127 – ذروة المعركة

صعدت القشعريرة مع جسد فضيلة كرم من الهالة القادمة من جهة باسل. كما توقعت، لقد كان وراء فعله هدف، و لا يبدو أنه بالشيء الهين هذه المرة. شيء بإمكانه جعلها ترتعب، لا مجال أن يكون سهلا.

تكلم أبهم الذي بالكاد كان يرفع رأسه: "ما الذي فعله سيدي؟ هذا الضغط لا يحتمل."

بقي الكل ينتظر باسل ليظهر من الغبار. و عندما انجلى هذا الأخير أخيرا، اتضحت لهم الصورة و ظهر مصدر الضوء الملكي الساطع. كانت هناك مخطوطة تطفو أمام باسل بينما تتوهج حروفها مسببة ذلك الضوء الساطع مسببة في الانصياع المطلق.

لم تفهم فضيلة كرم شيئا مما ترى أمام عينيها اللتين فتحتا على مصراعيهما. كانت الطاقة الآتية من جهة تلك المخطوطة طاغية بكل معنى الكلمة. طبقت أحكاما مصحوبة بسلطة مسيطرة لا مثيل لها. كل شيء تعرض لهاته الأحكام التي تكونت من التعاويذ الذهنية الروحية علم مقامه و لبد قسرا عنه.

حرك باسل سبابة يده اليمنى فأشار بها نحو فضيلة كرم و إذا بالضوء الساطع يتركز كله مرة واحدة حول المخطوطة محاطا بالتعاويذ التي تداخلت فيما بعضها و جعلت الخلق كله ينحط أسفلها كما لو أنها مخلوق متجبر مطلق لا يقهر في هذا العالم.

رفع باسل ذراعه للأعلى محافظا على وضعية سبابته حتى أصبحت بمحاذاة رأسه. عندها، استشعرت فضيلة كرم خطرا غير متناه و قررت بسرعة كبيرة للغاية. لم يكن هناك وقت للتفكير حتى، فجسدها لوحده قرر عوضا عنها قبل أن تدرك أنها في الحقيقة كانت تهرب مستخدمة فنها القتالي الأثري مختبئة في ظلها.

انطلق شعاع قارس من عيني باسل قبل أن ينزل بذراعه كما لو أنها سيف الحكم المطلق. كما لو أنها سيف سلطان طاغية غير قادر أي أحد على معاداته أو الوقوف في طريقه أو حتى معارضة نيته الملكية.

*زبااااااام*

بإنزال باسل لذراعه، ارتجج الهواء و انقلبت الأرض ثم دُكت الجبال قهرا.

*ووووووووووش*

انطلق ظل بسرعة خاطفة فقطع عشرات الأميال في ثوان. و لم يدري هذا الظل حتى شعر بطاقة رهيبة للغاية فجأة كما لو أنها ظهرت من العدم. في لحظة، تشكلت طاقة لا مثيل لها في هذا العالم و اتخذت شكل رمح أبيض مكون من طاقة ملكية. كان هذا الرمح عظيما للغاية و امتد طوله لعشرات الأمتار. هالته لوحدها جعلت الظل يتجمد منتظرا موته الأكيد.

و في تلك اللحظة، خرجت فضيلة كرم من ظلها و أخرجت كلمة حرفا بحرف لزعزعة نفسها: "الهرب."

كان كما لو أن للكلمة نية و قوة. فبمجرد ما أن نطقتها حتى توهج ضوء في مكان قريب.

*آآآآآآآققق*

فجأة، توهج قيد روحي التف حول عنق طائر الرخ الذي رفرف جناحيه المنكمشين و صرخ كما لو أنه تلقى أمرا من سيده المطلق.

ارتعدت الناس أكثر مرة أخرى. و في تلك اللحظة، شرع الرمح العظيم في النزول بسرعة لا تصدق قاطعا الهواء مولدا استبدادا و طغيانا جعلا كل شيء أسفلهما يخضع لهما.

*بووووووم*

بلغ الرمح غايته و هدفه، و ما أن التقى به، حتى كان قد خلف وراءه محوا لأراضٍ و أنهار جنبا إلى جنب مع جبال. امتد الدمار لأميال و كان هائلا للغاية كما لو أن هناك نيزكا عملاقا قد سقط.

نتج هذا الدمار بسبب انفجار ناري التهم كل ما لمسه. كانت هذه النار غير طبيعية فكانت أشد حرقا و نهما من الطبيعية. تخطت النار العادية في كل شيء. كما أنها كانت معززة بعنصر التعزيز المنقى كذلك و الذي ازدادت كل خواصه قوة و شدة مما جعل الانفجار الذي تدَعّم بالقوة الروحية من المخطوطة هائلا للغاية فسبب الإبادة للخلق في المكان الذي حل به.

ارتجفت قلوب الحاضرين كما طلبوا و دعوا النجاة من الكارثة التي حلت عليهم. أما باسل، فبمجرد ما أن انتشر الدمار بسبب هجمته حتى تقيأ الدماء و عُصِر بحر روحه لحده أكثر. لم يستخدم الطاقة الروحية مباشرة كونه لا زال بمستويات الربط فقط، لكنه كان قادرا على جعل المخطوطة تتفعل بالطاقة الروحية التي يمتلكها. هكذا كان قادرا على استخدام قدر قليل جدا من قوة المخطوطة.

و مع ذلك، لا زال هذا الأمر صعبا للغاية على بحر روحه. لم يستخدم الطاقة الروحية مباشرة، لكن لا شك في أنه قام بجعلها تفعّل المخطوطة الروحية.

سقط باسل على ركبة واحدة من الإرهاق و الآلام. و مع ذلك، و بالرغم من تقيئه المستمر، حافظ باسل على وعيه قدر المستطاع ليرى إن كانت فضيلة كرم قد لقيت مصرعها أم لا.

و كما لو أنه توقع الأمر. بالفعل ظهرت فضيلة كرم من بين الغبار محاطة بحاجز هزاز تتخلله نقوش أثرية. في تلك اللحظة، لم يكن باسل الوحيد الذي تفاجأ، و إنما كل شخص موجود. لقد نجت من ذلك الدمار المرعب ! هذا غير معقول بتاتا.

تكلم باسل بصعوبة: "لقد استطاعت النجاة، حقل حاجز أثري. كما توقعت، لا يجب علي تركها تغادر، موهبتها خطيرة للغاية."

رفع باسل ذراعه بعد وقوفه بينما يحس بعظامه تتكسر. كان جسده يتعرض للانهيار. كما كان بحر روحه يقترب من الانكسار. استعماله لطاقة روحية و حتى لو لم تكن بالمباشر أمر غير ممكن في الحالات الطبيعية حتى. و إن حدث مثل هذا الأمر، لن يكون مصير الساحر سوى الموت.

في تلك اللحظة، كانت فضيلة كرم مرهقة للغاية، تغطى فستانها بدمها الأحمر كما فعل وجهها. عندها، تظللت كما لو أن هناك سحابة قد أتت لتغطيها. لكن هذا التظليل كان بسبب الرخّ الذي صرخ فضغط بهالته هو الآخر على الحاضرين و طبق وجوده المستبد.

رفرف بأجنحته فكون صواعق برقية أحاطت فضيلة كرم قبل أن تقفز هذه الأخيرة على ظهره و يبدأ الرخ في الارتفاع للسماء بعيدا.

تكلم باسل صارخا: "لن تهربي." بدأ ينزل يديه مرة أخرى كما بدأ الرخ في الارتفاع أكثر.

*بوووم*

انفجرت السماء، لكن هذا لم يكن بسبب هجوم باسل، و إنما بسبب البرق الذي التف بجسد الرخ فجعله يخترق الصوت مولدا دويا عظيما محلقا عابرا مئات الأميال بسرعة خاطفة.

أما باسل، فسقط في مكانه مغميا عليه بمجرد ما أن بدأ بإنزال ذراعه. تنفيذه هجمة روحية معجزة بحد ذاته. هجمة روحية ثانية كان أمرا خارج الحسابات كليا و غير وارد الحدوث أعلى الإطلاق.

حل الصمت و انتشر الهدوء القاتل لمدة قبل أن يقفز أبهم من مكانه بسرعة كبيرة متجها نحو باسل صارخا: "سيدي ! "

في تلك اللحظة، في جبال بعيدة بمئات الأميال فقط، كان هناك رجل يطفو بالسماء حيث كان هناك ضوء مشع ساطع يأتي من الجهة التي يحدق بها. هذا الرجل العجوز كان إدريس الحكيم الذي تكلم: "طاقة روحية؟ هل يمكن أن الفتى باسل قد استخدمها مرة أخرى؟ إنه حقا لا يعرف معنى الحدود. ما القدر الذي ينتظره يا ترى؟"

فكر إدريس الحكيم في شيء ما مرة أخرى: "المختار. الطفل الأخير. لم يتكلم جلالته لذا لم أسأل. لكن هذا لا يعني أنه لا يجب علي البحث. طفل يناهز الخامسة عشر استطاع استخدام طاقة روحية بالرغم من كونه بمستويات الربط فقط. لا يمكن أن يكون هذا شيئا طبيعيا. هناك شيء ما يحرك الخيوط بطريقة ما، و إني لكاشف لذلك."

مع انتهائه و إغماضه لعينيه بعد تفكيره العميق. نزل بذراعه مرة أخرى التي امتد عبرها ضوء ملكي شكل أحكاما و تعاويذ ذهنية روحية مصطحبة معها نقوشا روحية موجهة بواسطة حكمة سيادية لا مثيل لها.

لبث إدريس الحكيم في مكانه إلى أجل مسمى.

في مكان مظلم ما. تكلم صوت بارتجاف: "يبدو أنه علي توصيل الأخبار للسيدة الصغيرة أنمار. أنا لا أعرف ماذا أفعل." كان صاحب هذا الصوت هو أبهم الذي أراد الوقوف فأوقفه باسل الذي كان يتألم و يبدو فاقدا للوعي.

حدق فيه أبهم ثم قال بنظرة متحسرة: "سيدي ! "

فهم أبهم ما الذي عناه باسل فلبد و لم يتحرك. أما باسل، فارتخت يده التي قبضت يد أبهم و غاب عن الوعي كليا هذه المرة.

*****

(بعد أيام قليلة)

في مكان تتخلله الوحوش العظيمة. عرين حلف ظل الشيطان. أرخبيل البحر العميق. دوى صوت عظيم جعله يهتز: "اللعنة عليه. و إني لذاعِنه و صارِعه."

حدّقت عينان من الظلام إلى فضيلة كرم الراكعة على ركبة واحدة فأطلقتا نية قتل جعلت الخمسة الآخرين الذين اتخذوا الجانب يركعون أيضا على ركبة واحدة مصرحين: "كان اللعين حيا."

أكمل ظل الشيطان الذي كانت صورته مخفية في الظلال: "لقد عاد الإمبراطور غلاديوس. لكن هذا لا يهم. أيْ جِرْم، فلتتوجه لعاصمة إمبراطورية الرياح العاتية و اطبق يدك على عرشها. كنت أنوي أخذ القيادة بهناء و هدوء. لكن هذا لم يعد وارد الحدوث على ما أظن."

*****

(إمبراطورية الشعلة القرمزية)

كانت هناك فتاة بشعر أشقر خلاب تراقص مع الرياح الهادئة. قامت هذه الفتاة برفع رجلها ثم لوحت بها بقوة جعلت عجوزا تقدم نحوها حاملا نية قتل قاتمة.

*باااام*

حلق العجوز لعشرات الأمتار مع تعرض عظامه للتكسر.

"هل هناك مطالب بحق آخر؟"

في معقل التشكيل، بداخل الكولسيوم الخالي من المتابعين، وقفت أنمار على الحلبة مواجهة كل مطالب بحق. و إلى الآن، كانت قد خيبت آمال العشرات.

كان هناك العديد من الأشخاص الذين حاولوا الحصول على لقب الجنرال، لكنّهم عادوا خائبي الأمل بعد تلقي الهزيمة من طرف أنمار والجنرال رعد.

في تلك اللحظة، لم يستجب أحد من المطالبين بحقهم المدّعى لنداء الحكم فأعلن: "و بهذا ننتهي. من اليوم فصاعدا، لن يكون هناك حق لأي شخص في المطالبة بلقب الجنرال."

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/03/07 · 1,031 مشاهدة · 1415 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024