129 - أنا هدّام الضَّروس، وأنت زوجتي!

129 – أنا هدّام الضَّروس، وأنت زوجتي!

(القاعة الرئيسية للقصر الإمبراطوري بعاصمة إمبراطورية الشعلة القرمزية)

كان الإمبراطور شيرو قد عاد بالفعل، و كان جالسا يضرب قدمه على الأرض بتردد واضعا يديه تحت ذقنه و يفكر بعمق. أصبح شاحبا و دبَّ الرعب في قلبه. لقد ذهبت ابنته من يديه، و من يعلم ما الذي يمكن أن يحصل لها بينما هي في قلب عرين الأعداء !

تحدث معه الكبير أكاغي: "لقد حاولنا التواصل مع الجنرال الأعلى، لكنه لم يجب أبدا. ستأتي حفيدتي إلى هنا.، فهي لديها ارتباط بخاتم التخاطر الخاص بمرافق الجنرال الأعلى. لا تقلق، سننقذ ابنتك لا محالة."

صرخ الإمبراطور شيرو: "ما الذي تتحدث عنه؟ كيف لكم أن تنقذوها؟ لقد سقطت في يد الأعداء الذين نخشاهم كلنا ! "

حدق الكبير أكاغي به من دون أن يتكلم قبل أن يعتذر الإمبراطور شيرو عن صراخه. إنه يعلم أن الكبير أكاغي يحاول المساعدة فقط، لكنه لا يقدر على التحمل. فابنته الصغرى قرة عينه قد اختفت أمام ناظر عينيه، و يمكن أن يحدث لها أشنع الأشياء.

بعد قليل من الوقت، وصلت أنمار. كانت الأخبار قد وصلتها بالفعل، لذا دخلت في الموضوع مباشرة: "كم المدة التي منحوها لك؟"

استغرب الإمبراطور شيرو من سؤال أنمار قبل أن يجيب: "شهران، لماذا؟"

أغمضت أنمار عينيها ثم فكرت لقليل من الوقت قبل أن تقول: "سأحاول إنقاذها."

"ما الذي تقولينه؟" انقض الكبير أكاغي قائلا: "هذا غير معقول، لا يمكنني السماح بهذا. ستذهبين لتموتين فقط."

بقي الإمبراطور شيرو مصدوما قبل أن يستيقظ أخيرا: "لننادي الجنرال الأعلى باسل، هذا هو سبب قدومك إلى هنا أصلا. قد تبوء محاولتك بالفشل، و هذا لن يضرك أنت فقط، قد يتسبب في مقتل ابنتي أيضا."

"باسل مشغول حاليا." قالت أنمار مغمضة العينين: "لديه عمل يجب عليه إنجازه."

ارتفع الدم لرأس الإمبراطور شيرو ثم صرخ: "ها؟ ما الذي تقولينه؟ أي شغل هو أهم من حياة ابنتي؟"

تكلمت أنمار مجيبة بكل هدوء: "إنقاذ العالم." سكت الإمبراطور شيرو كما لو أن القط بلع لسانه لتكمل أنمار: "خياراتك قليلة، يمكنك تسليم عرشك و الذي أظن أنه الخيار الذي أعطوه لك مقابل حياة ابنتك، أم تأخذ المخاطرة و توكل الأمر لي."

حدق الإمبراطور شيرو بأنمار بينما يفكر. هو يعلم أنه حتى لو سلم العرش لحلف ظل الشيطان، ليس هناك ما يضمن إيفاء الأعداء بوعدهم. إنه حقا لا يمتلك الكثير من الخيارات، و ليس أمامه سوى الاعتماد على ما يملكه من أيد أمامه. لذا اصطفى أنمار قائلا: "أنا أثق بك."

"لا تفعل." قالتها أنمار بعدما الفتت مغادرة.

أحكم الإمبراطور شيرو قبضته و فهم قصد أنمار.

تكلم الكبير أكاغي مرة أخرى: "حفيدتي. لا يمكنني فقدانك، أنت كل ما تبقى من ابني. موتك سيقطعنا إربا."

في تلك اللحظة، أحست أنمار الباردة و الهادئة بعاطفة قوية و أحست بالقرابة التي بينها و بين جدها. لا تشعر أنمار بهذه المشاعر سوى مع الأقربين لها فقط. يبدو أنها قد أمضت وقتا كافيا ليجعل الكبير أكاغي كلامه ذو تأثير عليها.

قالت أنمار بابتسامة بإمكانها إذابة قلوب الرجال و حرق أعصابهم و شل أرجلهم و التسبب في انهيار إرادتهم: "لا تقلق يا جدي. أنا لا أنوي الموت حاليا. فبعد كل شيء، لدي حلم واحد في حياتي، و سأحب أن أحققه."

تركت أنمار الكبير أكاغي متجمدا بمكانه غير قادر على الكلام حتى اختفت عن الأنظار بخروجها من القاعة الرئيسية الشاسعة.

*****

(معقل السنبلة الخضراء)

تكلم جندي راكع على ركبة واحدة: "تقرير للجنرال. الأميرة أنمار تريد التحدث معك."

رفع الجنرال رعد الذي كان جالسا يتدرب على التنفس حاجبه ثم قال: "قدها للقاعة الرئيسية."

"حاضر"

اتجه الجنرال رعد للقاعة الرئيسية ثم انتظر أنمار التي دخلت مباشرة في الموضوع الذي أتت من أجله بعدما التقيا: "أريدك أن تساعدني في إنقاذ الأميرة شيرايوكي."

عبس الجنرال رعد ثم قال: "لقد وصلتني الأخبار، لكن ما الذي تقصدينه؟ كيف لنا أن ننقذها نحن فقط؟"

تابعت أنمار الهادئة: "أنت و فرقتك بالطبع. كم من شخص بها بلغ المستوى السابع؟"

أجاب الجنرال رعد: "اثنين فقط، لكنهما بالقسم المتوسط بالفعل."

أغمضت أنمار عينيها ثم فكرت لقليل من الوقت قبل أن تقول: "لا بأس. المهم، سننعزل للتدبر من أجل الاختراق. بعلمي أن باسل أخبرك بالطريقة الصحيحة، و بقيت أنا هنا لأرشدكم. سنبدأ اليوم."

ضاقت عيني الجنرال رعد ثم قال: "القسم الثاني من مستويات الربط ! كم لدينا من الوقت؟"

"شهران"

حدق الجنرال رعد بأنمار ثم قال: "و هل هي كافية؟"

أجابت أنمار: "شهران ليكون الإمبراطور شيرو بأرخبيل البحر العميق. أما نحن فلدينا شهر على الأكثر للاختراق."

عبس الجنرال رعد ثم قال: "و كيف لنا أن نخترق بهذه المدة القليلة؟"

أجابت أنمار: "و هل لدينا خيار آخر؟"

حدق الجنرال رعد بالأرض مفكرا، لكنه كان مقتنعا بالفعل بكلام أنمار و ظل صامتا يفكر في 'هل بإمكانه حقا الاختراق بشهر ! '

غادر الاثنان المعقل فسأل الجنرال رعد: "ما أخبار الجنرال الأعلى. لم أسأل لأنني أعلم أنه سيستجيب للخبر في أسرع وقت بما أنه يشمل عرش إمبراطورية الأمواج الهائجة. لكن بما أنه لم يفعل، فلا شك أن هناك شيئا ما يمنعه."

ضاقت عيني أنمار قليلا فعادتا لطبيعتهما قبل أن يلاحظ الجنرال رعد ثم قالت: "لا حاجة للقلق. إنه مشغول و لا يمكنه الاستجابة فقط."

لم يسأل الجنرال رعد أكثر. لكنه كان يشك كثيرا في إجابة أنمار لدرجة فهمه أن باسل ليس بالحالة الجيدة.

أما أنمار، فاستمرت بصنع تعبيرات هادئة فقط. لقد اتصلت مباشرة بباسل بعدما أتاها اتصال من الكبير أكاغي، لكنها لم تتلقى أي استجابة. لذا اتصلت بأبهم بعد ذلك و سألته، فأخبرها أن باسل مشغول و لا يرتدي خاتم التخاطر. كما أنه لا يمكنه أيضا التواصل مع باسل.

بسماعها لإجابة أبهم، رأت من خلالها في الحال و عرفت الأحوال. لا يمكن لباسل ألا يرتدي خاتم التخاطر في مثل هذه الأوقات العصيبة، فلو فعل، لن يكون سوى غبيا لا أكثر.

استطاعت أنمار استنتاج أن باسل من أجبر أبهم على عدم إخبارها بالحقيقة، لذا لم تحفر أكثر. ليس هناك شخصا أعز من باسل لها. و بمعرفتها لأذيته، كانت تريد أن تكون بجانبه حالا، بل حتى أنها تريد البقاء بجانبه دائما و أبدا. لكن كما قال الحكماء 'كل إرادة لا تتغلب على العاطفة تنهار و تفشل. و اتزان العاطفة سمة الإنسان الناضج.'

*****

(بعد أيام عدة)

تكلم صوت عميق من الظلام الدامس: "إنك حقا لجوهرة براقة أكثر من البدر نفسه. بإمكان سطوعك إغراء القلوب و جعلها غير قادرة على الصمود أمام جمالك.

خرجت يد سمراء من الظلام فتحسست وجه الأميرة شيرايوكي التي جعلها هذا الأمر تشعر أنها أصبحت ملكية خاصة لصاحب هذه اليد بمجرد ما أن لمسها. أحست بالضعف و الانهيار الكلي. و لم يكن بإمكانها سوى الخضوع لإرادته التي حملتها كلماته. شعرت كما لو أن حاكما أسطوريا يفرض سيطرته عليها.

تكلم صاحب اليد مرة أخرى: "أنا ظل الشيطان المختار من طرف الأسياد العظماء. أنا الحاكم المطلق لهذا العالم. و أنا مدمر الأعداء و صارعهم و مذلهم. أنا 'هدّام' الضَّروس. و أنا أختارك لتكوني زوجتي. جمال ملائكي مثلك لا يستحق إلا رجلا مثلي. جوهرة مثلك لا تستحق إلا ملكا مثلي."

جعل صاحب هذا الصوت الأميرة شيرايوكي تشعر بالاشمئزاز من التصريح الذي قاله. و أرادت نثر يده عن وجهها و بصقه. لكن عندما حاولت، وجدت نفسها مقيدة كليا غير قادرة على تحريك شفتيها لتفتح فمها حتى. لكنها صارعت فاستطاعت أخيرا تفريق الشفة العليا عن السفلى، و عندما أرادت تحريك لسانها، رمقت تلك العينين السوداوين في الظلام فعضت لسانها بإغلاقها لفمها فسالت الدماء.

بمجرد ما أن استطاعت رؤية تيْنِك العينين القاتمتين، حتى كانت خرست و لبدت. فأصبحت تحس كما لو أنها في حضور مخلوق متجبر يستطيع دك الجبال و جف الأنهار. أحست أن صاحب هاتين العينين عبارة عن وحش بإمكانه تدمير و هدم ثم إهلاك كل ما يقف في طريقه.

أزاح ظل الشيطان يده و اختفى في الظلام مرة أخرى مخلفا وراءه كلمات: "تذكري، أنت زوجة ظل الشيطان. زوجة هدّام الضَّروس. كوني فخورة و عاتية. فإني أؤْثِر المرأة الزاهية المزهوّة."

سقطت الأميرة شيرايوكي على الأرض و ارتعد جسمها بالكامل و اهتز كما شعرت بالانهيار الكلي و لم تعرف ماذا تفعل بعد الآن.

*****

مرت عدة أيام على فقدان باسل للوعي. و جعل هذا الأمر أبهم يرتعد و يرتعب. حتى أتت اللحظة التي فتح باسل فيها عينيه فوجد أبهم جالسا أمامه يحدق به بكل اهتمام خائفا على صحته.

ابتسم باسل ابتسامة خافتة و فكر بداخله: "يبدو أنني لدي فكرة عن سبب امتلاكي لطاقة روحية."

حدق باسل في يديه فوجدهما مكبلين كما كان الحال نفسه مع رجليه. أصبح عنصر النار في قمة المستوى السابع. و يمكن للختم أن ينكسر في لحظة. علم باسل أنه يجب عليه إيجاد طريقة ليخترق، لكنه كان مدركا أن هذا سيحتاج منه الارتفاع أكثر بالمستوى ليصل لحافة المستوى السابع و هذا سيجعل الختم ينكسر لا محالة. إنها معجزة كون الختم لم ينكسر حتى الآن.

في تلك اللحظة، قفز أبهم فرحانا و عانق باسل بينما يبكي: "سيدي، سيدي. إنك بخير، لم أكن أعلم ماذا سأفعل إن متّ."

بدأ باسل يبعده عنه بينما يقول: "حسنا حسنا. لا تلتصق كثيرا، فلا أحبذ التلامس كثيرا بالرجال سوى بالقتال."

تراجع أبهم بينما يقول: "إنك حقا سيدي."

كاد أبهم لا يصدق، ففي الأسابيع الأخيرة، كان باسل يتلوى متألما من دون توقف، و كل ذلك كان ردود فعل جسده و بحر روحه اللذين يتعالجان. مما جعل أبهم يستشعر موت سيده باسل مولدا له أحاسيس مروعة.

تكلم باسل: "ما الذي حدث بعدما فقدت الوعي؟"

أجاب أبهم: "لقد ألقي القبض علينا. و نحن في زنزانة سحرية كما ترى."

فجأة، تكلم صوت آخر من خارج الزنزانة المظلمة: "يبدو أنك استيقظت."

"همم ! " التفت باسل ثم قال: "إنك حقا تحب الدردشة بالخفاء."

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/03/07 · 1,046 مشاهدة · 1496 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024