137 – قتل جنرال!

تفاجأ الجنرال وايتلاند شابو من قوة السهم الذي جعله يتقيأ الدم وتسبب له في بعض جروح. ومع ذلك، لم يتوقف بمكانه من الصدمة، وبدل ذلك، صرخ آمرا: "أمر لجميع الجنود. فليحط سحرة المستوى الرابع الأعداء من كل الجهات. فليهاجم سحرة المستوى الخامس أثناء ذلك. ليقدم باقي السحرة الدعم المناسب."

في لحظة، وجد الستة أنفسهم محاطين من جميع الجهات بعدما انجلى الغبار وكانوا في موقف لا يحسدون عليه. وقبل أن يقوموا بأي تحرك بسيط، اتجهت نحوهم أسهم بمختلف العناصر. وهذه المرة كانت كلها بالمستوى الرابع. كان يصل عددها للمائتين مما فاجأ الستة وبدت أوجههم شاحبة.

عندها، ضحك الجنرال وايتلاند شابو وقال: "تأتون لأرض العدو ظانّين أن لديكم فرصة في الفوز؟ لقد تفاجأت حقا بالهجوم الأول، لكنها نهايتكم الآن. فبعدما تتعاملون مع الأسهم، ستجدون أنفسكم تحت رعاية سحرة المستوى الخامس بأعظم تقنياتهم في كامل قوتها."

استمر الجنرال وايتلاند شابو بالضحك وشعر بالنشوة من سقوط العدو في شباكه بسهولة. وفي تلك اللحظة، شعر بشيء غريب نوعا ما. لماذا لم يظهر أي أحد من السفينة بعد؟ كل تلك السفن يجب أن تحمل عددا هائلا من الجنود نظرا لحجمها الضخم وعدد الحيتان التي تجرها. وبالرغم من كل هذا، كان المكان هادئا بشكل غريب ولم يظهر أي حس ولا أي صورة لأي شخص آخر غير أولئك الستة.

هذا جعل الجنرال وايتلاند يستغرب كثيرا، لكن لم يمنعه من الهجوم على الستة الذين أمامه حيث بدوا بدون حماية.

وبنزول الأسهم السحرية مرة واحدة على الشخصيات الستة، انفجر المكان وبدد شكوك الجنرال فجعله هذا الأمر يتنفس الصعداء. كان مرتبكا قليلا بسبب انشغال ذهنه، لكن بعد رؤيته لخطته تُنفذ أمام عينيه من دون حدوث أي شيء غريب، ارتاح قليلا ورفع يده مشيرا بها لتحرك سحرة المستوى الخامس الذين كانوا يقفون أمامه.

انقض سحرة المستوى الخامس على المكان الذي يجب أن يكون به الستة وغُمر بعضهم بالغبار المندلع بسبب الهجوم الأول من سحرة المستوى الرابع. بذلك الوقت، لم يحدث شيء وعمّ الهدوء للحظات قليلة. فجعل هذا الأمر شكوك الجنرال وايتلاند تعود من جديد لتشغل ذهنه.

"ما الذي يحدث بالضبط؟" فكر بذلك قبل أن يصرخ: "لمَ لا أسمع صرخات العدو؟ أجيبوني أيها الأوغاد ! "

عندها، من حيث لا يدري انبثق صوت دب الرعب في قلبه: "ذلك لأنه لا يوجد عدو ليصرخ هناك."

كان الصوت يعود لامرأة. التفت الجنرال ببطء شديد قبل أن يجد ستة أشخاص وراءه. توسطتهم امرأة بأواخر العشرينات حدقت به ثم تكلمت من جديد: "قلت أنك الجنرال الأقدم بهذه الإمبراطورية ! لقد جعلتني حقا أتساءل إن كان هذا صحيحا ! فبعد كل شيء، من الغبي الذي يسقط في خدعة بسيطة مثل هذه؟"

كانت هذه المرأة هي شي يو التي تحدثت بنبرة حادة غير مترددة. كانت هذه اللهجة التي تحدثت بها حازمة ولم تكن كالتي اعتادت التحدث بها من قبل.

قبل أن يقوم الجنرال وايتلاند شابو بأي تحرك، تحرك شخصان في آن واحد من كلا الجانبين ومرّا به في لحظة واحدة مخلفين صوتا يشبه صوت الرياح التي تسلخ الأشجار.

*كغغغ*

كان الأمر سريعا للغاية، سريع كفاية كي لا يعلم الجنرال وايتلاند شابو أنه فقد ذراعيه معا قبل أن تتخللاهما هالتان باردتين حرفيا. هالتا الثلج والجليد. تجمد ما تبقى من ذراعيه فجعله هذا الأمر يدرك أخيرا ما حدث له. وباستيعابه للأحداث، صرخ متألما ثم حدق بالشخصيات التي أمامه قبل أن يغير نظره إلى مكانهم السابق. فإذا به يجد المكان فارغا بعد انجلاء الغبار وفهم أن كل ما حدث كان وهما.

تم تنفيذ الوهم أثناء الهجوم الأول من طرف فانسي بداخل الغبار. بسبب تعجرف الجنرال، لم يستطع ملاحظة هذا الوهم ولو قليلا بالرغم من أنه بقمة المستوى السادس.

لم يعلم سحرة المستوى الرابع والخامس ما يجب فعله، وكذلك باقي السحرة الذين كلفوا بدعمهم. حدث كل شيء بسرعة خيالية. قبل أن يدروا، كان جنرالهم في حالة مزرية.

صرخ الجنرال وايتلاند شابو: "أيها الأوغاد ! أنقذوني ! يا عديمو الفائدة، ولا واحد منكم استطاع كشف خدعتهم."

عبست شي يو بسبب كلامه وقالت: "لست غبيا فقط وإنما حقير كذلك. أن تضع نتيجة أوامرك الفظيعة على عاتق أتباعك، إنك حقا لسفيه."

قطب الجنرال من كلام شي يو وصرخ مرة أخرى بفمه الدموي: "أسرعوا ! يجب أن تؤمنوا لي طريقا."

في الحال، استجاب له أتباعه واستعدوا للانطلاق. وبمجرد ما أن انقضوا، حتى وجدوا أنفسهم مقتولين بالهواء فتلونت السماء بالأحمر القرمزي وارتسمت على وجوههم نظرات الرعب بعدما صدت صرخاتهم البائسة في كل الأنحاء.

ظهر على حين غرة آلاف الجنود بالمستوى الخامس من السفن وصنعوا حماما من الدماء. كان المشهد مروعا للغاية. موت كل أولئك الجنود مرة واحدة كان أمرا مرعبا كثيرا. وخصوصا للجنرال وايتلاند شابو الذي لا زال لم يفهم ما حدث حتى الآن.

وبالطبع، فهم بعد مرور قليل من الوقت كأي شخص آخر. لا يعرف كيف، لكنه متأكد من أن كل أولئك الجنود كانوا بالسفن وكانوا متخفين بطريقة ما فقط. أخمدوا طاقاتهم السحرية ولم يتحركوا ولو لإنش واحد. حتى أتت اللحظة المناسبة، حتى تركزت أذهان أتباعه على إنقاذه وتركوا ثغرات قاتلة، عندها، ظهر الجيش العظيم وظهرت الحقيقة القاسية على وجهه الذي شحُب من هول الحدث.

فبعد كل شيء، فهم أن الأمر كان مخطط له من البداية. لمَ ظهر أولئك الستة فقط بالسفن العشر ولم يظهر أي شخص آخر.

وخلال اللحظات التي يعاني بها الجنرال وايتلاند شابو ذهنيا وجسديا، تكلم فانسي: "لقد أصبحت مرعبة حقا يا شي يو. من كان ليعرف أنك نفس الفتاة قبل حوالي سنة إن لم يصاحبك طوال تلك السنة ! إنك تصبحين أقرب فأقرب لتشبهين السيدة الصغيرة."

حدق تورتش بها واعتلته نظرات مندهشة للغاية. لقد علموا كلهم بالتقدير الذي تمنحه شي يو لأنمار. كانت تحترمها كثيرا وتتمنى لو كانت مثلها بالرغم من أنها فتاة أصغر منها. كانت أنمار مثل الشخصية المثالية التي تمنت شي يو التي كانت جبانة طوال حياتها أن تصبح عليها أو أقرب لها.

أغمضت شي يو وقالت بهدوء: "لا تكن وقحا يا فانسي، كيف لي أن أبلغ خنصر السيدة الصغيرة حتى؟"

"كيكيكي..." ضحك فانسي وقال: "لا تكوني متواضعة. ظننت أن تلك الـشي يو لم تعد موجودة ! "

ضحك البقية كذلك إلا تورتش الذي لا زال مصدوما بالتغير الكبير الذي حدث لشي يو. فبعد كل شيء، كان قلبه ينبض بسرعة كبيرة في تلك اللحظة وحدق في وجه شي يو الهادئ. وقبل أن يدري، تحولت المرأة أمامه لجنية يحيط بها الزهور والنجوم، فبدت أكثر جمالا أكثر من أي وقت مضى.

تكلم عندها فانسي مرة أخرى: "ها أنتِ ذا. أنظري ماذا فعلتي بصغيرنا تورتش ! لقد جعلت شفاه العلوية تتدلى."

احمر وجه شي يو بالرغم من أنها كانت تحاول الحفاظ على هدوئها ونظرت إلى تورتش فازدادت خجلا والتفت للجهة الأخرى مخبّئة وجهها في صدرها.

اقترب فانسي وصفع رأس تورتش: "أيها... المحظوظ."

استيقظ تورتش أخيرا من أحلامه، لكنه لم يلقي بالا لصفعة فانسي واستمر بدل ذلك في التحديق بشي يو المحمرة خجلا، فالتفت هو الآخر للجهة الأخرى محرجا.

قطب فانسي قليلا وحدق بهما ثم قال بداخله: "إن هذا يثير الأعصاب قليلا نوعا ما لسبب ما ! "

في تلك اللحظة، ضحك الأربعة على شي يو وتورتش كلهم بصوت مرتفع. بالطبع، كل هذا كان يحدث أمام الجنرال وايتلاند شابو. كل أتباعه ماتوا، وفقد ذراعيه، لم يتبقى له أي فرصة على الإطلاق في النجاة. لكنه فجأة وجد أملا برؤيته لتصرفات الستة المحيطين به. من الذي يتغازل ويتمازح بوسط القتال؟

"اللعنة عليهم ! إنهم يستخفون بي لأقصى الدرجات ! " فكر الجنرال وايتلاند شابو: "لكن... تبا لهم. سأنتقم فيما بعد لذراعي. سأجد طريقة لعلاجهما مهما حدث. يجب أن يكون للسيد شهاب جرم طريقة ما لإصلاح الأمر. أما الآن..."

تحركت قدم الجنرال وايتلاند شابو بهدوء كبير ثم ذهب نحو ذراعيه ليلتقطهما فيضعهما بمكعب التخزين. لكن بمجرد ما أن حرك قدمه حتى طارت ساقه اليمنى من مكانها هي الأخرى فصرخ بشكل مزر مرة أخرى وتطايرت الدماء مندفعة من رجله.

سقط على الأرض ثم حدق بالشخص الذي وقف بعيدا أمامه بعدة أمتار. كان هذا الشخص هو شينشي، أحد الشخصين اللذين قطعا ذراعيه. كان الآخر هو برودي. لم يتحرك هذا الأخير بما أن شينشي فعل.

مع أن الجنرال وايتلاند شابو كان يرتدي درعا سحريا فضيا، إلا أن ذلك لم يمنع أسلحة قادة التشكيل الأثرية من قطعه بكل بساطة. لم يكن لدى الجنرال أي خيار آخر سوى التعرض للقطع و المشاهدة. وسعه رؤية أطرافه تطير من مكانه واحدة تلو الأخرى فقط لا غير.

ارتفعت نظرات الجنرال للأعلى ليجد شينشي يحدق به بنظرة قاتلة تحمل نية قتل لا تردد بها. عض لسانه من الغضب وصرخ من الألم والكراهية قبل أن يفعّل طاقته السحرية ويشحنها باستمرار.

"سنموت معا أيها الأوغاد. إن كنت سأموت لا محالة، فسوف أجعلكم تُدمرون معي."

عبس الستة وصرخ فانسي: "أسر..."

*زززن*

لكن قبل أن يكمل كلامه حتى، كان برودي يحمل رأس الجنرال وايتلاند شابو. تنفس الآخرون الصعداء وارتاحوا.

تكلم فانسي: "المنتحر السفيه ! كاد أن يفجرنا معه ! أحسنت بردة فعلك يا برودي."

ألقى برودي رأس الجنرال بعدما حدق في عينيه الميتتين وقال: "لكن، لقد خسرنا الآن مصدر المعلومات القيم."

تنهدت شي يو وقالت: "لا مفر، كنا سنموت كلنا على أي حال لو نجح في كسر بحر روحه." تحركت للأمام ثم سألت: "يا ناصر، ماذا عن اتصالك بسيدنا؟"

قطب التاجر ناصر وقال: "لا أعرف لماذا، لكن سيدنا محجوب تماما. اتصالي لا يرتبط معه إطلاقا."

استغرب الجميع قبل تستخدم شي يو خاتم التخاطر الخاص بها: (مرحبا يا سيدتي الصغيرة. اعذريني على سؤالي المفاجئ، لكن، لمَ لا نتلقى أي إجابة من سيدنا باسل؟)

صدى صوت حاملا أفكار الشخص الآخر بعقل شي يو: (هذا لأنه ليس بهذا العالم أساسا حاليا ! )

اندهشت شي يو مما سمعته وغرابته فسألت مرة أخرى: (ما المعنى وراء هذا يا سيدتي الصغيرة؟)

في هذه الأثناء، جلست أنمار على قمة جبل حيث كانت تتدبر قبل أن تتصل بها شي يو. وبعدما أتاها الاتصال، فتحت عينيها لتسقط نظراتها على تلك الأعمدة الأربعة عشر التي شكلت دائرة بقطر يصل لمائة متر. كانت هذه الأعمدة تتوهج بضوء أزرق فاتح قريب للأبيض. اعتلتها نقوش روحية جعلت الجو ثقيلا للغاية بتلك المنطقة. كما تشكل حاجز يربطها ببعضها البعض مشكلا دائرة تغطَّى ما بداخلها كليا، وبدا ذلك المجال كأنه لا ينتمي لهذا العالم. كأنه منطقة منعزلة عن هذا العالم. كأنه عالم في حد ذاته.

لا يعلم أي أحد من الخارج ما الذي يحدث بالداخل بالضبط. لكن، كان من الواضح أن ذلك المجال المتوحد الغريب عبارة عن منطقة سامية لا يستطيع كل من هب ودب دخولها. فقط قلة مصرح لهم بذلك. وفي هاته اللحظة، لم يكن هناك سوى شخصا واحدا فقط بداخل ذلك العالم.

أجابت أنمار عن سؤال شي يو بعدما حدقت في ذلك المجال المنعزل: (إنه يتدرب حاليا نوعا ما. لذا لن تستطيعوا الاتصال به. أخبريني بما يشغل بالكم. سأتكلف بذلك.)

(حسنا ! ) أجابت شي يو: (يبدو أن الإمبراطور غلاديوس قد ألقي عليه القبض. وكما أن لإمبراطورية الرياح العاتية إمبراطورا جديدا. اسمه شهاب جرم. إنه أقدم كبير من حلف ظل الشيطان.)

عبست أنمار قليلا ثم قالت مباشرة: (أبحروا عائدين. الأمر أكثر مما يمكنكم تحمله.)

أنهت أنمار الاتصال بعدما تلقت جوابا من شي يو وفكرت قليلا: "شهاب جرم ! ساحر بالمستوى العاشر ! أصبح الإمبراطور؟ يبدو أن الإمبراطور غلاديوس قد عاد مستعجلا لسبب بعد كل شيء. لكنه لم يظن أن الخونة قد انتشروا بكامل الإمبراطورية بالفعل. كنا ننوي التخلص منهم بالتشكيل وجعل الإمبراطور غلاديوس يأخذ جانبنا عندها. لكن يبدو أن هذا غدَا مستحيلا."

تنفست أنمار بعمق قبل أن تدخل في حالة الصفاء الذهني والروحي متدبرة لتدور حولها رياح بشكل هادئ للغاية. كانت الأجواء حولها هادئة كثيرا.

*****

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/03/09 · 1,046 مشاهدة · 1797 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024