142 - أميرة فرّت وأخرى أسِرت

142 - أميرة فرّت وأخرى أسِرت

غاب باسل عن الوعي مباشرة بعدما سقط على ركبتيه. مرّ باختبار قاسٍ للغاية. صرف أيّاما عدّة داخل ذلك المجال محاولا تجاوز الامتحان المعطى له. وأخيرا بعدما نجح، لم تعد هناك أيّ طاقة متوفّرة له.

كان إدريس الحكيم قادرا على تخمين ما جرى من خلال تعبيرات باسل وصراخه. عبس هو الآخر وتقدّم نحوه ثم أشربه إكسير علاج.

***

مرّ الوقت بسرعة، حوالي الثلاثة أسابيع مرّت في لمحة عين. كان الجميع متوتّرا وخصوصا قادة الجيش العظيم. كان الكبير أكاغي قلقا للغاية. انقطع الاتصال بينه وبين باسل في ذلك الوقت على حين غرّة فلم يعلم ما حدث وزاد اضطرابه حدّة.

دعا للنّجاة، وانتظر وصول التّشكيل الّذي سيكون له مساعدة كبيرة. لم يتبقَّ وقت طويل قبل أن تبدأ الحرب العظيمة بين الإمبراطوريّتين. استطاع التواصل مع التشكيل والمعرفة أنهم سيصلون عمّا قريب. لكن وللآن، لازال لا يعلم ما حدث لحفيدته التي لم يسمع عنها لأكثر من شهر. كانت هذه الأوقات عصيبة للغية على الكبير أكاغي.

في تلك الأثناء، وصل التشكيل أخيرا وانضمّ للجيش العظيم. على الأقل بوجود قادة التشكيل الموهوبين سيكونون قادرين على الصمود أكثر. لقد اختبروا مواجهة أقدم كبير من قبل ولم يكن الأمر سهلا أبدا. لولا تركيز الأقدم الكبير فالتشر سابقا على باسل لَما كان غريبا موتهم جميعهم على يديه.

***

بالظلال، وقف شخص عابس الوجه بينما يحدّق إلى فتاة شقراء مقيّدة ساقطة على ركبتيها أمامه. كان هذا الشخص هو الأقدم الكبير سعير الذي كان نائبه واهج مختطف الأميرة شيرايوكي. كانت نظراته تحمل نية قتل كبير للغاية وتبدو حقودة كما لو أنّه ينظر إلى قاتل والديه.

"أيتها اللعينة، لقد تجرأت وفعلتها حقّا ! انتظري فقط ريثما أرجع تلك المهقاء، ستكون نهايتك حينذاك ولا مفرّ ! إنّه العار الأكبر الذي أتعرض له في حياتي بأكملها ! "

كانت تلك الفتاة الشقراء هي أنمار. كانت ممزّقة الفستان ويغطّي جسمها الكثير من الجروح. كانت في حالة مزرية كما لو أنّها عادت من معركة حياة أو موت.

وجّه الأقدم الكبير سعير نظراته القاتلة إلى نائبه واهج ثمّ قال: "اسمع، أنا ذاهب للّحاق بتلك المهقاء لأعود بها إلى هنا. لا أريد لسيدنا أن يكتشف أنّني سمحت لامرأته بالهروب. قد أموت جرّاء ذلك. لا أريد لأيّ أحد أن يكتشف هذا الأمر أبدا. لا تترك الخبر يصل للقدماء الكبار الآخرين. غطّي عنّي إلى أن أعود."

قال واهج متوتّرا: "حاضر يا سيّدي. لكن كيف ستجد تلك المهقاء؟ نحن لا نعرف أين ذهبوا ! " حدّق عندها إلى أنمار بنظرات شرسة كما لو أنّه يلومها على عدم إيجادهم للهاربين.

أعاد الأقدم الكبير سعير نظراته موجها إيّاها نحو أنمار التي أمامه: "لا بأس. فقدنا أميرة لكن لدينا أخرى. طبقا لجواسيسنا، فهذه الغرّة لها علاقة قريبة بذلك الصعلوك. لذا لا أحتاج لإيجاد المهقاء بنفسي."

كانت أنمار مغمضة العينين في تلك اللحظة بالرغم من أنّها في حالة مزرية وفي وضع خطير. كانت بين يديّ الأعداء في هذه اللّحظات، لكنّها لم تبدي أيّ تزعزع في روحها. وعندما انتهى الأقدم الكبير سعير من كلامه، فتحت عينيها التي انطلق منهما بريق. لم تبدُ أبدا كفتاة تحت قبضة الأعداء. قالت عندها بهدوء: "يبدو أنّك تحاول القيام بمقايضة." ابتسمَتْ ونظرت إلى الشخصين أمامها ثم قالت بنظرة استهزائية وصوت استفزازي: "حظّا موفقا في ذلك."

أحكم الأقدم الكبير سعير فكّه وقبضتيه. بلغ غضبه القمّة ويقوم بقمعه فقط عسى أن ينفجر بسببه. أصبحت الفتاة التي أمامه شيئا مهمّا ليستطيع إرجاع الأميرة شيرايوكي. فلو تسبّب لها بأيّة أضرار الآن، لا يعلم كيف ستكون ردّة فعل باسل على ذلك.

في الحقيقة، حتى لو ضربها وبقيت حيّة فقط سيكون ذلك كافيا للمقايضة بها مع باسل ليعود بالأميرة شيرايوكي، لكن بالتفكير في سيده ظلّ الشيطان، لا يسعه سوى أخذ الحيطة والحذر لكلّ شيء. كان خوفه ما يجعله لا يفكر بشكل منطقي حاليا. جعله الرعب من فكرة عدم عودته بالأميرة شيرايوكي لسيّده يفكّر فقط في الحفاظ على سلامة أنمار ريثما يسترجع الشيء المهم.

فكّر عندها بالأحداث التي حدثت قبل أسابيع عندما أتت هذه الفتاة رفقة الإمبراطور شيرو. في ذلك الوقت، لم يعلم أنّها كانت تستخدم طريقة لقمع مستواها السحري فجعلته يبدو بالمستوى الثاني. لذا لم يلقي لها بالا واعتقد أنّها كانت مرافقة الإمبراطور شيرو في رحلته كوسادة نومه. لكن بعدها سمع ببعض الأشخاص يقتلون أتباعه بمستوطنته الخاصة. فذهب لتفقد الأمر بما أنّه سمع بوجود ساحر بقسم مستويات الربط الثاني بينهم.

كان عدد أولئك الأشخاص ثلاثة. وكلّ واحد منهم اتخذ طريقا مما جعل قتلهم أمرا مزعجا. لكن الشخص الذي كان أكثر إزعاجا كان ساحر المستوى الثامن الذي لم يستطع اللّحاق به أبدا حتى مرّ يوم كامل.

استمرّ في ملاحقة أولئك الأشخاص وتمكّن من قتل اثنين رفقة نائبه واهج. كان هذان الاثنان جنرالين من إمبراطورية الأمواج الهائجة، لكنّه لم يستطع قتل الثالث. وعندما استطاع أخيرا اللّحاق به، اكتشف أنّ الغرفة التي كانت تُحتجز بها الأميرة شيرايوكي قد اخترقت وكُسِر الختم الذي كان عليها.

كان الإمبراطور شيرو مقيّدا بالفعل، وناهيك عن كونه ساحر بالمستوى السابع فقط، لذا لم يكن ليكون بإمكانه كسر ختم حاجز تلك الغرفة الأثري. كان هذا الأمر غريبا للغاية. فعاد لمقرّه ليجد أنّ الفتاة التي أتت مع الإمبراطور شيرو كانت في الحقيقة بالمستوى الثامن وليس بالمستوى الثاني. علم أنّها استخدمت طريقة لقمع مستواها، وكانت تحتاج للوقت فقط لتعود لمستواها الطبيعي.

كان أولئك الأشخاص الذين كان يلحقهم طعما من أجل كسب الوقت لأنمار ريثما تعود لمستواها الحقيقي وتحرّر الأميرة شيرايوكي. وبالفعل، حرّرت أنمار الأميرة شيرايوكي بمساعدة الجنرال منصف وجنرال آخر من إمبراطورية الأمواج الهائلة اللذيْن استغلّا عدم وجود الأقدم الكبير سعير ونائبه فتسلّلا لمقرّه.

كاد الأقدم الكبير سعير يفقد عقله بعدما عاد ولم يجد الأميرة شيرايوكي. كانت أنمار والآخرين قد هربوا منذ مدة بالفعل، لكنّهم لم يكونوا ابتعدوا كثيرا. لذا استمرّ في البحث عنهم بالجزر العديدة وملاحقتهم. قاتلهم أحيانا وهربوا منه غالبا. التقت أنمار بالجنرال رعد الذي كان قد نفّذ مهمته بالكون طعما بشكل مثالي. وهكذا مرّت أسابيع في الاختباء والهرب.

لم يكن بإمكان الأقدم الكبير سعير إخبار أحد القدماء الكبار الآخرين أنّ امرأة سيدهم قد هربت أو حتّى يتركهم يعلمون بالأمر. لذا أمر أتباعه بغلق الطريق لمستوطنات القدماء الكبار الآخرين والتركيز على عدم انتشار هذا الخبر.

كانت مستوطنة كلّ أقدم كبير شاسعة إذْ بلغت عدة جزر. لذا عندما هربت أنمار والآخرين وجدوا أنفسهم محاصرين بهذه الجزر بلا مهرب. وأخيرا بعد الفرار لوقت طويل، استطاع الأقدم الكبير سعير الإمساك بهم. لكن ومرّة أخرى قامت أنمار بجعله يصل لقمّة غضبه. أثناء المعركة التي نشبت بينهم، لم يظن أنّ أنمار ستستخدم نفسها كطعم من أجل صنع طريق لهروب الآخرين.

كانت أنمار بالمستوى الثامن فقط، لكنّها امتلكت فنّا قتاليا أثريا جعلها تقاتل بجدارة ضد ساحر بالمستوى العاشر كـسعير. بالرغم من أنها أتقنت الفن القتالي الأثري للتوّ كان باستطاعتها مجاراة ساحر بالمستوى العاشر. كانت هذه الفجوة بين ساحر بفن قتالي أثري وآخر بدونه.

لذا بينما ينظر الآن إلى أنمار فهو يتذكّر أنّها خدعته لمرّتين. والأهمّ هو أنّها استطاعت النجاح في جعل الأميرة شيرايوكي تهرب. كان الأمر مذلّا للغاية له ولم يستطع تحمّله أكثر.

حدّق إلى أنمار ثم قال: "انتظري فقط ريثما أعيد تلك المهقاء إلى هنا. لَأقتُلنّك أنت وذلك الغرّ بيديّ هاتين."

ابتسمت أنمار الهادئة كما لو أنها موجودة بحضن أمها ثم قالت: "حظا موفقا في ذلك ! "

***

في هذه الأثناء، كان هناك خيل بحر ملكي يجر قاربا يحمل الجنرال رعد والآخرين. مات في رحلتهم هذه جنرالين ممّا جعل قلب الإمبراطور شيرو حزينا بالرغم من استعادته لابنته. كانت ابنته صامتة طوال الوقت وبدت فارغة العينين كما لو أنّها لا تملك روحا. وعندما حاول التحدّث معها تمتمت ببعض الكلمات فقط: "ليس هناك مجال لنجاتنا أمام ذلك الوحش ! " تذكّرت تلك اليد السمراء التي لمست وجنتها آنذاك فقبضت ذراعيها بيديها وانكمشت على نفسها من الخوف.

حدّق الجنرال رعد إلى الأفق ثم قال: "هل ستكون الفتاة الشقراء بخير يا ترى؟"

كان يوجّه كلامه للجنرال منصف الّذي يجلس بجانبه والذي أجاب بدوره: "لا أعلم. كلّ ما علينا فعله هو الثقة بها. لقد مرّ كلّ شيء كما ظننته حتّى أنقذنا الأميرة شيرايوكي. لكن بعد ذلك بدأت الأمور تنحرف عن المسار المتوقع. لكن السيدة الصغيرة فكّرت في شيء جديد وقرّرت صنع طريق لنا لنهرب. يجب أن يكون لديها فكرة ما في عقلها. هذا ما أدعو له على الأقل ! "

اعتلى وجهه تعبيرا حزينا كما حدث للجنرال رعد والآخرين كلّهم. لقد صنعت لهم طريقا بوضع نفسها في الخطر الذي لا تعلم ما إن كانت ستعود منه حيّة أم ميّتة. كان هذا الأمر صعب البلع واستمرّوا بالتفكير فيها طوال الوقت فقط.

نظر الإمبراطور شيرو إليهما ثم قال بنظرة عبوسة: "هل يجب أن نخبر الإمبراطور أكاغي؟"

استمرّ الجنرال رعد في التحديق إلى الأفق وقال: "لا، سيكون هذا غير ضروري. إنّه أمام حرب كبيرة لا يمكنه ضمان ربحها. بل يمكنك القول أنّه يضمن خسارتها. ما الفائدة من زيادة الطّين بلّة ! لنتمنَّ له الحظّ الجيد فقط ! " فكّر الجنرال رعد بعد ذلك في ذلك الفتى القرمزي وأحكم قبضته. كان يعتقد أنّه لو كانت هناك فرصة للفوز في تلك الحرب العظيمة، فلاشك أنّها ستكون من فعل باسل.

استمر الخيل الملكي الذي وصل عدده لخمسة أفراس في قطع مئات آلاف الأميال بسرعة كبيرة للغاية بالمحيط الشرقي الشاسع.

***

بعد أسبوع من وصول التشكيل. بدأت صورة الأسطول العظيم تظهر في الآفاق. كان جيشا بمئات الآلاف. كانوا جنودا عاديين وسحرة بمختلف المستويات. مازالت هناك عدة أميال بعيدا عن الساحل، وبالرغم من ذلك، كان باستطاعة جيش إمبراطورية الشعلة القرمزية الإحساس بنية القتل التي تأتي من جهة العدوّ.

لم يعلم أحد لمَ، لكنّ جيش إمبراطورية الرياح العاتية كان متحمّسا للقتال. فقط نية قتلهم التي تقطع الأميال كافية لإثبات ذلك. وباقتراب العدوّ، تحدّث الكبير أكاغي عبر مكبّر الصوت

[لا داعٍ للمقدّمات. لقد كان لديكم أكثر من شهر لتستعدّوا جيدا. سنتّبع الخطط ونبيد العدو الذي يهدّد وطننا. إن خسرنا فسيتم سرقة هذا الوطن منّا. عائلاتنا، وكل المقربين منّا، وأراضينا أراضي أجدادنا، كلّ ذلك سيتم نهبه من العدوّ.]

[إن أردتم حماية أعزائكم وعزتكم، فقاتلوا ولا ترحموا. إنّها الحرب، ليست شيئا ترافقها الرّحمة.]

رفع الكبير سيفه للأعلى ثم صرخ

[إلى الحرب العظيمة]

*هوووااااه*

صرخ مئات الآلاف من الجنود فجعلوا الأرض تهتز كما لو أنّ هناك زلزالا يحدث. ومباشرة بعدها، كما لو أن العدوّ قد استجاب للصّياح، ارتجف البحر وانقلبت الأمواج بشدة من هول الجيش الذي يتقدم. صرخ العدوّ كذلك مبادلا خصمه.

*هوووااااه*

من تأليف Yukio HTM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آسف على التأخر حقا. في الواقع، كنت قد كتبت فصلا لأنزله قبل أن أتوقف، لكنّه لم يعجبني نوعا ما فتردّدت في ذلك. لذلك قرّرت كتابة بعض الفصول الأخرى لأرى ما إذا كان مجرى الأحداث سيكون جيدا أوّلا.

ويبدو أنّني كنت محقّا في قراري، فمجرى الأحداث لم يعجبني لذا مسحت حوالي خمسة فصول سَلَفَ وكتبتها. وبعد ذلك أخذ منّي الأمر وقتا لأرتب الأحداث من جديد. أردت فقط توضيح سبب تأخّري.

أنا الآن في فترة اختبارات، لكنّني لن أتوقف عن التنزيل بما أنّني عدت للتوّ وسأكمل إن شاء الله كالعادة (فصل باليومين). وسأنزل فصولا إضافية بناء على التفاعل منكم ووقت فراغي.

أنتظر تعليقاتكم المحفزّة فهي وقودي الوحيد.


*spoiler*


2018/04/01 · 1,043 مشاهدة · 1705 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024