145 - الاختراق بالمعركة!

145 – الاختراق بالمعركة!

بمجرد ما أن قال الأقدم الكبير شهاب جرم ذلك، رفع سيفيه ولوّح بهما تجاه باسل بقوة جنونية. بدا كأنّه يحرّك شيئا ثقيلا للغاية من خلال القوّة الجسمانية التي لوّح بها ذراعيه.

وفي الحال، تحركت الكرات الحجرية النارية التي بلغ عددها العشرين بسرعة صاعقة لا يمكن إيقافها نحو باسل. كل كرة حجرية أطلقت حرارة وألهبة جعلت الحاضرين يذوبون من الخوف. كلّ كرة كانت قادرة على محو المئات منهم وجعلهم غير كائنين.

*بوف* *بوف* *بوف*

أطلقت العشرين كرة حجرية نارية صوت نفث فكانت تبدو كأنها تبصق النار. بدت كأنّها حيّة وتستهدف باسل بنيتها الخاصة. ثقبت الهواء وعبرت مسافة الألف متر في لحظة فبلغت باسل.

*باام* *باام* *بااام*

كرة حجرية بعد الأخرى اصطدمت بباسل وانفجرت موّلدة بذلك دمارا هائلا بالمنطقة المحيطة. كلّ كرة كانت كافية لتخلف ارتجاجا بالهواء وتسبب صداعا للحاضرين البعيدين. قَشْعر الخوف جلودهم وأثار رغبتهم في النجاة بالرغم من أنّهم كانوا بعيدين كفاية بحيث لا يتأثرون بالدمار.

كانت قوة كلّ كرة كما لو أنّها أقوى تقنية لساحر بالمستوى السابع. وعشرون منها جعلها مدمّرة للغاية. لو وقف ساحر بالمستوى التاسع أمامها بلا وسيلة للدفاع، فمصيره الموت لا غير.

انفجار بعد الآخر حتّى تمّ الانفجار العشرين والأخير. تحولت المنطقة لوادٍ محروق وبدت كأنها نتاج لنيزك ساقط. لم يسع الحاضرون سوى أن يفتحوا أفواههم غير قادرين على الإحساس بأرجلهم المرتجفة.

تنهد الأقدم الكبير شهاب جِرم وتنفس بشكل صعب قليلا. كانت هذه الهجمة إحدى أقوى الهجمات الخاصة به. يدمج بها عنصريه ويستخدم سلاحين أثريّين بالدرجة الخامسة بالإضافة إلى التحكّم عن بعد. كان ذلك مرهقا للغاية.

ومع ذلك، ظهر باسل من الوادي المحترق ببعض الغبار عليه مع جروح طفيفة كالتي حدثت له من قبل. جعل الأفواه التي اتسعت تلتقي بالأرض من شدّة الصدمة عندما ظهر بذلك الشكل. كلّ شخص ظنّ أنّ حالته ستكون خطيرة بما أنّه تلقّى ذلك الهجوم مباشرة هذا إن لم يمت. لكن، يظهر مرّة أخرى كما أنّ مثل ذلك الهجوم المرعب لا أثر له عليه.

كان ذلك مرعبا للغاية، وبالطبع أكثر إرهابا لصاحب الهجوم شهاب جِرْم الذي يعلم تماما ما هو ذلك الهجوم.

كان ذلك هجوما يستنزف الكثير من طاقته السحرية من كلا العنصرين، ويرهقه بدنيا وذهنيا. وبالرغم من ذلك، بدا كما لو أنّ كلّ جهوده لم تثمر إطلاقا.

"كيف؟ ! " صرخ شهاب جِرم غير مصدّق لما حدث أمام عينيه، لكنّه استعاد رشده بسرعة ولم يترك هذا الأمر يشغل باله فغرس سيفيه مرّة أخرى بالأرض وصرخ شاحنا طاقته السحرية شاحذا إياها بسلاحيه غامرا بها الأرض.

*بقق* *بقق* *بقق*

فُرقِعت الأرض أسفل باسل فانفجرت مباشرة مطلقة عامودا من شظايا الحجرية المصاحبة للنار الملتهبة. كان ذلك العامود كعقاب أتى من الجحيم. انطلق نحو السماء وباسل بمركزه. كان ذلك الهجوم عكس الذي سبقه. كانت الكرات الحجرية النارية سابقا عبارة عن قوّة متفرقة على عدّة، لكن هذا العامود كانت قوّته موحّدة ومركّزة بشكل كبير. كلّ هذا كان يمكن فعله فقط بتحكّم مثير للإعجاب كالخاص بالأقدم الكبير شهاب جِرْم.

وفي تلك الأثناء، انبثقت شعلة لامعة وسط العامود الحجري الناري محاطة بضوء أزرق فاتح قريب للأبيض ثم اتسعت بسرعة كبيرة. وفي لحظة، تبدّد العامود الحجري الناري ولم يعد موجودا. وبدلا منه، أصبح هناك عامود من النار المحاطة بضوء أزرق فاتح أقرب للأبيض.

كان باسل يتمركز ذلك العامود، وعندما شاهده شهاب جِرم بصق الدماء من الدهشة وأثر التقنية التي نفّذها قبل قليل وأوقِفت رغما عن تحكّمه فيها.

"ما الذي يحدث هنا على هذه الأرض بالضبط؟"

صرخ الأقدم الكبير شهاب جرم بصورة غير معقولة بسبب ما يشاهده من مستحيل أمام عينيه. ومع ذلك، ومرّة أخرى، لم يتوقّف فرفع سيفيه للأعلى. تكونت كرات نارية فوق رأسه وبدأت تتغلّف بالحجارة بسرعة. كانت هذه الكرات الحجرية النارية مختلفة عن السابقة. هذه المرّة كانت الحجارة مكونّة من طاقته السحرية فقط، وكانت هي التي تحيط بالنار لا العكس. كان من الواضح أن هذا الهجوم أشرس من جميع الهجمات التي سبقته.

وبينما يشحن طاقته السحرية بجنون، سمع صوت قادم من باسل الذي هدّأ طاقته وعاد للوضع الطبيعي: "مازلت تحاول ! يجب أن تكون قد أدركت في الهجوم السابق؛ كل ما تفعله بدون فائدة، ولا ينتظرك سوى الموت."

قطب شهاب جِرم بوجهه العابس طبيعيا ولم يلقِ بالا لكلام باسل، فهو كان ساحرا بالمستوى العاشر بالقسم النهائي. قالت فضيلة كرم أنّ هذا الفتى الذي أمامه يملك قوّة غريبة نوعا ما، لكنّها أشارت إلى أنّ حدوده هو المستوى العاشر فقط.

بسبب ذلك، كان الأقدم الكبير شهاب جِرم واثقا من الفوز بسهولة. هو الذي لم يتبقّ له سوى خطوة واحدة ليخترق للمستوى الحادي عشر لن يُهزم من فتى دخل للمستوى العاشر للتو. لكن، ما الذي يحدث بالضّبط أمامه الآن؟ ذلك الفتى يستمرّ في تلقي هجماته والنجاة منها بسهولة.

في الواقع، ظنّت فضيلة كرم أنّ باسل بالمستوى العاشر لأنّ عنصر التعزيز الخاص به بلغ ذلك المستوى حينذاك، لكنّه كان في الحقيقة ساحرا بالمستوى السابع فقط ونتيجة لاختراقاته المتتابعة آنذاك ضعُف الختم قامع طاقة العالم وارتفعت كميّة الطاقة السحرية الخارجية التي تتوغل لجسده جاعلة بذلك عنصر التعزيز يبلغ المستوى العاشر بعدما كان في المستوى التاسع. وبالطبع، في ذلك الوقت كان الختم ضعيفا للغاية، ووجب أن يكون مكسورا أصلا لولا مساعدة القطعة الأرضية في محافظته على قوته أكثر.

والآن، أمام عيني الأقدم الكبير شهاب جِرم، لم يكن عنصر التعزيز بالمستوى العاشر كما سمع. بعد تلك الهجمات القاتلة التي نفذها ولم تصب باسل بأيّ شيء، كان قادرا على الاستنتاج أنّ عدوّه بالمستوى الثاني عشر على الأقلّ. هذا ما اعتقده شهاب جِرم خلال معركته ضدّ باسل.

بعد انتهائه من الشحن الذي أخذ منه لحظات قليلة فقط، كان قد انتهى من تكوين عشر كرات بحجم رأس الإنسان. كانت هذه الكرات عبارة عن حجارة تبدو كمعدن روحي غير قابل للتكسير، ويتخللها بالمركز ضوء نتج عن نار حارقة متجمّعة هناك.

بتلويح من أحد سيفيه الأثريين بالدرجة الخامسة، تحرّكت كرة حجرية واحدة واختفت من فوق رأسه، فظهرت أمام باسل.

للدّقة، هي لم تختفِ، وإنّما تحرّكت بسرعة كبيرة للغاية فلم يكن أي شخص حاضر قادر على رؤيتها أبدا. لكن، لم يكن باسل من أولئك الذي لم يلاحظوا هذه الكرة.

بمجرد ما أن ظهرت أمامه حتّى كان عنصر التعزيز والنار مشحونين في رجله اليمنى بالفعل فحرّكها بسرعة جعلت الرياح تتولّد مكونة عاصفة صغيرة. عزز عنصر التعزيز من قوته الجسمانية؛ سرعته، ودقته، وحدّته. كان هناك سبب لكون عنصر التعزيز يعتبر أقوى عنصر سحري بالعالم الواهن ما لم يظهر ساحر دمار.

*طططن*

وكما لو أنّ معدنين التقيا، تردّد صوت ضربه للكرة الحجرية لمسافة بعيدة. في تلك اللحظة بالضبط، اندمج صوت آخر مع صوت الطنين. كان ذلك صوت هدير ناتج عن انفجار.

*بووم*

انفجرت الكرت في اللحظة لمستها قدم باسل مولّدة بذلك انفجارا ضعف الذي أنتجته واحدة من الكرات الحجرية النارية الأولى.

أرسِل باسل لعشرات الأمتار محلقا بينما تسيل منه الدماء. لم يتوقع أن يكون تحكّم الأقدم الكبير شهاب جرم جيدا لهذه الدرجة. أن يقوم بصنع نار متفجرة بهذا الشكل داخل الحجارة بحيث تكون هادئة تماما غير متوقّع منها أن تنفجر أبدا فتتدفّق هذه الطاقة الهائلة على حين غرة في اللحظة التي أرادها بدقة عالية، لأمر مدهش حقّا.

تركيز للطاقة السحرية غير معقول وتحكّم عن بعد مهول.

كانت النار داخل الحجر الكرويّ كوحش نائم استيقظ فجأة. خرجت النار المتهمة لكلّ شيء من الحجر القاسي كالمعدن الروحي واتجهت نحو العدو حارقة إياه. وكإضافة لذلك، تحكّم شهاب جرم في شظايا الحجر الطائرة في كل مكان وجعل اتجاهها نحو باسل.

ضاقت عيني باسل في تلك اللحظة وأحكم فكّه. يبدو أنّه لعب لوقت أكثر مما يجب غير ظانٍّ أنّ العدوّ يمكنه أيضا التطوّر في المعركة. موهوب مثل شهاب جرم غالبا ما يجد طريقه نحو الأعلى في المعارك. كان من نفس النوع مثله تماما.

في هذه المعركة، استطاع شهاب جرم أخيرا إتقان التحكّم المثالي أيضا !

علم باسل جدّية ذلك الأمر. فهو كمتحكّم مثالي يعلم تماما ما الذي يمكن أن يفعل ساحر يكتسب هذه القدرة. تخيّل فقط، هناك كمية من الطاقة السحرية، ولدينا ساحرين أحدهما متحكّم مثالي والآخر لا. المتحكّم المثالي سيوظف تلك الطاقة السحرية لوقت أطول وبشكل أسرع وأكثر حكمة. وفي المقابل، سيضيع الساحر الآخر الكثير من تلك الكمية ويبدّد نسبة منها أثناء هجومه، ويأخذ وقتا أطول في شحن الطاقة وشحذها.

الآن، بعدما كان سيفي شهاب جرم الأثريين محاطين بعنصر النار وعنصر الأرض بشكل قريب للمثالية حيث شابها نصلين لهبيّين فقط، أصبحا مندمجين بالسيفين بشكل مثالي حقّا فتحول السيفين لنصلين لهبيّين كلّيا يحملان معهما قساوة الأرض وثقلها.

كانا النصلين في تلك اللحظة كمعدنين من قاع بركان. عنصر الأرض تفاعل مع عنصر النار وكوّنا السلاح المثالي.

*باام*

ومباشرة بعد ذلك، كما لو كان التحكّم المثالي هو الشيء المطلوب، صدر صوت من جهة شهاب جرم فارتفع منه ضوء ساطع؛ اخترق للمستوى الحادي عشر. كان في قمة المستوى العاشر، والآن بعدما اكتسب التحكم المثالي، ازدادت قدرته على استخدام الطاقة بشكل وجيه فاستطاع أخيرا القفز للمرحلة الموالية.

كان بيديه سلاحين أثريين بالدرجة الخامسة بتحكّم مثالي بهما. والآن بمستواه الحادي عشر، زادت رزانته وأصبح تحكّمه الأصلي في الأسلحة الأثرية أكثر إتقانا جاعلا استخدام سيفيه الأثريين يصبح أسهل ممّا كان من قبل.

عاد وجهه إلى الوضع الطبيعي - إلى العبوس الطبيعي. وحدّق إلى باسل الذي وقف على قدميه أخيرا ثم قال: "أنا أستغرب ! بمستواك، يمكنك استخدام أسلحة أثرية بدرجة أكبر. لمَ تستخدم سلاحين بالدرجة الثالثة فقط؟"

عبس باسل بعد كلام شهاب جرم بينما ابتسم هذا الأخير. لا يعلم لماذا، لكنّه أصبح يظنّ أنّ باسل لا يسعه استخدام أسلحة بدرجة أكبر من الثالثة.

لكن، في تلك اللحظة، مسح باسل الدم من فمه وقال: "لمَ لا أستخدم سلاحا أثريا بدرجة أكبر ! لا تقلق، لا أحتاج لذلك لأهزم أمثالك ! "

كان باسل بذلك الوقت يحاول إخفاء شيء ما، وهذا الأمر لم يتجاوز عيني شهاب جرم. قد لا يكون يعلم الأقدم الكبير السبب حقّا، لكن هذا لا يهمّ. الحقيقة هي أنّ باسل لا يمكنه.

كان باسل يفكّر في شيء ما بتلك الأثناء: "بالرغم من أنّني أملك التحكّم المثالي، إلّا أنّ استخدام سلاح بدرجة أكبر حاليا لن يساعدني أبدا. فبعد كل شيء، جلّ تركيزي حاليا على تلك الطاقة التي لم تعد تملك ختما ليقمعها ! "

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم

2018/04/07 · 962 مشاهدة · 1574 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024