130 - شكوك

تحدث الصوت الذي كان رقيقا من خارج الزنزانة مرة أخرى: "أنا زعيم قبيلة حاكم الأرض، واحد من الكبار الخمسة لقبائل الوحش النائم. اعذرنا على المعاملة الخشنة قليلا، لكن كما تعلم، إنها مجرد إشكاليات. و الآن، لما لا نتحدث عما حدث؟"

كانت السلاسل التي تقيد باسل طويلة كفاية ليكون بإمكانه الوقوف، لذا فعل. بعدها قال: "إشكاليات كانت أم لا، أنا لا أحب أن أقيد من غير علمي أو من دون إذني."

تكلم الصوت مجيبا: "لهذا اعتذرت."

تكلم باسل: "هكذا إذا. إذا لم لا تزيحها عني و تفتح الزنزانة. عندها يمكننا التكلم بما أنك تحب الدردشة لهذه الدرجة."

أجاب الشخص من الظلام: "للأسف، هذا القرار ليس بيدي. لقد رأيت معركتك بأم عيني، فكيف لي أنْ أعتقد أنّ مجرد زنزانة كهذه أو سلاسل سحرية تقيد سحرة المستوى السابع بإمكانها إيقافك؟"

حملق باسل في الظلام من حيث يأتي الصوت ثم قال: "أوه، هكذا إذا. لست صاحب الكلمة العليا. لما لا تأتي إذا بصاحب القرار؟ فلو كان يحب الدردشة مثلك أيضا، فأنا سعيد لأقدم له واحدة سوف تفجر عقله."

أجاب الصوت من الظلام: "للأسف، إنه ليس بشخص واحد. إنهم الكبار مجموعين الذين تحدثت عنهم. إنهم يشعرون أنك تهديد خطير."

ابتسم باسل ثم قال: "تهديد خطير؟ لم لا زلت حيا إذا؟ لا تقل لي أنك دافعت عني، يبدو أن شخصا عطوفا على الأعداء موجود هنا."

تكلم الصوت من الظلام منزعجا: "عطوف؟ لا تمزح معي، كل ما فعلته هو الإبقاء على كتاب المعرفة الشامل بعيدا عن الضرر. لا زلنا لا نعرف هوية الشخص الذي قاتلته، و لا نعرف كيف لكم بهذه القوة المهولة. قتلك سيكون مضيعة لا غير."

عبس باسل ثم قال: "يبدو أنه يجب علي البقاء هنا لقليل من الوقت بعد كل شيء. لكن، لما لا تري وجهك؟ لا تقل لي أنك خائف أن أعرفه."

لم يجب الشخص من الظلام و ظل صامتا لقليل من الوقت قبل أن تتحرك قدما فظهرت من جانب الزنزانة إلى أن ظهر صاحبها. وقف هذا الشخص أمامهما و أزال قناعا كان على شكل جمجمة لوحش بري. عندها، تفاجأ باسل و أبهم من مظهر هذا الشخص. لقد كان امرأة تحمل عصا بقمتها خمسة أحجار أصلية كبيرة الحجم شكلت زهرة. ضربت العصا على الأرض فأضاءت المكان بتوهج أزرق فاتح قريب للأبيض.

ظهرت صورة المرأة فتفاجأ باسل كثيرا من جمالها الخلاب. كانت امرأة سمراء بعينين حمراوين، عمرها يناهز الثلاثينيات. و عندما حدقت بعينيها الحمراوين بباسل، جعلت عاطفته تهتز قليلا. كان جمالها مختلفا للغاية عن أي جمال قد سبق و رآه باسل. كان قد عاش بجانب فتاة بجمال ملائكي بنت أمها التي ورثت منها هذا الجمال. إضافة لأمه التي كان شعرها أسودا حالكا و جعل الرجال يتسابقون للمسه. كانت هناك فتاة جميلة اقتربت منه فيما سبق بصغرهم. كان باسل دائما محاطا بنساء جميلات للغاية، لذا لم يتأثر بجمال أقل أو مشابه. كان معتادا كليا.

لكن عندما رأى هذه المرأة، أحس لأول مرة بتحرك قلبه كباقي الرجال. و أخيرا، كان باسل قادرا على رؤية جمال مختلف. و هذا الجمال جعل مزاجه جيدا للغاية، و السبب هو أنه اكتشف شيئا جديدا، شيئا لم يعلم أنه كان يتوق له حتى وجده.

تكلم باسل: "و أنا الذي كنت أظنك رجلا في منتصف العمر، لو كنت مثل هذه السيدة البراقة، لم لم تظهري و تريحينا معك؟ ! "

استغرب أبهم من تصرف باسل، لم يعلم أن باسل سوف يتكلم هكذا مع أي امرأة كانت. لكن أبهم لا يعلم أن باسل تلقى دروسا عن كيفية معاملة النساء، و هذا أثر قليلا على تصرفاته مع النساء. لكن بسبب تأثره الآخر و الذي هو تكيفه طيلة حياته مع الجمال الخارق، لم يتصرف باسل مع جميع النساء هكذا، و فقط النساء اللائي أثرن إعجابه من جعلنه يظهر هذه الصفة.

ضحكت المرأة ثم قالت: "يبدو أنك تعلم كيف تتكلم حقا بعد كل شيء." أكملت ضحكها فتبعها باسل بالضحك مما جعل أبهم في موقف تساؤل غير قادر على مجاراة ما يحدث.

تحدث باسل: "كان يمكن أن أكون ميتا بالفعل لولاك. أنا أشكرك."

ابتسمت المرأة ثم قالت: "لا داعٍ. أريدك فقط أن تتحدث معي عن كل تلك القوة التي تمتلكها بهذا العمر."

حدق بها باسل ثم قال: "أنا باسل. بم يمكنني مناداة السيدة المحترمة؟"

أجابت المرأة مغمضة العينين: "لمياء زعيمة قبيلة حاكم الأرض. متشرفة بمعرفتك أيها الجنرال الأعلى لإمبراطورية الشعلة القرمزية باسل."

جلس باسل عندها على الأرض ثم ابتسم و قال: "أصبح مزاجي جيدا." أخرج جزرة من مكعب التخزين ففاجأ لمياء بفعله. لمحت في المعركة سابقا إخراج المقاتلان لأشياء من العدم، لكن رؤية هذا الأمر عن قرب كان مدهشا للغاية و غريبا جدا.

عض باسل الجزرة ثم قال: "لما نبدأ بمكعب التخزين بما أنه فاجأك لهذه الدرجة ! "

بدأ باسل يتحدث مع لمياء غير مهتم بكونه مكبل.

*****

غرب وكر قبائل الوحش النائم، تواجدت السلاسل الجبلية الحلزونية. و بها، كان إدريس الحكيم يحلق في السماء بينما يحدق بالأسفل. فضاقت عينيه قليلا ثم قال: "لما لا نأتي بالفتى باسل ! أرجوا أن يكون بخير فقط، لقد استخدم طاقة روحية مرة أخرى. كنت أنوي الذهاب لمساعدته، لكن لم يكن بإمكاني ترك العمل بمنتصفه. لقد لمحت طائر الرخ يهرب بشكل شنيع من الناحية التي أتت منها الطاقة الروحية. لا شك أن العدو هرب منه أثناء المعركة."

اتصل إدريس الحكيم بباسل عبر خاتم التخاطر ثم قال بعدما تلقى استجابة: "أيها الفتى باسل، يبدو أنك بخير. لقد حان وقت مجيئك إلى هنا. لا تضع الوقت أكثر و همّ إلى هنا. يبدو أنني قد اكتشفت سبب امتلاكك طاقة روحية."

ابتسم إدريس الحكيم بعدما سمع ردا من باسل و قال بعدما انتهى من الاتصال: "يا له من فتى، يبدو أنك أصبحت تمتلك أخا في التدريب صعب منافسته يا فاخر." ابتسم بعدها إدريس الحكيم و اتخذ قمة جبل ثم بدأ يتدبر مفعّلا حكمته السيادية التي اتسمت في دوران كرات بحجم رأس الإنسان فوق رأسه بشكل سريع للغاية بينما تدور حول الكرات نفسها حروف رونية بشكل أسرع و من دون توقف.

أصبح الجو المحيط بإدريس الحكيم ساكنا و هادئا للغاية. فكر إدريس الحكيم بداخله: "حتى الآن، و بحكمتي السيادية، لم يكن بإمكاني معرفة الكيفية التي دخل بها شيطان إلى هذا العالم من دون بوابة العالم. لو أنه استخدم بوابة العالم لكان بإمكاني الجزم بذلك. لكن بما أنني لم أشعر بأي شيء و لم يأتيني أي خبر، فلا بد من أن شيطانا ما لديه القدرة على التنقل بين العوالم كما يشاء. هذا خطير حقا ! "

بمعلومة بسيطة، بتلميح صغير، كان بإمكان إدريس الحكيم اكتشاف الكثير من الأمور عبر حكمته السيادية. لو أن شخصا ما قال كلمة، فسيكون من السهل على إدريس الحكيم إكمال الجملة. كانت الحكمة السيادية عبارة عن هبة لا مثيل لها في هذا العالم. و لطالما كان مالكها عبر كل الأزمان قدوة و شخصا يحترمه الجميع، كما كان يخشاه الأعداء و حاولوا الابتعاد عن مواجهته قدر المستطاع. فبعد كل شيء، من يريد مواجهة شخص قادر على قراءة تحركاته كلها من دون أن يترك أي مجال و لو لرفع إصبع أن يهرب من مجال توقعاته؟

كانت هناك العديد من المزايا للحكمة السيادية. أحدها و أبسطها كان التوقع و الكشف. لذا استمر إدريس الحكيم في استخدامها محاولا اكتشاف الحقيقة.

تمتم إدريس الحكيم: "يبدو أن القدر الذي ينتظر الفتى باسل أكبر مما كنت أتخيل." ثم فكر في عدة أمور أخرى: "المختار، الطفل الأخير." لقد كانت هاتان الكلمتان اللتان منِحتا له من طرف الملك الأصلي لتفعيل الختم الموضوع على باسل. لكنه حتى الآن لا زال لم يعلم ما المقصود منهما.

حتى حالة باسل الغريبة لا زالت تراود ذهنه دائما. كيف لشخص أن يكون جسده و بحر روحه يعملان بهذه الطريقه؟

راودت إدريس الحكيم العديد من الشكوك، لكن بما أن الملك الأصلي لم يتحدث عنها ظل صامتا و لم يتعمق عندها في الأمر كثيرا.

ابتسم إدريس الحكيم ثم قال: "يبدو أنني تأثرت بعادة الفتى باسل قليلا. ففضولي بدأ يغلبني ! "

كانت هناك الكثير من الأفكار و الشكوك التي غطت ذهن إدريس الحكيم، لكنه توقف عن التفكير في ذلك للوقت الحالي و استأنف تأمله.

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/03/07 · 1,086 مشاهدة · 1259 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024