133 - كتب وصفات وإرشادات وفنون

133 – كتب وصفات وإرشادات وفنون

"أين ذهب؟" تكلمت لمياء بغضب: "عندما استطعت إقناع الكبار بجهد كبير يختفي؟ كيف لنا أن نكمل الخطة الآن؟ هل قمتُ بخطأ جسيم؟ ألم يكن يجب علي الثقة بخارجي بعد كل شيء سواء أكان يبدو مخلصا أم لا؟ أه ! أجبني، و بناء على إجابتك، سأحدد ما سأفعل."

كانت نظرة أبهم مرتعدة قليلا في الأول، لكن بسماعه لأسئلة لمياء، أصبح يعتليه تعبيرا جديا و اختفى العرق من على جبهته كما لو أنه تبخر فقال بعينين ثابتتين: "لن يخلف سيدي وعدا قطعه. أوَ ليست تلك صفات الخائن؟ لقد قال أنه سينفذ الخطة، لكن لم يكن بالضرورة أن يقوم بها بيده. هناك أشياء في هذا العالم أهم بكثير حاليا، و إن لم يتم الاعتناء بها، فلا يعلم أحد ما المصائب التي قد تأتي وراءها."

حدقت لمياء بأبهم بنظرة غير متزحزحة كما لو أنها تحاول النظر عبره. أما أبهم، فكانت عيناه ثابتين أكثر من أي وقت مضى. قال بصوت عازم: "لو لم يكن الأمر مهما، لما غادر. و أظن أنك تعلمين كل هذا بعدما شرح لك ما فعله طيلة العام الماضي. لا تشككي مرة أخرى في قرارات سيدي."

لا زالت نظرات لمياء تخترق أبهم. و لا زال هذا الأخير يواجه نظراتها تلك من دون زعزعة أو تردد. عندما أحست لمياء بعزيمته، و حزمه، لم يكن بيدها خيار آخر سوى التعجب و التفكير في... هل هذا الفتى هو نفسه ذاك؟ كادت لا تصدق هذا التحول الذي حدث له بسرعة كبيرة.

ابتسمت لمياء لسبب ما ابتسامة خفيفة قبل أن تختفي مرة أخرى. ضربت بعصاها على الأرض فجعلتها تهتز قليلا كما لو أن طنا نزل على الأرض و ليس ضربة خفيفة منها، ثم قالت: "سأثق. سأثق في تينك العينين الخاصتين بك. لا تخذلني ! "

"بالطبع." قالها أبهم بنفس النظرات.

سألت لمياء مرة أخرى: "إذا، هل أنت الذي ستكون ركيزة الخطة؟"

ابتسم أبهم و أجاب: "و من غيري؟"

حدقت به لمياء بعينين متألقتين بسطوع أحمر كاحمرار الشفق قبل أن تلتفت مغادرة قائلة: "الاجتماع غدا فجرا. سيأتي تابع لعشيرتي لينقلك. فلتستعد جيدا."

غادر الجميع فبقي أبهم لوحده و كان لا يزال صانعا تلك النظرات الثابتة قبل أن يرتخي جسده الجالس منتصبا أخيرا مصحوبا بتنهد طويل و تنفس صعداء منعش، قال بعد ذلك: "آه ! لقد كان هذا متعبا ! "

في الوقت نفسه، كان باسل قد عبر عشرات الأميال بالفعل مخترقا المئات بالغا الآلاف. تحرك بسرعة جنونية دون توقف فكان يترك وراءه زوابع صغيرة قاطعة كما كانت كل خطوة يقوم بها تجعله يقطع عشرات الأمتار في لحظة.

حتى أنه دخل لبعض المناطق المحظورة و جعل من بعض الوحوش السحرية قطعا من اللحم بتحركه السريع للغاية. كان فنه القتالي الأثري قد تطور مرة أخرى بعد المعركة التي خاضها ضد فضيلة كرم. كان قد استخدمه في محاولته السيطرة على القطعة الأرضية مما جعل التعاويذ الروحية الذهنية تنضج أكثر. كما أنها استمدت بعضا من الطاقة الروحية التي تبقت من الهجوم الذي قام به سابقا مما جعل فنه القتالي الأثري يتطور أكثر.

كان بإمكانه جعل عشرات الأشجار تتحول لقطع خشبية فقط بمجرد عبوره الشرس منها. كان هذا فن قتالي أثري علمه إياه إدريس الحكيم. و لم يستطع باسل منع نفسه من الشعور بالحماس من الالتقاء بمعلمه مرة أخرى بعد مدة طويلة. بالأخص، ليريه التطورات التي حدثت له و المستوى الذي وصل له.

كان باسل يتصرف بشكل مختلف كليا بجانب معلمه. كونه يعلم الكثير، لم يثر اهتمام باسل أي شيء في هذا العالم غير المناطق المحظورة أو الأشياء التي يراها لأول مرة. لكن حتى هذا الحماس الذي يكون يشتعل بداخله يختفي بعد التجربة لمرة أو مرات.

لكن، بجانب معلمه، كان يشعر بأنه مجرد جاهل، مجرد ضفدع في بئر لا يعلم اتساع الأرض و السماء. و هذا الشعور كان يجعله دائما في قمة الحماس، لأنه يمنحه إحساسا بوجود أشياء عظيمة أخرى لا يعلم عنها شيئا. أشياء أخرى تثير اهتمامه و فضوله لأقصى الحدود. لذا قطع باسل مئات آلاف الأميال جريا مستخدما الفن التقالي الأثري خطوات الرياح الخفيفة الذي تعلمه من معلمه أكثر شخص ليس من دمه يحترمه و يقدره.

واصل باسل المسير بنظرة منتعشة على وجهه.

بذلك الوقت، بعاصمة إمبراطورية الشعلة القرمزية، تكلم الكبير أكاغي: "لقد حان الوقت، اليوم هو اليوم الموعود. من المؤسف أن لا يكون ناصر موجودا بيننا. لكنه أراد القتال لحليفنا و لا مفر."

كان الكبير أكاغي يجلس على عرشه و بالجانب شيوخ عائلة كريمزون. قال مكملا: "الآن بعدما انتهينا من كل الطلبات المزعجة. سنظهر للعالم الأسلحة الأثرية. نادوا لي الكيميائيين الثلاثة و الجد سميث."

بعد قليل، أتى أربعة أشخاص فدخلوا و ركعوا على ركبة واحدة ملقين التحية: "نلقي التحية للإمبراطور العظيم. نحن خدمك تحت إمرتك. مرنا نطيع."

تكلم الكبير أكاغي: "ارتخوا، لقد قمتم بدور جيد أنتم الكيميائيين الثلاثة في المرة السابقة بحضور الإمبراطور شيرو و رؤساء العائلات الآخرين. لقد كان ذلك هو اليوم نفسه الذي ترقى فيه معلمكم ليصبح جنرال أعلى. حاليا، سنشرع في بيع الأسلحة الأثرية المتاحة."

مع أن الكبير أكاغي أخبرهم بالارتخاء، لم يفعل الكيميائيون الثلاثة و الجد سميث. بدلا من ذلك، حافظوا على وضعيتهم احتراما. و عندما سمعوا الخبر من فم الكبير أكاغي، رفعوا رؤوسهم التي كانوا يوجهونها للأسفل متفاجئين قائلين: "حاضر يا جلالتك ! "

كان هؤلاء الكيميائيون الثلاثة هم الكيميائيون الذين التقى بهم باسل عندما تحالف مع عائلة كريمزون، و الحال نفسه مع الجد سميث حداد العائلة و المشرف على ورشات العمل الخاصة بالأسلحة.

بلغ الكيميائيون الثلاثة المستوى السادس بالفعل و أصبح بإمكانهم إنتاج إكسيرات بفعالية جيدة. و كذلك الجد سميث، تعلم ما أمكنه من باسل حول النقوش الأثرية. و الباقي لوحده عبر كتاب إرشاد منحه باسل له و أخبره بدراسته كما فعل مع الكيميائيين الثلاث بمنحهم وصفات الإكسيرات عندما كان يعلمهم.

قال الكبير أكاغي بصوت مرتفع: "غدا فجرا سينطلق السوق. لن نكون نحتكر السلعة هذه المرة أيضا. بل ستبيع العائلات الكبرى الأخرى ما نبيع أيضا. لذا، ستكون منافسة."

"حاضر ! " قالها الأربعة بحزم.

تمت مشاركة وصفات الإكسيرات و كتب إرشادات الأسلحة الأثرية مع العائلات الكبرى. كان هذا من أجل التسريع من نمو قوة الإمبراطورية بشكل سريع للغاية. لكن بالطبع كان هناك نسبة أرباح تعود لعائلة كريمزون و باسل من الأرباح التي تجنيها العائلات الكبرى مقابل الوصفات و الإرشادات.

كانت هذه الوصفات مجرد نسخ بالطبع كما هو الحال بالنسبة لكتب الإرشادات. فكتابيْ الوصفات و الإرشادات الأصليين مع باسل. و هذان الكتابان أعطاهما له معلمه لدراستهما. لا زال باسل حتى الآن يدرسهما. فهو فهم و أتقن حوالي العشرين بالمائة من كتاب الإرشادات فقط. و أكثر من ثمانين بالمائة من كتاب الوصفات.

كانت النسخ التي أعطاها باسل للعائلات الكبرى لا تقدر بثمن بالنسبة لهن. لكن هذه الكتب مجرد بداية البدايات بالكيمياء و الحدادة، إضافة لفن النقش الأثري و الروحي.

منحهم باسل نسخة من كتاب فنون قتالية أثرية أيضا. بالطبع هاته النسخ كانت مصنوعة من طرف باسل. لذا نسخ ما فهمه فقط. أما ما لم يفهمه حتى الآن، لم ينقله بالطبع لعدم استطاعته ذلك. فكتاب الفنون القتالية الأثرية عميق للغاية حتى بالنسبة له. و لم يدرك سوى فرع صغير جدا أي غصن أول فقط منه. حتى أن هذا الغصن لا زال صغيرا جدا. لذا كل ما مرره باسل لهم كان مجرد جزء صغير للغاية فقط.

كانت كتب الوصفات و الإرشادات مجرد كتب لها قيمة مادية في العوالم الروحية. كما كانت كتب الفنون القتالية لها قيمة أكثر. لذا لم تكن نادرة لتلك الدرجة. ما كان نادرا حقا هو الشيء الذي كان يجعل لعاب خبراء من نطاقات عالية للغاية يسيل.

كل هذه الكتب كانت مجرد قطع ورقية لا فائدة منها بعدما كانوا قد بلغوا نطاقات خيالية. ما أثار اهتماماتهم كان كتب الفنون القتالية الروحية التي تجعلهم سحرة روحيون ذوي اسم ثاقب. و أكثر من ذلك، كتب الفنون السامية الأربعة عشر التي تعتبر أحد أعتق الكنوز على الإطلاق. و لا يكاد يكون سوى القليل من الشخصيات العظيمة التي طورت فنا ساميا أو بلغته.

على الأغلب، كان هناك من يتقن فنا روحيا و يطوره حتى يصنع فنا ساميا خاصا به. و بقيت الفنون السامية الأربعة عشر بعيدة عن متناول أيديهم.

أغلب الشخصيات العظيمة التي جعلت اسمها غير متزحزح في التاريخ بإتقانها لفن سامي لم يتعدى عددها عدد أصابع اليدين. لكن أغلبهم لم يتقن فنا ساميا من كتاب فن سامي. و إنما من خلال تطويره لفنه الروحي الخاص حتى كان قادرا على جعله فنا ساميا.

كانت الكتب الأثرية و الروحية و السامية شيئا يجعل على التوالي السحرة و السحرة الروحيين و المخلوقات الجبارة يتعاركون عليه و يسفكون الدماء من أجله. كانت تلك الكتب تختلف فيما بينها و كان هناك الأفضل من الآخر. لذا تمت صراعات ضخمة للغاية اخترق صداها العوالم و حرك مختلف الأجناس و الأعراق لتتقاتل عليه.

ببساطة، كانت كل كتب الفنون بكل درجاتها سببا في الصراعات الهائلة التي تحدث بين مختلف القوى بأعلاها و أدناها. و لم يكن من المبالغ قول أن تلك الكتب، خصوصا الأعظم و الأندر منها، هي السبب في نشوب الحروب بين أجناس و أعراق كانوا متحالفين فيما بينهم لعشرات آلاف السنين.

كانت هناك قولة معروفة تتخلل العوالم الروحية. الحليف حليف بلا كتاب فنون، و عدو بامتلاكه.

بالطبع لم يكن الكل له نفس الأفكار. لكن ليس فقط لأن الطرف الأول صالح سيكون بالضرورة الثاني كذلك.

اليوم، بغروب الشمس، و مع انطلاق باسل من الصباح من دون توقف، وصل أخيرا لسلاسل الجبال الحلزونية. كان مرهقا جدا. لم يستعمل الفن القتالي طوال الوقت لعدم إمكانية ذلك. فهو يستهلك الطاقة السحرية و يحولها لأحكام عظيمة تتمثل في التعاويذ الذهنية الروحية. لذا كان متعبا للغاية عندما وضع قدمه داخل ثالث أكبر منطقة محظورة في العالم. و بمجرد ما أن فعل، حتى انقض عليه قرد أزرق ضخم.

عبس باسل ثم أحكم قبضته فأحاطت به هالة ضاغطة للغاية كما لو أنها أحكام تحاول تطبيق قوتها على الطبيعة و الوجود. تحركت قدمه فاختفت من مكانها في لحظة كما فعل جسده ليظهر أمام القرد الأزرق الضخم ثم ضربه بقبضته المحكمة بمنتصف جسده فأصبح القرد الأزرق الضخم فتاتا في لحظة واحدة و سقط منه حجر أصل صغير جعل باسل يستغرب. فهذا الوحش السحري هو من نفس النوع الذي كان منه شريكه الأول في التدريب. و في ذلك الوقت، لم يكن وحشا سحريا.

في تلك اللحظة، انبثق صوت من خلف باسل: "هذا يذكرني بقتالك الأول ضد وحش من منطقة محظورة. مرحبا أيها الفتى باسل."

التفت باسل ثم شبك قبضته و قال: "التحية للمعلم العظيم. لقد وصل تلميذك. اعذره على تأخره."

ابتسم المعلم ثم قال: "حسنا، لما لا تتبعني." تحرك إدريس الحكيم فتبعه باسل ليكمل: "يبدو أنك أتقنت الفن القتالي الأثري."

ابتسم باسل ثم قال: "نعم. لكنه ليس كافيا على الإطلاق. فبعد كل شيء، لم يكن بإمكاني الشعور بتواجدك على الإطلاق حتى و أنا أستعمله."

"هوهوهو ! " ضحك المعلم ثم قال: "أمامك ألف سنة."

ابتسم باسل ثم شعر بالفرح حقا. هو الشخص الذي يفضل الوحدة على المرافقة، كان يفضل مرافقة معلمه على البقاء وحيدا. و عندما سمع كلام معلمه، شعر بالحماس مرة أخرى.

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/03/09 · 980 مشاهدة · 1712 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024