136 - بلوغ السفن وجهتها

136 – بلوغ السفن وجهتها

كانت الأسواق مقلوبة رأسا على عقب وجنّ السحرة الموجودين بالعالم كله. ليس هناك أي شخص آخر استطاع منع نفسه من الاندهاش. أصبحت هناك ثورة ضخمة للغاية. باشر المتسابقون نحو المناطق المحظورة واصطادوا الوحوش السحرية حتى آخر قطرة عرق منهم. ماتوا من أجل ذلك. دخل العالم في سباق الأقوى على حين غرة من حيث لا يدري أحد.

تلك الإكسيرات والأسلحة الأثرية جعلت عيون السحرة حمراء. كما حركت بعض المنظمات بالعالم السفلي وجعلت أفواههم يسيل لعابها. في بعض من الوقت فقط، انبثق سحرة بالمستوى الخامس والسادس مطالبين بحقوق علموا فيما بعد أنها لم تعد موجودة.

عندما ظهرت الإكسيرات واخترق العديد من الأشخاص للمستوى السادس، قاموا بالمطالبة بالارتقاء، لكنهم تلقوا دروسا غرست في لحومهم وعظامهم جعلتهم يصدقون الواقع المر والحديث.

وبعد مدة من الوقت، ظهرت مرة أخرى أدوات مفجرة للعقول. ظهرت تلك الأسلحة التي تحمل نقوشا أثرية وبإمكانها هي الأخرى وضع فرق كبير للغاية بالمعارك. ساحر يمتلك سلاحا أثريا سيسحق آخر بدونه كالحشرة ولو كان أقوى منه بقليل.

اهتز العالم وبدأت بعض القوات الخفية تتحرك تجاه عاصمة إمبراطورية الشعلة القرمزية، نحو السوق المركزي بالضبط، حيث كلف الجد سميث والكيميائيون الثلاث بالاهتمام بالأعمال التجارية بدلا من التاجر ناصر الغائب.

كانت الإكسيرات ذات تأثير خيالي. ولم تكن الأسلحة الأثرية أقل منها شأنا. بل وأنها كانت لها قيمة أكبر. فالإكسيرات تستهلك في اللحظة نفسها وينتهي عملها بعدها. لكن الأسلحة الأثرية تبقى دائما مع الساحر وتدعمه في كل الأوقات.

في وسط هذه الفوضى التي حلت بالعالم، وبعد أيام أخرى من وصول أنمار للسلاسل الجبلية، هوجمت قرى كثيرة ومدن صغيرة وكبيرة. وفي ذلك الوقت، ظهر شخص يرتدي درعا ذهبيا أمام مدينة ما تخللها قطاع الطرق وتجار الأسواق السوداء.

رفع سيفا أثريا ولوحه فجعل المئات من الأعداء أمامه بلا أرجل. كانت أرجلهم مقطوعة والجروح محروقة كما لو أنها تعرضت لنار حارقة.

هذا الشخص الذي ارتدى درعا ذهبيا لم يكن شخصا آخر سوى الجنرال رعد الذي كان متوجها نحو العاصمة فمر على مدينة تعرضت للسيطرة من قبل عصابات متعددة. ولم يلبث سوى لمدة ساعة وكان قد نظف المدينة بأكملها.

تحرك من دون توقف بسرعة البرق وجعل الأعداء في خبر كان وبدون حيلة. في ساعة واحدة كان قد أنهى أمر المئات من الأشخاص المختبئين على طول المدينة التي امتدت لمئة ميل.

كانت تلك المدينة هي المدينة التي حكمها سابقا الرئيس غين سيلفر الذي مات على يد الرئيس تشارلي. مدينة غين.

وبنفس الوقت، في مدينة هويز التي كان يحكمها الرئيس هويز هايرو الذي مات على يد الجنرال براون مارون. هناك، تواجد شخص آخر بدرع فضي، وعبر المدينة ذهابا وإيابا فجعل المجرمين الذين تخللوها مرتعبين ومشلولين. حطم عظامهم وأجسادهم كما لو كان يحطم الحجارة محولا إياها لغبار.

لم يكن هذا الشخص سوى الجنرال منصف الذي افترق بالطريق مع الجنرال رعد. كل واحد ذهب لمدينة. كانت هاتان المدينتان بدون قيادة لفترة طويلة منذ أن مات رئيساهما. لذا تعرضتا للاستهداف من العالم السفلي الذي حاول الربح إلى أقصى درجة من الوضع الجديد وبناء قوته أكثر لمواكبة التطور السريع والخيالي الذي يحدث.

في هذا الوقت، علم الكبير أكاغي أخيرا المعنى الحقيقي لما قصده باسل بلقائهما الأول عن قلب سوق التجارة رأسا على عقب وتغيير موازين القوى بالعالم.

بعدما انتهى الجنرال رعد من عمله، كلف حراس المدينة بتوجيه المجرمين للسجون وتقييدهم. فأغلبهم كان بالمستوى الرابع وهذا ما جعل المدينة عاجزة كليا عن صدهم. ثم أكمل طريقه نحو العاصمة وهو الشيء الذي فعله الجنرال منصف أيضا.

بعد وصولهما هما الاثنين إلى القصر الإمبراطوري، فتحت لهما الأبواب باحترام كما التقيا بالكبير أكاغي والإمبراطور شيرو الذي كان لا يزال يتواجد بإمبراطورية الشعلة القرمزية.

قفز الإمبراطور شيرو من كرسيه واتجه نحو الجنرال رعد ثم أمسك كتفيه وقال بهلع: "أخبرني، حدثني، لم أنتما هنا؟ وأين هي الأميرة أنمار؟ ما الذي تفعلانه هنا؟ أريد أن أعلم حالا. لم يتبقى سوى خمسة عشر يوما على الميعاد. كيف لنا أن نصل بالموعد الآن؟ ليست هناك وسيلة. ستموت ابنتي ! "

أنزل الجنرال رعد يديه من على كتفيه بهدوء وقال: "لا تقلق. لقد سبق وتكلمت مع الفتاة الشقراء بالفعل. يبدو أنها توجهت للسلاسل الجبلية الحلزونية."

عبس الإمبراطور أكثر وقال: "كيف لها أن تفعل هذا؟ لقد أخبرتني أنها ستتوجه لإنقاذ ابنتي."

"لا تقلق." قال الجنرال رعد بحزم: "لذلك ذهبت للسلاسل الجبلية الحلزونية ! سنصل أسرع حتى من الوقت الذي منح لك. غدا موعدنا. غدا سنحلق لعرين الأعداء، لـأرخبيل البحر العميق."

لم يفهم الإمبراطور شيرو شيئا حتى الآن، لكنه هدأ قليلا بسبب هدوء الجنرال رعد. وبمشاهدتهما، ارتاح قلب الكبير أكاغي أيضا وتكلم بعدما لمح درع الجنرال رعد: "لقد ارتديته ! "

أجاب الجنرال رعد بابتسامة: "نعم، لقد وصلت للمستوى السابع أسرع مما توقعت، حتى أنني تجاوزته من دون الحصول على فرصة لارتدائه. لكن بمجرد ما أن بلغت القسم الثاني من مستويات الربط ارتديته."

كان درع الجنرال رعد ذهبيا. ببلوغ المستوى السابع، تصبح الفضة غير قادرة على تحمل طاقة هذا المستوى. لذا يغير السحرة عندها الدرع لآخر ذهبي إذ يستطيع تحمل طاقة تفوق المستوى السابع بكثير.

"إذا..." فتح الإمبراطور شيرو فاهه قائلا: "لقد نجحتم."

قال الجنرال رعد بابتسامة: "نعم لقد فعلنا، أنا والفتاة الشقراء. لكن الجنرال منصف..." التفت له وعبس كما فعل الجنرال منصف أيضا.

قال الجنرال منصف عندها: "لم أستطع النجاح في الوقت المناسب. كنت سأفعل لكنني لم أستطع بالنهاية. أحتاج لوقت أكبر. لكن في الوقت الحالي سأرافق الجنرال رعد والسيدة الصغيرة في رحلتهما لمساعدتهما."

تكلم الإمبراطور شيرو: "أنا أشكركم حقا. بالطبع سأرافقكم أنا أيضا، إضافة لجنرالات إمبراطوريتي الذين سبقوا واستعدوا كليا وهم متوجهون إلى هناك حاليا."

عبس الجنرال رعد قليلا قبل أن يقول: "كان من الأفضل لو لم تقم بهذا. إنه كما لو أنك تقول لهم أننا آتون."

لم يستطع الإمبراطور شيرو الإجابة. فبعد كل شيء، رغم ثقته بأنمار والآخرين، لم يكن باستطاعته منع نفسه وأراد التحرك ولو بأي طريقة.

قال الإمبراطور شيرو: "لن أعتذر عن ذلك. إنها ابنتي، ولقد أقسمت. لأقتلنًّ العدو الذي سلبني ابنتي وأجلب انتقامي وفخري وعزتي."

حدق به الجنرال رعد وعلم أن لا جدوى من التحدث معه بهذا الشأن، فبعد كل شيء، لا أحد يمكنه لومه عن رغبته في إنقاذ ابنته، حتى لو كانت خطوته حمقاء. فإن نجح في التريث والهدوء، كان أفضل. وإن لم ينجح، كان أمرا متوقعا من أب فقط.

تكلم الجنرال رعد مرة أخرى: "أتمنى ألّا يقوموا بشيء لابنتك فقط ! "

قال الإمبراطور شيرو مجيبا باستقامة: "لا تقلق بهذا الشأن، حتى أنا أعلم هذا. لقد غادر جنرالاتي واحدا تلو الآخر بخفية. أنا أعلم ما الذي سيحدث لابنتي إن لم أطع أمر الأعداء وأظهرت لهم نيتي."

قال الجنرال منصف عندها مبتسما: "ومع ذلك، إنه لأمر جيد أنك لم تذهب بعد أيها الإمبراطور شيرو."

ابتسم الإمبراطور شيرو وحدق بالكبير أكاغي ثم تنهد قبل أن يقول: "فلتشكر الإمبراطور أكاغي. فهو الشخص الذي ساعدني في ذلك. لم يكن بإمكاني سوى وضع ثقتي بثقته في حفيدته. شهدت ما قام به جنرالكم الأعلى وما قامت به الأميرة أنمار بالمعركة سابقا. لذا عضضت لساني وضربت ركبتاي وجعلتُني أنتظر. بالمناسبة، قلتما أننا سنحلق إلى هناك. كيف هذا...؟"

قرابة هذا الوقت، اقتربت عشرة سفن عملاقة من شاطئ إمبراطورية الرياح العاتية. فجعلت الجنرال الأقرب يتحرك لمقابلتها. فتلك السفن يمكنها الإتيان بجيش يمكنه بدء حرب.

كانت السفينة الوسطى تحمل ستة أشخاص. خمسة منهم يرتدون درعا فضيا وسادسهم يرتدي درعا برونزيا. تقدمت السفن العشر بقيادة السفينة الوسطى نحو الشاطئ مجرورة بحيتان قلب البحر العميق التي صنعت أمواجا هائلة بتحركها فانتقلت السفن عليها. ارتفعت هذه السفن فوق الأمواج التي يحدثها تحرك الحيتان مما صنع مشهدا مدهشا للغاية.

كل سفينة يجرها عشر حيتان. لم هذا بالمشهد الشائع، وكان نادرا للغاية. بسبب اجتماع كل هذه الحيتان مرة واحدة بدت كقطيع مسافر. جعل هذا الأمر العديد من الناس بالميناء على الشاطئ يرتعدون ونادوا الجنرال الأقرب ليأتي للمقابلة. قام هؤلاء الناس عندها بالإخلاء مباشرة بناء على أوامر آتية على ما يبدو من ذلك الجنرال.

رصت السفن، فنزل ستة أشخاص ثم وقفوا أمام جنرال إمبراطورية الرياح العاتية الذي كان بشارب طويل أبيض من دون لحية وأصلع الرأس.

تكلم هذا الرجل العجوز ذو الشارب الطويل: "أنا الجنرال وايتلاند شابو. الجنرال الأقدم لإمبراطورية الرياح العاتية. أريد أن أعلم من أواجه هنا وما النية التي أتى بها ! "

تقدم تورتش للأمام وقال: "أنا قائد تشكيل الجنرال الأعلى لإمبراطورية الشعلة القرمزية. أتينا لمساعدة الإمبراطور غلاديوس الذي وصل قبل بضعة أيام. نريد أن نعلم ما هي أخباره."

عبس الجنرال شابو وحدق بتورتش مفكرا: "الجنرال الأعلى ! إنه ذلك الباسل الذي سمعت عنه. إذا لقد أرسل رجاله إلى هنا. كان هذا سريعا ! "

رفع الجنرال شابو يده للأعلى، وبمجرد ما أن فعل حتى انطلقت أسهم من خلفه بجميع أنواع العناصر السحرية مستهدفة القادة التشكيل والتاجر ناصر.

في تلك اللحظة، صدم الستة ولم يعلموا ما يحدث. رماهم المئات من الجنود خلف الجنرال بأسهم سحرية على حين غرة بمجرد ما أن أعلنوا عن هويتهم. لكن من دون الحاجة للتفكير حتى، هناك أسهم متجهة نحوهم وهذا إشارة كبيرة إلى أن الشخص الواقف أماهم اعتبرهم أعداء بسماعه لهويتهم.

تكلم الجنرال وايتلاند شابو مرة أخرى: "الإمبراطور غلاديوس؟ ليس هناك أي شخص بهذا الاسم بالعرش. لقد كان سيعلن هذا الأمر غدا، لكن لا ضير في قوله لكم بما أنكم ستموتون على كل حال. لقد أصبحنا نمتلك إمبراطورا جديدا من اليوم فصاعدا، واسمه جِرم. الإمبراطور شهاب جِرم."

(م.م: للتذكير، "جرم" ذكر بالفصل 127)

*بووووووووم*

نزلت الأسهم على الستة مفجرة المكان بأكمله صانعة ضوضاء ضخمة. تعرضت السفن وراءهم للهجوم جنبا إلى جنبهم.

عم الغبار المكان وأصبحت الرؤية غير واضحة. عندها، انبثق ضوء ساطع من وسطه واتجه بسرعة جنونية نحو هدف محدد... نحو الجنرال شابو.

*بااااام*

كان هذا الضوء الساطع عبارة عن سهم ناري ملتهب، وكانت سرعته جنونية. كما كان يثقب الهواء صانعا ضوضاء في طريقه للعدو. وعندما وصل إليه، انفجر بشكل لا يصدق صانعا ضجة مشابهة للتي حدثت قبل وقت قليل بسبب الأسهم مجتمعة كلها.

قبل تعرضه لمثل هذا السهم، رمى الجنرال شابو بعض أحجار حاجز الحماية الأرضية وتراجع عدة خطوات للخلف. لكنه مع ذلك، سعل الدم من الصدمة التي أتت من السهم الذي اخترق كل تلك الحواجز الخمسة. ثم دافع بسيفه السحري الذي شكل درعا من الماء وبدا منيعا لحماية نفسه من السهم الناري الملتهب. لكنه دُفِع للخلف مرة أخرى بانفجار السهم الذي التقى بالدرع المائي.

حدث كل هذا بسرعة كبيرة للغاية. في لحظة واحدة، حدث انفجار بالجهتين كلتاهما. واحد بسبب الأسهم التي صوبت نحو قادة التشكيل والتاجر ناصر، والآخر بسبب السهم الملتهب الذي انبثقق من الغبار متجها نحو الجنرال وايتلاند شابو.

بعدها، تردد صوت من الغبار الذي ينجلي: "يبدو أننا وصلنا متأخرين ! "

كان ذلك صوت تورتش الذي بدأ يمدد وتر قوسه المحاط بالنيران والذي كان بطول مالكه.

تكلم شخص آخر: "لقد قال شهاب جرم ! إنه واحد من قدمائهم الكبار. هذا سيئ حقا. لقد وقعت الإمبراطورية في يد الأعداء بالفعل. فلتتواصل مع سيدنا يا ناصر. يجب أن يعلم بهذا."

أجاب صوت آخر: "لقد بدأت أفعل ذلك بالفعل يا فانسي. ركز فقط على إعداد عرضك جيدا."

أجاب الصوت الآخر: "لا تقلق. لن يدروا حتى يفوت الآوان. وإلا لن يكون هناك معنى من الخدع السحرية."

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/03/09 · 995 مشاهدة · 1733 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024