140 – عاصفة وشيكة

في الأثناء التي حلقت بها الأفعى الكوبرا المجنحة شرقا. اجتاح العالم خبر صاعقا من الشمال الأقصى. انبثق إمبراطور جديد بإمبراطورية الرياح العاتية. تلك الإمبراطورية التي كان لديها نظام غريب حيث أمكن تحديد الإمبراطور عبر منافسة يتم مشاهدتها من قبل الجنرالات أجمع.

لكن، ليس كل شخص بإمكانه التقدم والتماس الحق في العرش. يجب أن يملك بجانبه نصف عدد الجنرالات قبل أن يكون مؤهلا لمقاتلة الإمبراطور أو شخص محدد يجعله الإمبراطور ينوب عنه في القتال.

كانت يسمى ذلك القتال بـ'مبارزة التسوية'. وهذا ما فعله الإمبراطور غلاديوس قبل حوالي خمس عشرة سنة؛ بعد الدمار الشامل. توجه نحو القصر الإمبراطوري ونعت الإمبراطور بعديم الفائدة أمام الجميع. بعد فقدان ربع سكان الإمبراطورية، أخذ العديد من الجنرالات جانب 'أيرونهيد غلاديوس'. فكان عندها مؤهلا تماما ليبارز الإمبراطور بمبارزة التسوية.

كان أيرونهيد غلاديوس جنرالا. وقد شاهد مسقط رأسه يتم محوه من على الخريطة من قبل الشياطين. كانت إمبراطورية الرياح العاتية تحتل قارة بأكملها، لذا كانت هناك بعض المناطق مهملة كليا. لولا انبثاق جنرال مثل أيرونهيد غلاديوس بجنوب الإمبراطورية، لبقيت تلك المنطقة معرضة للتّهميش كالعادة.

خروج جنرال من الجنوب جعل تلك المنطقة أكثر أمانا. لكن للأسف، أمِر أيرونهيد غلاديوس الذي كان جنرالا بذلك الوقت بالانضمام لقوات العاصمة. فتعرض مسقط رأسه للإهمال مرة أخرى كما سبق بالرغم من محاولاته في الاعتناء بها.

وبعدها بسنين قلة، وبالرغم من محاولات الجنرال أيرونهيد غلاديوس في حماية موطنه، إلّا أنه فشل في إنقاذه من الكارثة التي حلّت على العالم. تحسر كثيرا ولم يستطع الغفران لأيّ شخص كان سببا في هذا. وكأول عمل له، قام باقتلاع رأس الإمبراطور السابق بجدارة ليصبح الإمبراطور بعدها. اعتبر الإمبراطور واحدا من أسباب دمار موطنه ومنزله.

في ذلك الوقت، أتت رسالة من كلا الإمبراطوريتين تشمل طلبا في التحالف. والذي كان أكثر صدمة بذلك الوقت بعد الدمار الشامل، كان مجيء إمبراطور مختلف للاجتماع عن الذي تلقى الرسالة. جاء الإمبراطور أيرونهيد غلاديوس وصنع السلام مع الإمبراطوريتين ريثما ينمون من قوتهم كلهم ويستعدون للأسوء.

لكن، بعد كلّ ما فعله، انتهى أيرونهيد غلاديوس بكونه سجينا لأعداء العالم الذين علم أنهم أتباع لأولئك الذين دمّروا مسقط رأسه. قتِلت عائلته كلها وجميع أصدقائه وأحبابه. تبقى فقط صديقان اثنان أصبحا مساعديه المقربين. كان هذان الشخصان هما الجنرالان أصيل وكريم.

لكن، حتى هذين الصديقين ماتا الآن على يد الأعداء واختبر الشخص أيرونهيد غلاديوس معاناة فقدان الأعزاء مرة أخرى بدون أن يكون قادرا على فعل أيّ شيء. أخِذ منه العرش بالطريقة التي كسبه بها. وهذا كان أكثر مذلة له. فتلك لم تكن مبارزة تسوية على الإطلاق. بل كانت عرضا لقوة العدو الطاغية والمهيمنة كليا عليه. تعرض للإذلال ورُمي بالسجن ليكون رهينة قد تكون ذات نفع في وقت لاحق.

اليوم، ظهر إمبراطور جديد بإمبراطورية الرياح العاتية وبدأت تحركات مشبوهة تحدث هناك. كان اسم الإمبراطور هو شهاب جرم. وفي ليلة وضحاها انتشر اسمه في كل بقاع العالم المأهولة.

كل شخص تساءل عما يحدث بالضبط. في هذا العصر الذي أصبح كل شخص خائف من الشياطين أن تأتي مرة أخرى وقرّروا نسيان عداوتهم لمواجهة الخطر المرتقب، قام شخص بإنقاص قواتهم.

ما أرعبهم أكثر كان قوة هذا الشخص. كان أيرونهيد غلاديوس ساحر بالمستوى السابع في عمر التسعين. وهذا كان كافٍ ليجعله من أقوى الشخصيات في العالم بأكمله. لكن أن يخسر من قبل شخص باسم مجهول، كان الأمر غريبا ومخيفا للغاية.

لم تنتشر الأخبار عن موت الجنرالين أصيل وكريم. ولم يعلم أحد لمَ لا زال أيرونهيد غلاديوس حيا حتى الآن. كان شيئا غير اعتيادي.

مرت الوقت وبدأ الناس يعتاد على اسم الإمبراطور الجديد، وبعد بضعة أيام فقط. حُشِد جيش عظيم على حين غرة. كان هذا الجيش بأعداد تصل لمئات الآلاف. كان جيشا مروعا للغاية وحمل معه قوة إمبراطورية الرياح العاتية كلها.

دبّ الرعب في القلوب، واهتز العالم من جديد بالأخبار الصاعقة. بعد حوالي أسبوع فقط من ظهور الإمبراطور الجديد، قام هذا الأخير بحشد جيش متجها نحو إمبراطورية الشعلة القرمزية.

كان هذا الأمر مفاجئا للغاية إذْ لم يعلم الناس كيف يتجاوبون.

وبالوقت الذي بلغت فيه الأخبار إمبراطورية الشعلة القرمزية، كان الأسطول العظيم قد بدأ تقدمه نحو وجهته. مئات من السفن اجتاحت البحر فكونت أمواجا وعواصفا هائلة. ولسبب ما، كان الجنود متحمسين للغاية كما لو أنهم ذاهبين لأرض الكنوز السامية.

اندلعت الفوضى فجأة في إمبراطورية الشعلة القرمزية وتم إلجاء الناس إلى مخابئ الإمبراطورية المدعمة بالسحر. وفي أيام فقط، أصبحت المدن خالية من الناس العامة ومُلِئت بالسحرة فقط. بدأت القوات تأخذ مواقعها كما تمّ الاستعداد كليا للعدوّ القادم.

مرّت سنين كثيرة مذ أقدمت إمبراطورية الرياح العاتية على حرب. كونها الأبعد، لم تلتحم بالصراعات مع القوتين الكبريين الأخريين كما فعل هاتان الأخيرتان بينهما. كانت هذه أول حرب بين إمبراطوريتين بعد مرور العديد من السنين.

لم تعد الآن الأسباب تهم، كل ما أصبح واضحا هو نية القتل ! لم يهم ما الذي جعل الجنود متحمسين أو ما الذي قادهم للجنون الذي أصبحوا عليه. ما كان مهما حقا هو أنهم أصبحوا وحوشا جائعة متجهة نحو الفريسة. لا أحد يعلم أسباب اندفاعهم وحماسهم هذا، لكن شرارات روحهم المعنوية قطعت المسافات وعبرت البحار فبلغت الجهة الأخرى !

عندما تبدأ الحرب، لن يكون هناك منطق ولا أسباب، فبعد كل شيء، لو كان المنطق والسبب ينطبقان على الحرب، لكان العالم سالما مسالما. بمجرد ما أن تندلع الحرب، يصبح اللون الأحمر هو لون السماء، ومذاق الحديد الصّدِئ بطرف الألسنة الذي كان سببه هو نفس سبب تغير لون السماء؛ الدم. كل ما يصبح يحرك الجنود في ذلك الوقت هو صوت صرخات العدو البائسة ورائحة الموت التي تجعلهم يهابون ويرتعبون منها ألّا يصبحون جزءا منها.

أصبح شمال إمبراطورية الشعلة القرمزية مليئا بمئات آلاف الجنود على طوله. كانت الحروب شيئا اعتياديا في هذا العالم السحري. حتى لو لم تحدث أيّ حرب في السنوات الأخيرة، لم يكن من الغريب اندلاع واحدة. فبعد كلّ شيء، عالم يحكمه سحرة يتطلعون للقمة دائما لن يبقى ساكنا أبدا. من دون شكّ، سيظهر شخص أو اثنان أو المئات ربما يريدون بلوغ السلطة الكاملة.

لكن، مع أن الحروب لم تكن شيئا نادرا، إلّا أنّ هذه الحرب ستكون أوّل حرب تشمل كلّ الاكتشافات التي ظهرت في الشهور الماضية. لذا عرف كل شخص أنّ هذه الحرب ستكون من مستوى مختلف كليا عن أيّ حرب مضت.

الإكسيرات، الأسلحة الأثرية، حواجز الحماية الأرضية، مكعبات التخزين، خواتم التخاطر. كل هذه الأشياء سيكون لها دور كبير للغاية بالحرب، وسيظهر اختلال في توازن القوى الذي لطالما تواجد.

تحركت بعض القوات في الخفاء أيضا. كانت هذه القوات هي التي تحكم العالم السفلي؛ السوق السوداء وما يأتي معها. كانت هذه القوات تحاول دائما نشب الحروب لتكسب أرباحا لا تقدر بثمن. ففي بعض الأحيان، كانت هذه القوات هي السبب في اندلاع الحرب. لذا تربّصت هذه القوات من بعيد وانتظرت الفرصة للحصول على الغنائم لأنفسهم.

أصبح العالم كله متوترا.

ترأس جيش إمبراطورية الشعلة القرمزية العظيم إمبراطورها كريمزون أكاغي. كان هذا الأخير متحسرا، بالرغم من ثقته في تغلبه على العدوّ من ناحية العدد، إلّا أنّه كان واثقا أن هذا لا معنى له طالما كان شهاب جرم آتٍ.

ساحر بالمستوى العاشر. فقط ساحر بالمستوى التاسع؛ الأقدم الكبير فالتشر، جعلهم يبدون كالنمل. بعد أخذ المعلومات من شاهين، علموا أن الأقدم الكبير فالتشر كان قد أصبح أقدما كبيرا مؤخرا فقط كونه بلغ المستوى التاسع. لذا شغل مستوى شهاب جرم عقل الكبير أكاغي كثيرا وجعله يتعرق في مكانه غير واثق من الفوز.

بما أنّه في المستوى العاشر، يعني أنّه أصبح أقدما كبيرا منذ مدة طويلة. مثل هذا الشخص يتقدم نحوهم جالبا معه جيشا عظيما. كيف للكبير أكاغي ألّا يرتعد !

في تلك اللحظة، تحسر على مغادرة الجنرال رعد، والجنرال منصف وحفيدته. على الأقل لو كانوا هنا لكان سيكون مطمئنا أكثر. كل الجنرالات الذي يقودون الجيش معه لا يتجاوز أقواهم المستوى السابع. بالتفكير في أن حدّهم هو القسم الأول من مستويات الربط فقط، زاد ذلك من قلق الكبير أكاغي.

لا يعلم أين باسل، فمهما حاول التواصل معه لا ينجح ! وهذا هو الآخر زاد الطين بلة. حرب عظيمة على وشك الحدوث، وأمله الأخير غير موجود. كراعٍ لكلّ أولئك الناس الموجودين بإمبراطوريته، أحس الكبير أكاغي بمسؤولية كبيرة للغاية. كانت هذه أول حرب له كإمبراطور.

مرّت حوالي عشرة أيام منذ أن أبحرت السفن من إمبراطورية الرياح العاتية. بذلك الوقت في أرخبيل البحر العميق، ضحك صوت بشكل هيستيري. كان صاحب هذا الصوت هو سعير أحد القدماء الكبار. وسبب ضحكه كان الفتاة صاحبة الشعر الأشقر الذهبي الواقفة أمامه.

نظر إلى هذه الفتاة واستمرّ في الضحك فقط قبل أن يشير بيده ويتحرك نائبه واهج ليقوم بتقييد الفتاة ويأخذها لمكان ما.

حدّق سعير إلى الإمبراطور شيرو أمامه وتوقف أخيرا عن الضحك قبل أن يتحرك وعيناه تنظران بانحطاط إلى أزهر شيرو محكم القبضتين وعابس الوجه.

*****

بتلك الأثناء، جلس رجل عجوز فوق جبل من السلاسل الجبلية الحلزونية متدبرا. كان على ذلك الحال لمدة غير معروفة من الوقت. وبينما يدرّب وينمّي روحه، صدى صوت بعقله. لم يكن هذا بسبب خاتم التخاطر، فهذا الأخير لم يتوهج حتى عندما صدى هذا الصوت بعقله.

بعد سماعه لتلك الكلمات، اختفى من الجبل ثم ظهر أمام ذلك المجال الذي تشكله الأعمدة الأربعة عشر. وبتلويح من يده، فتِح له باب ثم دخل للداخل.

*****

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/03/14 · 956 مشاهدة · 1421 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024