرم أشياء كثيرة. من بينها، إبادتها لعائلتها النبيلة 'كرَم'، ثم مدينتها قبل أن تنضم لحلف ظل الشيطان مباشرة. في ذلك الحين، كانت فضيلة كرم بالمستوى الخامس بالفعل. كان عمرها حوالي الخامسة و العشرين. و في خمس سنين فقط كانت قادرة على بلوغ هذا المستوى المرتفع. مثل هذه الموهبة المرعبة، لا يمكن عدها سوى بالعشرات أو المئات.

أزاح باسل نصف الابتسامة من على وجهه و قال: "لم انضممت إلى حلف ظل الشيطان؟ شخص مثلك لا يمكنني الشعور بأي رغبة أو دافع أو هدف منه، لا يمكنني تخمين سبب انضمامك لحلف ظل الشيطان."

أغمضت فضيلة كرم عينيها و قالت: "هذا ليس من شأنك، لكن يمكنك القول أنني حققت كل رغباتي و أهدافي."

تكلم باسل مكملا: "قد لا تكونين تحملين العداوة بقلبك، لكن أفعالك تفعل. لا يمكنني السماح بموهبة مرعبة مثلك بالمغادرة، لا أعلم ما المستوى الذي ستكونين عليه عندما نلتقي مجددا."

قالت فضيلة كرم بصوتها الناعم و عينيها الفارغتين: "يبدو أننا نتفق على الشيء نفسه هذه المرة."

في تلك اللحظة، كان باسل في الحقيقة يعاني من آلام كبيرة. و كل ما كان يفعله هو المماطلة ريثما يستقر بحر روحه أكثر ليستطيع إكمال القتال لمدة أكبر. فحتى لو استقر بحر روحه أكثر، لن يستقر كليا. و سيعود باسل لنقطة البداية من جديد. سيعود ليمر بالتعذيب الجسدي الروحي لأيام عدة قبل أن تصبح قدرة شفائه أسرع من الضرر مرة أخرى.

من تأليف Yukio HTM

يمكنكم مشاهدة الفصول:

125 : حياة الرجل مغامرة، و سكونه موت

126 : مطاردة

127 : ذروة المعركة

128 : اختطاف الأميرة

على مدونتي : https://yukionovels.blogspot.com

و أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/01/31 · 1,074 مشاهدة · 1695 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024