125 - حياة الرجل مغامرة، و سكونه موت

125 – حياة الرجل مغامرة، و سكونه موت

كان باسل يحاول التحكم في طاقة عنصر التعزيز بمساعدة القطعة الأرضية بداخل بحر روحه و التي شفطت الطاقة من دون توقف و بسرعة كبير للغاية.

كانت الطاقة الخارجية تتوغل لجسد باسل كلما وجدت مكانا فارغا لها. كلما شفطت القطعة الأرضية كلما توغلت طاقة خارجية أكثر. كان هذا الأمر مؤلما جسديا للغاية و معذبا روحيا بشكل لا يطاق.

بدا الأمر كما لو أن سرعة شفط القطعة الأرضية استطاعت أن تسبق سرعة ولوج الطاقة الخارجية. كان الأمر بالتساوي بينهما. لكن عندما فازت سرعة الشفط، استقر عنصر التعزيز في المستوى العاشر بالقسم الأولي.

باستخدام التحكم المثالي، استطاع باسل التحكم قليلا في الكمية الهائلة من طاقة عنصر التعزيز. عندما كان بقمة المستوى السادس، كان بإمكانه التحكم في طاقة عنصر التعزيز التي كانت بالمستوى التاسع. و الآن قد ارتفع مستوى كامل. لذا تحكمه في الطاقة السحرية بكمية معينة سيزداد. لكن طاقة عنصر التعزيز أيضا قد ازدادت.

كلما اقترب الساحر من المستويات الروحية ازدادت كمية طاقته السحرية بشكل جنوني. فهكذا سيكون قادرا على بدئه في تحويلها لطاقة روحية عندما يكمل ربط نقط أصله و يكسب بحر روحه إرادة ثم يبدأ يستشعر نطاق الأرض الواسعة.

كان المستوى العاشر أكثر مما يمكن لباسل التحكم فيه بمستواه الحالي. لكن لكونه يمتلك تحكما مثاليا، استطاع التحكم في القليل منه. أما باقي الطاقة، فكلها هاجت و استمرت في تعريض بحر روحه للضغط مما سبب لباسل تعذيبا جنونيا.

في الجهة المقابلة. أمام أعينها، لم يكن من الممكن فلْت مثل هذه النظرات المتعذبة التي تغطي وجه باسل. في الحال، قامت فضيلة كرَم بربط هذا الأمر بالارتفاعات المفاجئة بمستوى باسل. لم تفهم حتى الآن ما السبب في هذه الاختراقات المتتابعة. لكنها استطاعت فهم أنها السبب في المعاناة التي يحاول باسل إخفاء مروره بها.

لم تنبس فضيلة كرم ببنت شفة. و بدل ذلك، حركت يديها مرة أخرى فأدارت رمحها القرمزي الذي بدى كرمح الشيطان. فقامت بالتحكم بطاقتها السحرية بشكل جيد للغاية. لم تصل لدرجة التحكم المثالي، لكنها كانت قريبة منه. فبدل أن يتحول رمحها كليا و يصبح مندمجا مع عنصريها، أصبح شكله يتموج بعدما بدأت فضيلة كرم بشحذ طاقتها السحرية به لعدم استقراره كليا في التحول.

لم يستقر شكله تماما لكنه استطاع اتخاذ شكل عنصريها. فأصبح الرمح القرمزي عبارة عن رمح أسود حالك يجعل الهواء من حوله قاتل. ثم تخللته سحب صغيرة من عنصر السحب على طوله بينما تصنع أصوات ثاقبة مصطحبة لصعقات برقية يمكنها شوي كل ما في تلمسه.

أصبح الرمح مندمجا مع عنصري السحب و الظلام. لم يصل الاندماج و الاتصال للمثالية. لكنه كان كافيا ليخلق ضغطا رهيبا للغاية. فبعد كل شيء، ذلك رمح لشخص كلا عنصريه بالمستوى الحادي عشر. و الرمح نفسه عبارة عن سلاح سحري بالمستوى الحادي عشر، إضافة لكونه سلاحا أثريا بالدرجة السادسة.

كان هذا الرمح مرعبا فقط لوحده، و الآن بعد تعرضه لاندماج غير كلي بعنصري مالكه، أصبح سلاحا كارثيا على كل شخص.

برؤية هذا الشيء، عبس باسل بينما يحاول إخفاء معاناته ثم قال: "هذا سيء حقا."

اتخذت فضيلة كرم وضعية الرمي فأرجعت يدها اليمنى الحاملة للرمح الأثري ثم فعلت المثل بجسدها فأمالته للخلف حتى لامس شعرها المخلوق التي تقف عليه.

و في لحظة، ومضت عينيها كما أتت الحظة المناسبة فأطلقت الرمح بكل قوتها نحو باسل.

*باوووم*

*وووووووووش*

انطلق الرمح بسرعة جنونية، و السبب كان الانفجار الذي صنعته فضيلة كرم بخاصية السحب التي فجرت الصوت و عززت الرمح بالبرق فجعلته يحلق بسرعة خاطفة للعين. إضافة لتحكمها فيه عن بعد زائدة قدرته الحركية.

لم يكن لباسل حتى الوقت ليفكر فأسرع باستخدام كلا عنصريه و عزز النصلين الرقيقين اللذين نتجا من تحكمه المثالي ثم لوح مرتين، الأولى بنصل و الثانية بالآخر. فامتد الهجوم و ظهر أمام الرمح على شكل سيفين عظيمين ناريين معززين كاللذين قطعا السحابة السوداء في السابق.

*زززززززن*

حدث احتكاك لا يطاق، لكن هذه المرة تعرض السيفين العظيمين للاختراق و لم يتبقى من طاقتهما شيئا بسبب تبددها من طرف الرمح الذي أكمل طريقه كما لو أنه لم يتعرض لأي إعاقة على الإطلاق.

استمر باسل في إلقاء الهجمات بالامتداد الكلي. لكن و لا هجوم قد نفع حتى وجد في النهاية الرمح أمامه.

*زباااااااام*

اعترض باسل الرمح بنصليه الاثنين ثم شحذ طاقة عنصر التعزيز و النار أيضا بكل ما يملك و استمر في الدفاع. و لم يشعر باسل حتى وجد نفسه قد حلق لأميال بينما يحاول التخلص من قوة الرمح التي لا تنضب مهما حاول إلغاءها.

*ووووووووش*

بدأ عنصر الظلام الخاص بالرمح يحاول تحليل و أكل جسد باسل. فقام هذا الأخير باعتراض طريقه باستخدامه عنصري النار و التعزيز معا مما جعل تركيزه على الدفاع يتوزع على جهتين.

و لم تمر سوى لحظات حتى بدأ الرمح يقذف البرق أيضا و السحب التي كانت صغيرة لكنها حملت قوة كبيرة للغاية بسبب أنها كانت مركزة فقط.

أصبح من الصعب على باسل الدفاع ضد كل هاته الهجمات التي كانت كل واحدة منها كفيلة بقتل العشرات من السحرة ذوي المستوى المنخفض مرة واحدة. كانت قوة هذا الرمح هائلة للغاية و لم يكن باسل قادرا على تحملها أبدا.

*بووووووم*

أرسل باسل محلقا لعدة أميال حتى اصطدم بجبل ما جعله يتقيأ الدماء بوفرة و حطم عظامه الواحدة تلو الأخرى مع مرافقتها للجراح التي قذفت من خلالها الدماء بغزارة.

اخترق جسد باسل الجبل لعدة أمتار بالداخل مخلفا صدوعا على طول الجبل من الواجهة التي اخترقه بها. كانت قوة الرمح كبيرة للغاية. لم تخزن فضيلة كرم و لو جزءا بسيطا من قوتها. قامت بشحذها كاملة و استعملت كل قطرة منها في هذا الهجوم الذي جعل باسل يتدمر تماما أمامه.

بقي الكل فاتحا لفمه غير مصدق لما حدث. ما هذا الهجوم؟ هل هؤلاء حقا مجرد سحرة؟ ما كل تلك القوة التي أطلقتها هذه المرأة؟ هذا لا يصدق على الإطلاق !

غمرت هذه الأفكار عقول الحاضرين تاركة إياهم غير مدركين لما رأته أعينهم.

تكلم الصوت الذي لم يعد عميقا بعد الآن و أصبح رقيقا من بين الحشد في الأسفل: "إنها كارثة ! إنها مثل الوحش الذي اتخذ شكلا بشريا قبل حوالي خمسة عشر سنة. في ذلك الحين، اعترض الكبار طريقه كلهم و مات أغلبهم قبل أن يغادر مستعجلا. لم يعرف أي أحد منا ما كان ذلك الوحش المرعب ! أيمكن أن تكون هذه المرأة منه."

أما أبهم، فقد بقي فاتحا لعينيه غير مؤمن بما رآه. تكلم باسل له عن حلف ظل الشيطان و أخبره بمستواهم المرعب، لكنه لم يتخيل أبدا أنه سيكون بمثل هذا المستوى المفزع و الغير معقول.

حدقت فضيلة كرم في رمحها الذي انعدمت الطاقة التي شحذت به ثم فكرت بداخلها: "كان قادرا على إلغاء طاقتي المشحونة به. يا له من صبي ! لكنه دفع ثمنا باهظا من أجل فعل ذلك."

بعد مدة من الصمت القاتل و التحديق في الجبل المخترق بجسد باسل. اهتز بعض التراب من على الجبل معلنا عن تحرك باسل. بمشاهدة هذا الأمر، عادت الروح لأبهم الذي كاد يفقد عقله و وعيه من الخوف.

خرج باسل من الثقب الذي صنعه جسمه. كان جسده محطما بالكامل، زيه الأبيض تلطخ بالأحمر، وجهه سالت منه الدماء. كانت حالته مزرية للغاية.

كان الرمح سلاحا سحريا بالمستوى الحادي عشر و أثريا بالدرجة السادسة. في المقابل، كان باسل يمتلك سلاحين سحريين بالمستوى السابع و أثريين بالدرجة الثالثة فقط. حتى لو كانا يصلان لمرتبة لأسلحة الأثرية بالدرجة الخامسة، لم يكن هناك أي فرصة لهما ضد سلاح مثل ذلك الرمح القرمزي الذي فاق مستواهما كثيرا. كان الفرق واضحا للغاية، و الذي أنقذ باسل كان تحكمه المثالي.

لولا تحكمه المثالي، لما استطاع باسل التحكم في قدر أكبر من طاقة عنصر التعزيز الهائلة و استعمال نصفها عبر الامتداد الكلي في إلغاء طاقة فضيلة كرم برمحها. و استخدام النصف الآخر بإضافته لعنصر النار من أجل حماية نفسه من القتل.

كان المستوى بين الطرفين مختلف للغاية، لكن باسل كان قادرا على المواكبة فقط لأن سلاحيه الأثريين قد وصلا لمرحلة مرعبة من الاندماج بعنصريه. و هذا أيضا كان بسبب التحكم المثالي.

تكلمت فضيلة كرم: "حقا موهبة مرعبة. التحكم المثالي في مثل هذا العمر، عبقري بين العباقرة. أظن أن موهبته تصل لسيدنا."

سعل باسل الدماء مرة أخرى. لم يعد هناك خيار آخر يمكنه إنقاذه. أصبح الطريق أمامه مغلق كليا.

لو أنه أخذ إكسير العلاج سوف يسرع من شفائه، لكن هذا سيكون من دون فائدة بعدما يتلقى ضررا آخر. أما إكسير التعزيز، فهو خارج الخيارات. إن شربه هذه المرة فسوف يجني على نفسه لا محالة.

تمتم باسل بشيء ما: "كوني في الغصن الأول فقط من الفن السامي لشيء محبط حقا. الفرع الصغير جدا يتجاوب مع الأرض أو القدرة الروحية على الطيران فقط. ما الذي يجب علي فعله؟"

في تلك اللحظة، تذكر باسل أمرا ما فأخرج من مكعب التخزين ثلاث مخطوطات و حدق فيها بعمق قبل أن يقول: "هل يمكنني استخدامها؟ قال المعلم أن لا أحد يستطيع إلا و كان بالمستويات الروحية."

تذكر باسل بعض الصور المشوشة من مقاتلته للأقدم الكبير فالتشر. في اللحظات الأخيرة، استطاع باسل أن يعي قليلا. و هذا كان كافيا له ليفهم أن تلك القطعة الأرضية عبارة عن منقي للطاقة السحرية و محولتها للطاقة الروحية.

طاقة روحية شملت خواص العنصرين معا و دمجتهما منتجة بذلك هجوما قاهرا. في مواجهتها، لم يكن للأقدم الكبير أي خيار على الإطلاق سوى الوقوف و انتظار موته السريع القاطع.

في تلك اللحظة، أتت لباسل فكرة. لا يمكنه المعرفة إن كانت ستنجح أم لا، لكنه عازم على تنفيذها. فغير ذلك، سيموت فقط.

دخل باسل بحر روحه و ركز ذهنه على القطعة الأرضية محاولا السيطرة عليها. آخر مرة حاول القيام بهذا تلقى صدا كليا. في ذلك الوقت، كان قد اكتشف أن لبحر الروح إرادة. و على ما يبدو، فهذه الإرادة هي التي قامت بصده. كما لو أنها لم تقر به.

ابتسم باسل ثم قال بداخله: "أردت أن أصبح ساحرا لأغامر و أكتشف. لما لا نفعل ذلك إذا ! حياة الرجل مغامرة، و سكونه موت."

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/02/10 · 1,008 مشاهدة · 1536 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024